جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-21@13:48:02 GMT

"لا جديد يذكر ولا قديم يُعاد"

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

'لا جديد يذكر ولا قديم يُعاد'

 

علي بن سالم كفيتان

كم هو مؤلم أن ترى مساحة شاسعة من الخذلان تحوم في سماواتنا وتسكن أراضينا وتستوطن نفوسنا المثخنة بالجراح والألم، لا أدري كيف تسلل أمل شاحب إلى خاطري بعد رؤية الأخبار تتوالى على منصات التواصل الاجتماعي عن عقد قمة عربية إسلامية لمُناقشة ما حلَّ بنا من ضعف وهوان في نصرة شعب صابر محتسب يتجرع ويلات الحرب الدمار والتنكيل، من عدو لا يعرف الرحمة.

حاولت أن أتابع افتتاح القمة فتبدد كل ما كنت آمله من مواقف، رغم أنني كنت أتوقع ما رأيته، لكن قلت عسى أن يصحو الضمير ولو لوهلة، وينتفض القادة ويهبُّوا لقطع كل وصل مع الصهاينة المعتدين وإنزال راياتهم التي ترفرف في عواصم عربية وإسلامية، فما جدوى العلاقات مع هذا الكيان الغاصب، إذا لم يستطع أصحابها كبح جماع الدم المراق في فلسطين ولبنان؟ ويؤسفني كثيرا الاستماع لكلمات القادة وهم يتوسلون الحلول على الرغم من أنهم يملكونها فماذا تبقي ليقال غير لا جديد يذكر ولا قديم يُعاد.       

ماذا كان سيحدث لو خرجت القمة بقطع كل العلاقات مع الصهاينة وإغلاق سفاراتهم في الدول العربية والإسلامية؟ وماذا كان سيحدث لو فتحت الحدود مع فلسطين لإدخال الإغاثة من جانب دول الجوار مع فلسطين المحتلة؟ وليقصف الكيان قوافل الإغاثة القادمة من الأردن وسوريا ومصر ولبنان أمام العالم، على الأقل سنشعر أننا حاولنا الدخول، ومارسنا نوعًا من التضحيات الرمزية البسيطة، مقابل المواقف الجسام التي يجسدها الشعب الفلسطيني المنكوب كل يوم. ولماذا نحن عاجزون عن ذلك؟ ربما الأنظمة لها تبريراتها، فأين الشعوب التي كان أحرى بها أن تندفع إلى الحدود وتهب لنصرة هذا الشعب المظلوم؟

لا أجد أجوبة للأسف، وفي كل ليلة أسكن فيها إلى سريري وأغمض عيني، أرى دماء الأطفال وأشلاء الجرحى وهول الدمار يلاحقني؛ فانتفض وأجلس مع نفسي في هذا الليل البهيم الخانع. كيف لنا أن نهنأ بنوم ونتلذذ بأكل بينما إخواننا يعذبون؟ وما الذي تبقى من العروبة والإسلام ليحكى في قمة القادة التي نفضت غبارها بكلمات واهية وجمل تعبر عن الشعور بالأسف والشجب والتنديد.       

قلت في نفسي لو اتخذ القادة قرارًا حاسمًا بالدخول الجماعي إلى غزة عبر معبر رفح، هل سيجرؤ الكيان الصهيوني على قتل رؤساء 57 دولة إسلامية وعربية؟ ولو حدث ذلك لكان أفضل مما خرجوا به من توصيات يطالبون من خلالها الغرب الظالم وأمريكا التي تقود هذا العدوان من البيت الأبيض بالمال والسلاح، بوقف الحرب. سيقول لي البعض إن هذا حديث عاطفي، وإن إدارة الشعوب ودواليب السياسة تعتمد على الرؤية العقلانية للصراع. ومبدأ السلام الذي أصبحنا نؤمن به وندعو له بات مرفوضًا من الكيان الصهيوني والغرب والولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن تبدد حل الدولتين الذي أخرجه اتفاق أوسلو المشؤوم وبات التنكيل والقتل هما الصفة الشائعة في الأراضي الفلسطينية.   

جر القادة توصياتهم المكررة الى دواليب وزراء خارجيتهم وكلفوهم كالعادة بمتابعة الأمر حتى القمة القادمة بعد عام، ويحسبون أنهم بهذا الإجراء الشكلي يرضون شعوبهم المقهورة وأمتهم المكلومة.

اتصل بي في وقت متأخر من ليلة القمة رجل عزيز من قُطر عربي بعيد، وقال لي ما عساك ستكتب غدًا؟ قلت له سأعبر عن سخطي كالعادة كما يفعل الرؤساء، وسأشجب وأستنكر ما أراه، ولا أدرى إن كان أحد سيقرأ عمودي لهذا الأسبوع أم سيعدونه ضمن توصيات القادة؛ فالأقلام باتت رهين الحدث، وكلٌ يُعظم موقف حاكمه؛ ابتداءً من هيبته وحضوره اللافت وحتى كلمته التي أربكت العالم وأعادت العدو الى خط الرابع من يونيو 1967، ومنحتنا القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين المحتلة، وهي أسطوانة دأب على ترديدها كل المتحدثين في كلماتهم. ولا أدرى ما الجدوى منها، مع رفض الكيان الاعتراف بحل الدولتين، وماذا كان يُضيرهم لو تركوها وبدلًا عنها قالوا فلسطين دولة موحدة من البحر إلى النهر وعاصمتها القدس الشريف كنوع من التصعيد الكلامي على الأقل.

