أعاد الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط، الإثنين، بالسجن عاما ونصف العام وغرامة مالية قدرها 150 ألف دولار على الصحافي المغربي حميد المهداوي، النقاش حول تقييد حرية الصحافة والإعلام إلى الواجهة، وذلك بعد اتهامه بالتشهير والقذف بحق وزير العدل عبد اللطيف وهبي.

وخلف هذا الحكم جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، إذ أعرب مدونون عن تضامنهم مع المهداوي وانتقادهم للحكم الصادر في حقه، داعين إلى مراجعة هذا القرار في المرحلة الاستئنافية لتكريس مبدأ حرية الرأي والتعبير.

بينما نبهت تدوينات أخرى إلى "صعوبة حصوله على البراءة" لأنه "نشر وثائق تتضمن معطيات شخصية للمشتكي"، محذرة من "المسؤولية القانونية عند إطلاق البث المباشر على المنصات الاجتماعية بدون صفة".

وفي أكتوبر الماضي، وضع وزير العدل المغربي قد وضع شكاية ضد المهداوي، مطالبا بمعاقبته بتهم "التشهير والسب والقذف"، وذلك على خلفية نشر المهداوي فيديو يتحدث فيه عن حصول الوزير وهبي على سيارة فاخرة من طرف سيدة لها ملف معروض على القضاء.

نقاش حريات

وتعليقا على الموضوع، انتقد رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير المغربية "حاتم"، محمد العوني، الحكم القضائي ضد الصحافي حميد المهداوي واصفا إياه بـ"القاسي" و"الحكم التقييدي لحرية الصحافة" و"يعكس عدة أمور تتعلق بغياب قبول المسؤولين بالنقد وعدم احترام المسؤولية بشكل متوازن"، مشيرا إلى أن "وزير العدل سمح لنفسه بالحديث عن القضية قبل البث فيها رغم أن ذلك شأن قضائي مستقل".

وأوضح العوني، في تصريح لموقع "الحرة"، أن المسؤولين في المغرب، وعلى رأسهم وزير العدل، لا يتقبلون الانتقادات رغم مسؤولياتهم العامة، قائلا "في الوقت الذي يتم الترحيب بالإشادة بإنجازاتهم إلا أن ذكر أي تقصير أو انتقاد لأدائهم يعتبر تجاوزا".

 

ويعتبر المتحدث أن وزير العدل كان يمكنه اللجوء لطرق أخرى لبيان حقيقة الموضوع بدل رفع دعوى قضائية، إذ يقول "البلدان التي تسعى إلى الديمقراطية تتيح للصحافيين الحق في تصحيح أخطائهم أو نشر ردود وتوضيحات، إلا أن هذا الحكم يعكس رغبة في الردع وفيه تحدي شخصي تجاه الصحافي، ما يضع الأخير في موقف ضعف ويفرض عليه الخضوع لمواقف المسؤولين وأحيانا لمزاجهم الشخصي".

بين قانونين

ومن جانبه، أعرب رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، عن "استيائه" من الحكم ضد المهداوي، مؤكدا أن "محاكمة الصحافي تمت بموجب القانون الجنائي وليس قانون الصحافة والنشر، على الرغم من أن الاتهامات تتعلق بتصريحات ومقالات منشورة في موقع صحافي معترف به".

وتابع السدراوي حديثه لـ"الحرة" قائلا إن "هذا التوجه لا يبشر بالخير، خاصة أن وزير العدل ذاته التزم في الأمم المتحدة بعدم متابعة الصحفيين بالقانون الجنائي، مما يعكس ازدواجية في التعامل الرسمي بين الخطاب الدولي والممارسة الفعلية تجاه الصحفيين والحقوقيين في المغرب".

ولفت إلى أن هذا الحكم "مبالغ فيه" من حيث العقوبة السجنية والغرامة المالية، مما "يشكل انتكاسة وتراجعا في الحريات والمجال الحقوقي"، وفق قوله.

ويرى الناشط الحقوقي أن "العفو الملكي الأخير على مجموعة من الصحفيين والمدونين كان بمثابة مؤشر إيجابي لفتح صفحة جديدة في مجال حرية الصحافة، إلا أن هذا الحكم يعيد قضية تقييد حرية الصحافة إلى الواجهة"، مشيرا إلى أن "وزير العدل برفعه الدعوى شخصيا وتدخله الإعلامي في القضية يضر بسمعة المغرب دوليا في مجال حقوق الإنسان وقد يسهم في تدهور تصنيف البلاد في مؤشرات حرية الصحافة".

سلاح ذو حدين

وفي المقابل، يشير المحامي المغربي، محمد الشمسي، إلى أن ثمة ضوابط يجب على الصحافي الالتزام بها حتى لا يسقط في التشهير والقذف، قائلا "الصحافة سلاح ذو حدين فهي تستطيع أن تنصف المتهم إذا كانت المعلومات صحيحة، لكنها قد تحول الصحافي إلى خصم وتعرضه لمطالبات بالتعويض إذا كان الخبر غير موثوق ولا يتوفر على دليل"، مؤكدا على ضرورة التزام الصحفي بالدقة واليقين في نشر الأخبار حتى لا يؤدي ذلك إلى ملاحقة قانونية.

