حكايات كفاح الفن فى مواجهة الاحتلال ثورة 1919 بشرت بعهد جديد فى المسرح والموسيقى والغناء
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
رمسيس نجيب وسيد درويش ومنيرة المهدية ومحمود مختار أبناء مخلصين للثورة الخالدةالثورة مهدت لظهور «العقاد» و«طه حسين» و«الحكيم» و«المازنى» ودعاة التنوير الرواد
يمر اليوم الذكرى 105 على الزيارة التاريخية التى قام بها سعد زغلول ورفيقيه على شعراوى باشا وعبدالعزيز فهمى باشا للسير «وينجت» المتعهد البريطانى فى مصر مطالبين بحق مصر الشرعى فى الاستقلال، ذلك اليوم الذى كان بمثابة الشرارة الأولى لثورة 1919 أعظم ثورات المصريين.
إن الثورات تقوم فى العادة لإخراج الشعوب من الظلام للنور وقيام حضارات جديدة. عندما تقام ثورة حقيقية تكون بالفعل نقطة انطلاق الشعوب لحياة أفضل وقيام ثقافات جديدة بل وقيام الفن الحقيقى من العدم. هذا ما حققته بالضبط ثورة 1919 بقيادة زعيم الوفد الخالد سعد زغلول ، تلك الثورة العظيمة التى ظلمها التاريخ، ولكن هناك حقائق ثابتة حققتها تلك الثورة فى نهضة الفن المصرى. ومازال تأثيره قائماً حتى الآن بعد مرور 105 سنوات من رحم الثورة، ربما يجهل البعض حقيقة ما حققته تلك الثورة فى إخراج الشعب المصرى من الظلام إلى النور:
قبل قيام ثورة 19 كان الفن المصرى يسيطر عليه الركاكة بشكل كبير خاصة فى مجال الغناء ولم يكن لدينا مسرح أو سينما بالمعنى المفهوم.
تقُدم الشعوب مرتبط بالنظام السياسى ، التاريخ يقول بأن زعماء الوفد ساهموا بقوة فى نهوض الحركة الفنية فى مصر بشكل عام لعدة عقود.
أصبحت الأغنية فى عصر سيد دريش جزءًا أساسيًا من الحركة الوطنية وبث الحماس فى قلوب الشعب، أغنيات كانت عميقة الأثر مثل أغنية «شال الحمام حط الحمام من مصر السعيدة للسودان». لولا سعد درويش ما كان لنا تاريخ مع الموسيقى، ومن حسن الطالع أن يكون الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب تلميذًا للموسيقار سيد درويش ويأتى بعدهم الفذ بليغ حمدى ليستكمل مشوار الإبداع من رحم موسيقار ثورة 1919 بقيادة سعد باشا زغلول سلطانة الطرب منيرة المهندية. كانت من أكثر السيدات حماسة لكفاح المرأة المصرية فى ثورة 19، استطاعت أن تؤدى دورًا سياسيًا مهمًا بأغانيها القومية وعلاقاتها بكبار الشخصيات، وكانت السلطات الإنجليزية تعمل لها ألف حساب.
كان مقهى نزهة النفوس المقهى الوحيد الذى لم تستطع السلطات الإنجليزية إغلاقه، وكان الناس يجدون الراحة والسلوى به ومسرح الست منيرة وكان منبراً للأغنيات التى تعبر عن مقاومة الاحتلال الإنجليزى.
كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم هى أيضاً ابنة ثورة 1919. جاءت إلى مصر عام 1923 على يديها انتقل الغناء المصرى لمكانة أخرى تماماً ومعها كثير من الشعراء والملحنون أحمد رامى ومحمد القصبجى وأبوالعلا محمد وزكريا أحمد. كانت عاشقة لسعد زغلول وزعماء الوفد وألقت حفلتها فى يوم رحيل الزعيم 23 أغسطس 1927.
لولا ثورة 19 ربما لم تظهر أم كلثوم وعبدالوهاب لأن النظام السياسى الحر الديمقراطى هو أساس الإبداع لكافة الشعوب.
