نساء أفغانستان.. عامان من الجحيم تحت حكم طالبان
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
مع حلول الذكرى الثانية لسيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان، تزداد حياة النساء هناك صعوبة، حيث أصبحن محرومات من أبسط حقوقهن، بدءاً من التعليم وانتهاء بحرية الرأي.
وسلطت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في تقرير لها الثلاثاء، الضوء على حياة الأفغانيات، ومعاناتهن، في ظل حكم طالبان، من خلال لقاءات مع عدد منهن في المجتمع الأفغاني للحديث عن حياتهن قبل صيف 2021، وبعده.
وأبدى عدد كبير من النساء في لقاءات منفردة أجرتها الشبكة الأمريكية الاستياء من الحياة في أفغانستان، بالقول، لا حق لنا في التعليم، قبل عامين من الآن، كنا نذهب إلى المدرسة، ونجلس مع صديقاتنا، اليوم نحن عاجزات عن عمل أي شيء، حتى الدراجة لا نستطيع ركوبها، ولا نستطيع كشف وجوهنا.
ويصادف الثلاثاء الذكرى السنوية الثانية لسقوط كابول في أيدي حركة طالبان، التي سيطرت على أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة الفوضوي والمثير للجدل من البلاد، بعد ما يقرب من 20 عاماً من القتال.وفي اليوم الذي يصادف الذكرى الثانية لسقوط أفغانستان، لم يتغير موقف كثير من الدول تجاه الاعتراف بحكم طالبان، لكن الحركة المتطرفة، تنظر إلى الأمر بمنظور آخر.
وأعلنت الحركة، على لسان المتحدث باسمها، أن اليوم الثلاثاء، يوم عطلة وطنية، "مليء بالشرف والاعتزاز بالنسبة للأفغان".
تحذيراتيحذر النشطاء من أن الأمور قد تزداد سوءاً في أفغانستان، مع اتجاه أنظار العالم إلى مناطق صراعات أخرى، وهذا يعني بالتأكيد نقصاناً في المساعدات، والضغط على الحركة المتطرفة لمنح النساء شيئاً من حقوقهن، ومساعدة ملايين الأفغانيين على محاربة الجفاف والجوع والمرض.
شطب لحقوق النساءمحبوبة سراج، وهي ناشطة حقوقية تدافع عن المرأة الأفغانية، ومرشحة لجائزة نوبل للسلام لعام 2023، تقول: "لم يعد هناك شيء مثل حرية المرأة، يتم محو النساء في أفغانستان ببطء من المجتمع، من الحياة، من كل شيء، يتم تجريدهن من آرائهن، وأصواتهن، وما يفكرن به".
عندما استولت حركة طالبان على السلطة مجدداً في عام 2021، قدمت نفسها في البداية على أنها نسخة أكثر اعتدالًا مقارنة بفترة حكمها للبلاد في التسعينيات، ووعدت بالسماح للنساء بمواصلة تعليمهن حتى المرحلة الجامعية.
لكن أياً من هذه الوعود لم ير النور، وبدلاً من ذلك، شددت قمعها للنساء بإجراءات صارمة، وأغلقت المدارس الثانوية للفتيات، ومنعت النساء من الالتحاق بالجامعة والعمل في المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك الأمم المتحدة، إضافة إلى تقييد سفرهن دون مرافق ذكر، ومنعهن من دخول الأماكن العامة كالمتنزهات والصالات الرياضية.
ويضيف التقرير، لم تعد المرأة في أفغانستان قادرة على العمل في معظم القطاعات، والشهر الماضي، ازدادت المعاناة عندما أغلقت طالبان جميع صالونات التجميل في البلاد، لتحرم ما يقرب من 60 ألف امرأة، هن المعيلات الوحيدات لأسرهن، من العمل في هذا المجال. إحدى الفتيات تقول، "أبلغ من العمر 20 عاماً، وقد حان الوقت لكي أدرس وأتعلم، لكن لا يسمح لي. أنا فقط في منزلي. أنا قلقة بشأن مستقبلي، وأخواتي، قلقة بشأن مستقبل جميع النساء في أفغانستان".
