ما سر أهميته؟ تنافس محموم على البحر الأسود مع استمرار الحرب
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
تصدر أوكرانيا جُل إنتاجها من الحبوب من ميناء أوديسا المطل على البحر الأسود
منذ انتهاء سريان اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا، أقدم البلدان على تبادل الهجمات على السفن التجاريةالتابعة لهما في البحر الأسود. إذ منذ تعليق الاتفاقية في منتصف يوليو/ تموز الماضي، قصفت روسيا الموانئ الأوكرانية بشكل متكرر مع تهديد سفن الشحن.
في المقابل، أعلنت أوكرانيا أن ستة موانئ روسية مطلة على البحر الأسود تقع في "منطقة خطر الحرب" مع تهديد بشن هجمات انتقامية على ناقلات الشحن ومنشآت الموانئ.
الجدير بالذكر أن البحر الأسود يتمتع بأهمية استراتيجية واقتصادية هائلة لكل من روسيا وأوكرانيا، لكن الدول الأخرى المطلة عليه لا سيما دول الناتو: تركيا وبلغاريا ورومانيا، لديها هي أيضا مصالح حيوية في البحر الأسود.
ومنذ أيام الإمبراطورية الروسية وحتى الحقبة السوفياتية، شكل البحر الأسود أهمية لروسيا باعتباره الجناح الجنوبي لقوتها. حيث ظل نقطة انطلاق يمكن لروسيا من خلالها تعزيز نفوذها في البحر المتوسط والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب أوروبا.
كذلك يمنح البحر الأسود، روسيا إمكانية الوصول إلى بلدان تقع على مسافة بعيدة مثل ليبيا وسوريا التي تأوي قاعدة بحرية روسية في ميناء طرطوس.
وفيما يتعلق بالشق العسكري، يمثل البحر الأسود أهمية كبيرة لروسيا حيث استضاف وما يزال، أسطولها البحري في ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم منذ عام 1793.
وتجلى حرص الكرملين على الاحتفاظ بالهيمنة على منطقة البحر الأسود بالانخراط في صراعات إقليمية خلال السنوات الأخيرة ما نجم عنها سيطرة موسكو على ثلث سواحل البحر الأسود رغم امتلاكها حوالي 10 بالمائة فقط من الخط الساحلي بموجب القانون الدولي.
ففي عام 2008، تدخلت روسيا في جورجيا وأنشأت جمهوريتين مواليتين للكرملين هما أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا التي تقع على الساحل الشرقي للبحر الأسود، فيما ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014. أما في فبراير/ شباط الماضي، فقامت روسيا بتوغل عسكري في أوكرانيا لتحتل على إثره أجزاء كبيرة من جنوب البلاد.
واقتصاديا، يشكل البحر الأسود أهمية كبيرة لروسيا حيث تصدر من موانئه جُل ما تنتجه من حبوب وأسمدة وسلع أخرى، فيما تزايدت أهميته منذ الحرب كطريق تجاري يتيح للسفن التجارية الروسية الوصول إلى بلدان لم تنضم إلى العقوبات الغربية ضد روسيا.
يقع مقر قيادة أسطول البحر الأسود الروسي في ميناء مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم
طريق تجاري حيوي
وفيما يتعلق بأوكرانيا، يمثل البحر الأسود أهمية كبيرة أيضا مثل روسيا. فقبل الحرب، كانت كييف تصدر أكثر من 50 بالمائة من إجمالي صادراتها عبر ميناء أوديسا الذي يعد أكبر ميناء تملكه البلاد على البحر الأسود. وبسبب كون أوكرانيا واحدة من أكبر الدول المصدرة للحبوب في العالم، أصبحالبحر الأسود نقطة تصدير رئيسية حتى انتهاء اتفاقية الحبوب مع روسيا في منتصف يوليو/ تموز الماضي.
ومع اندلاع الحرب، قامت روسيا وأوكرانيا باستهداف السفن التجارية فيما يحذر خبراء من أنه في حالة استمرار الأمر فسوف تعاني البلدان اقتصاديا مع تداعيات تباطؤ التجارة عبر البحر الأسود.
ورغم الحرب، ما زالت أوكرانيا تعتمد على البحر الأسود لتصدير قرابة 40 من حبوبها إلى الخارج، فيما تصدر باقي إنتاجها من الحبوب برا عبر بلدان الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي انخرطت فيه روسيا وأوكرانيا في صراع على طرق التجارة بين الشمال والجنوب، فإن الاتصال بين الشرق والغرب، الذي يمثله البحر الأسود، أصبح ذا أهمية متزايدة بالنسبة للاتحاد الأوروبي حيث تطل دولتان من أعضاء الاتحاد هما رومانيا وبلغاريا، على البحر الأسود.
وعلى وقع إبرام اتفاقيات شراكة مع جورجيا وأوكرانيا، يرى الاتحاد الأوروبي أن البحر الأسود يعد ممرا هاما لنقل البضائع ومصادر الطاقة بين آسيا وأوروبا.