انطلقت السينما المصرية بعد ذلك لتكون صناعة بحق تسهم فى زيادة الدخل القومى للبلاد. وتوهج عمالقة التمثيل خاصة فى حقبة الأربعنييات، منهم على سبيل المثال: الريحانى ويوسف وهبى وفاتن حمامة وحسين رياض وأحمد علام وسليمان بك نجيب وزينب صدقى وأنور وجدى ومديحة يسرى، وتألقت أم كلثوم وفريد الأطرش ومحمد فوزى وصباح وعبدالعزيز محمود وكارم محمود، ولا ننسى على الكسار وبشارة واكيم وعزيز عثمان، كل هؤلاء أبدعوا تحت مظلة حكومات الوفد المتعاقبة بقيادة الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس. كان زعيمًا فذًا بحق يهتم بكل شيء ، ويعرف قيمة كل شيء لدرجة أنه وجه عتابًا شديدًا للغاية لعبدالوهاب بعد أن غنى: ساعة ما يشوفك جنبى بل أن الباشا منع إذاعة هذه الأغنية قائلاً: لعبدالوهاب أيه المياعة دى يا أفندى لهذه الدرجة كان مصطفى النحاس يؤمن بدور الفن، ومنع أى أغنية تشكك فى رجال مصر. ولا تظهرهم خائفين مستسلمين، هكذا كان الغناء فى عصر مصطفى النحاس يعبر عن شموخ وعظمة وشخصية المصريين، وما دون ذلك لا يذاع أبداً بأمره.
عمالقة الأدب فى القرن العشرين العقاد وطه حسين والحكيم مهدت ثورة 1919 الطريق لظهور جيل عظيم للغاية من كبار الأدباء محمود عباس العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ومحمد حسين هيكل والمازني.
من رحم ثورة 19 ظهر هؤلاء لينيروا الطريق لفكر وأدب مصرى مختلف شهدت الحركة الأدبية فى النصف الأول من القرن العشرين نهضة هائلة لم يسبق لها مثيل. منحت الحرية لهؤلاء العمالقة إبداعًا حقيقيًا ساهم فى نشر الأدب والثقافة والفكر بين جموع الملايين من أبناء الشعب المصرى بل كان تأثيرهم شديدًا فى النهضة العلمية والأدبية فى مصر، تحول التعليم لشكل مختلف تماماً بعد ثورة 19 التى ساهمت بقوة فى تقدم الشخصية المصرية. وكانوا الأساس الذى سارت عليه العملية التعليمية والأدبية فى القرن العشرين.
يخطئ من يتصور أن ثورة 19 كانت ثورة للتحرير فقط من المحتل الإنجليزى بل كانت ثورة لنهضة الشعب المصرى بشكل حقيقى فى كافة المجالات الفنية والأدبية والثقافية والتعليمية، من ينسى مقولة طه حسين: «العلم كالماء والهواء»، كانت الثورة التى بقيت فى مصر حياة جديدة بالفعل.
الفن التشكيلى وثورة 19
حتى الفن التشكيلى ساهمت ثورة 19 بقوة فى نشره، بل ونهض من رحم ثورة 19 مبدعون مثل المثال المصرى العالمى محمود مختار مبدع تمثال نهضة مصر ومحمود سعيد ويوسف كامل ومحمد ناجى وراغب عياد ساهمت الثورة المجيدة فى إبداع هؤلاء وإبداعهم فى الفن التشكيلي.
ثورة 19 لم تترك شاردة أو واردة إلا وساهمت فى تطويرها ونقل الشعب المصرى بالكامل لمرحلة جديدة من الفن والحضارة والإبداع فى كل شيء حتى يومنا هذا وبعد 105 سنوات مازلنا ننهل من مكاسب ثورة 19 وزعمائها الخالدين ولو كره الحاقدون.
حقيقة تاريخية
ثورة 19 هى الثورة الأم فى القرن العشرين، الثورة التي صنعت مصر جديدة وشعبا مختلفًا به مبدعون مازلنا ننعم بإبداعهم حتى الآن. ترى لو لم تقم ثورة 19 كيف يكون هناك مصر الآن.. ثورة شعبية دخلت التاريخ وزعماء صنعوا مصر الحقيقية فى العصر الحديث
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رمسيس نجيب القرن العشرین الشعب المصرى ثورة 1919 فى مصر من رحم ثورة 19
إقرأ أيضاً:
معركة جديدة في عالم الفن.. جدل حول مزاد كريستيز للأعمال المولدة بالذكاء الاصطناعي
تصاعد الجدل حول بيع الأعمال الفنية المولدة بالذكاء الاصطناعي، حيث طالب الآلاف من الفنانين دار المزادات العالمية كريستيز (Christie’s) بإلغاء مزادها المرتقب المخصص للأعمال الفنية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، معتبرين أن التكنولوجيا التي تقف وراء هذه الأعمال "تقوم بسرقة جماعية".
