تعيينات مشروطة.. الطريق الطويل لمرشحي الرئيس الأميركي إلى مناصبهم
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
يتقاسم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مع مجلس الشيوخ، سلطة تعيينات المناصب الإدارية العليا والمناصب الوزارية، وإذ يبدأ الأمر وينتهي في جزء منه عند رغبة الرئيس، يبقى الجزء الأكبر محل انتظار الموافقة التامة، أو رفض الترشيحات من قبل المجلس.
وحتى كتابة هذا التقرير، أعلن ترامب عن ترشيح 4 أسماء رئيسة في إدارته المقبلة التي تتسلم مهام عملها رسميا بعد أداء اليمين الدستورية في 20 يناير 2025.
ويمنح الدستور الأميركي للرئيس سلطة ترشيحات المناصب العليا ورفع أسمائها لمجلس الشيوخ، الذي يملك القرار بالنهاية، بعد سلسلة من الإجراءات الدستورية التي تتولاها لجان متعددة، الهدف من ذلك تلافي احتكار السلطة في يد واحدة.
ومن الأسماء التي رشحها ترامب وتنتظر الموافقة من مجلس الشيوخ، حالياً، ماركو روبيو وزيرا للخارجية، وإيليس ستيفانيك سفيرة في الأمم المتحدة، وكذلك لي زيلدين لقيادة وكالة حماية البيئة.
بينما ستشغل سوزي وايلز منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض، وستيفن ميلر نائباً لها، بشكل رسمي في يناير المقبل، دون الحاجة لموافقة مجلس الشيوخ، فكل ما يخص إدارة البيت لأبيض ومستشاري ترامب هو قراره، إذ يشكلون فريقه الشخصي، ويحق له اختيار من يراه الأفضل لمساعدته في القيادة خلال السنوات الأربع المقبلة.
ملامح إدارة ترامب.. أسماء رسمية وأخرى تقترب أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بشكل رسمي عن أربعة أسماء رئيسية في إدارته المقبلة، مع زيادة حجم التكهنات حول المناصب الأكثر تأثيرا في الإدارة التي تتسلم مهام عملها رسميا بعد اليمين الدستورية في يناير المقبل.بين الرئيس والشيوخ.. قرار مشترك
ووفق بيانات موقع "تحديثات الانتقال الرئاسي"، يجب أن يبدأ تحديد المرشحين المحتملين للبيت الأبيض وقيادة الوكالات وكذلك بناء فرق الدعم الخاصة بهم في وقت مبكر جدا من العملية الانتقالية، الأمر الذي يستمر حتى السنة الأولى في المنصب.
وتختلف عملية تعيين الموظفين اختلافا كبيرا حسب مستوى ونوع التعيين. فالمواقع التي تتطلب موافقة مجلس الشيوخ لها خطوات إضافية كما يزداد احتمال التأخير.
يصف الخبراء العملية ككل بأنها مثل "خط الإنتاج" لأنها تتطلب تخطيطا وتفكيرا مسبقا لضمان ألا يؤدي أي خلل في أحد الترشيحات إلى إخراج العملية برمتها عن مسارها.
وينص بند التعيينات في الدستور الأميركي على أن الرئيس يرشّح، بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ، السفراء والوزراء والقناصل العموميين الآخرين وقضاة المحكمة العليا، وجميع المسؤولين الآخرين في الولايات المتحدة، الذين لم يتم النص على تعييناتهم في هذه الوثيقة (الدستور)، التي يحددها القانون.
وبعد إعلان الرئيس تعييناته وترشيحاته لمختلف المناصب يتم إرسال ذات القرار المشترك بينه وبين الشيوخ، للكونغرس، الذي يدرس ويحلل المسائل التشريعية لأعضاء مجلسيه (النواب والشيوخ)، كما ذكرت منظمة "ذا هيريتيج فاونديشن" للسياسات العامة، وفق هذه الطريقة:
أولا- يختار البيت الأبيض معينا محتملا ويرسل ترشيحا رسميا إلى مجلس الشيوخ.
