اتصالات لبنان في زمن الحرب.. ضغوط استثنائية وخطط بديلة
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
مع تصاعد الحرب بين إسرائيل وحزب الله، تشهد البنية التحتية في البلاد ضغوطًا غير مسبوقة، خاصة في قطاع الاتصالات الذي يستفيد منه في أكثر من مجال.
ويثير الانقطاع الجزئي للشبكات في المناطق التي تتعرّض للقصف قلقًا واسعًا، خصوصًا مع تعطّل عدد من المحطّات وخروج أخرى عن الخدمة بسبب الأضرار الكبيرة أو نقص المحروقات والصعوبات اللوجستيّة.
هذا الأمر دفع المسؤولين إلى دراسة خيارات طوارئ وخطط بديلة، تحسّبا لانقطاع أوسع قد يترك البلاد في عزلة رقميّة.
وإذا ما تفاقم الوضع، فإن التأثير سيطال قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، بالإضافة إلى توقّف الأعمال وتعطيل الخدمات التي يعتمد عليها المجتمع بشكل أساسي.
18 محطة متضررةويقول وزير الاتصالات اللبناني، جوني القرم، لموقع "الحرة" إنّ المحطات التابعة لشركتي "ألفا" و"تاتش" الخارجة عن الخدمة ليست جميعها متضرّرة بشكل مباشر نتيجة الحرب، بل هناك بعض المحطّات التي توقّفت عن العمل "لعدم تمكّننا من تزويدها بالمازوت، أو بسبب أعطال لم نستطع إصلاحها لصعوبة الوصول إليها".
أما المحطات المتضرّرة بشكل كامل بسبب الحرب، فهي 18 محطة بواقع 9 محطّات لكلّ شركة، وفق القرم.
ويضيف أنّ "الوزارة تسعى باستمرار للحصول على مؤازرة أمنيّة لنتمكّن من إجراء الإصلاحات أو تزويد المحطات بالمازوت عند توفر الظروف الملائمة للوصول إليها، وفي المناطق التي لم تتعرض للقصف، ما زلنا نوفّر خدمات الاتصالات بنسبة 92%، بينما تصل التغطية على مستوى البلاد إلى نحو 80%".
وفي ما يتعلّق بتهديد انقطاع الاتصالات والإنترنت في لبنان، يوضح القرم أنّ "معظم المحطّات تقع في مناطق تشهد توتّرات شديدة أو عمليات حربيّة، مثل الجنوب والضاحية والبقاع، ولم تقع أضرار مباشرة في بقية المحطّات".
وتمت إعادة توجيه الشبكة في بعض المحطات المتضررة لتأمين التغطية من محطات مجاورة.
إسرائيل تشن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت شن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، سلسلة من الغارات على الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت، ما تسبب في دمار مباني من بينها مجمع طبي لم يكن محدد في خريطة التحذيرات التي ينشرها الجيش الإسرائيليوبخصوص تعامل الحكومة مع هذا الملف، يقول القرم إن "دورها ليس مباشرا، إذ يتركّز القرار بيد الشركات ووزارة الاتصالات. ومع ذلك، تسهم الحكومة بإصدار المراسيم التي نطلب تفعيلها، خصوصا المتعلقة بالتعليم من بعد".
ويتابع: "تم الحصول على دعم حكومي لتفعيل 3 خطوات رئيسة، أولاً، أبرمت الوزارة اتفاقاً مع شركة مايكروسوفت يتيح الوصول إلى منصة Teams من دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت، عبر آلية تعتمد على التعرف على أرقام الهواتف، مما يسهّل على الأساتذة والطلاب في المدارس الرسمية فقط الاستفادة من خدمات التعليم عن بُعد، دون تكاليف إضافية. وقد أتمت الوزارة هذه الدراسة، وستدرج على جدول أعمال مجلس الوزراء القادم".
وثانياً، تمّ تفويض الوزارة لتوفير ضعف حجم البيانات وزيادة السرعة بأسعار مناسبة ضمن باقات الإنترنت، وهو ما سيساعد في دعم القطاعات الخاصة والمدارس الخاصة، بحسب القرم.
