هند عصام تكتب: اللمسة الذهبية
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
عودة ولكن يونانية وما زلنا على تواصل مع سرد قصص وحكاوى الأساطير اليونانية القديمة فكلما انشغلنا بسرد قصص أخري تأتي لنا دعوة سرية لأسطورة يونانية وتسلب إرادتنا وينجرف شغفي نحوها ولا أدرى إلا وانا متورطة في متاهة سردها المشوق وأسطورة هذا الأسبوع كانت قصة اللمسة الذهبية وبالرغم من ذلك كانت قصة مأساوية قصة للملك ميداس قصة عن الجشع والطمع كان الملك ميداس ملكًا ثريًا جدًا، في بلاد فريجيا كان لديه ذهب أكثر من أي ملك آخر في العالم وعلي الرغم من ثرائه الفاحش هذا إلا أنه كان يتمني دوماً أن يتحول كل شيء يلمسه إلي ذهب.
هيا بنا كان للملك ميداس له أيضا ابنة ثمينة تُدعى ماريجولد ، لكن لم يكن هناك شيء أغلى بالنسبة له من ذهبه الأصفر اللامع ، ولذا كان يتمنى الحصول على المزيد منه.
ذات يوم ، بينما كان الملك يحسب أمواله ، ظهر أمامه فتى خرافي. وكانت هناك جنية وقد أكدت الجنية لميداس أن لديه ذهبًا أكثر من أي شخص آخر ، لكن لا يزال الملك الطماع يريد المزيد من الذهب. وادعى أن "الذهب هو أفضل وأروع من أي شيء في العالم".
و عرضت عليه الجنية يوما ما أن تمنحه أمنية واحدة.
وقد كان فتمني طبعاً الملك ميداس أن يتحول كل شيء يلمسه إلى ذهب أصفر جميل.
وبالرغم من تحذير الجنية للملك ميداس من أن الحصول على هذه الهدية لن يسعده ، و لكن الملك ميداس الطماع لم يري خطورة ذلك الأمر ولا يفكر سوي في الذهب الأصفر.
و في صباح اليوم التالي ، استيقظ الملك ميداس بفارغ الصبر للتحقق مما إذا كان وعد الجنية قد تحقق ام لا. فلمس الملك ميداس سريره في الصباح ، ليتأكد وبالتأكيد تحول السرير إلى ذهب أصفر خالص. ثم لمس الكرسي والطاولة وهكذا، تحول كل هؤلاء أيضًا إلى ذهب. كان الملك مسرورًا بهديته السحرية. وصار ميداس الآن يحوّل كل شيء يلمسه إلى ذهب، ويا لفرحته عندما لمس حصاة صغيرة فتحولت ذهباً، ثم حجرا كبيرا وإذا به قطعة بارقة من ذهبٍ باهر، فذهب إلى أهله بنشوة ليحمل الأخبار العظيمة، واستقبلته ابنته عند الباب فلما أمسك بها فرحاً ليبشرها تجمدت على هيئة تمثال ذهبي.
وأصابت اللمسة الذهبية كل شيء حتى الطعام، ولكن في وقت لاحق عندما جاع الملك؟ ، حاول أن يشرب الماء ويأكل خبزه. فلما لامست شفتاه الماء تحول لونه إلى ذهب فلا يستطيع أن يشرب. وتحول الخبز أيضا إلى ذهب في يديه فلا يأكل. وندم ميداس على تلك الأمنية التي حوّلت حياته إلى جحيم ووقفة أمام ابنته ماريجولد يبكي التى ركضت من الحديقة لتحية الملك وعندما احتضنته ، تحولت على الفور إلى تمثال ذهبي.
و امتلأ الملك ميداس بالرعب عندما أدرك ما فعله. كل السعادة التي شعر بها عندما تلقى هديته لأول مرة ذهبت الآن.
دعا الملك ميداس الجنية وتوسل إليه أن يأخذ الهدية الرهيبة. ناشد الجنية أن تأخذ كل شيء ، وتعيد له ابنته. سأل الجنية الملك إذا كان لا يزال يعتقد أن الذهب هو أعظم شيء في العالم ، لكن الملك تعلم درسه.
