يمانيون:
2025-03-16@21:58:41 GMT

دماءٌ زكية وعطاءٌ لا ينفد

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

دماءٌ زكية وعطاءٌ لا ينفد

غيداء شمسان غوبر

تُحفَرُ أسماؤهم في سجل التاريخ بمداد من نور، وتخلد ذكراهم في قلوبنا بمشاعرٍ لا توصف، هم شهداء الوطن، أصحاب الدماء الزكية والعطاء الذي لا ينفد، هم الذين بذلوا أرواحهم فداء للأرض المقدسة وحبًّا للوطن.

يصعب وصف معنى الشهادة، فهي لا تتناسب مع أي مصطلح من مصطلحات الدنيا، فهي تجسد القمة العليا من تضحيات الإنسان، تجسد خلود روحٍ لا تطوى، وتعلن عن انتصارها على الموت، فهم يموتون ليعيش الوطن، ويفنون لتستمر الحياة.

دماؤهم الزكية، التي سالت على ثرى الوطن، لم تكن سوى بذور لزراعة وطن جديد، مشبع بقيم الشرف والإباء مزهر بأزهار الكرامة والعزة، فهم لم يموتوا، بل حولوا رحيلهم إلى بداية حياة جديدة للأُمَّـة، حياة مليئة بالأمل والإصرار على الحفاظ على تراثهم، وعلى إرث كفاحهم.

كلّ جرح في جسد الوطن، كُـلّ دمعة هطلت من عينَي أُمٍّ ثكلى، كُـلّ نفس أخير خرج من صدر شهيد، كُـلّ ذلك كان بمثابة شرارة إيمان تشعل في قلوب أُمَّـة كلها عشق للوطن.

هم الذين صنعوا من أرواحهم جسرًا ناصع البياض، لنعبر عليه إلى شواطئ الأمان، لنبني مستقبلًا مشبعًا بمعاني الكرامة والحياة والشرف.

هم الذين غرسوا في قلوبنا معنى الإخلاص والوفاء، وأوقدوا في نفوسِنا شمعة التضحية والعطاء، فيحثوننا على أنْ نستمر في مسيرتهم، لصنع مجتمع أقوى، ووطن أشرف.

ولكي نفهم معنى الشهادة بأَكمل وجه، فلنتأمل في تضحياتهم، في أفعالهم، في كلماتهم، سنجد أنهم قد وضعوا الوطن فوق كُـلّ شيءٍ، وصنعوا من أحلامهم رؤية تستمر في الإلهام جيلًا بعد جيل.

في كُـلّ زاوية من الوطن، في كُـلّ نفس من أنفس الشعب، تجد أَثر شهدائنا، فهم الذين صنعوا من أَرضهم وطنًا لا يقارن، ومن أرواحهم مثلًا أخلاقيًّا يتناقل.

فتحيا روحهم في كُـلّ قلب يحب الوطن، ويتنفس هواؤه بشغف، فيحيا مستقبله في كُـلّ إنسان يؤمن بحب الوطن، ويطلب له الخير والعز.

تظل دماء الشهداء زكية تنير دروبنا، وتلهم قلوبنا، وتحَرّك إرادتنا، فيكون عطاؤهم مشعلاً ينير مستقبل الأمّة، ويؤكّـد على أن الوطن لا ينكسر، وأن روح الشهادة لا تفنى؛ فليكن وفاؤنا لهم بتحمل مسؤوليتنا وبمواصلة مسيرتهم، وبعزم لا ينكسر وبإصرار لا يتزعزع؛ فَــإنَّهم قد وضعوا لنا الأَسَاس، وأوقدوا لنا النور.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: هم الذین فی ک ـل

إقرأ أيضاً:

يناجي الله في سجود التلاوة

في يوم الجمعة الرابعة عشرة من رمضان لعام ألف وأربعمائة وستة وأربعون للهجرة، كان يوماً جميلاً حين انطلقت لصلاة الجمعة في جامع الراجحي بمدينة الرياض، وإذ بالخطيب يستفتح تلك الخطبة الرائعة العميقة في معانيها، تثير الشغف في آذاننا، حدثنا عن قصة الصحابيين الجليلين اللذين حميا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في فم الشعب خلال غزوة ذات الرقاع، وفي عتمة الليل، اختار الأنصاري أن يتولى الحراسة، بينما نام المهاجر، أراد ذلك الأنصاري أن يخلو مع ربه ويتلذذ بمناجاته، فقام يصلي ويستفتح كتاب الله، يقرأ ويرتّل، ويحلق في أجواء القرآن، ويعيش مع آياته وهو قائم، وإذ بالعدو يتربص بهم، فيرمونه بسهم، فينزعه ويواصل قراءة تلك الآيات الكريمات، ثم يسدد العدو مرة أخرى، فينزعه ويستمر، ثم يُرمى ثالثاً فينزعه، ثم يركع ويسجد ويوقظ صاحبه. فلما أفاق الأخير، عاتبه على عدم إيقاظه، قال له: “كنت في سورة أقرأها، فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها. فلما ركعت، أريتك، وأيم الله لولا أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه، لقطعت نفسي أحب إليّ من أن أقطعها وأنفذها.” انتهت القصة، فهي حقاً عظيمة، وداخل ذلك الجامع، أزعم أن المصلين كانوا يتأملون في حال ذلك الصحابي الذي ضحى بنفسه وعاش مع الله، وكان من الممكن أن يقدم روحه في سبيله. ما الآيات التي كانت تتردد في أذنه؟ وما الشعور الذي كان يستشعره؟ لا يمكن أن أصف شعوره في بضع أسطر أكتبها الآن، لكنني أزعم أنه كان يعيش في سماء عالية في مناجاة الله.

انتهينا من صلاة الجمعة، وانطلقت لأحد المحافظات، حيث كان لدينا موعد لنطق الشهادة مع اثنين وثلاثين قد منّ الله عليهم وفتح قلوبهم للدخول في الإسلام، وقد استضافهم رجل زاهد عابد قد فتح بابه لإكرامهم، حضرت بعد العصر، ووجدته في المسجد، يجلس على كرسيه يحلق ويرتّل في الجزء الأخير من القرآن، وبينما هو يقرأ، إذا مرت به آية سجدة تلاوة، فأومأ برأسه ساجداً على كرسيه، وبدا يدعو بدعاء سجود التلاوة، ثم أخذ في مناجاة الله تعالى لأكثر من خمس عشرة دقيقة، وهو مومئ في سجود التلاوة على كرسيه، لا ينقطع عن الدعاء، حتى جاءه سائل فاستوقفه، كنت أقول في نفسي: ماذا عاش ذلك الرجل مع الله في دعاء سجود التلاوة؟ واستمر الوقت الطويل يدعو الله ويناجيه ويبتهل إليه ويسأله وهو في سجود تلاوة، كان مشهداً مهيباً، تذكرت قصة الصحابي في خطبة الجمعة، فمن عاش مع الله استلذ بمناجاته، ومع اقتراب المغرب، انطلقت معه لاستقبال المسلمين الجدد قبيل الإفطار في منزله، حيث يكرم ضيوفه، وبعد الإفطار، ذهبنا لصلاة المغرب، وما زال المشهد يتحدث، فقد نطق الشهادة بعد الصلاة اثنان وثلاثون رجلاً دخلوا في الإسلام، وكان قد استضافهم الكريم ابن الكريم، وهو من أشهدهم وأنطقهم الشهادة بعد الصلاة، وكان وجهه متهللاً ، فقد دخلوا في رحاب الإسلام، كان يوماً جميلاً، لا يسعني وصفه في أسطر، فقصصنا ومشاعرنا الإيمانية تنبض بالحياة، عندما تعيش نفسك مع الله، تهون عليها كل الصعاب، فقد أدرك هؤلاء قيمة الحياة الدنيا البسيطة، وكانت همتهم عالية تسعى لما عند الله، تذكرت مقولة ابن تيمية: “إن في الدنيا جنة، من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة.” جعلنا الله وإياكم ممن طال عمره وحسن عمله.

مقالات مشابهة

  • دماء تسيل وقتـ لي تتساقط على الحدود اللبنانية السورية.. ماذا يحدث هناك؟
  • كشافة الحرم.. أبطال التطوع الذين يسهلون رحلة المعتمرين بروح العطاء
  • هذه المرّة وضعوا علي رأسه الكدمول وأهملوا تفاصيل مهمة
  • دماء على الأسفلت.. التصريح بدفن جثة سائق توفي في حادث مروع بالدقي
  • يناجي الله في سجود التلاوة
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة: «الوقت ينفد ولن تكون هناك فرصة أخرى»
  • بعد الموافقة على طلب ترامب..الكرملين: الوقت ينفد لإنقاذ الجنود الأوكرانيين في كورسك
  • مريم بنت محمد بن زايد: أطفالنا مستقبلنا والأمل الذي نحمله في قلوبنا لغدٍ أكثر إشراقاً
  • دراسة: المراهقين الذين ينامون أقل من 8 ساعات يتعرضون لمخاطر صحية
  • معنى «وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ».. علي جمعة يصحح خطأ شائعا في تفسير الآية