تلك الإجراءات حملت في طياتها مضاعفات أخرى، فإلى جانب الحرمان من التعليم، والكسب المالي، تسببت في تدهور الصحة العقلية لملايين النساء في أفغانستان. وأكدت تقارير مختلفة ارتفاع نسب الاكتئاب والانتحار، خاصة بين الفتيات المراهقات اللائي تم منعهن من متابعة التعليم.
وقال تقرير صادر عن الأمم المتحدة، إن ما يقرب من 8٪ من الأفغانيين يعرفون فتاة أو امرأة حاولت الانتحار. وأضاف التقرير، أن القيود والصعوبات الاقتصادية أدت أيضاً إلى زيادة العنف الأسري والزواج القسري للفتيات.
واعترف المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في أكثر من مناسبة، بأنه لا تزال هناك "مشكلة فيما يتعلق بتعليم الفتيات"، مدعياً أن الجماعة تريد "تمهيد الطريق للقواعد والأنظمة "الإسلامية" وتهيئة بيئة آمنة لتعليمهن". كما زعم أن "النساء يعملن بنشاط في أقسام الصحة والتعليم والشرطة ومكاتب الجوازات والمطارات، وما إلى ذلك".
لكن المنظمات غير الربحية والخبراء يقولون، إن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة، والفجوة الكبيرة واضحة بشكل خاص في قطاع الرعاية الصحية.
وبموجب قواعد طالبان، لا يمكن للمرأة الحصول على الرعاية الصحية إلا من النساء الأخريات، لكن الحظر المفروض على التعليم العالي للمرأة يعني أن جميع طالبات الطب لم يعدن قادرات على إنهاء دراستهن الجامعية، مما أدى إلى نقص في عدد الطبيبات والقابلات والممرضات اللاتي تشتد الحاجة إليهن.
مديرة جمعية قسم حقوق المرأة في "هيومن رايتس ووتش" هيذر بار، قالت في تصريحات صحافية، "يبدو أن قادة طالبان مرتاحون تماماً لفكرة أن النساء والفتيات يمُتن بالفعل بسبب نقص المتخصصين في الرعاية الصحية".
وأدان المجتمع الدولي على نطاق واسع معاملة طالبان للفتيات والنساء، وحثت هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المجموعة هذا الأسبوع على إدخال إصلاحات واحترام حريات المرأة.
لكن هذه الرسائل لم تفعل الكثير لفرض التغيير، وتلاشى الاهتمام العالمي إلى حد كبير، مما ترك العديد من الأفغان يشعرون بالغضب في ظل تخلي العالم عنهم.
وتراجعت المساعدات الإنسانية لأفغانستان في الأشهر الأخيرة، بعد حظر طالبان النساء من العمل في المنظمات غير الحكومية. واضطرت العديد من المنظمات، بما في ذلك الأمم المتحدة، إلى تعليق البرامج أو العمليات الهامة في البلاد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة طالبان أفغانستان فی أفغانستان النساء فی
إقرأ أيضاً:
ثلاث فتيات وامرأة غامضة.. ننشر الفصل الأول من رواية «البوشّيه»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق تنشر «البوابة نيوز» الفصل الأول من رواية «البوشّيه»، للكاتبة السعودية نوف أنور، والتي تصدر قريبا عن مؤسسة «الباشكاتب للسيناريو والنشر والسينما». وتتناول الرواية الواقعة في 140 صفحة تقريبا، بغلاف للفنان التشكيلي المصري محمد الشيمي، حكاية عن شبح امرأة غامضة يحيط بامرأة رقيقة -لكنها بائسة- تعافر من أجل إيجاد سلامها النفسي، في وقت تتعرض فيه لابتعاد الحبيب والغربة وخيانة أقرب صديقاتها. فيما تتشكل حولها حكاية صديقتي عمرها، واللتين لا تبدو حياتهما أفضل حالا.
