نشرت قبل يومين وكالة "رويترز" خبرا تضمن تعليق قطر لدورها في الوساطة بين المقاومة في غزة وكيان الاحتلال، وعن طرد قيادات حماس من الدوحة.

الكاتب والباحث السياسي محمد العمراني نشرا تحليلا في موقع مأرب برس تضمن قراءة عميقة عن مستقبل حماس في الدوحة.. وقراءة في وساطة قطر في المفاوضات وموقفها من المقاومة

حبث قال الكاتب ان ما نشر قد يكون تسريبات أمريكية إسرائيلية مغرضة الهدف منها الضغط على المقاومة وإرهابها إعلاميا، كعادة هذه الوكالات الإخبارية ووسائل الإعلام الكبرى التي تفقد عادة مهنيتها حين تتناول أخبار المقاومة.

 

ولكن نشر " الجزيرة " لتقرير " رويترز" وبشكل حرفي أثار في نفسي بعض الهواجس والشكوك، مرت ساعات والجدل يتصاعد حول الأمر بين من ينفي ومن يؤكد، وبين مصدق ومكذب.!

وأضاف الكاتب " مرت ساعات ونحن ننتظر نفي الخارجية القطرية لما نشرته رويترز، ولكن بيان الخارجية القطرية الذي تأخر كثيرا هو الآخر لم ينف ما أوردته رويترز وإنما أكد أن التقارير المتداولة عن انسحاب قطر من ملف الوساطة في غزة "ليست دقيقة"، وأنها أخطرت الأطراف أنها ستستأنف جهودها مع الشركاء عند توفر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب.

ووضع الكاتب تصوره التحليلي حول ذلك البيان بشكل وقفات وهي على النحو التالي:

 

1ـ بيان الخارجية القطرية أكد بشكل أو بآخر ما نشرته وكالة رويترز فكون قطر " ستستأنف جهودها لإنهاء الحرب" يعني أنها علقتها فعلا، حيث أكدت خارجيتها أنها أخطرت الأطراف قبل 10 أيام أنها ستعلق جهودها لعدم التوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل وسوف تستأنفها إذا توفرت الجدية لإنهاء الحرب.

 

وهنا لم تحدد قطر من هي الجهة التي عرقلت الاتفاق ؟، ولم يكن لديها الشجاعة الكافية للقول بأن الاحتلال بقيادة نتنياهو هو الذي يتعنت ويرفض وقف الحرب الذي أودت بأكثر من 40 ألف شهيد غير الجرحى ودمار طال 80% من غزة، وأنه هو الذي يريد الهروب من المحاكمة لتحقيق أكبر قدر من المجازر والدمار في غزة.

 

2ــ ساوت قطر في بيان خارجيتها بين الجلاد والضحية، بين كيان الاحتلال المعتدي الغاشم وبين مقاومة تدافع بوسائلها البسيطة وإمكانياتها المتاحة عن شعب أعزل يتم إبادته منذ أكثر من عام في قطاع غزة المحاصر، وهذه المساواة ليس من العدل والإنصاف.

 

قد يقول البعض: لكن قطر وسيطة والوسيط لابد أن يكون على مسافة واحدة من كافة الأطراف. وهذا الطرح صحيح من جانب نظري لكن الحقيقة واضحة هناك معتدي مجرم وهناك مقاوم وضحية لهذا المعتدي، وتجاهل الواقع المختل والقفز عليه هو الظلم بعينه، فالوسيط لا يجب أن يفقد عدالته ويتجاهل الواقع لمجرد كونه وسيط. وكان الأولى بقطر كونها وسيطة أن تضع النقاط على الحروف، وأن توضح الحقيقة التي نعرفها جميعا.

 

3 ــ أكدت قطر بأنها تتعرض للابتزاز، وأنها شهدت منذ انهيار الهدنة الأولى وصفقة تبادل النساء والأطفال تلاعبا، خصوصا في التراجع عن التزامات تم الاتفاق عليها من خلال الوساطة، واستغلال استمرار المفاوضات في تبرير استمرار الحرب لخدمة أغراض سياسية ضيقة.

وهنا لم توضح من هي الجهة التي تبتزها؟، ولا من هي الجهة التي تتلاعب وتراجعت عن التزاماتها التي تم الاتفاق عليها؟، ولا من هو الطرف الذي يستغل المفاوضة ويستمر بالحرب لأغراض سياسية؟!

 

4 ــ قالت الخارجية القطرية أن التقارير التي نشرت عن اغلاق مقر حماس في الدوحة "غير دقيقة "، لكنها في الوقت نفسه لم تؤكد بقاء قادة حماس في قطر واستمرار مكتبها، بل أشارت إلى أنه موجود كقناة اتصال حققت أهدافها في الماضي من وقف لإطلاق النار إلى التهدئة وتبادل المحتجزين والأسرى في العام الماضي.

 

وطالما أن البيان لم يشر إلى مستقبل المكتب في الدوحة، واكتفى بتحديد أهدافه التي حققها في الماضي، فكأنه يقول أن المكتب موجود ليحقق هذه الأهداف فإذا لم يحققها فلا داعي لبقائه.!

