لجريدة عمان:
2025-03-18@05:11:17 GMT

رباعية القيادة العلمية .. من هنا نبدأ

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

إذا تابعنا التفاعل على حسابات شركة تيسلا موتورز على وسائل التواصل الاجتماعي، وقمنا بمقارنته مع الحراك على حساب إيلون ماسك -المؤسس المساعد لمصانع تيسلا، ومديرها التنفيذي- سنجد أن الجمهور يتفاعل مع قائد الابتكار بشكل مضاعف، وهي طبيعة البشر في كل مكان وزمان، فالمنتج النهائي للابتكار مهما بلغت عظمته إلا أن الاهتمام يتمحور دائمًا حول العقل المبتكر الذي أنتجه، والذي بوسعه أن ينتج ابتكارات أخرى عظيمة ومؤثرة، وهذا الذي جعل من موضوع القيادة والإدارة في العلوم حديث الساعة، ومحور النقاشات الفكرية والفلسفية، ولكن السؤال المهم هو من أين نبدأ في تسخير قوة العلم عبر القيادة الناجحة والمتمكنة؟

قبل ذلك كله، يشهد العالم تغييرات في قدرات التكنولوجيا متعددة الأبعاد، والتي تتمثل في الابتكارات التحويلية، والتقنيات المتقدمة، وبذلك أصبحت القطاعات العلمية والبحثية والابتكارية قطاعات اقتصادية في المقام الأول، وفضلًا عن ذلك، تحتاج هذه القطاعات للقدرات والكفاءات العلمية الضخمة، والاستثمارات الهائلة الموجهة في الإنفاق على البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار، وتعد مخرجات البحوث العلمية من أهم مدخلات صناعة القرارات وصياغة الخطط والسياسات، كما يتمتع المجتمع العلمي بمكانته المميزة مع مجموعة من الاختلافات، والقواسم المشتركة عبر السياقات التنظيمية الأكاديمية منها والصناعية، وفي ريادة الأعمال، وهذا بدوره يفرض ضرورة التركيز بشكل استراتيجي على الإدارة والقيادة العلمية، ورغم عدم وجود فوارق جوهرية في ملفات الإدارة، وموضوعات القيادة في جميع القطاعات، إلا أن القيادة العلمية لها مفاتيحها التي تتلاءم مع طبيعة المجتمع العلمي.

فإذا سألنا أنفسنا عن الصورة النمطية للباحث أو المبتكر، نجد أن الفكرة السائدة التي تعمّقت في أذهاننا هي تلك التي تصور عالمًا في المختبر، ويقوم بالتجارب بمفرده لتحقيق الاختراعات العلمية الخارقة، وهذا التأطير قد ظل عالقًا في التفكير المجتمعي والمؤسسي، ونتجت عنه ثقافة سادت الأوساط الأكاديمية والبحثية التي ظلت لعقود طويلة تنظر إلى الباحثين والمخترعين كأفراد مستقلين، وبأنهم يخوضون تجربة الاكتشافات العلمية وهم مدفوعون ذاتيًا وجوهريًا بالفضول العلمي، والطبيعة الواثقة والموجهة بالضمير نحو سبر أغوار المعرفة لصالح البشرية، وفي السياق نفسه، تبدو عملية إنتاج المعرفة وكأنها مسعى موضوعي خالٍ من العناصر الإنسانية والاجتماعية التي تتطلب الإدارة، وهذا التأطير هو الذي تسبب في تهميش محور الإدارة والقيادة العلمية، وقد بدأت الأوساط الفكرية والفلسفية مؤخرًا في التركيز على أهمية الإدارة في ممارسات المجتمع العلمي، وأن الإنتاج المعرفي يبدأ بإرساء القيادة العلمية.

فقد يكون من الصعب على فرق البحث العلمي الإلمام بجميع الأبعاد الاجتماعية والتنظيمية العديدة للإنتاج المعرفي، فجميع هذه الفرق تضم المختصين بالحقول المعرفية، وهم باحثون قضوا سنوات من حياتهم في دراسة التخصصات العلمية والحقول المعرفية ليصبحوا باحثين أكفاء وناجحين، ولكن قد تنقصهم المهارات الإدارية والقيادية، فإما أن تكون الدراسة لا تتضمن تخصصات فرعية في الإدارة، أو أن الدورات القصيرة في القيادة التي انضموا إليها تنطبق عليها المقولة الإدارية «ناقصة في أفضل الأحوال، وغائبة في أسوأ الأحوال»، وهذا ما يفرض أهمية اكتشاف وبناء مهارات القيادة والإدارة التي تناسب العمل المعرفي والتخصصي، وبذلك فإن المهارات المعرفية هي أولى رباعية القيادة العلمية.