يقول الناشر: في روايتها الأولى، تقدم نوف أنور قصة ثلاث فتيات تبدأ في أواخر التسعينيات من القرن العشرين، سحر وحصة وميسون، تربطهن صداقة قديمة بدأت منذ حرب الكويت واستمرت لسنوات مليئة بالتفاصيل والأسرار. سحر، التي تملك حدسًا قويًا، تعيش في فوضى بسبب امرأة غامضة تلاحقها، وتقلب حياتها إلى جحيم مليء بالألغاز. حصة تخفي سرًا كبيرًا يجعلها تبني عالماً من الأكاذيب، بينما ميسون، رغم حياتها الفوضوية وسعيها وراء الرفاهية، تمثل الأمان لصديقاتها.
ومع مرور الوقت، تتشابك أحداثهن، حيث تتداخل خيوط الخوف والحب والصراعات. مما يدفعهن لمواجهة تحديات قاسية، تكشف أسرارًا، وتغير مسار حياتهن إلى الأبد.
1
ارتفعت أصوات النساء بالأغاني والزغاريد، وهن يملأن المكان بالضجيج، تفرقن في ساحة منزل «بو علي» في مجموعات صغيرة يربطها الذهاب والمجيء والضحكات المرحة. يُزيدهن تألق تلك الأنوار التي تفترش النخيل، وأشجار اللوز. وتتلألأ على البيت أفواج من النساء، يلتحفن أجسادهن بـ«العباءة السوداء»، وهن في كامل زينتهن وأثوابهن المزرية بالخيوط الذهبية، والفتيات بأثواب النشل الملونة. بينما تفوح من المنزل رائحة الطيب من الدخون، والعود المخلوط برائحة المشموم، والياسمين والحناء.
امتلأ المكان بالأغطية المزخرفة بالزهور الملونة، وجلست صفوف من النساء بمواضع مختلفة بشكل منتظم، وخصص الوسط للرقص. وعلى الواجهة، كانت الجدران مغطاة بقماش أخضر من الزري، والأرائك الخضراء، وصينية دائرية تقليدية، مزينة بالمشموم والياسمين والنثور، ومعاصير الحنة الملفوفة بإحكام وتفوح منها الرائحة الخنينة.
كانت الفتيات قد صنعن دائرة حول المرأة العجوز التي ترسم الحناء ليُشاهدن الرسوم التي تُزيّن يد العروس، وتختلط أصواتهن ما بين الإعجاب والمطالبة بأن تكون كلٌ منهن هي التالية. وأخريات من النساء الكبار، الجالسات في وجود أم العروس وهي تتباهى بعطايا من سيصير في الليلة التالية زوج ابنتها. وطائفة ثالثة انهمكت في الغناء والرقص، صانعة أكبر قدر من الضجيج.
بكامل زينتها، كانت حصة تتوسط الجميع بجمالها الدافئ، ورغم رغبة والدتها الملحة بتغطية وجهها هذه الليلة -حتى لا يذهب نورها يوم زفافها- إلا إنها رفعت الغطاء عن وجهها، وسلّمت يديها الممتدتان للمرأة، لتقوم بنقشها بالأغصان المتفرعة بالأوراق والزهور.
كانت الفتيات يتراقصن بأثوابهن «النشل»، وشعور بعضهن مسدول على الأكتاف، وأخريات مجدلة ومزينة بالمشموم والريحان. وبالطبع لا تخلو أعناقهن وأياديهن من عقود الياسمين. إلا أن حرارة الجو زادت وجوههن احمرارًا ولمعانًا، وبالرغم من ذلك لم يمنعهن من التوقف عن الرقص، خاصة مع وجود فرقة «زبيدة» ودفوفها التي كانت تُلبي رغبة الفتيات بغناء أغاني سوق الكاسيت التي يرغبن بها، وفي الوقت نفسه، تُلبي رغبه الأمهات بالأغاني والأهازيج الشعبية.
وسط كل هذا كانت سحر جالسة في سكون، بدت كزهرة حائط وحيدة بجمالها اللافت رغم شحوب وجهها ونظراتها الشاردة، ترفض بلباقة كل محاولات الأخريات في جذبها نحو الدائرة الراقصة أو رسّمة الحناء، تدير عينيها في الحاضرات وتكتفي بهزة رأس بسيطة كلما قابلتها عين إحداهن، تتجنب النظر إلى النسوة الكبار ممن يرمقنها بنظرات هي مزيج بين الفضول والإشفاق، لأنها لم تتزوج بعد رغم حُسنها الواضح.
تعلم ما يُفكرن فيه، البعض يراها «منحوسة»، والأخرى «ممسوسة»؛ وغيرهن لقّبنها بـ «الحسناء التعيسة». تعرف هذا وتتجاهله، ولولا أن الليلة هي حناء «حصة»- أعز صديقاتها منذ الطفولة- لما غادرت منزلها لتصطدم بتلك الوجوه المُشفقة، فقط حصة هي الوحيدة القادرة على إخراجها من العُزلة مهما عبست أيامها أو انشغل ذهنها.
"ألا زلتِ تحلمين بتلك المرأة؟
قطع السؤال أفكارها، فرفعت رأسها لتجد حصة واقفة أمامها. تأملتها فوجدتها بارعة الحسن كما اعتدن أن يظهرن، أمسكت بيدها وتأملت الرسم في إعجاب، وجذبتها لتجلس بجوارها وأشارت حولهن..
-الجميع سعداء من أجلك، وأنا أولهّن.
=لا تتجاهلي ما أقول.. سألتك عن تلك المرأة. أهي سبب شرودك وقت زفافي؟
-لا شيء يؤخرني عنك.
=إذن.. احك لي.
-اليوم؟! يا لك من مجنونة يا فتاة!!
=هو اليوم نفسه الذين تكتفين فيه بالجلوس كنبات الزينة. دون أن تُشاركيني الرقص، أو تمتد يد العجوز على يدك المرمرية لتصنع لوحة تُزيد من فتنتك. احك لي، فربما يُذهب الحديث ثِقَل ذهنك، وتشاركيني فرحتي.
شعرت سحر بالخجل من قولها، لكنها أقرت في نفسها بأن ما تقوله صحيح. حصة هي الوحيدة التي لا تصف هواجسها وأحلامها بالجنون. منذ حكت لها عن تلك المرأة الغامضة التي تشاهدها منذ شهور وتستحوذ على أحلامها وخيالات اليقظة.
- تطاردني دومًا.. هي نفسها، بعباءتها السوداء الطويلة، وغطاء وجهها الذي لا يبدو منه سوى عينين فاتنتين. تثير الرعب فيَّ بنظرتها الثاقبة. ثم سُرعان ما تختفي. أراها في كل موضع، وتذوب مع فزعي.
= وتكتفي بالصمت؟
- ليس اليوم، ربما هذا ما جعلني أبدو في هذا الارتباك.
= لِمَ؟ ماذا حدث؟
- فيما بعد، لا أريد أن أبدو كطائر شؤم في يوم عرسك، دعينا نعود إلى النساء ثم أستكمل الحكي في يوم آخر.
= سأنشغل كثيرًا في الأيام المُقبلة.
- يا حبيبتي، أسعد الله وقتك وحفظ سرك، لا يوجد لديَّ أكثر من الوقت، ولا توجد حكاية أخرى تؤرق مضجعي. لا تهتمي، فسوف أنتظر.
تبادلتا الابتسام، وقامت أم العروس وأمسكت بيدها، تصاعدت الزغاريد، وارتفعت أصوات النساء بالغناء وكأن طاقتهن تضاعفت مع مشاركة سحر التي طافت ترقص حول حصة، ورسمت على وجهها ابتسامة لتُخفي توترها الزائد من تلك المرأة التي لا تنفك عن مطاردة ذهنها.
"قلت أوقفي لي وارفعي البوشيه... خليني أروي ضامر العطشاني
شفت الجدايل وأحسبك رومية.. ثاري الزلوق مقرضة ياخواني
الخد ياضي لي برق وسميه.. والعين تشبه ساعة الربان"..
لم تقاوم النساء الرقص على هذه الأغنية رقصة «الخماري»، فالفتيات وضعن الأكمام الواسعة لثوب النشل على الرأس، والنساء استعّن بالبوشيه لتغطية جزء من وجوههن؛ وبدأن يتمايلن بأجسادهن جانبًا بهدوء وبعدت خطوات إلى الوراء.
صنعت مع الفتيات دائرة كبيرة، توسطها العروس والمرأة العجوز، التي ما انفكت تصيح مُباركة العروس بكلمات لم تتبين أكثرها. أصرت العروس على والدتها أن ترقص لأنها تعرف أن والدتها تتقن «الخماري»، لكنها كانت تخشى من أحاديث النساء، فعادة أم العروس لا ترقص وتكون أقرب إلى الرصانة والثقل؛ إلا أن حصة أصرت قائلة «الزمن تغير يما»، بينما قامت سحر لتمسك بيدها وترقصان سويًا.
بعد قليل، اندمجت سحر مع الفتيات، وبدأت صورة المرأة تنزاح عن ذهنها فشعرت أنها أكثر حيوية، خرجت من الدائرة وأمسكت بيد والدة حصة واندمجتا في الرقص، حركت جسدها أكثر فزاد انطلاقها، بدأت تدور حول نفسها في مرح.
فجأة شعرت وكأن كل ما حولها اختفى، بدأت الدنيا في الإظلام لكنها لم تستطع أن توقف جسدها عن الدوران، بدت الأصوات من حلوها كأنها تأتي من بئر سحيقة، فارتجف جسدها بقوة لكنها لم تتوقف.
ثم ظهرت المرأة..
بدت تمامًا كما تراها من بعيد، عباءتها السوداء الطويلة والغطاء الشفاف الذي لا تُدرك ماهيته بينما عيناها لمعان من خلف الغطاء اقتربت منها المرأة فارتعبت وحاولت الصراخ لكنها لم تستطع، بدت في عيناها اللامعتين جذبة غريبة، أطبقت فمها وهي تتساءل كيف تراها في كل الاتجاهات رغم دوران جسدها.
شعرت بيد ثقيلة توضع على كتفها والأضواء تعود إلى بصرها شيئًا فشيء، انتفض جسدها وهي تسمع همسات تتعالى باسمها لتجد حصة أمامها ترمقها بنظرة قلقة، انتفضت مرة أخرى ثم أطلقت صرخة عالية وسقطت فاقدة الوعي.
«لم أشعر بنفسي إلا والنساء يُحطن بي وهن فزعات، كانت حصة أكثرهن فزعًا، لمحت في عينيها الخوف واللهفة لا الضيق والغضب رغم أني- بشكل ما- أفسدت ليلتها الجميلة. تلفت حولي لأجدنني مُستلقية على الأريكة وقد ابتل وجهي وغرق أنفي في مزيج من العطور استُخدمت لإفاقتي، نهضت مُرتبكة بعد تلك الفوضى التي أثرتها وشكرت حصة وكررت أسفي عشرات المرات قبل أن أستقل سيارتي وأغادر. أعلم أنها ليست غاضبة، فنحن أصدقاء منذ كنا في الثانية عشرة من عمرنا، لكني لا أستطيع منع نفسي من الضيق والخجل؛ ولا أستطيع كذلك أن أمحو من ذهني تلك المرأة الغامضة».