 

5 ــ هذا البيان تضمن تلويحا لا تصريحا بأن قادة حماس في قطر قد يتم طردهم، وقد يتم إغلاق مكتبهم إذا لم يتم تحقيق أهداف وجوده بالدوحة كقناة اتصال وظيفتها: وقف إطلاق النار والتهدئة وتبادل المحتجزين والأسرى.!

صحيح أن هذا لم يحدث حتى اللحظة حيث أكد أحد قادة حماس لوكالة الصحافة الفرنسية أنهم لم يتلقوا أي طلب لمغادرة قطر وغلق مكتبها في الدوحة.

لكن هذا البيان لم يكتف بأنه تهديدا مبطناً بطرد قادة حماس من الدوحة بل يمثل في الوقت نفسه ضغطاً قطريا عليهم، ويقول لهم بالتلميح دون التصريح: يجب أن تقدموا تنازلات ليحقق المكتب الهدف منه أو لا داعي لوجودكم.! هذا ما يفهمه كل من تأمل البيان القطري وسعى لقراءة ما بين سطوره.

يحدث هذا الضغط القطري على حماس مع أن قطر تدرك أن تقديم حماس لتنازلات كبيرة يعني انتحارها بشكل أو بآخر واستسلامها لكيان الاحتلال، واستهانتها بكل هذه المجازر والإبادة الممنهجة والدمار والحصار والشهداء والجرحى.!

حماس تمسكت بوقف كامل للحرب على غزة و بضمانات دولية، وبانسحاب جيش الاحتلال من غزة، وعودة جميع سكان القطاع لمنازلهم وخصوصا أهالي شمال غزة، وهذه المطالب العادلة هي أقل ما يمكن أن تطالب به الحركة والفصائل الفلسطينية، وأقل ما يمكن أن يحصل عليه سكان القطاع بعد كل هذه المجازر والدمار.

 

6 ــ مع أن وجود مكتب لحماس في الدوحة جاء بالتنسيق مع الجانب الأمريكي والإسرائيلي كقناة اتصال بين إسرائيل والمقاومة، إلا أن عملية طرد قادة حماس من قطر ستشكل بحد ذاتها مأزقاً أخلاقياً لقطر، فإلى أين سيذهب قادة حماس؟!

 

ومن هي الدولة غير ايران وتركيا التي ستتحدى الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية وتستقبل قادة حماس؟!

وماذا عن دور مصر في الوساطة بجانب قطر؟!

وهذا يعني أن كل دول العالم العربي صارت طاردة للمقاومة الفلسطينية رغم تأكيدها الإعلامي وقوفها مع القضية الفلسطينية وأنها القضية الأم وووألخ.!

 

كما أن قطر بهذا الموقف الذي لا نتمنى حدوثه تضع قطر قادة حماس تحت ضغوط كبيرة من الإدارة الأمريكية وسلطات الاحتلال الإسرائيلية، خاصة إن زاد الضغط الأمريكي الإسرائيلي عليها وواصلت حماس تمسكها بشروطها في المفاوضات.

وهنا تخطئ قطر بهذا الموقف التي يفقدها جزء كبير من تأثيرها وحضورها في الساحة الإقليمية والدولية، كما يفقدها شعبيتها عند جماهير الأمة العربية والإسلامية، كما أنها ستفقد ورقة دبلوماسية وقوة من قواها الناعمة في العالم.

 

تخطئ قطر حين تخضع للابتزاز الأمريكي الإسرائيلي، وتخطئ أكثر حين تضغط على قادة المقاومة ليقدموا تنازلات كبيرة تضر القضية الفلسطينية،

وستخطئ أكثر إن قامت بترحيل قادة المقاومة من الدوحة وأغلقت مكتبها.

كما ستضر بمستقبل سكان قطاع غزة، وتحقق لكيان الاحتلال أهدافه في غزة من تهجير لسكانها إلى تصفية للمقاومة فيها.

قطر التي هاجم إعلامها مرارا وتكرارا الدول التي طبعت مع كيان الاحتلال نتمنى أن لا تحقق هي الأخرى نصرا كبيرا للاحتلال بطرد قادة المقاومة من أرضها مهما كانت الضغوط، فهذه الخطوة في حال حدوثها ستظهر المقاومة وكأنها منبوذة لا أحد يريد استضافتها والوقوف معها.!

 

7 ــ للإنصاف والأمانة قدمت قطر الكثير من المساعدات لأبناء قطاع غزة، كما وقف إعلامها بشكل كبير إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة ومقاومتها الصادقة، وقدم الإعلام القطري وفي مقدمته قناة الجزيرة تغطية مهنية متواصلة للحرب على غزة، وهو موقف يحسب لقطر وتشكر عليه.

 

نتمنى أن تظل قطر وفية لمواقفها المبدئية في دعم المقاومة والقضية الفلسطينية كموقف إسلامي أخوي صادق بعيدا عن التوازنات السياسية ولعبة المصالح، وأن ترفض الضغوط الدولية، وألا تخضع للابتزاز مهما كان حجمه. فالدول تظل كبيرة باستقلال قرارها السياسي، وبمواقفها ووقوفها إلى مع القضايا العادلة، وبأدوارها السياسية والدبلوماسية، وقوتها الناعمة، وهي نفس العوامل التي صنعت مكانة قطر وتأثيرها وحضورها في الساحة الإقليمية والدولية خلال الفترة الماضية.