يكمل "وثالثاً، هناك تفويض يحتاج إلى دعم مالي من الحكومة أو من جهات خارجية لإنشاء شبكات واي فاي عامة في مراكز الإيواء، بتكلفة تقارب 18 ألف دولار أميركي. ورغم ارتفاع التكلفة، فإن التنفيذ التقني لهذا المشروع سهل وسريع".
تضارب بشأن قرب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل استبعدت مصادر سياسية مطلعة في لبنان، الأحد، إمكانية التوصل إلى وقف قريب لإطلاق النار على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، في أعقاب ورود تقارير تتحدث عن قرب إبرام اتفاق وإعلان إسرائيل توسيع عملياتها البرية. تدمير كوابل وشبكات تحت الأرضفي السياق نفسه، يتحدث مع "الحرة"، مدير عام هيئة "أوجيرو" عماد كريديه، وهي اليد التنفيذية لوزارة الاتصالات، وتشكّل البنية التحتيّة الأساسيّة لجميع شبكات الاتصالات بما في ذلك مشغلي شبكات الهاتف المحمول، ومقدمي خدمات البيانات (ومقدمي خدمات الإنترنت وغيرها).
يقول إن الحرب الحالية أثّرت على شبكة الاتصالات، خاصة في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية وغارات، حيث تسبّبت الأضرار الكبيرة في البنية التحتيّة بتدمير الكوابل والشبكات تحت الأرض، ما أخرجها عن الخدمة.
في الوقت نفسه، لا يمكن القول إن قطاع الاتصالات في لبنان يشهد تأثيراً واسعاً نتيجة الحرب؛ إذ "ما زلنا نلاحظ استمرارية في الخدمة بشكل طبيعي في معظم المناطق، باستثناء التي تتعرض للقصف"، يضيف كريديه.
ويبيّن: "الوضع العام للاتصالات يبقى مطمئناً، حيث تبلغ نسبة الأضرار 6،6% فقط من مجموع مشتركي أوجيرو. وتمّ وضع خطة بديلة تضمن استمرار تواصل الدولة ومؤسّساتها مع العالم الخارجي في حال انقطاع الإنترنت بشكل كامل، تركّز على توفير الإنترنت لمؤسّسات الدولة فقط، وليس لكل اللبنانيين، بسبب استحالة تأمين الخدمة لهم جميعا في ظل هذه الظروف".
ومن التحديات التي قد تواجهها "أوجيرو" في المرحلة المقبلة، بحسب كريدية هو "التمويل لإعادة بناء ما تهدم"، فهذا سيمثّل عقبة كبيرة بعد الحرب، نظرًا لحجم الأضرار.
ويقول إن مدة إعادة الأمور إلى طبيعتها تعتمد على نوع التكنولوجيا المستخدمة، إلا أن الحد الأدنى المطلوب لإنجاز هذا العمل يقع بين عام وعامين".
قتلى في غارات إسرائيلية على شرق لبنان أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 40 شخصا في غارات إسرائيلية استهدفت شرق البلاد الأربعاء، بما في ذلك مدينة بعلبك، مشيرة إلى أن عمليات الإنقاذ ورفع الانقاض لا تزال جارية بحثا عن مفقودين. "بحاجة" لصيانةمن جهته، يقول خبير الاتصالات رولان أبي نجم، إن "الحرب أثّرت على شبكات الاتصالات التابعة لشركتي ألفا وتاتش وشبكة أوجيرو التي أصبحت متهالكة وقديمة، وتفتقر للاستثمارات والتطوير. ومع أن هذه الأضرار تؤثر بشكل ملحوظ، إلا أن ذلك لن يؤدي إلى انقطاع كامل في شبكة الإنترنت، بل سيقتصر الانقطاع على بعض المناطق المحددة فقط".
ويؤكد لـ"الحرة" أن "الانقطاع الكامل للإنترنت قد يحدث فقط في حال انقطاع الكوابل البحرية التي تزود شبكة أوجيرو بالإنترنت، أو إذا تعذر عليها تزويد المراكز المختلفة بالخدمة".
ويتابع أبي نجم: "حتى الآن، لا يوجد قرار بضرب هذه الشبكات، أو عزل لبنان عن الإنترنت، إذ لا يزال هذا الموضوع ضمن الخطوط الحمراء المتفق عليها، ما لم يصدر قرار سياسي خارجي مفاجئ بهذا الشأن".
