قانون الإعلام الجديد وحرية الصحافة
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
مدرين المكتومية
بعد طول انتظار، صدر قانون الإعلام الجديد، الذي ألغى 3 قوانين سابقة مرَّ على صدورها عقود، في خطوة مُهمة تعكس الحرص الكبير على تحديث المنظومة التشريعية في الدولة، وتؤكد الجهود المتواصلة لمواكبة المتغيرات، وبصفة خاصة مُستهدفات الرؤية الوطنية المستقبلية "عُمان 2040".
القانون الجديد والذي صدر في سبعة فصول، يضم 60 مادة، بدأت بالتعريفات والأحكام العامة، ثم ضوابط مزاولة الأنشطة الإعلامية، وحقوق والتزامات الإعلامي، وحق الرد والتصحيح، ثم فصل المطبوعات، يليه فصل المصنفات الفنية، وأخيرًا فصل العقوبات.
ولا شك أن هذا القانون يستهدف في المقام الأول تنظيم هذا القطاع المهم والحيوي، والذي يلامس كل قطاعات ومؤسسات الدولة، بل ويُسهم بدور رئيس ومحوري في بناء الوعي المجتمعي وتوجيه الرأي العام نحو مختلف القضايا، وإبراز أدوار ومسؤوليات المؤسسات، لكي يكون المواطن على بيِّنة مما يحدث من حوله من تنمية شاملة. ودور وسائل الإعلام بمختلف تصنيفاتها لا ينحصر فقط في نشر الأخبار والتقارير الصحفية، والتلفزيونية، والإذاعية؛ بل يتعداها لإبراز مختلف وجهات النظر حول العديد من القضايا التي تهم المجتمع، إلى جانب تقديم جرعات من التوعية في مجالات مختلفة، لا سيما في الجوانب الصحية، علاوة على دور الإعلام في مجالات الترفيه، من خلال البث المرئي والمسموع للأعمال الدرامية والسينمائية وغيرها.
القانون الجديد مر بدورة تشريعية متكاملة، بدءًا من مراحل إعداده في الحكومة، وإحالته إلى مجلس الشورى، الذي قام بدور كبير في صياغته وإدخال التعديلات حسب وجهة نظر أعضاء المجلس، استنادًا إلى ما استأنسوا به من آراء ووجهات نظر الإعلاميين والعاملين في هذا المجال. وقد تشرفت بالمشاركة في واحدة من اللقاءات التي عقدها مجلس الشورى، ضمن وفد من المؤسسات الصحفية والإعلامية، وأبدينا وجهات نظرنا بكل شفافية، خاصة فيما يتعلق بالمواد ذات الصلة بسجن ومعاقبة الصحفي، وكذلك مسألة الغرامات المالية. بعد ذلك أقر مجلس الشورى مشروع القانون- آنذاك- وأحاله إلى مجلس الدولة، وتشكلت لجنة مشتركة من ملجسي الشورى والدولة لمناقشة المواد محل الاختلاف في مشروع قانون الإعلام، ومن ثم التوافق على هذه المواد، وهو ما يؤكد أن القانون أخذ نصيبه الوافر من الدراسة والصياغة والإعداد، ليصدر أخيرًا في صيغته المنشورة قبل أيام بالجريدة الرسمية.
القانون يحفل بالعديد من الإيجابيات، في مقدمتها الإقرار بحرية الإعلام، وبصفة خاصة حرية الرأي والتعبير، والحق في ممارسة الأنشطة الإعلامية، والحق في الحصول على المعلومة وتداولها، إلى جانب حظر الرقابة المسبقة على ممارسة الأنشطة الإعلامية، وهي حقوق يكفلها النظام الأساسي للدولة، لكن قانون الإعلام جاء ليُرسِّخ ويُفصِّل هذه الحقوق.
في المُقابل، لم يخل القانون من بعض النقاط التي كُنا نتمنى- كصحفيين وإعلاميين- أن يتفادها القانون أو يُشير إليها في أضيق الحدود، منها فصل العقوبات والذي يتضمن عقوبات بالسجن وغرامات مالية كبيرة، ونخشى أن يكون لمثل هذه المواد تأثير غير إيجابي على تصنيف سلطنة عُمان في مؤشرات حرية الصحافة، خاصة وأن عقوبة سجن الصحفي أو الإعلامي غير منصوص عليها في الكثير من دول العالم، وبخاصة المتقدم منه، والذي نطمح لأن نكون في مصاف الدول المتقدمة. وكُلي أمل ألا يتعرض صحفي أو إعلامي للسجن، خاصة وأن إعلاميينا وصحفيينا- ولله الحمد- يتمتعون بأعلى درجات المسؤولية المهنية والرقابة الذاتية، التي تراعي مصلحة الوطن قبل كل شيء.
ملاحظة أخرى أودُ أن أعرِّج عليها وتختص بالمادة التي تجيز للإعلامي أن يعمل في جلب الإعلانات، وفي الحقيقة هي مادة مُفاجئة لي ولغيري؛ إذ إنَّ مواثيق العمل الصحفي والإعلامي تؤكد ضرورة فصل الإعلان عن العمل الإعلامي المهني، لأن الخبر والمعلومة يجب أن تكون مُجرّدة من أي هدف ترويجي أو دعائي، ودعوتي هنا لجموع الصحفيين والإعلاميين أن يفصلوا تمامًا بين العمل الإعلاني والترويج والدعاية والتسويق، ضمانًا لنزاهة العمل وحياديته وبُعده عن أي مصالح مالية.
وأخيرًا.. إنني لأتوجه بالشكر والتقدير لكل جهة وشخص أسهم وشارك في صياغة قانون الإعلام الذي رأى النور بعد فترة طويلة من الترقب والانتظار، وأتمنى أن يكون هذا القانون بداية جديدة لمسيرة العمل الإعلامي في وطني الحبيب، الذي يخطو نحو المستقبل بكل ثقة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.. حالات التصالح وضوابط التسوية
حدد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، حالات يجوز للمتهم فيها التصالح في المخالفات والجنح التي لا يعاقب عليها وجوباً بغير الغرامة أو التي يعاقب عليها جوازياً بالحبس الذي لا يزيد حده الأقصى على ستة أشهر.
وكان مجلس النواب، برئاسة المستشار حنفي جبالي، قد أقر مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد في المجموع سوف يأخذ الموافقة النهائية عليه في جلسة لاحقة.
مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديدونص مشروع القانون على أن محرر المحضر أو النيابة العامة بحسب الأحوال أن يعرض التصالح على المتهم أو وكيله ويثبت ذلك في المحضر. وعلى المتهم الذي يرغب في التصالح أن يدفع، قبل رفع الدعوى الجنائية، مبلغاً يعادل ثلث الحد الأقصى للغرامة المقرر للجريمة، ويكون الدفع إلى خزانة المحكمة أو النيابة العامة أو إلى من يرخص له في ذلك من وزير العدل.
ولا يسقط حق المتهم في التصالح برفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة إذا دفع ثلثي الحد الأقصى للغرامة المقرر للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر، وذلك قبل صدور حكم في الموضوع.وتنقضي الدعوى الجنائية بدفع مبلغ التصالح، ولا يكون لهذا الانقضاء أثر على الدعوى المدنية.
ضوابط التسوية بمشروع القانونويجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون المحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي، ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى ما زالت قيد التحقيق أو المحاكمة ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم التصالح قبل صيرورة الحكم باتاً، فإذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعاً بالمستندات المؤيدة له، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعاً بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه، ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوماً منذ تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه.