اشتهر رسام الكاريكاتير التونسي توفيق عمران برسومه الناقدة الساخرة، تفاعلا مع قضايا الشأن العام في تونس، وهي مهمة كانت محفوفة بمخاطر المتابعات القضائية، خصوصا بعد بدء تطبيق المرسوم 54 المثير للجدل والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة الاتصال والمعلومات.

تونس.. جدل مستمر حول "المرسوم 54" وسط مخاوف بشأن صحفيين مسجونين واصلت نقابة الصحفيين التونسيين مساعيها المعارضة للمرسوم الرئاسي 54، الذي اعتبرت أن العديد من الصحفيين تم الزج بهم إلى السجون بسببه.



وكان المرسوم الرئاسي الصادر منذ سبتمبر 2022 محل جدل واسع، واعتبرته أحزاب ومنظمات حقوقية خطرا على حرية التعبير في البلاد.

وعلى امتداد مسيرة مهنية تعود انطلاقتها إلى فترة الثمانينات، واجه الرسام الكاريكاتوري توفيق عمران الكثير من العقبات والتحديات، بدءا بفترة الركود في هذا المجال تزامنا مع وصول نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 7 نوفمبر 1987 إلى سدة الحكم، مرورا بمرحلة ما بعد الثورة التونسية في 2011، ووصولا إلى ما بعد إجراءات 25 يوليو 2021.

ويقول توفيق عمران لـ "الحرة" إنه دأب على نشر رسومه الكاريكاتورية على منصات التواصل الاجتماعي في تونس، معتمدا في ذلك على أسلوب فني يقوم على رسوم ناقدة وساخرة ذات طابع سياسي، مرفوقة بكلمات باللهجة التونسية الدراجة لاستهداف شريحة واسعة من التونسيين.

هاجس المرسوم 54

في سبتمبر 2023، تم إيقاف الرسام الكاريكاتيري توفيق عمران والتحقيق معه على خلفية رسوم كاريكاتورية تتعلق برئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني، قبل أن يُطلق سراحه، في حادثة خلفت انتقادات حقوقية واسعة في البلاد.

وفي هذا الخصوص، يؤكد توفيق عمران أن تلك القضية جاءت في سياق تطبيق المرسوم 54 لسنة 2022 الذي يتضمن نصوصا قانونية تتعقب كل ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي.

ويتابع أن تلك الواقعة أعقبها تحقيق آخر معه في مايو الماضي على خلفية رسم كاريكاتوري انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد موضحا أنه تمسك بضوابط المهنة وأخلاقياتها دون الإساءة إلى طرف مهما كان منصبه السياسي أو مكانته الاجتماعية.

"توضيح" من رئاسة الحكومة التونسية حول توقيف رسام الكاريكاتير توفيق عمران نفت رئاسة الحكومة التونسية في بيان نشرته عبر حسابها بفيسبوك، الجمعة، التقارير التي وردت بشأن توقيف رسام الكاريكاتير الشهير، توفيق عمران، بسبب رسوم "تسخر" من رئيس الحكومة، أحمد الحشاني.

ويرى توفيق عمران  أن المرسوم 54 "ضيق بشكل أكبر على حرية التعبير"، معتبرا أن "السبيل الوحيد لمواجهته" هو "احترام أخلاقيات المهنة وضوابطها كي تكون وسيلة الدفاع عن كل رسام أمام القضاء".

وبحسب التقرير السنوي لنقابة الصحفيين التونسيين للعام 2024، تم تسجيل 37 متابعة قضائية لصحفيين سجن منهم  أربعة بسبب قضايا رفعت بموجب المرسوم 54.

ورغم الانتقادات التي يواجهها هذا المرسوم، يؤكد الرئيس التونسي قيس سعيد على أنه "يرفض المساس بأي كان من أجل فكرة، فهو حر في اختياره وحر في التعبير".

وقال في مايو الماضي عقب لقائه بوزيرة العدل ليلى جفّال إنه "لم يتم تتبع أي شخص من أجل رأي"، وأضاف "نرفض رفضا قاطعا أن يرمى بأحد في السجن من أجل فكره فهي مضمونة في الدستور".