وكما لا يمكن فصل العملية المعرفية عن الدوائر المؤسسية الأخرى، مثل القطاعات المانحة للتمويل، والقطاعات الإنتاجية، وعالم الأعمال، والمجتمع، فإن المهارات الاجتماعية تشكل أهمية بالغة مع طبيعة العمل البحثي والابتكاري المعقدة والإبداعية في آن واحد، إذ يشكل رأس المال الاجتماعي البعد الثاني من رباعية القيادة العلمية، وخاصة لكون عملية إدارة ممارسات المجتمع البحثي والابتكاري هي تفاعلية بين حاملي المعرفة، ومنتجي التقانة، والمستفيدين منها، والممولين لها، وطلبة العلم، مما يضع على القيادة العلمية أعباءً كثيرة مقارنةً بالقيادة الإدارية، ويستوجب إرساء نماذج الممارسات والقيادة التي تأخذ في الاعتبار خلق مناخات عمل تراعي أخلاقيات البحث العلمي والابتكار، وتزويد الباحثين والعلماء والمبتكرين بمهارات اتصال تمكنهم من نقل الأفكار المعقدة بفعالية إلى الفئات غير المتخصصة، وهي مهارة حيوية في عالم اليوم وللمستقبل، إذ يتوجب على المجتمع العلمي التواصل الفعال مع صناعي السياسات، ووسائل الإعلام، والمجتمع لتعزيز بناء الشراكات الاستراتيجية القادرة على استقطاب التمويل، وزيادة الوعي بالقضايا العلمية، وبناء الثقة بأهمية المعرفة والعلوم في معالجة التحديات المعقدة بصورة تتماشى مع القيم والاحتياجات المجتمعية، وإبراز دور المخرجات البحثية والمعرفية في دعم اتخاذ قرارات أكثر استنارة، وأكثر فاعلية على إحداث الأثر المنشود.

لقد أصبحت طبيعة البحث العلمي والابتكار أكثر تعددًا للتخصصات، وتكاملًا مع المؤسسات والقطاعات، مما يستوجب الفهم الواعي بأهمية المهارات التنفيذية التي تمثل البعد الثالث من رباعية القيادة العلمية، فبناء فرق التطوير التقني، وإدارة التمويل البحثي، وتتبع ديناميكيات المهام البحثية، والتقريب بين وجهات النظر والمهارات والخبرات المتنوعة، وتحري المرونة والكفاءة في التعامل مع تعقيدات التمويل، والامتثال للحوكمة المؤسسية هي في صميم تنفيذ المشروعات البحثية والابتكارية، ومع تنامي دور الباحثين والعلماء في دعم التوجهات الاستراتيجية بعيدة المدى، فقد أصبحت القيادة العلمية في أمس الحاجة إلى مهارات التفكير الاستراتيجي، وهنا يأتي البعد الاستراتيجي لتكتمل رباعية القيادة العلمية، إذ تعد العقلية الاستراتيجية ضرورية في دعم المبادرات التي لديها القدرة على تحويل المجالات العلمية إلى فرص اقتصادية واجتماعية، مع استشراف الاتجاهات المستقبلية، وتحديد فرص الابتكار، والمساهمة في تشكيل الأجندة العلمية.

إن القيادة العلمية الرصينة ليست مجرد إضافة اختيارية للعملية المعرفية، ولكنها عنصر أساسي في بلورة دور المجتمع العلمي في النمو الاقتصادي والاجتماعي، وتأصيل إنتاج المعرفة لكونه مسعى إنسانيًا عميقًا يبدأ بإرساء ركائز قيادية تتكامل فيها المهارات المعرفية، والذكاء الاجتماعي، وكفاءة العمل التنفيذي، والحس الاستراتيجي القادر على إتاحة مزيج فريد من الدقة المعرفية، والفكر الإبداعي، وروح التعاون والتكامل، حيث تتميز البيئة المهنية للعمل البحثي والابتكاري بكونها معقدة ومتعددة الأوجه ومتطلبة، من حيث ترسيخ الثقافة، وتنمية الباحثين للانتقال بسلاسة بين الأبعاد الاجتماعية والتنظيمية للممارسات العلمية بما يساهم في تعزيز جودة الإنتاج المعرفي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المجتمع العلمی البحث العلمی

إقرأ أيضاً:

خيول ياس.. «رباعية تاريخية» في «مضمار العين»

 
عصام السيد (العين)

أخبار ذات صلة «دولي الرياضات البحرية» يكرّم أبطال «أبوظبي للزوارق» «سالسبيري» يُتوج ببطولة خالد بن طناف الرمضانية