عندما اقتنعت الجنية ، نصح الملك أن يذهب إلى النبع في الحديقة ، ويملأ إبريقًا بالماء ، ويرش كل ما لمسه الملك. اندفع ميداس إلى النبع وسرعان ما رش رأس ابنته بالماء. على الفور ، عادت إلى طبيعتها ، وأعطت والدها قبلة. رش الملك الطعام وجلس مع ابنته لتناول الطعام وهو أكثر تقديرًا للطعام الجيد ورفقة ابنته.
وكانت هذه قصة شهيرة في التراث اليوناني القديم، تهدف للتحذّير من الجشع والطمع والحرص البالغ على المال.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: عيد الشرطة
عندما يُضّحي الإنسانُ بحياته من أجل الوطن، وبقائه ومن أجل ترابه، ومن أجل عزّته، وطُهره، وصون مقدّراته، والحفاظ على شرفه، وعرضه؛ فتلك غاياتٌ، لا تضاهيها أخرى، وتلك ممارسة نبيلة، لا تناظرها أخرى؛ فمؤسسةُ الشرطة قد قدمت ذلك، وأكثر، وشاهد ذلك موقعة الإسماعلية 1952م التي شهدتْ مُواجهةً جَسُورةً، وشجاعة مع عدوٍ معتدٍ، أثيمٍ حينئذٍ، وهو المحتل البريطاني الذي أراد أن يفرض كلمته، وسلطته، ويمارس وصايته على شعب أجل عظيم قد تربّى على العزة، والكرامة؛ فما كان من هؤلاء الرجال البواسل إلا أن قدّموا أرواحهم، وبذلوا دمائهم؛ لتبقى كرامة الوطن مُقدّمةً على كل شيء، ويصبح الحدث الجلل المخلد في ذاكرة الأمة المصرية ما بقيتْ الحياةُ.
وفي مصر العظمي يتربّى رجال الشرطة في مؤسسة عريقة، من شأنها تشكيل الوعي، والوجدان، وتكسب المهارات، وتصقل الذات؛ ليتخرج منها بواسل الميادين؛ ليؤدوا واجبهم تحت قسم الولاء، والانتماء لتراب هذا الوطن، والحفاظ على مقدّراته المادية، والبشرية، ولو تكلف ذلك الأرواح، والدماء؛ إنها تربيةٌ لها خصوصية منذ أن يلتحق الطالب بكلية الشرطة، أو كما نسميها أكاديمية الشرطة؛ فندركُ أن المهمة قد باتت عظيمة، وأن الراحة تفارق الجفون، والأبدان، وأن السهر على أمن، وأمان البلاد غاية نبيلة، وجهاد، لا يوازيه أمر أخر، وأن تعزيز العدالة، والمساواة، وتطبيق القانون على الجميع مبدأٌ راسخٌ، لا يمكن التنازل عنه.
وما تقدمه المؤسسة الشرطية من تدريب، وصقل للخبرات المعرفية، والوجدانية يُعد فريدًا من نوعه إذا ما قورن بأخرى، وهذا ليس من قبيل المُجاملة؛ فقد أشارت التصنيفات العالمية إلى منزلة، ومكانة، وترتيب أكاديمية الشرطة المصرية وفق ما تنفذه من برامج تدريبية، وتعليمية للإعداد، والتأهيل، وما توفره من نظم تقنية متقدمة، تتيح لمنتسبيها الوصول إلى مستويات قياسية، واحترافية في المجال الأمني؛ ومن ثم يلتحق بتلك المؤسسة المتميزة العديد من الطلاب العرب، والأفارقة؛ لكونها دون مبالغة من أفضل الأكاديميات الشرطية على مستوى العالم؛ نظرًا لما تمتلكه من خبرات، وبرامج، وتقنيات بما يحقق فلسفة التكامل في الإعداد المهني، والأكاديمي على حدٍّ سواءٍ.