فهل تخضع قطر للابتزاز الأمريكي الإسرائيلي وتضغط على المقاومة لتقديم تنازلات لصالح الاحتلال؟ وهل ستضيق على المقاومة في حال استمرار تمسكها بمواقفها ليصل الأمر لطردها من الدوحة؟

 

لا نتمنى حدوث ذلك.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة الخارجیة القطریة حماس فی الدوحة من الدوحة قادة حماس فی غزة

إقرأ أيضاً:

وفد إسرائيلي بالدوحة ونتنياهو يعقد اجتماعا بخصوص صفقة التبادل

نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصدر مطلع أن فريقا إسرائيليا غادر صباح اليوم الجمعة إلى العاصمة القطرية الدوحة لاستئناف المفاوضات، في محاولة للتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى والمحتجزين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتحدثت القناة الـ12 عن تحقيق تقدم في المباحثات، مع استمرار وجود فجوات بين الأطراف لم تتح حتى الآن تحقيق اختراق يؤدي إلى إبرام صفقة.

وأوضحت القناة أن الفريق الإسرائيلي المتوجه إلى الدوحة مهني، وليس فيه رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد برنيع.

وقال بيان سابق لرئاسة الوزراء الإسرائيلية إن الفريق المغادر إلى الدوحة "يضم مسؤولين رفيعي المستوى من الجيش وجهازي الموساد والأمن العام (الشاباك)".

وكان موقع "والا" نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن تقدما كبيرا في مفاوضات الصفقة هو ما دفع اسرائيل لإرسال وفدها إلى الدوحة.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع -لم تكشف هويته- أن الوفد الإسرائيلي سيقدم خلال المفاوضات مقترحا جديدا لحل الخلاف بشأن قائمة الأسرى الأحياء الذين تطالب إسرائيل حماس بتقديمها قبل المضي قدما في المفاوضات.

وفي غضون ذلك، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر عقد اجتماع خاص اليوم الجمعة بشأن الأسرى والمفقودين.

وقالت الصحيفة إن منسق شؤون الأسرى والمفقودين غال هيرش أبلغ عائلات الأسرى أن الأنباء عن وصول المفاوضات إلى طريق مسدود غير صحيحة.

إعلان

وأكد هيرش أن المفاوضات التي تعمل عليها الحكومة تهدف إلى إعادة كافة من سماهم المخطوفين من غزة رغم عدم موافقة إسرائيل على إنهاء الحرب.

لا وقت لأي تراجع

من جانبها، أصدرت عائلات المحتجزين الاسرائيليين بيانا قالت فيه إنه لا وقت لأي تراجع في المفاوضات، ورحبت بإرسال فريق لاستئناف التفاوض في الدوحة.

كما طالب البيان نتنياهو بعقد اجتماعات مستمرة مع عائلات الأسرى والمخطوفين وتزويدها بمعلومات بشأن المفاوضات وجهود التوصل إلى صفقة.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن والدة محتجزة في غزة قولها "أبرموا اتفاقا، فلا أحد يريد عودة الأسرى جثثا في أكياس".

ولأكثر من مرة تعثرت مفاوضات صفقة التبادل -التي تُجرى بوساطة قطرية مصرية أميركية- جراء إصرار نتنياهو على استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر ومعبر رفح في غزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم وسط القطاع.

من جانبها، تصر حركة حماس على انسحاب كامل لإسرائيل من قطاع غزة ووقف تام للحرب بغية القبول بأي اتفاق.

وتحتجز إسرائيل في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 أسير فلسطيني، في حين تقدّر وجود 100 محتجز إسرائيلي بقطاع غزة، في حين أعلنت حماس مقتل العشرات من المحتجزين لديها في غارات عشوائية إسرائيلية.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 154 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

مقالات مشابهة

  • مسؤولان من مصر وإسرائيل يطلقان تحذيرا بشأن مفاوضات غزة بالدوحة
  • حماس تصدر بيانا عن تطورات مفاوضات الدوحة بشأن غزة
  • عراقجي: مستقبل المقاومة في المنطقة واعد وحزب الله يعيد بناء قوته بشكل منظم
  • حماس تعلن استئناف المفاوضات في الدوحة اليوم
  • حماس: المفاوضات استؤنفت بالدوحة.. والبيت الأبيض: الاتفاق أمر ملح
  • حماس تعلن استئناف المفاوضات في الدوحة وسط التأكيد على وقف العدوان الصهيوني
  • حماس: مفاوضات الدوحة تهدف إلى حماية الشعب الفلسطيني
  • وفد إسرائيلي بالدوحة ونتنياهو يعقد اجتماعا بخصوص صفقة التبادل
  • مفاوضات غزة.. المحادثات مستمرة وشرطين جديدين لإسرائيل
  • نتنياهو يوافق على استمرار المفاوضات في الدوحة بشأن صفقة غزة