حققت خيول ياس للسباقات العائدة إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رباعية تاريخية في السباق الثاني عشر لمضمار نادي العين الذي أُقيم من ثمانية أشواط للخيول العربية الأصيلة، وجوائزه المالية نصف مليون درهم.
وجاء الفوز الأول حين حلق الجواد «رداد الوثبة» بإشراف أيريك ليمارتنيل، وقيادة جولس موبيان عالياً بسباق الافتتاح، وجاء فوز ابن «ثاقف»، على خصوم أقوياء، بعد تنافس مثير في الشوط الأول لمسافة 2000 متر، وسجل البطل زمناً قدره 2:18:19 دقيقة.
ومنحت المهرة «أسمهان» الثنائية لخيول ياس للسباقات، بإشراف ماجد الجهوري وقيادة سلفستر دي سوسا بانتزاع الشوط الثاني لمسافة 1800 متر، للخيول العربية المبتدئة في سن أربع سنوات، من رفيق إسطبلها «صافي» وسجلت ابنة «غزوان» 2:04:29 دقيقة.
وجاء الفوز الثالث لخيول ياس للسباقات عبر المهر «إيوان» بإشراف المدرب إبراهيم الحضرمي «ثنائية»، وقيادة كونور بيسلي في الشوط الخامس لمسافة 1600 متر للخيول العربية المبتدئة عمر أربع سنوات فما فوق «توليد الإمارات»، وقيمة جوائزه 40 ألف درهم، مسجلاً 1:51:90 دقيقة.
وجاء الفوز الرابع لخيول ياس، عبر الجواد القوي «فخر الوثبة» بإشراف إيريك ليمارتنيل، وقيادة جولس موبيان «ثنائية» في الشوط السادس لمسافة 1600 متر للخيول العربية المبتدئة عمر أربع سنوات فما فوق «توليد الإمارات»، وقيمة جوائزه 40 ألف درهم، وسجل البطل 1:51:37 دقيقة.
وخطفت الفرس «أيه جي أس نايفة» لمحمد سالم النقبي، بإشراف قيس عبود، وقيادة ريتشارد مولن، لقب الشوط الثالث لمسافة 1800 متر، للخيول العربية المبتدئة في سن أربع سنوات وقيمة جوائزه 70 ألف درهم، مسجلة 2:06:31 دقيقة.
وقلب الجواد «جوهر» للخيالة السلطانية العمانية، بإشراف إبراهيم الحضرمي، وقيادة حامد البوسعيدي التوقعات في الشوط الرابع لمسافة 1800 متر، والمخصص للخيول العربية «تكافؤ» في سن أربع سنوات وقيمة جوائزه المالية 70 ألف درهم، مسجلاً 2:05:31 دقيقة.
ومنح «التبر» لسعود عرار الظاهري، بقيادة حامد البوسعيدي، الثلاثية للمدرب إبراهيم الحضرمي بفوز فارق في الشوط السابع لمسافة 1600 متر للخيول عمر خمس سنوات فما فوق التي لم تحقق الفوز ثلاث مرات، وقيمة جوائزه 80 ألف درهم، مسجلاً 1:49:11 دقيقة.
وكان حُسن الختام الجواد «ربدان الحصن» للمالك والمدرب غدير عبدالله المنصوري، وقيادة سلفستر دي سوسا «ثنائية» بفوز كاسح بالشوط الثامن لمسافة 1000 متر والمخصص للخيول عمر أربع سنوات فما فوق «تكافؤ»، وقيمة جوائزه 70 ألف درهم، مسجلاً 1:06:82 دقيقة.
وتوج الفائزين سعيد المهيري، مدير إدارة الرياضة النوعية في مجلس أبوظبي الرياضي، كما شهد الحفل جمهور غفير من محبي وعشاق سباقات الخيول بمضمار العين.

مقالات مشابهة

  • حماس: الإدارة الأمريكية طرحت إطارا للاتفاق وهذا هو المطلوب الآن
  • «ريمونتادا» رائعة بـ «رباعية» أمام أتلتيكو مدريد.. إنه برشلونة!
  • الإدارة الأمريكية تتوعد بإستهداف السفن الإيرانية التي تحاول تقديم الدعم للحوثيين
  • الرئيس السيسي: المجتمع عانى 3 سنوات بعد المشاكل التي واجهت الشرطة في 2011
  • القيادة الإماراتية وترسيخ قيم عام المجتمع
  • وزير التعليم: مبادرة 1000 مدير مدرسة تمنح دبلومة فى القيادة التربوية والأمن القومي
  • "عُمان المعرفة" تتعاون مع "تكنو" لدعم 200 عائلة خلال رمضان
  • رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: البحث العلمي يمكنه حل مشكلات المجتمع
  •  الأمن يحذر من ظاهرة (النوم المؤقت) خلال القيادة!
  • خيول ياس.. «رباعية تاريخية» في «مضمار العين»