الحقيقة الوحيدة الماثلة أمامنا اليوم أن المقاومة الفلسطينية بقيادة ثلة من المجاهدين الصابرين المحتسبين تحقق نصرًا على الأرض رغم الدمار والقتل، وأنَّ الكيان الصهيوني بات يترنح من جبهة إلى أخرى، وأصبحت تنخره سوسة الهزيمة، من إقالة وزرائه في وسط المعركة والاتهامات الداخلية بالخيانة والعمالة والاختراقات الأمنية والعسكرية لمنظومته الهشة من قبل قوى المقاومة، في الوقت الذي أدركت فيه أمريكا والغرب- أكثر من أي وقت مضى- أن الكيان الصهيوني أصبح معول هدم لحضارتهم، وعبئًا ثقيلًا عليهم أمام البشرية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

NYT: الزعماء العرب بدأوا التفكير في حلول لغزة بعد الكشف عن خطة ترامب

بعد أن صدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم العربي الشهر الماضي باقتراحه طرد سكان قاطع غزة بالكامل من المنطقة، أعاد مساعدوه صياغة الفكرة باعتبارها دعوة لقادة الشرق الأوسط: "إما أن يأتوا بخطة أفضل، أو يفعلوا ذلك على طريقتنا".

وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الأسبوع الماضي: "تقول كل هذه الدول كم تهتم بالفلسطينيين.. إذا كانت الدول العربية لديها خطة أفضل، فهذا أمر رائع".

وجاء في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أن حكومات العديد من الدول العربية تحاول والآن أن تفعل ذلك بالضبط، ووفقا لدبلوماسيين ومسؤولين مطلعين على هذا المسعى، فإن ممثلي مصر والأردن والسعودية وقطر والإمارات ينسقون بهدوء لتشكيل رؤية بديلة لغزة، حيث تساعد الدول العربية في تمويل وإعادة إعمار غزة، مع إبقاء سكانها في أماكنهم والحفاظ على إمكانية قيام دولة فلسطينية.


وأضاف التقرير أنه "من المقرر أن يستكمل مبعوثون من الدول الخمس التفاصيل يوم الجمعة في السعودية، ثم مرة أخرى في قمة أكبر في الرابع من آذار/ مارس في القاهرة، وفي هذه الاجتماعات، من المرجح أن تقترح مصر تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين وقادة المجتمع، غير المنتمين جميعا إلى حماس، والذين يمكنهم إدارة غزة بعد الحرب.

وجاء ذلك وفقا لدبلوماسيين عرب ومسؤول غربي كبير والسيناتور الديمقراطي كريس فان هولن، الذي قال إنه تحدث خلال الأسبوع الماضي مع وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن حول الاقتراح المتطور.

وقال فان هولين: "إن الكثير من التركيز سيكون على الإثبات لترامب والآخرين أن هناك خطة قابلة للتطبيق لإعادة البناء، وسوف نستثمر الموارد هناك".

وأضاف أن "وجهة نظرهم هي أن ترامب رجل عقارات، لقد تحدث عن إعادة تطوير غزة، وهم يريدون وضع خطة قابلة للتطبيق تظهر لترامب أنه يمكنك إعادة بناء غزة وتوفير مستقبل لمليوني فلسطيني"، دون إجبارهم على مغادرة المنطقة.

في حين قد يتم تقديم الأفكار كبديل جديد، إلا أنها ليست جديدة، ولأشهر سابقة روجت مصر لفكرة لجنة تكنوقراطية واستضافت زعماء فلسطينيين في القاهرة لمناقشة الفكرة. 

وبذات السياق، دعا القادة العرب طوال عقود إلى إنشاء دولة فلسطينية تشمل غزة، وحتى حكومة الاحتلال أشارت بشكل خاص لأكثر من عام إلى أنها منفتحة على قيام القادة العرب بدور إشرافي في غزة بعد الحرب.

وأكد التقرير أن "التحدي هو أن العقبات التي تعترض هذه الأفكار قديمة قدم الأفكار نفسها، بينما يعارض القادة الإسرائيليون خطط ما بعد الحرب التي من شأنها أن تمهد الطريق للسيادة الفلسطينية، ولكن الزعماء العرب لن يدعموا إلا الإطار الذي يفتح الطريق، على الأقل اسميا، نحو إقامة الدولة الفلسطينية".


