عادل بن رمضان مستهيل

adel.ramadan@outlook.com

 

 

استضافت مكتبة دار الكتاب العامة بقاعة الأستاذ عبد القادر الغساني في صلالة الأسبوع الماضي ندوة ثقافية بعنوان "قراءة في كتاب ديوان شعر المقود: الموروث الشعري الزراعي في ظفار". نظمت الندوة بالتعاون بين المكتبة والجمعية العمانية للكتاب والأدباء - فرع محافظة ظفار، وقدمها الباحث حامد بن جمعان باوزير، بحضور لافت من المهتمين بدراسة التاريخ والموروث الشعبي.

سلطت الندوة الضوء على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظفار قبل عام 1970م، حيث كان الاعتماد الأساسي على الزراعة، ما ساهم في تحقيق اكتفاء ذاتي وأمان غذائي لأهالي المنطقة. وأبرزت النقاشات أهمية "الموروث الشعري الزراعي" الذي يوثق جانبًا مهمًا من تلك الحقبة.

الفندال (البطاطا الحلوة): سلاح ظفار في وجه المجاعة

تناولت الجلسة قصة الفندال- الاسم المحلي للبطاطا الحلوة- التي لعبت دورًا حيويًا في مقاومة المجاعة التي اجتاحت الخليج العربي خلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945). وسرد الدكتور سالم بن عقيل مقيبل كيف أصبح الفندال غذاءً رئيسيًا وملاذًا لسكان ظفار؛ حيث ساعدهم على الصمود في مواجهة نقص الإمدادات الغذائية.

مبادرة السلطان سعيد بن تيمور لتعزيز الأمن الغذائي

لأهمية الفندال الغذائية ودوره الحيوي، وجّه السلطان سعيد بن تيمور في آواخر ثلاثينيات القرن العشرين إلى استقدام صنف جديد يعرف بـ"الفندال الأحمر" من الهند، وطلب من الشيخ هاشل المسكري تزويده ببعض شتلات الموز من زنجبار لزراعتها في مزرعة المعمورة. وقد تميز هذا الفندال الأحمر الهندي بقصر فترة زراعته، التي لم تتجاوز ثلاثة أشهر، مما جعله حلًا سريعًا لمواجهة الأزمات الغذائية، فقد أسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي في وقت كانت فيه المنطقة تعاني من شح الإمدادات الغذائية. استجاب مزارعو ظفار لهذه المبادرة وبدأوا بزراعة الفندال الأحمر، الذي أصبح جزءًا من النظام الغذائي اليومي للسكان.

الفندال: رمز للصمود والأمن الغذائي في الأزمات

الفندال أو الهندال أو البطاطا الحلوة ( البطاطا السكرية) أو القلقاس الهندي أو الدَّمْدَامة (الاسم العلمي: Ipomoea batatas) وهو نباتي من ذوات الفلقتين تحت الفصيلة المحمودية. وثمرتها كبير نشوية، حلوة المذاق وتؤكل أوراقها أحيانًا. يرجع أصلها إلى المناطق الاستوائية في أمريكا. تحتوي على ما يقرب من 50 جنسًا وأكثر من ألف نوع.

 

ويُعد الفندال جزءًا من التراث الزراعي في ظفار، فهو محصول مقاوم للظروف القاسية ويمكن زراعته في الأراضي الجافة، مما يجعله مثاليًا للبيئة المناخية في المنطقة. في فترة الحرب العالمية الثانية، ارتفعت أسعار الغذاء وتعثرت سلاسل التوريد، وأصبح الفندال المصدر الغذائي الأساسي الذي لبى احتياجات السكان، بفضل قيمته الغذائية العالية وقدرته على إمداد الجسم بالطاقة. ساهم هذا المحصول في شعور الناس بالشبع، وكان له دور حاسم في استقرار صحتهم ومقاومتهم للأزمات الغذائية.

ظفار: نموذج للتكافل والتعاون في الأزمات

أثبتت ظفار قدرتها على تجاوز المجاعة التي اجتاحت المنطقة خلال الحرب العالمية الثانية، والتي أدت إلى توقف الملاحة البحرية في المحيط الهندي و بحر العرب ، وتوقف عمليات الاستيراد والتصدير في موانئ الخليج العربي بسبب الحرب العالمية الثانية، و بفضل الاعتماد على المحاصيل المحلية مثل الفندال، الذي أسهم في تحقيق الأمن الغذائي والتماسك المجتمعي. وقد دفع توفر الفندال بعض السكان إلى الانتقال من المناطق الجبلية والبادية إلى المناطق القريبة من المزارع، حيث زادت زراعته وزيادة المحصول، وساهم في ضمان إمدادات غذائية مستمرة لجميع السكان.

وهذا التماسك الاجتماعي الذي ظهر في تلك الحقبة يعكس أهمية الأمن الغذائي في تحقيق الاستقرار المجتمعي، حيث لم تسجل أي حالات وفاة بسبب الجوع في ظفار خلال هذه الأزمة، بفضل التعاون والتكافل بين السكان. وقد سجل التاريخ تجربة ظفار كنموذج يحتذى به لمواجهة المجاعة وتعزيز الاكتفاء الذاتي.

وفي الختام إننا لنشيد بالاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بالأمن الغذائي في بلادنا، وذلك من خلال توجيهات جلالته السديدة نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي وتطوير القطاع الزراعي والموارد الطبيعية. ويأتي هذا الاهتمام السامي امتدادًا لحرص جلالته على دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق استدامة الموارد، بما يضمن استقرار المجتمع العماني وازدهاره، ومواكبة مُستهدفات رؤية "عُمان 2040" التي تسعى إلى بناء مستقبل غذائي آمن ومُستدام لعُمان.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أهلي صنعاء يجري وحدة تدريبية استعدادا لمواجهة ظفار

 

 

ا/ الدوحة/جمال الخولاني

 

نفذ الجهاز الفني لأهلي صنعاء مساء أمس وحدة تدريبية على إحدى ملاعب الجامعة في العاصمة القطرية الدوحة ضمن المعسكر التحضيري للقاء ظفار العماني في إطار الجولة الثالثة من ذهاب دوري أبطال الخليج للأندية.

وركزت الوحدة التدريبية على الجري حول الملعب والإطالة واللعب في مربعات، قبل تنفيذ عدد من الجمل التكتيكية وتطبيقها والتسديد على المرمى.

ومن المقرر أن يستمر المعسكر حتى تاريخ 24 نوفمبر الجاري قبل الذهاب لمدينة صلالة العمانية لخوض اللقاء في 27 من الشهر ذاته، ثم اللعب مع نفس الفريق في مرحلة الإياب يوم 3 ديسمبر المقبل في استاد الدحيل بقطر.

مقالات مشابهة

  • تقرير أممي: الأسواق الغذائية في غزة "في حالة تدهور" مع احتمالية المجاعة
  • الأمم المتحدة: «انعدام كارثي» للأمن الغذائي في شمال غزة
  • مايكروسوفت تزود خدمة أمان AccountGuard للدول الأفريقية
  • “غذاء مثالي” يساعد على تقليل الكوليسترول الضار عند تناوله يوميا
  • الفاو: انهيار الأنظمة الغذائية الزراعية في غزة
  • أهلي صنعاء يجري وحدة تدريبية استعدادا لمواجهة ظفار
  • ما الذي نعرفه عن المقاتلات الأمريكية التي تقصف الحوثيين لأول مرة؟
  • "عشان تكون في أمان".. كل ما تريد معرفته عن لقاح الأنفلونزا الموسمية
  • رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي: أخاطبكم باسم لبنان للتعبير عن هول الكارثة التي نعيشها هذه الأيام جراء العدوان الإسرائيلي الذي نشر الموت والدمار في انتهاك صارخ للقانون الدولي