وأوضح الشمسي، في تصريح لـ"الحرة"، أن "الحرية الصحافية يجب أن تكون متوازنة مع المسؤولية، إذ يتعين على الصحافي التحري والتأكد من الأخبار قبل نشرها كي لا تصبح الصحافة وسيلة لترويج الإشاعات والأخبار غير الدقيقة"، مستدركا أنه "إذا كان متيقنا ولديه دلائل، فإن ذلك يلزم المحكمة ببراءته من أي تهم".

ورغم ذلك، اعتبر المتحدث أن "الشخصيات العامة، بما فيها الوزراء والمسؤولين الحكوميين، ينبغي أن يكونوا أكثر تسامحا تجاه النقد الصحفي وألا يلجؤوا للمحاكمات الجنائية كوسيلة لمواجهة الانتقادات أو الأخطاء الصحفية، ما لم تكن هناك تجاوزات كبيرة مدعمة بالأدلة"، داعيا إلى التمييز بين قانون الصحافة الذي لا يشمل عقوبات سالبة للحرية والقانون الجنائي.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: حریة الصحافة وزیر العدل هذا الحکم فی المغرب إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الإسباني لا يعتبر "العلاقة الجيدة" بين ترامب والمغرب تهديدا على سبتة ومليلية بعد جدل "مسيرة خضراء" جديدة إلى الثغرين

أكد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أن العلاقة الجيدة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والمغرب لا تمثل أي تهديد أو تأثير سلبي على إسبانيا، خاصة فيما يتعلق بمدينتي سبتة ومليلية.

جاء ذلك خلال مقابلة أجراها مع قناة « تيليسينكو »، والتي نقلت وكالة الأنباء « أوروبا بريس » مقتطفات منها، حيث شدد ألباريس على أن « المغرب بلد صديق وشريك استراتيجي، والولايات المتحدة كانت ولا تزال الحليف الطبيعي لجميع الأوروبيين ».

وأضاف الوزير أن الوضع القانوني والإداري لسبتة ومليلية داخل إسبانيا واضح تمامًا للجميع، مؤكداً أن العلاقات مع المغرب قائمة على التعاون والاحترام المتبادل.

تعزيز التعاون بين البلدين

وأشار ألباريس إلى أن إسبانيا والمغرب اتفقا مؤخرًا على إعادة فتح الجمارك في مليلية وافتتاح معبر جمركي جديد في سبتة، وفقًا للتفاهمات الثنائية بين مدريد والرباط.

كما شدد على أن التعاون بين البلدين يشمل ملفات الهجرة غير النظامية ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تحقيق رقم قياسي في التبادل التجاري بلغ 25 مليار يورو، ما يعكس متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

جدل إعلامي بلا أساس

تصريحات ألباريس تأتي ردًا على الجدل الذي أثارته بعض وسائل الإعلام الإسبانية بشأن « مخاوف في سبتة ومليلية من تكرار المغرب لمشهد المسيرة الخضراء بدعم من ترامب »، وهو العنوان الذي نشرته صحيفة « إل إسبانيول » قبل أسابيع، مما أدى إلى انتشاره في وسائل إعلام أخرى.

إلا أن الوزير الإسباني اعتبر هذا النقاش عبثيًا، مؤكدًا أنه لا يوجد أي قلق حقيقي داخل المدينتين، كما أن الطبقة السياسية المحلية لم تتفاعل مع هذه الادعاءات، ما يدل على أنها مجرد تكهنات غير واقعية تحركها دوافع غير واضحة.

تصريحات ترامب وإعادة إحياء الجدل

تجدد هذا الجدل بعد إعادة تداول تصريح سابق لدونالد ترامب، حيث قال خلال رئاسته: « اليوم وقعتُ إعلانًا يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. إن مقترح الحكم الذاتي المغربي هو الخيار الوحيد الجاد والواقعي لحل عادل ودائم، يحقق السلام والازدهار الدائمين ».

ورغم أن هذا التصريح ليس بجديد، إلا أن بعض وسائل الإعلام أعادت تسليط الضوء عليه، مما أثار موجة من التحليلات والتأويلات حول احتمالية أن يكون لهذا الموقف تأثير على سبتة ومليلية، وهو السيناريو الذي نفاه الوزير ألباريس بشكل قاطع.

كلمات دلالية إسبانيا المتحدة المغرب الوةلايات ترامب حدود سبتة علاقات مسيرة مليلية

مقالات مشابهة

  • خيط الجريمة.. الخلافات المالية تقود النيابة لكشف المتهم بقتل نقاش بالقاهرة
  • وزير العدل: لا أحد تجرأ أو سيتجرأ أساسًا على القيام بخطوة كهذه!
  • وزير الخارجية الإسباني لا يعتبر "العلاقة الجيدة" بين ترامب والمغرب تهديدا على سبتة ومليلية بعد جدل "مسيرة خضراء" جديدة إلى الثغرين
  • وزير العدل يعزي في وفاة النائب العام لدى مجلس قضاء خنشلة
  • وزير الاتصال: أدعو الصحافة لأن تكون قوة إقناع للتعريف بفرص الاستثمار
  • سفيرة كندا زارت وزير العدل مهنئة ومؤكدة وقوف بلادها الى جانب لبنان
  • وزير العدل يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بحلول شهر رمضان
  • وزير المالية رئيس حركة العدل والمساواة يشارك في احتفال تطهير بحري من المليشيا
  • "ابن أصيلة".. رحيل وزير الخارجية المغربي الأسبق محمد بنعيسى
  • وفاة محمد بنعيسى وزير الخارجية المغربي الأسبق عن عمر 88 عامًا