وأوضح أن الزعماء العرب "يريدون مباركة السلطة الفلسطينية، الهيئة المعترف بها دوليا والتي أدارت غزة حتى استولت حماس على السيطرة على المنطقة قبل ما يقرب من عقدين من الزمان، لكن رئيس السلطة محمود عباس بدا حذرا من هيكل الحكم بعد الحرب الذي لا يمنحه بشكل لا لبس فيه السيطرة الكاملة على المنطقة - وهو الموقف الذي يضعه على خلاف مع لجنة تكنوقراطية".

ونقل التقرير عن مسؤولي حماس قولهم إنهم "على استعداد للتنازل عن السيطرة على الشؤون المدنية لمثل هذه الهيئة، لكنهم رفضوا حل جناحهم العسكري، وهو موقف غير مقبول لكل من إسرائيل و ترامب، اللذان يسعيان إلى نزع سلاح حماس بالكامل".

وقال إبراهيم دلالشة، مدير مركز الأفق، وهي مجموعة بحثية سياسية في رام الله بالضفة الغربية: إن "التحدي الأكبر الذي يواجهه القادة العرب هو تقديم خطة واقعية يمكن فرضها على الفصائل الفلسطينية بالإضافة إلى كونها مقبولة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل. ستكون عملية معقدة للغاية".

ومن بين أوجه عدم اليقين من سيعهد إليه القادة العرب بتأمين غزة ومنع حماس من مهاجمة "إسرائيل"، ويريد المسؤولون الإسرائيليون أيضا أن يتمتع جيش الاحتلال بحرية العمليات في غزة على المدى الطويل، ولكن هذا الترتيب سيكون من الصعب على القيادة العربية دعمه علنا. 

ويأمل البعض أن توفر مصر ودول الخليج قواتها الخاصة، في الشهر الماضي، سمحت مصر لشركة أمنية مصرية خاصة بالمساعدة في إدارة نقطة تفتيش داخل غزة - وهو الترتيب الذي اعتبره بعض الدبلوماسيين والمحللين نموذجا أوليا لعملية أوسع نطاقا، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان القادة العرب مستعدين لإرسال قوة أكبر لتأمين منطقة أوسع، ومن غير المرجح أن تقبل حماس هذا التدخل.

وقال أسامة حمدان، أحد كبار مسؤولي حماس، خلال مؤتمر في قطر في نهاية الأسبوع الماضي: "من يريد أن يحل محل إسرائيل فسوف يعامل مثل إسرائيل".

ويتركز العنصر الأكثر ثباتا في الخطة المصرية على إعادة بناء غزة مع إبقاء الفلسطينيين داخل القطاع بدلا من إجبارهم على الخروج إلى مصر والأردن، كما اقترح  ترامب.

وحدد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي الاقتراح بخطوط عريضة في اجتماعات يوم الأحد مع رونالد لودر، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، وولي العهد الأردني الأمير حسين. 


وناقش السيسي مع الأمير الأردني "ضرورة البدء فورا في إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الفلسطينيين من أرضهم"، بحسب بيان صادر عن الرئاسة المصرية، إلا أن تفاصيل الخطة لا تزال غير واضحة.

وقال سمير فرج، وهو جنرال عسكري مصري متقاعد، في مقابلة إن مصر ستدعو مجموعة من الشركات، المحلية والدولية، لإعادة إعمار غزة على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.

وأضاففرج، وهو قريب من المسؤولين المصريين، إن المرحلة الأولى من زيادة المساعدات الإنسانية لغزة وإزالة الأنقاض ستتبعها بناء المستشفيات والمدارس والبنية الأساسية الأخرى،  ولا يزال السؤال حول من سيدفع ثمن ذلك دون إجابة، بحسب ما نقل التقرير.

وقال  فرج إن مصر ستدعو الدول العربية الأخرى إلى المساهمة بأموال إعادة الإعمار في مؤتمر قادم.

ولكن حتى توقيت مثل هذه القمم كان موضوع ارتباك. فقد دعت مصر في الأصل الزعماء العرب إلى قمة "طارئة" في 27 شباط/ فبراير، ومن ثم تأجلت القمة لمدة أسبوع.

مقالات مشابهة

  • القادة العرب يستعدون لطرح اقتراح حول غزة بمقابل خطة الريفييرا لترامب
  • NYT: الزعماء العرب بدأوا التفكير في حلول لغزة بعد الكشف عن خطة ترامب
  • مستقبل الكيان الكردي في سوريا الجديدة
  • غضب داخل الكيان بعد تسلم جثامين الأسرى الصهاينة
  • الممر السري لتهريب المخدرات بين المغرب وسبتة شُق على أساسات نفق عسكري إسباني قديم (إعلام)
  • حماس ترد على شروط الكيان بنزع سلاحها وإبعادها عن غزة
  • القادة العرب وتأجيل القمة الطارئة.. هل هو الفشل بالتعامل مع ترانسفير ترامب؟
  • وزيرة دفاع نيوزيلندا للجزيرة نت: نحتاج إلى زيادة إنفاقنا الدفاعي وأميركا حليف قديم
  • عماد الدين حسين: القمة العربية رسالة حاسمة للعالم عن قضية فلسطين
  • بشأن فلسطين.. مصر تستضيف القمة العربية الطارئة 4 مارس المقبل