ويعتقد أن أي أزمة كبيرة في الإنترنت "ستؤثر بشكل كبير ومباشر على قطاعات عدة، منها التعليم والمستشفيات والأشغال والعمل عن بُعد"، مبيناً أن "كافة شركات الاتصالات في لبنان، خاصة أوجيرو، تعاني أصلًا من مشكلات كبيرة، وتفتقر إلى الصيانة منذ فترة طويلة، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع مع استمرار الحرب في لبنان، ويعود هذا الوضع أساسا إلى فساد الدولة والحكومة والوزارات".
وفي حال حدوث انقطاع كلي، يقول أبي نجم، هناك حلول بديلة عبر الأقمار الاصطناعيّة، إلا أن تفعيلها يتطلب أجهزة من الخارج، ومن الصعب إدخالها أو الحصول عليها في الظروف الحاليّة لأنها تُعتبر جزءا من الإنترنت غير الشرعي.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی لبنان ات التی
إقرأ أيضاً:
الخطر الحقيقي جنوب الليطاني
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": أجبِر الطرف اللبناني على القبول بوقف النار، بعدما خفّض مقدار التنازلات إلى أقل ما يمكن، لأنّ الخسائر التي كان يتكبّدها لبنان في الحرب لم تعد تُحتمل، بالمدنيين والدمار والتهجير، من الجنوب إلى الضاحية فالبقاع. ولم يكن خفياً على «حزب الله » أنّ المسار المرسوم لاتفاق وقف النار يستدعي منه التزام القرار 1701 ، وربما القرارين 1559 و 1680 المدرجين في سياقه. فقد تبدّلت ظروف 2006 التي سمحت له بالتعاطي مع القرار 1701 استنسابياً، (وكذلك إسرائيل)، وتجاهُل القرارين الآخرين. لكن رهان «الحزب » معقود على أنّ الضغوط التي يتعرّض لها حالياً ستزول مع تبدل المعطيات الإقليمية والدولية، كما يحصل غالباً، ما يسمح له ببناء قدراته مجدداً، شمال الليطاني في المرحلة الأولى، ثم التمدّد جنوباً كما حصل في السنوات ال 18 السابقة. كذلك، راهن «الحزب » على أنّ الإسرائيليين، الذين نجحوا خلال الحرب في رصد كثير من خطوط إمداده ومخازن سلاحه وضربوها، سيخسرون هذه القدرة
بمرور الوقت. وعبّر عدد من كوادر «الحزب » عن هذا الرهان في أشكال مختلفة. ولكن، في التطبيق، برزت حتى الآن 3 عقد أساسية تقف عائقاً أمام نجاح «الحزب » في رهاناته، وهي:
-1 خلافاً لما هو منتظر، لم توقف إسرائيل عملياتها في لبنان على رغم من الاتفاق.
-2 العامل الأكثر تأثيراً، والذي لم يكن يتوقعه «الحزب هو انقلاب دمشق الذي أوقعه في خسارات عدة مترابطة:
خسارة خط الإمداد الإيراني ونقاط العبور الحدودية، وخسارة مخازن السلاح والذخيرة المتموضعة في الأراضي السورية، وخسارة الحليف السياسي الأقرب والأوثق ووقوع سوريا في أيدي خصومه.
-3 التوازنات الإقليمية والدولية ازدادت معاكَسة ففي العراق، يبدو حلفاؤها مقيَّدي الحركة، وفي اليمن يلوّح الأميركيون والإسرائيليون بضربات كتلك التي نفّذوها في لبنان، فيما لا تتوقف التهديدات بتسديد ضربة حاسمة لإيران، توازياً مع تولّي دونالد ترامب مقاليد السلطة في البيت الأبيض.
البعض يخشى استئناف الحرب. ويستند في ذلك إلى أنّ «حزب الله » سيواجه خيار نزع السلاح ويضطر إلى الردّ على إسرائيل، استناداً إلى قول النائب ابراهيم الموسوي: «هناك حدود لصبرنا .»
لكن الجميع في لبنان يدرك أنّ العودة إلى الحرب ستكون كارثية لأنّ لا أفق لها سوى مزيد من الضحايا والتدمير والتهجير.