عيد الجهاد الوطنى.. صفحة وطنية رائعة فى تاريخ مصر الحديث
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
13 نوفمبر.. ملحمة شعبية وطنية غيرت وجه التاريخ وحققت استقلال مصرسعد زغلول ورفاقه سطروا أروع الأمثلة بالتضحية والفداءاحتفال «الوفد» بعيد الجهاد يؤكد الاعتزاز بتراب الوطن وكرامته وحقوق المواطن
عيد الجهاد الوطنى صرخة شعب رفض الخنوع والخضوع للظلم والاستبداد، شعب جاهد من أجل تحرير الأرض من المحتل المغتصب، وضحى بكل نفيس من اجل كرامة وعزة هذا الوطن العظيم، عيد الجهاد مناسبة تحمل فى طياتها عبق الكفاح وروح التضحية التى خاضها الشعب المصرى لتحقيق الحرية والاستقلال، يومًا تتجدد فيه ذكرى النضال الملهم الذى سجله أجدادنا بمداد من الإصرار والعزيمة، والذين رفضوا الخضوع للاستعمار وتمسكوا بكرامتهم وأرضهم، عيد الجهاد الوطنى ليس مجرد ذكرى سنوية، بل رمز الولاء والتضحية من أجل وطنّا أبى الذل والمهانة، ودعوة متجددة لنستلهم من الماضى شجاعة تستنهض الهمم، ونعمل يدًا بيد لبناء مستقبل يعكس آمال وتطلعات هذا الشعب العريق.
فى مثل هذا اليوم تتجدد مشاعر الفخر والامتنان التى تتجسد فى تضحيات القادة العظام، مثل سعد زغلول ومصطفى النحاس، الذين قدّموا أرواحهم ووقتهم وجهدهم فى سبيل استقلال مصر وحريتها، وواجهوا المصاعب والمخاطر بعزم لا يلين، رافعين راية الكرامة والحرية لشعبهم، جسدت تضحياتهم أسمى معانى الوطنية، فكانوا شعلة أمل ونبراسًا يُنير درب الأجيال المقبلة، ليكونوا مثالًا يحتذى به فى الإخلاص للوطن والإيمان بقضية التحرر، مقدمين نموذجًا رائعًا للشجاعة والصبر فى سبيل رفعة مصر.
كشفت وثيقة رسمية تمثل توثيقًا لثورة ١٩١٩م، تفاصيل الاجتماع التاريخى الذى جمع ثلاث من أقطاب الحركة الوطنية وهم (سعد زغلول - على شعراوى - عبد العزيز فهمى) مع المعتمد البريطانى السير «وينجت» فى ١٣ نوفمبر ١٩١٨م، ودون الإجتماع فى محضر رسمى وكان النواة الأولى فى الإعلان عن تكوين حزب الوفد، وكان وسيط إتمام اللقاء بين زعماء الحركة الوطنية والسير «وينجت»، حسين باشا رشدى، رئيس وزراء مصر فى ذلك الوقت.
وذكر عبدالعزيز باشا فهمى فى مذكراته التى تحمل عنوان «هذه حياتى»، أن هذا اللقاء التاريخى الذى تم فى ١٣ نوفمبر عام ١٩١٨م، عقب توقيع هدنة الحرب العالمية الأولى، واعتبر هذا اليوم، هو البداية تاريخيًا لنشأة حزب الوفد، والشرارة الأولى فى إشتعال ثورة ١٩١٩م، عندما احتج الوفد على الممارسات القمعية للاحتلال من خلال معتمدى هذه الدول فى مصر، متحديًا السلطات الإنجليزية، حيث ذهب كلا من سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى إلى دار الحماية البريطانية، طالبوا فيه بالإستقلال، ورفع الحماية البريطانية عن مصر، والتقى زعماء الحركة الوطنية الثلاث بالسير «وينجت»، ودار بينهم حديث طويل غلب عليه الكثير من الشد والجذب، وفى النهاية قال لهم المندوب البريطانى السير «وينجت» بكل غطرسة: أعتبر محادثتنا غير رسمية لكننى شاكر حضوركم، وبعد انصرافهم سأل السير «وينجت»، حسين باشا رشدى، رئيس الحكومة، من سمح لهؤلاء الثلاثة بأن يتحدثوا بأسم الأمة؟
من هنا انطلقت فكرة جمع التوكيلات من الشعب لزعماء الوفد الثلاث ومعهم وطنيون آخرون ممثلين عن الأمة فى طرح قضية الاستقلال، هم: محمد محمود باشا، ومحمد على بك، وعبد اللطيف المكباتى بك، ومحمد محمود باشا، وأحمد لطفى السيد، للسعى بالطرق السلمية حيثما وجدوا طريقا للاستقلال، وبالتوازى كان هناك اجتماعات لمجموعات أخرى، وتوالت الوفود على بيت الأمة، ونفد صبر الإنجليز، فأنذروا الوفد ورجاله واستدعاهم قائد القوات البريطانية للحضور بمركز القيادة لفندق سافوى بميدان سليمان باشا «طلعت حرب» حاليا، فلما وصلوا، ألقى عليهم خطابًا تحذيريا بتهديد الأمن العام وعرقلة سير الإدارة، فقد اجتمع فريق من أعضاء نادى المدارس العليا، وتوافقوا جميعًا إلى تكليف سعد زغلول بالمطالبة بالاستقلال.
على الفور بدأ الوفد فى جمع توكيلات من المصريين لتوكيله فى الدفاع عن القضية المصرية، فى هذه الأثناء ظهرت أيضا حركة أخرى من أعضاء الحزب الوطنى لتأليف وفد آخر بتأييد من عمر طوسون وكيل الجمعية التشريعية، لمقابلة سعد زغلول فى محاولة منه لتوحيد صف الوفد، فقبل طوسون، وذهب كلا من مصطفى النحاس وعلى ماهر إلى سعد باشا زغلول وعرضوا عليه موقفهم، هو وزملاؤه، وعاد النحاس لمقابلة عبدالعزيز باشا فهمى، فأخبرهم بما يجرى من مشاورات ولقاءات فى هذا الصدد، ليستمر الوفد فى جمع التوقيعات، والضغط على الإنجليز بسفر الوفد إلى باريس.
فى ١٣ نوفمبر ١٩١٨م وقبل السفر الوفد إلى مؤتمر السلام فى باريس، ألقى سعد زغلول خطابًا فى أول إجتماع بعد تأليف الوفد بمنزل حمد الباسل، والذى أعلن فيه أن الحماية باطلة بموجب القانون الدولى، وأعلن فى خطابه مبادئ الدستور السياسى لمصر المستقلة، والذى تضمن عدد من المبادئ منها بقاء نظام الامتيازات الأجنبية، بهدف كسب تأييد الدول التى تتمتّع رعاياها بهذه الإمتيازات، حتى تعاون مصر فى مؤتمر السلام لنيل استقلالها، وأيد كلا من حسين رشدى باشا رئيس الوزراء حينها وعدلى يكن وزير المعارف فكرة تجميع التوكيلات، وطلبا من المعتمد البريطانى السماح لهما وللوفد بالسفر، فجاء الرد بعدم الموافقة، بحجة انشغال اللورد «بلفور» بمفاوضات الصلح لقرب انعقاد مؤتمر السلام.
على الفور تقدم كل من رئيس الوزراء ووزير المعارف استقالتهما للسلطان فؤاد الأول فى ٢ ديسمبر ١٩١٨ م، والتى قوبلت بالرفض من قبل السلطان، حتى يقبل الإنجليز عرض حسين رشدى باشا بالسفر إلى لندن.
فى ٢١ يناير ١٩١٩ م، سافر المعتمد البريطانى السير «ريجنالد ونجت» إلى لندن فى محاولة إقناع حكومته بسفر الوزيرين إلى لندن لكن الحكومة البريطانية رفضت، فبقى هناك ولم يعد، وظل الإنجليز على موقفهم وظلت الاستقالة معلقة، وبعد فترة من الضغوط تراجعت السلطات الإنجليزية فيما بعد، وسمحت للوزيرين بالسفر إلى لندن دون غيرهم، أصرّ رشدى باشا على موقفه، والسماح للسفر لمن يطلب السفر من المصريين إلى أوروبا، فرفض الإنجليز، الأمر الذى أدى إلى قبول السلطان فؤاد الأول الإستقالة فى مارس ١٩١٩ م.
وفى ٢ مارس ١٩١٩م قام سعد زغلول بتدخل الوفد لأول مرة باعتباره ممثلًا للشعب، وأرسل خطابًا للسلطان، معلنًا رفضه فى قبوله استقالة الوزارة وتبع هذا الخطاب خطابًا آخر فى ٤ مارس إلى ممثلى الدول الأجنبية يحتج فيه على منع الإنجليز سفر المصريين إلى مؤتمر السلام فى ٦ مارس، فطلب الجنرال «وطسن» قائد القوات البريطانية مقابلة سعد زغلول وأعضاء الوفد، وحذرهم من القيام بأى عمل يعيق الحماية البريطانية على مصر، واتهمهم بتعطيل تشكيل الوزارة الجديدة، ما يجعلهم عرضة للأحكام العرفية، وكان رد فعل سعد زغلول أنه قام بإرسال مذكرة احتجاج إلى «لويد جورج» رئيس الوزراء الإنجليزى، أعلن فيها أنه يطلب «الاستقلال التام» لبلاده وأنه يرى فى الحماية عملًا دوليًا غير مشروع.
فى ٨ مارس، أمرت السلطات البريطانية باعتقال سعد وصحبه، بعدما تحدى هذا الإنذار، وأعتقل معه حمد الباسل ومحمد محمود باشا، حيث كانا أنشط عناصر الوفد آنذاك وإسماعيل صدقى، وتم ترحيلهم إلى ثكنات قصر النيل «معسكر جيش الإحتلال »، وقضوا به الليل، وفى صباح ١١ مارس اليوم التالى لـ ٩ مارس نقلوا بالقطار لبورسعيد، ومن هناك أقلتهم إحدى البواخر إلى المنفى بجزيرة مالطا، وانتشرت أخبار نفى أعضاء الوفد خارج البلاد فى ٩ مارس، لتقع الواقعة، وتندلع المظاهرات الجارفة و الحاشدة، التى لا تبقى ولا تذر، وهب الشعب المصرى هبا عن بكرة أبيه.
وانطلقت التوكيلات، وتصدى لها مستشار وزارة الداخلية الإنجليزى، وتم توزيعها سرا، وبدأت المنشورات تنتشر فى أرجاء مصر.
انطلقت المظاهرات الجارفة فى العديد من المدن والأقاليم المصرية وكانت القاهرة والإسكندرية وطنطا من أكثر تلك المدن اضطرابًا، فاجتمع على باشا شعراوى بأعضاء الوفد وقرر الاستمرار على النهج والأسلوب حتى تتحقق الأهداف التى قام من أجلها، كما أعلنت السيدة صفية زغلول (أم المصريين) أن بيت الأمة سيظل مفتوحا تحت تصرف الوفد كما كان فى وجود سعد، وقرروا إرسال برقية احتجاج لرئيس الحكومة الإنجليزية ورسالة للسلطان، إمعانا فى التحدى.
وعمت المظاهرات الجارفة كل بقاع مصر، وكانت البداية فى ٩ مارس ١٩١٩ م، وامتدت للأقاليم، وسيطرت الإضرابات، وصولا لذروة المظاهرة فى ١٧ مارس، واستدعت بريطانيا «السير وينجت»، ليحل محله المندوب السامى «اللنبى» لتنتصر الثورة، وتم الإفراج عن سعد وزملائه فى ٧ أبريل، أى بعد أسبوعين من وصول «السير اللنبى»، وفى ٩ أبريل تم تشكيل وزارة حسين باشا رشدى، وسافر الوفد المصرى من مالطا إلى باريس حيث كان يعقد هناك مؤتمر الصلح، وأقلعت الباخرة من مصر على متنها أعضاء الوفد من القاهرة وهم: على شعراوى وعبدالعزيز فهمى وأحمد لطفى السيد ومصطفى النحاس والدكتور حافظ عفيفى وحسين واصف ومحمود أبو النصر، ومرت السفينة على مالطا، ليصطحبوا معهم سعد زعيم الأمة زغلول ورفاقه محمد محمود وإسماعيل صدقى وحمد الباسل، وهناك فى مؤتمر باريس أصرت كلا من أمريكا وألمانيا ببقاء الحماية البريطانية على مصر، إلا أن هذا لم يكسر فى عزيمة زعماء الوفد المصرى، الذين طرقوا كل الأبواب، ولم يتسرب إليهم فتات اليأس وفقدان الأمل، ووصل الوفد المصرى إلى باريس فى ١٨ إبريل ١٩١٩، لتعلن شروط الصلح التى قررها الحلفاء، مؤيدة الحماية التى فرضتها إنجلترا على مصر.
بعد مؤتمر باريس، أُوفدت بريطانيا لجنة بقيادة «اللورد ملنر»، للوقوف على أسباب هذه التظاهرات، والتى وصلت فى ٧ ديسمبر، وغادرت فى ٦ مارس ١٩٢٠م، حيث دعا «اللورد ملنر» الوفد المصرى المتواجد فى باريس للمجىء إلى لندن للتفاوض مع اللجنة، وأسفرت المفاوضات عن مشروع المعاهدة بين مصر وإنجلترا، وتم رفض الوفد المشروع وتوقفت المفاوضات، ليتم إستئناف المفاوضات مرة أخرى، وقدمت لجنة ملنر مشروعًا آخر، انتهى الأمر بالوفد إلى عرض المشروع على الرأى العام المصرى، بعدها التقى الوفد المصرى بـ«اللورد ملنر»، وقدموا له تحفظات المصريين على المعاهدة، فرفض «اللورد ملنر» المناقشة حول هذه التحفظات، فغادر الوفد لندن فى نوفمبر ١٩٢٠م، ووصل إلى باريس، دون أى نتيجة.
ونتيجة الضغوط التى مارسها الوفد فى المحافل الدولية، فقد دعت بريطانيا المصريين إلى الدخول فى مفاوضات لإيجاد علاقة مرضية مع مصر غير الحماية، فمضت وزارة عدلى بمهمة المفاوضات، ولم تنجح المفاوضات بعض رفضها لمشروع المعاهدة، فنشر سعد زغلول نداء إلى المصريين دعاهم إلى مواصلة التحرك ضد الاحتلال البريطانى فاعتقلته السلطة العسكرية البريطانية هو وزملائه، فى ديسمبر من عام ١٩٢١م، قامت السلطات البريطانية بنفى الزعيم سعد زغلول ورفاقه إلى جزر سيشيل بالمحيط الهندى، لعدم استجابته لمطالب المصريين، فعاد المصريون إلى الثورة، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية، وازدادت الثورة إشتعالًا، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، فوجدت أن العنف لن يجدى فى التعامل مع المصريين، الذين قاطعوا «لجنة ملنر» مقاطعة تامة وتم التصدى لها بكل الطرق، لإجبارها على التفاوض مع «سعد» ممثل الأمة، وأمام ضغوط وثورة المصريين، أفرج الإنجليز عن سعد زغلول، وعاد زعيم الأمة للوطن فى عام ١٩٢٣م، فاستقبله الشعب إستقبال العاشق لفقيده الذى دفع من عمره أربع سنوات منفيًا ومناضلًا من أجل قضية وطنه، فكرمه الشعب خير التكريم بحصول حزب الوفد على 90% من مقاعد البرلمان وتولى زغلول على إثرها مقعد رئيس الوزراء.
وفى ٢٨ فبراير حققت الثورة مطالبها، حيث ألغت بريطانيا الحماية المفروضة على مصر منذ ١٩١٤م، وصدر فى ١٩٢٣م، الدستور المصرى وقانون الانتخابات و ألغيت الأحكام العرفية.
وتحول منزل سعد زغلول، مقرًا للوفد منذ قيام الثورة حتى وفاته، يجتمع فيه كل ممثلى أطياف المصريين وصار بيتًا للأمة، ومن داخل بيت الأمة الذى شهد على ميلاد حزب الوفد، كما شهد على صياغة أول توكيل لزعماء الأمة وإجراء تعديلات فى صيغة التوكيل، كما شهد ثمار أول لقاء وانضمام شخصان عرفا بانتمائهم للوطن، هما مصطفى النحاس، والدكتور حافظ عفيفى، الأول صار خليفة لسعد، والثانى صار لاحقا فى المعسكر المضاد، وكان ميلاد الوفد المصرى وقانونه الأساسى، كما شهد بيت الأمة أول تشكيل لأعضاء الوفد المصرى، مؤلفا من سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى ومحمد على وعبداللطيف المكباتى ومحمد محمود باشا وأحمد لطفى السيد وإسماعيل صدقى وسينوت حنا وحمد الباسل وجورج خياط ومحمود أبو النصر ومصطفى النحاس والدكتور حافظ عفيفى، كما شهد أول إصدار لقانون الوفد الأساسى والذى يتكون من ٢٦ بندا، وكان البند الرابع منه يقول: «يدوم هذا الوفد مادام العمل الذى انتدب لأجله قائمًا وينفض بانقضائه» وفى البند الأخير البند ٢٦: «تعين لجنة تسمى اللجنة المركزية للوفد المصرى، ُيختار أعضاؤها من ذوى المكانة والغيرة، ومهمتها جمع التبرعات على ذمة الوفد وإرسالها إليه».
وانطلق الوفد على يد زعيم الأمة سعد زغلول الذى جاهد فى سبيل تحقيق إستقلال الوطن حتى آخر لحظة من عمره، وخلفه فى حمل لواء الجهاد رفيق دربه مصطفى باشا النحاس الذى جعل من الوفد قيم ومبادئ وطنية، ومنارة فى علوم السياسة وتاريخ مشرق، يشار إليه بالبنان فى مصر والعالم أجمع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصر الحديث عيد الجهاد الوطنى حقوق المواطن استقلال مصر ملحمة شعبية التضحية والفداء الوفد رئیس الوزراء مؤتمر السلام الوفد المصرى أعضاء الوفد على شعراوى عید الجهاد محمود باشا إلى باریس بیت الأمة سعد زغلول حزب الوفد إلى لندن على مصر کما شهد خطاب ا کلا من
إقرأ أيضاً:
325.9 مليار جنيه قيمة أصول شركات التأمين حاليا.. بزيادة 34.6%
يشمل القطاع المالى كلاً من القطاعين المصرفى وغير المصرفى، والمتضمن سوق رأس المال والتأمين والتمويل العقارى والتمويل متناهى الصغر والتأجير التمويلى والتخصيم، ويعد قطاع التأمين من أهم الأنشطة المالية غير المصرفية، التى تؤدى دوراً حيوياً ومهماً فى دعم الاقتصاد المصرى وتنمية الاستثمارات الوطنية، كما يوفر الحماية المالية للأفراد والمشروعات ضد المخاطر المختلفة. ويعد قطاع التأمين قناة رئيسية لجمع المدخرات الوطنية واستخدامها فى تمويل الاستثمارات الوطنية وخطط التنمية، ما يسهم فى خلق فرص عمل جديدة والحد من التضخم، بالإضافة إلى توفير صناديق التقاعد الاختيارية معاشات تقاعدية إضافية للمشاركين فيها.
وفى إطار دور قطاع التأمين يتم استغلال موارد التأمين فى استثمارات متوسطة وطويلة الأجل، وعلى الرغم من التحديات التى واجهها الاقتصاد المصرى فى السنوات الثلاث الأخيرة، فقد حققت سوق التأمين نجاحاً ملحوظاً فى توفير التغطية التأمينية، ما يعكس استجابته السريعة للمتطلبات الجديدة للسوق وتماشيه مع الأحداث الجديدة وتطوير العديد من الفعاليات الجارية.
وتشير البيانات المالية لشركات التأمين العاملة فى السوق المصرية إلى تطور ملحوظ فى العديد من المؤشرات المالية خلال الفترة من 30 يونيو 2023 إلى 31 مارس 2024، حيث جرى تسجيل زيادة كبيرة فى العديد من المؤشرات المالية الرئيسية، وبلغ صافى أصول شركات التأمين 325.9 مليار جنيه فى 31-3-2024، مقارنة بـ242.2 مليار جنيه فى 30-6-2023، بزيادة بلغت 34.6%، مضيفاً أن الهيئة ستمضى وستكمل رسم السياسات اللازمة لتعزيز كفاءة وتنافسية قطاع التأمين لزيادة دوره فى الاقتصاد القومى ومساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى.
لجنة فنية للتحول الرقمي ودراسة آلية الإصدار الإلكترونيوحسب الاتحاد المصرى للتأمين، فمن المتوقع أن يشهد التأمين الرقمى نمواً متسارعاً فى السنوات القادمة، من خلال استخدام التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعى، تحليلات البيانات الكبيرة، وتقنيات Blockchain والتى تمكن شركات التأمين من تحسين كفاءتها التشغيلية، وتقليل التكاليف، وتقديم خدمات مبتكرة تلبى احتياجات العملاء بشكل أفضل، وغيرها من التقنيات الحديثة التى تعد بمثابة عامل رئيسى فى إحداث التحول فى قطاع التأمين، وخلق فرص كبيرة لشركات التأمين لزيادة القدرة التنافسية والإنتاجية والكفاءة مع تحسين التجارب الرقمية للعملاء.
نمو متوقع بمعدل سنوي مركب 13.8% ليصل إلى 156.0 مليار دولار بحلول 2028وتمثل التقنيات الرقمية أحد أبرز التطورات التى تشهدها مختلف الصناعات فى العصر الحديث، بينما تعتمد صناعة التأمين على مواكبة التقدم التكنولوجى السريع وتحقيق متطلبات العملاء للحصول على خدمات فورية ومرنة، إذ أصبح التحول الرقمى ضرورة ملحة لشركات التأمين التى تسعى إلى تحقيق النمو فى السوق، ويأتى ذلك من خلال اعتماد التقنيات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعى، وهذه التحولات لم تؤثر فقط فى كيفية تقديم الخدمات التأمينية، بل تسهم فى إعادة تشكيل نماذج الأعمال التقليدية فى هذه الصناعة لتحقيق النمو المستدام، وتحسين قدرة الشركات على المنافسة، من خلال تقديم تجربة عميل متميزة تعتمد على السرعة، الكفاءة، والمرونة.
مليار دولار قيمة السوق العالمية لمنصات التأمين الرقميةوبلغت قيمة السوق العالمية لمنصات التأمين الرقمية 81.7 مليار دولار فى عام 2023، ومن المتوقع أن تنمو بمعدل سنوى مركب قدره 13.8% لتصل إلى 156.0 مليار دولار بحلول عام 2028، وفقاً للاتحاد المصرى للتأمين، وتشير سوق منصات التأمين الرقمية إلى المشهد المتطور للحلول التكنولوجية المصممة خصيصاً لقطاع التأمين، حيث تدمج هذه المنصات تقنيات رقمية مختلفة مثل الذكاء الاصطناعى والتعلم الآلى وBlockchain والحوسبة السحابية، بهدف تبسيط عمليات التأمين وتعزيز تجربة العملاء وتحسين الكفاءة الإجمالية عبر سلسلة قيمة التأمين. كما أنها توفر لشركات التأمين أدوات شاملة لإدارة التغطيات والمطالبات والاكتتاب وقنوات التوزيع فى بيئة رقمية مترابطة.
واتخذ الاتحاد المصرى للتأمين عدة خطوات بهدف دعم وتعزيز التكنولوجيا الرقمية فى قطاع التأمين والتى من أهمها، إنشاء لجنة فنية متخصصة للتحول الرقمى، قيام عدد من اللجان الفنية بالاتحاد بإعداد الدراسات حول آلية الإصدار الإلكترونى لبعض وثائق التأمين فى عدد من فروع التأمين المختلفة، وتولى الاتحاد تنظيم عدد من الندوات حول كيفية تطبيق التقنيات الخاصة بالتكنولوجيا الرقمية فى صناعة التأمين، كما خصص الاتحاد إحدى جلسات ملتقى شرم الشيخ السادس لمناقشة آلية التعامل مع عالم متسارع الخطى نحو التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعى.
وﺗﺴﻌﻰ اﻟهيئة العامة للرقابة المالية بالتعاون مع الاتحاد المصرى للتأمين إﻟﻰ تعميق مساهمة ﻗﻄﺎع اﻟﺘﺄمين فى اﻟﻨﺎﺗﺞ المحلى اﻹﺟﻤﺎلى ﻟﺘﺘﺠﺎوز ﺣﺪود الــ1% ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷرﺑﻊ المقبلة، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ أﻗﺴﺎط اﻟﺘﺄمين. وتركز خطط التطوير فى الفترة المقبلة على تحقيق ﺗﻘﺪم ﻣﻠﻤﻮس فى زيادة وعى أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻷﻋﻤﺎل فى أهمية اﻟﺘﺄمين ﻛﻮسيلة ﻹدارة الأﺧﻄﺎر، وﺳﻮف ﺗﺴﺘﺨﺪم الهيئة تطبيقات ﺗﻜﻨﻮﻟﻮجيا اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت فى اﻟﺘﺮويج ﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺄمين وأهميته، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ تحفيز ﺷﺮﻛﺎت اﻟﺘﺄمين ﻣﻦ ﺧﻼل الاﺗﺤﺎد اﻟﻤﺼﺮى ﻟﻠﺘﺄمين لتبنى ﻣﺒﺎدرات وﺣﻤﻼت اﻟﺘﺮويج اﻟﺠﻤﺎعية ﻟﻠﺴﻮق ﻣﻦ ﺧﻼل الاﺗﺤﺎد.