مسار متعب 

"رغم أن فترة الثمانينات شهدت هامشا من الحرية، كانت معها انطلاقة مسيرتي في فن الكاريكاتير من خلال نشر رسوم ساخرة وناقدة في عدد من الصحف وكذلك الجامعات التونسية، إلا أن هذا الفترة لم تدم طويلا حيث جاء نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي ليزيل هذا الهامش"، يستطرد توفيق عمران.

ويضيف أنه نتيجة لـ"رقابة السلطة" في ذلك الوقت، عاش الكاريكاتير فترة "انقطاع طويلة" لجأ فيها في بعض المناسبات القليلة مثل الأحداث الاحتجاجية بالحوض المنجمي بقفصة (وسط غرب تونس) ضد النظام في 2008، إلى إنجاز رسوم ناقدة مستعملا يده اليسرى، مع إضافة ألوان على لوحاته، حتى يتمكن من إخفاء بصمته خشية الملاحقة الأمنية والقضائية آنذاك.

وبخصوص عودة الرسم الكاريكاتوري إلى البروز مجددا في تونس بعد ثورة 2011، يوضح توفيق عمران أنها كانت مرحلة جديدة شهد فيها فن الكاريكاتير طفرة في البلاد، مشيرا إلى أنه "رغم اتساع دائرة الحقوق والحريات، إلا أن صعود التيار السلفي في البلاد في ذلك الوقت جعله يتلقى تهديدات بالقتل على خلفية رسوم ناقدة وساخرة".

ويذكر المتحدث أن تجربته مع نشر رسومه في الصحف والمواقع الإلكترونية، لم تتجاوز فترة الخمس سنوات الأولى بعد الثورة، حيث توقفت في العام 2016 ليبدأ مرحلة جديدة في النشر على منصات التواصل الاجتماعي مرجعا ذلك إلى رغبته في التحرر من قيود خطوط التحرير التي تفرضها المؤسسات الإعلامية، فضلا عن البحث على هامش حرية أكبر في تناول قضايا الشأن العام في تونس.

ويؤكد أن مجال الرسم الكاريكاتيري في البلاد "يحتاج إلى هيكل ينظمه ويسعى إلى تطويره حتى يكون أكثر فاعلية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: رسام الکاریکاتیر توفیق عمران المرسوم 54 فی البلاد فی تونس

إقرأ أيضاً:

عمران في قلب الأزمة الإنسانية يوثق فراغ سلة الغذاء بشرق السودان

واستعرضت حلقة (2025/3/17) من برنامج "عمران"، الذي يقدمه الإعلامي سوار الذهب، أوضاعا إنسانية مأساوية يعيشها بعض السكان في شرقي السودان.

وقام فريق البرنامج برحلة ميدانية إلى المناطق النائية في الشريط الممتد من ساحل البحر الأحمر إلى حدود إثيوبيا، والتي يسكنها قبائل البجا.

وبدأت الرحلة من محطة هيا، وهي محطة تاريخية لسكة الحديد في السودان والتي أصبحت محطة رئيسية للربط بين عدة ولايات بعد تقطع الطرق في السودان جراء الحرب.

وقد وصف مقدم البرنامج هذه المناطق بأنها "من أكثر مناطق السودان فقرا"، مشيرا إلى أنها "منسية ومهملة منذ سنوات طويلة".

وتعيش هذه المناطق حالة من العزلة، حيث يضطر السكان للسفر لمسافات طويلة للوصول إلى الخدمات الأساسية، ويستغرق السفر إلى بعض المناطق يومين سيرا على الأقدام أو باستخدام الحمير.

حالات إنسانية مؤلمة

وكشفت الحلقة عن أزمة غذائية حادة تعاني منها المنطقة، حيث يعتمد السكان تقليديا على الزراعة ومنتجات الألبان، لكن الجفاف والحرب أديا إلى انعدام الأمن الغذائي.

وقد أوضح البرنامج أن السكان اضطروا للنزوح من مكان إلى آخر بحثا عن مصادر المياه في ظل شح المياه وانقطاعها لسنوات طويلة.