وزيارةُ الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الأكاديمية في أوقات الاختبارات، وكلماته المعبرة، والصادقة عن رسالة الشرطة السامية، لها دلالاتها الواضحة، وتتضمن رسائل عميقة؛ حيث أشار سيادته إلى أن وزارة الداخلية، وقوات الشرطة تقوم بمهمة مُقدّسَةٍ وهي حفظ الأمن، والاستقرار في الدولة المصريّة؛ فما أجلَّ!، وأرقى هذه المهمة، وما أصعبَ مسئولية الحفاظ على الوطن!، ومقدراته، وما أشْرفها من غاية! يتحقق من خلالها أن تبيت في سربك آمنا، وقارَّ العين، ومُطَمئنَّ النفس على روحك، وكل من تحب، وما لديك، وما أعلاها من مهمةٍ! تُهيء للتنمية، والنهضة المناخ المواتي؛ ليستطيع الجميعُ أن ينتجوا، كلٌ في مجاله، وتخصصه.
وإيمانًا بالعلم، ودوره في الحياة العملية، والعلمية، والمعيشية تؤدي الأكاديميةُ الدور المنوط بها في هذا الخضمِّ؛ حيث تفتح المجال أمام طلابها، وللوافدين من الدول العربية، والأفريقية مساراتِ استكمالِ الدراساتِ العليا بمرحلتيها المعروفة الماجستير، والدكتوراه في العلوم الشرطيّة، والأمنيّة، وهذا الأمر يضيف للرصيد المعرفي عبر بوابة البحث العلمي، ويجدد من طرائق التدريب الحديثة، ويستكشف استراتيجيات أمنيّةٍ، تتماشي مع التقدم التقني المتسارع، بل ويصقل الخبرات المعنية برفع الروح المعنويّة، وتحقيق أقصى درجات الانضباط الانفعالي لمنتسبي المؤسسة الشرطية بمراحلها المختلفة.
وندرك أن نتاج الدراسات العليا يعود بالنفع على العملية التعليمية بالأكاديمية؛ حيث يفرز الجديد من المعارف، التي ثبت جدواها؛ فيصبح المحتوى التعليمي متجددًا وفق ما يتناغم، ويتسق مع النظريات القديمة منها، والمستحدثة، وهذا يؤكد أن برامج الإعداد المهني، والأكاديمي التي تتبناه أكاديمية الشرطة يتماشى مع المعايير العالمية، بل وينفذ بكل دقة، وتحت رعايةٍ، وإشرافٍ متكاملين، كما يعود النفع على المجتمع المصريّ؛ إذْ تخرج الأكاديمية أفضل العناصر الشُرْطيّة المستوفيّة الإعداد، والتي تتعامل بصورةٍ لائقةٍ مع المواطن، وتقدم له سبل الدعم، والمساندة، وفي المقابل تعمل على ضبط الأمن، والاستقرار من خلال المواجهة الحاسمة للخارجين عن سياج القانون، الذي يطبق على الجميع دون اسْتثناءٍ.
وما كان لنا أن ننسى شُهدائَنا من أبرارِ الشُرْطة الذين ضَحّوا من أجل مصر، وتحقيق أمنها، وأمانها والحفاظ عليها، وصوْنها؛ فنبعث لهم دعواتِ الرحمةِ، ونتضرّعُ إلى الله – تعالى – أن يسكنهم جنّاتِ الفرْدوسِ مع النبيين، والصديقين، والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا، ونؤكد أن ذِكْراهم مازالتْ في القلوب، والأفئدة باقيةً، وأن مِيْراثَ الشجاعة، والبطولات بيد جيلٍ تلو أخر، قد نشأوا، وترعرعوا، وتخرّجوا من تلك المؤسسة العظيمة، التي لا ينضبُ عطاؤها، ولا يجِفُّ معينُها أبد الدهر.
ويطيبُ لنا أن نُهْدِيَ برْقيةً عطِرةً تحمل التهنئة، والأمنيات بالدعوات الصادقة بدوام التقدم، والازدهار والرقيّ لتلك المؤسّسةِ صاحبةِ الرسالةِ الساميّةِ، كما تحمل في طيّاتها دعواتٍ بأن يُعين أبطالها في مهامهم، ويُسِدّدُ بالحق رميتهم، ويوفقهم لما يحب ربي - جل في علاه - ويرضى، وأن يحفظَ بهم البلادَ، والعبادَ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.