الرقابة المالية تصدر ضوابط توفيق أوضاع شركات القطاع وفقاً لقانون التأمين الموحدوأصدرت الرقابة المالية 13 قراراً لتطوير قطاع التأمين فى مصر خلال عام 2023، فى ظل أهمية القطاع للحفاظ على استقراره من أجل لعب دور حيوى ومهم فى دعم الاقتصاد المصرى بحسبان ارتباطه التكاملى بالقطاعات الاقتصادية الأخرى، كما يساعد على تنمية الاستثمارات الوطنية، ويوفر القطاع الحماية المالية للأفراد والمشروعات ضد المخاطر المختلفة. ووضعت الهيئة ضوابط توفيق أوضاع الشركات العاملة فى قطاع التأمين وفقاً لقانون التأمين الموحد، تفعيلاً لمواد قانون التأمين الذى بدأ العمل به منذ 11 يوليو 2024.
ونص القرار على إلزام الشركات التى تسرى عليها أحكام قانون التأمين، وهى التى تزاول أنشطة التأمين بكافة أنواعها وشركات الوساطة فى التأمين وإعادة التأمين وشركات خبرة المعاينة وتقدير الأضرار وشركات خبرة التأمين الاستشارية وشركات إدارة برامج الرعاية الصحية (إدارة برامج التأمين الطبى)، بتوفيق أوضاعها مع قانون التأمين الموحد خلال مدة تنتهى فى ديسمبر الجارى.
ويقصد القرار بنشاط إدارة برامج الرعاية الصحية، النشاط الذى تتولى بموجبه الشركات التى تزاوله مسئولية كافة الأعمال الإدارية المرتبطة بوثائق التأمين الطبى التى تصدرها شركات التأمين، كطرف ثالث بين شركة التأمين والعميل أو التى تقوم بإدارة برامج الرعاية الصحية ذاتية التمويل لصالح المؤسسات أو الهيئات أو أصحاب الأعمال.
وألزم القرار الشركات العاملة بالقطاع والتى تزاول تلك الأنشطة، بأن تنتهى من عملية توفيق أوضاعها التى تشمل تعديل النظام الأساسى والغرض الأساسى لها وفقاً لقانون التأمين الموحد، من خلال عقد اجتماع جمعية عامة غير عادية لإقرار تلك التعديلات والتصديق على محضر ذلك الاجتماع من الجهة الإدارية المختصة والتأشير بذلك فى السجل التجارى، قبل يوم 1-12-2024.
سيكون على تلك الشركات موافاة الهيئة بملف متضمن كافة المستندات الخاصة بها، وكذلك ما يفيد إتمام تلك الإجراءات خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ الانتهاء من التصديق على محضر الاجتماع من الجهة الإدارية المختصة، ويجوز للهيئة مد مهلة توفيق الأوضاع الممنوحة فى ضوء تقديم الشركات مبررات جدية. كما ستستمر الشركات فى التصديق على محاضر اجتماعات الجمعية العامة العادية وغير العادية، واجتماعات مجالس إدارتها، فيما يخص أى تعديلات على مواد النظام الأساسى للشركة أو تشكيل مجلس إدارتها، وذلك لدى الجهة الإدارية المختصة لحين حلول موعد انتهاء مدة توفيق الأوضاع فى ديسمبر الجارى، على أن يكون ذلك مشروطاً بالحصول على عدم ممانعة مسبقة من الهيئة للتصديق على تلك المحاضر.
ونص القرار على إلزام شركات التأمين الطبى المتخصصة (HMO) وشركات إدارة برامج الرعاية الصحية (إدارة برامج التأمين الطبى TPA)، أن ترفق بالملفات المقدمة منها لتوفيق الأوضاع، طلباً للحصول على ترخيص مؤقت بمزاولة النشاط لحين توفيق أوضاعها وفقاً لقانون التأمين الموحد، وقرارات مجلس إدارة الهيئة الصادرة تنفيذاً له، كما يعد الترخيص المؤقت.