وأشار البرنامج إلى أن أهالي البجا "تعودوا لسنوات طويلة على المرعى وعلى منتجات الألبان، وبالتالي أصبحوا بعد النزوح لا يستسيغون منتجات المدينة مثل اللحوم والدواجن وغيرها"، مما فاقم من مشكلة سوء التغذية.

إعلان

ووثق فريق البرنامج حالات إنسانية مؤلمة، أبرزها طفل في السابعة من عمره يعاني من سوء تغذية حاد ويزن 8 كيلوغرامات فقط، ويعاني من شلل في اليدين والرجلين نتيجة ولادة منزلية صعبة.

وأوضح طبيب الأطفال الذي تمت مقابلته أن الطفل "لم يتلق العلاج اللازم طوال السنوات السبع الماضية".

كما وثق البرنامج حالة شاب آخر وصفه مقدم البرنامج بأنه "يبدو كهيكل عظمي نائم على السرير"، وأوضح أنه بقي راقدا لمدة شهر كامل دون أن يتمكن من الذهاب إلى المستشفى.

وقال المقدم "يكفي أن نرى صورة الأم التي ترى ابنها يموت أمامها يوما بعد يوم، وهي لا تجد ثمن المواصلات لكي تصل إلى المستشفى".

الوضع الغذائي

وقدم البرنامج إحصائيات مقلقة عن الوضع الغذائي في السودان، حيث ذكر أنه "على الرغم من أن السودان يوصف بأنه سلة غذاء العالم العربي، فإن هذه السلة أصبحت شبه خاوية"، مشيرا إلى أن المساحات المستغلة للزراعة في السودان قليلة جدا مقارنة بالمساحات الخصبة الصالحة للزراعة.

وذكر البرنامج أن إنتاج السودان من الحبوب سنويا كان يبلغ 7 ملايين طن، وبعد الحرب انخفض هذا المعدل إلى مليوني طن فقط، مما تسبب في أزمة غذائية كبيرة وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي.

وأضاف أن "هناك 17 مليون إنسان في أرض السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي"، وأن "عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد والمؤدي إلى الوفاة بلغ 700 ألف طفل".

وكشف البرنامج أن مستشفى هيا يخدم حوالي 600 ألف نسمة من حدود سواكن إلى قرابة بورسودان، ولكنه يعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية، حيث أشار مقدم البرنامج إلى أن هناك طبيب أطفال واحدا فقط يخدم كل هذه المنطقة الواسعة.

وفي ختام الحلقة، قام فريق البرنامج بالتعاون مع وزارة الصحة بتقديم مساعدات طبية عاجلة لمستشفى هيا، حيث تم توفير مجموعة من الأدوية التي يحتاجها المرضى، وتم التنسيق لإقامة أسبوع طبي مجاني لكل مواطني المنطقة.

إعلان الصادق البديري17/3/2025

مقالات مشابهة

  • السلطات التونسية تنتشل 18 جثة وتنقذ 612 مهاجرا غير نظامي
  • أبناء عمران يحتشدون في 62 ساحة تأكيداً على موقف الشعب اليمني الثابت في دعم فلسطين
  • إنجيل البعثة المحمدية
  • عمران في قلب الأزمة الإنسانية يوثق فراغ سلة الغذاء بشرق السودان
  • بركات الابن الضال.. في عظة الأحد للقس أنجيلوس توفيق
  • 54 عامًا على تأسيس العلاقات العُمانية التونسية
  • الصراع مع توفيق التمساح.. أحمد العوضي يتصدر الترند بعد عرض الحلقة 15 من فهد البطل
  • حركة النهضة التونسية: النظام يرتكب تجاوزات خطيرة بحق السجناء السياسيين وعائلاتهم
  • وزارة الفلاحة التونسية تعلن "حالة يقظة" بعد وصول أعداد من الجراد الصحراوي إلى جنوب البلاد
  • الشرع يصدر مرسوما بصرف منحة مالية بمناسبة عيد الفطر.. يشمل هذه الفئة