ثانيا- يقرر مجلس الشيوخ ما إذا كان سيؤكد الترشيح أم لا.
ثالثا- يقدم الرئيس وثيقة موقعة للمرشح الناجح الذي يؤدي اليمين الدستورية، ويتولى سلطة تنفيذ واجبات المنصب.
داعمة ترامب ومرشحته في الأمم المتحدة.. من هي إيليس ستيفانيك؟ قبل عشر سنوات، دخلت الشابة الريفية والأصغر في تاريخ الكونغرس الأميركي إليز ستيفانيك إلى مجلس النوّاب، ولم تغادره حتى اللحظة، إذ كسبت كل الجولات الانتخابية الماضية، آخرها قبل أيام، حيث هزمت خصمتها الديمقراطية باولا كولينز، بحصولها على 62.3 في المئة من أصوات الناخبين في الدائرة الانتخابية للكونغرس "نيويورك 21".وحتى تاريخ إصدار تقرير المنظمة الأميركية (تم آخر تحديث له في سبتمبر 2024)، رفض مجلس الشيوخ 9 ترشيحات فقط لمناصب وزارية، أربعة منها قام بها الرئيس جون تايلر عامي 1843 و1844، بما في ذلك اختيارات لمنصب وزير الحرب ووزير الخزانة.
وفي عام 1834، أصبح الديمقراطي أندرو جاكسون أول رئيس يخسر معركة تأكيد رئيسية، حين رفض مجلس الشيوخ تعيينه أثناء العطلة لروجر تاني كوزير للخزانة.
كما رفض المجلس عام 1868ترشيح الديمقراطي أندرو جونسون لهنري ستانبيري كمدع عام، وكان الأخير يسعى لاستعادة المنصب بعد استقالته للدفاع عن جونسون في محاكمة عزله.
وخلال الأعوام المئة الماضية، رفض مجلس الشيوخ 3 ترشيحات جميعها من رؤساء جمهوريين، كانت الأولى عام 1925 حين اختار الرئيس كالفين كوليدج تشارلز وارن لمنصب المدعي العام، وفي 1959 حين اختار دوايت أيزنهاور لويس شتراوس لمنصب وزير التجارة، وفي 1989 حين اختار جورج دبليو بوش جون تاور لمنصب وزير الدفاع.
وتم سحب 13 ترشيحا وزاريا آخر من مجلس الشيوخ لأسباب محتلفة، كما شهدت ترشيحات بيل كلينتون في التسعينيات انسحاب 5، وانسحب 2 من مرشحي جورج دبليو بوش (الابن) في عامي 2001 و2004، ثم في 2009، انسحب 3 من مرشحي باراك أوباما.
اختارها ترامب لمنصب مهم.. من هي سوزي وايلز؟ اختار الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب الخميس رئيسة حملته الانتخابية سوزي وايلز لشغل منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض."بطء" باستثناء فترة أوباما
وتساهم عوامل عدة في حدوث تأخيرات خلال عملية التعيين النهائي، منها مدى جاهزية الرئيس لاتخاذ القرارات بشأن التعيينات والترشيحات للمناصب العليا في الدولة، بالإضافة لكفاءة عملية صنع القرار للتعيينات في جميع المستويات، وتوافر الموارد اللازمة للفحص في فرق التوظيف الرئاسي، ولجان مجلس الشيوخ.
وفي مارس 2012، أصدرت "لجنة معهد آسبن لإصلاح عملية تعيينات الرئيس" توصيات من الحزبين الجمهوي والديمقراطي مع أهداف ومعايير مقترحة لجعل العملية أكثر سلاسة ويُسراً، منها:
أولا- توظيف كامل طاقم العمل في البيت الأبيض بحلول يوم التنصيب (20 يناير 2025 في هذه الدورة الانتخابية)، لا سيما أن هذه المناصب لا تتطلب موافقة مجلس الشيوخ.