تفاصيل المزاد وأبرز الأعمال المعروضةيحمل المزاد اسم "Augmented Intelligence"، وهو أول مزاد مخصص للفن المولَّد بالذكاء الاصطناعي من قبل دار مزادات كبرى. يضم المزاد 20 عملًا فنيًا بأسعار تتراوح بين 10,000 إلى 250,000 دولار، لفنانين مثل رفيق أناضول (Refik Anadol)، والراحل هارولد كوهين (Harold Cohen)، أحد رواد الفن بالذكاء الاصطناعي.
وجه أكثر من 3,000 فنان، بينهم كارلا أورتيز (Karla Ortiz) وكيلي ماكيرنان (Kelly McKernan) – اللذان يقاضيان بالفعل شركات الذكاء الاصطناعي ، رسالة إلى كريستيز يطالبون فيها بإلغاء المزاد، بحجة أن بعض الأعمال المعروضة قد تم إنشاؤها باستخدام نماذج ذكاء اصطناعي تم تدريبها على أعمال فنية محمية بحقوق النشر دون ترخيص.
جاء في الرسالة: "العديد من الأعمال الفنية التي تخططون لبيعها تم إنشاؤها بواسطة نماذج ذكاء اصطناعي تم تدريبها على أعمال محمية بحقوق الطبع والنشر دون إذن، هذه النماذج، والشركات التي تقف خلفها، تستغل الفنانين البشريين وتستخدم أعمالهم دون مقابل لإنشاء منتجات ذكاء اصطناعي تجارية تنافسهم."
الجدل القانوني حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الفنتحوَّل استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن إلى ساحة معركة بين الفنانين وشركات التكنولوجيا، مع رفع دعاوى قضائية من قبل فنانين، وكتاب، وناشرين، وشركات موسيقية ضد شركات تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي مثل Stable Diffusion و Midjourney، بتهمة انتهاك حقوق النشر.
رد كريستيز على الانتقاداتأوضحت كريستيز في بيان رسمي أن معظم الأعمال المدرجة في المزاد تم إنشاؤها باستخدام ذكاء اصطناعي تم تدريبه على مدخلات الفنانين أنفسهم، وليس على أعمال فنانين آخرين دون إذن.
لدى الفنانون الممثلون في هذا المزاد ممارسات فنية متعددة التخصصات معترف بها، بعضها ضمن مجموعات متحفية رائدة. في معظم الحالات، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة محكومة، مع تدريب البيانات على مدخلات الفنانين أنفسهم."
مواقف الفنانين المشاركين في المزادقال مات درايهورست (Mat Dryhurst)، الذي يعرض عملًا فنيًا بالتعاون مع زوجته هولي هيرندون (Holly Herndon)، إنه يهتم جدًا بقضية الذكاء الاصطناعي والفن لكنه يرفض الانتقادات.
أوضح درايهورست أن عمله الفني هو جزء من استكشاف كيفية ظهور مفهوم زوجته في النماذج الذكية المتاحة للجمهور، قائلًا: "نحن نصنع الكثير من الأعمال التي تحاول التدخل في هذه العملية، وهذا ضمن حقوقنا."
أما الفنان رفيق أناضول، فقد وصف ردود الفعل الغاضبة بأنها مجرد "نقد كسول وهستيريا غير مبررة".
هل المزاد خطوة نحو مستقبل جديد للفن أم انتهاك لحقوق الفنانين؟يبدو أن مستقبل الفن يتجه إلى صراع محتدم بين المبدعين والتكنولوجيا، حيث يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة جديدة للفن الحديث، بينما يراه آخرون تهديدًا خطيرًا لحقوق الفنانين، مع استمرار الدعاوى القضائية والاحتجاجات