تعتمد أوكرانيا على الموانئ المطلة على البحر الأسود لتصدير جزء كبير من إنتاجها من الحبوب
الحفاظ على توازن القوى
وفي الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية، أصبحت الدول المنتجة للبترول في القوقاز أكثر أهمية للتكتل خاصة أذربيجان التي تصدر النفط والغاز إلى أوروبا عبر جورجيا وتركيا. وتزايدت الأهمية مع حقيقة مفادها أن مسار الطريق عبر البحر الأسود يتجاوز كلا من روسيا شمالا وإيران جنوبا حيث تتعرض موسكو وطهران لعقوبات اقتصادية فرضتها الدول الغربية.
ويشكل البحر الأسود أهمية أمنية لحلف شمال الأطلسي، حيث أجرى الحلف مناورات عسكرية سنوية في مياه منذ عام 1997 وحتى الغزو الروسي لأوكرانيا.
ورغم هذه الأهمية، فإن الحلف لا يمتلك سوى ثلاثة أساطيل بحرية دائمة في البحر الأسود في بلغاريا ورومانيا وتركيا، وذلك بموجب اتفاقية مونترو المبرمة عام 1936 وتنص على احتفاظ تركيا بسيادة كاملة على مضيق البوسفور والدردنيل وهما المنفذان البحريان الوحيدان لشحنات النفط والحبوب من دول البحر الأسود إلى البحر المتوسط.
وعقب اندلاع الحرب، أعلنت تركيا إغلاق الممرات المطلة على البحر الأسود أمام جميع السفن الحربية الروسية وغيرها بهدف الحفاظ على توازن القوة البحرية.
وبحكم سيطرتها على الوصول إلى البحر الأسود بموجب اتفاقيات دولية، تحتل تركيا موقعا جيواستراتيجيا رئيسيا، حيث باتت أهم شريك لحلف شمال الأطلسي في المنطقة فضلا عن كونها مركزا تجاريا لدول آسيا الوسطى والقوقاز والشرق الأوسط.
وفي هذا الإطار، تراقب تركيا عن كثب ضمان الحفاظ على توازن القوى قدر الإمكان، فيما تسمح اتفاقية مونترو بمنع عبور سفن الحرب الخاصة للجهات الفاعلة بما في ذلك سفن التاتو، وهو ما يصب في صالح روسيا.
توماس لاتشان / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: صادرات الحبوب أوكرانيا البحر الأسود الهجمات الأوكرانية في البحر الأسود موانئ البحر الأسود الغزو الروسي لأوكرانيا اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية ارتفاع أسعار المواد الغذائية صادرات الحبوب أوكرانيا البحر الأسود الهجمات الأوكرانية في البحر الأسود موانئ البحر الأسود الغزو الروسي لأوكرانيا اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية ارتفاع أسعار المواد الغذائية على البحر الأسود روسیا وأوکرانیا فی البحر
إقرأ أيضاً:
قيادي حوثي يشكك برواية الجيش الأمريكي عن سقوط إحدى مقاتلاته في البحر الأسود
بغداد اليوم - متابعة
شكك السياسي اليمني وعضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد علي الحوثي، اليوم الأحد (22 كانون الأول 2024)، برواية الجيش الأمريكي الذي أعلن عن سقوط إحدى مقاتلاته في البحر الأحمر عن طريق إطلاق الجيش النيران بشكل خاطئ.
وقال الحوثي في تدوينة له عبر حسابه في منصة "إكس" تابعتها "بغداد اليوم"، إنه "بخصوص سقوط الطائرة الأمريكية، لن تفصح القيادة المركزية عن الحقيقة لسقوط الطائرة، ربما تكتيك حتى لا يزداد انهيار معنويات جنودها، و زيادة الضغط من قبل أقارب البحرية ربما".
وأضاف أن "الهجمات الأمريكية على اليمن هجمات إرهابية مدانة وغير مشروعة تساند إرهاب الكيان الإسرائيلي المؤقت لاستمرار إبادة وحصار أبناء غزة".
وأوضح الحوثي أن "الهجمات الإرهابية الأمريكية عربدة خارج القانون وممارسة للإجرام في المنطقة، وهذه التصرفات الإرهابية الرعناء ضد اليمن لا توقف عمليات الإسناد لغزة".
وأعلن الجيش الأمريكي أن إحدى مقاتلاته تحطمت على ما يبدو في البحر الأحمر بسبب "نيران خاطئة". جاء ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش الأمريكي أنه نفذ ضربات جوية "دقيقة" ضد مخزن صواريخ ومنشأة "للقيادة والسيطرة" تابعة لقوات الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء.
وقالت القيادة المركزية إن كلا من أفراد الطاقم خرجا بسلام من الطائرة قبل تحطمها، وأصيب أحد الطيارين بجروح طفيفة.
وقال البيان إن السفينة الحربية يو إس إس جيتيسبيرغ، وهي جزء من قوة المهام التابعة لحاملة الطائرات يو إس إس هاري إس ترومان، أطلقت عن طريق الخطأ النار على طائرة من طراز إف/إيه-18 كانت تحلق من السفينة يو إس إس هاري إس ترومان.
ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه الطائرة شاركت في العملية في اليمن أم لا.