ثانيا- ملء أعلى 50 منصباً قيادياً في الوكالات بعد وقت قصير من التنصيب، و50 منصبا آخر بحلول نهاية أبريل، على أن يشمل ذلك جميع وزراء مجلس الوزراء ونوابهم وأعضاء فرق القيادة الرئيسية في معظم الوكالات الكبرى.
ثالثا- ملء 300 منصب رئيسي إضافي في الوكالات الفيدرالية بحلول عطلة الكونغرس في أغسطس، أي بعد حوالي 200 يوم من بدء عمل الإدارة.
لكن، وفق ما ذكر الموقع نفسه، لم تحقق أي إدارة جديدة هذه الأهداف الطموحة. إلا أن فترة الانتقال الرئاسي للرئيس باراك أوباما، تعتبر من أنجح الانتقالات الأخيرة، إذ حصل على 67 تأكيداً على ترشيحاته من مجلس الشيوخ بحلول اليوم 100 فقط على تولّيه المنصب، بينما ساد "البطء" بعملية الترشيح والتأكيد لرؤساء اخرين.
من التصويت إلى التنصيب.. مراحل عودة ترامب إلى البيت الأبيض من المقرر أن يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد هزيمة كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2024. ومع ذلك، لن يتم تنصيبه حتى 20 يناير 2025. فحص أمني وأخلاقيولتبسيط الإجراءات، فلنأخذ ترشيح ماركو روبيو لحقيبة الخارجية مثالاً، إذ يصل اسمه أولاً لمجلس الشيوخ، وتتسلم ملفه لجنة العلاقات الخارجية في المجلس، ومنه إلى مكتب التحقيق الفيدرالي (اف بي آي) الذي يجري فحصاً أمنياً، يليه فحص أخلاقي من قبل مكتب أخلاقيات الحكومة (أو جي إي)، وتتضمن هذه المراجعات التحقق من أي تضارب محتمل في المصالح أو قضايا أخلاقية.
وبعد ذلك، تُعقد جلسات استماع في لجنة خاصة داخل مجلس الشيوخ، يدلي فيها روبيو بشهادته ويجيب عن أسئلة أعضاء اللجنة، الذين يقيّمون مدى أهليته لشغل المنصب، وبعدها يتم التصويت مع أو ضد الموافقة على تعيينه.
يتطلب تأكيد الترشيح عادة أغلبية بسيطة (51 من أصل 100 سيناتور)، وإذا حصل تعادل، يحسم رئيس مجلس الشيوخ القرار.
إذا تمت الموافقة على روبيو من المجلس، تأتي الخطوة التالية وهي التعيين وأداء القسم، وإذا رُفض، يجب أن يقدم الرئيس مرشحاً آخر، لتبدأ العملية نفسها من جديد.
وتعكس هذه العملية الهيكل الدستوري لنظام الضوابط والتوازنات في الولايات المتحدة، إذ يتم فحص المرشحين المعينين من قبل الرئيس، من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية قبل توليهم المنصب.
ومع ذلك، فما دام الأمر برمّته تقريباً في مجلس الشيوخ، حيث شكّل الجمهوريون الأغلبية فيه خلال الانتخابات الأخيرة، وكذلك يسير الأمر على ما يبدو من النتائج حتى الآن في مجلس النواب، فهناك احتمال كبير أن تتم الموافقة على أغلب إن لم تكن كل التعيينات التي يقترحها دونالد ترامب بشكل سلس.
وكانت قناة "سي إن إن" وصفت في تقرير نشرته صباح الثلاثاء، أن ترامب يسير بترشيحاته على خطة فريقه الانتخابي وبشكل يوازي تماماً وعوده الانتخابية الصارمة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الرئیس الأمیرکی دونالد ترامب البیت الأبیض مجلس الشیوخ من قبل
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض: ترامب سيحظر تمويل وكالة الأونروا
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والدولية، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر وقف تمويل الولايات المتحدة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وجاء القرار ضمن توجه أوسع للإدارة الأمريكية آنذاك لإعادة النظر في سياساتها تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما اعتُبر جزءًا من استراتيجية الضغط على القيادة الفلسطينية لإجبارها على تقديم تنازلات سياسية.
خلفيات القرارمنذ وصوله إلى السلطة عام 2017، تبنّى ترامب سياسات حازمة تجاه القضية الفلسطينية، شملت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، إضافة إلى تقليص المساعدات المقدمة للفلسطينيين. وفي أغسطس 2018، أعلن البيت الأبيض رسميًا وقف تمويل الأونروا، متهمًا الوكالة بأنها "منظمة منحازة تُكرّس أزمة اللاجئين الفلسطينيين بدلًا من حلّها".
وفقًا للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية آنذاك، هيذر ناورت، فإن واشنطن "لن تموّل الأونروا بعد الآن بسبب نموذجها المالي غير المستدام وتحميلها المجتمع الدولي عبء اللاجئين الفلسطينيين لعقود دون إيجاد حلول دائمة".
ردود الفعل الدوليةأثار القرار ردود فعل متباينة على المستوى الدولي. فقد انتقدت الأمم المتحدة القرار، مشددة على أن الأونروا تقدم خدمات ضرورية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا. كما أعرب الاتحاد الأوروبي ودول عربية عدة عن قلقهم من تداعيات هذا القرار على الاستقرار الإقليمي والوضع الإنساني للفلسطينيين.
من جهته، وصف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس القرار بأنه "عدوان صارخ على حقوق اللاجئين"، مشددًا على أن "الولايات المتحدة لم تعد وسيطًا نزيهًا في عملية السلام".
تداعيات القرار على اللاجئين الفلسطينيينتعتمد الأونروا بشكل رئيسي على التمويل الدولي، وكانت الولايات المتحدة حتى عام 2018 أكبر مانح للوكالة، حيث قدمت نحو 365 مليون دولار سنويًا. ومع توقف هذا الدعم، واجهت الأونروا أزمة مالية خانقة أثرت على خدماتها الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والإغاثة الغذائية.
في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني شخص تحت الحصار الإسرائيلي، تسبّب نقص التمويل في تقليص الخدمات المقدمة في المدارس والمراكز الصحية، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية. كما أدى القرار إلى تسريح عدد كبير من الموظفين العاملين في الوكالة، مما أثار احتجاجات واسعة في المناطق التي تعتمد على خدماتها.
هل كان القرار جزءًا من "صفقة القرن"؟يرى محللون أن قطع التمويل عن الأونروا كان جزءًا من خطة إدارة ترامب المعروفة بـ"صفقة القرن"، التي هدفت إلى إعادة تشكيل معالم القضية الفلسطينية وفقًا لرؤية أمريكية - إسرائيلية. فقد سعت واشنطن إلى إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر تقويض الأونروا، وهو ما اعتُبر محاولة لإلغاء حق العودة، أحد أبرز القضايا العالقة في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
مع تغير الإدارة الامريكية وتولي الرئيس السابق جو بايدن السلطة، أعلنت واشنطن في 2021 استئناف تمويل الأونروا جزئيًا، في محاولة لإعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين. إلا أن الأونروا لا تزال تواجه تحديات مالية، وسط ضغوط إسرائيلية مستمرة لإنهاء عملها بحجة أنها تعيق جهود السلام.
في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، يبقى مصير الأونروا مرتبطًا بالتوازنات الدولية ومواقف القوى الكبرى، فيما يظل اللاجئون الفلسطينيون الحلقة الأضعف في هذا الصراع المستمر.
قرار ترامب بوقف تمويل الأونروا كان خطوة غير مسبوقة أدت إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، كما أثّر على التوازنات السياسية في المنطقة. وبينما تحاول الوكالة التكيف مع الواقع الجديد، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الأونروا من الصمود في وجه الضغوط، أم أن القضية الفلسطينية ستشهد تحولات جذرية في ظل المتغيرات الدولية؟