عيد الجهاد الوطنى ملحمة شعبية غيرت التاريخ
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
ينظم معهد الوفد للدراسات السياسية بحزب الوفد تحت رعاية الدكتور عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد وعميد معهد الدراسات السياسية احتفالية غدًا بمناسبة ذكرى عيد الجهاد الوطنى، الذى يوافق يوم ١٣ نوفمبر.
يتضمن الاحتفال عددا من الفعاليات، منها عروض وثائقية وكلمات للوفديين، احتفالاً بهذه الذكرى تقام الاحتفالية بالمقر الرئيسى للحزب بالدقى، فى تمام الساعة الرابعة عصرًا.
وتقدم بوابة الوفد أبرز المعلومات عن عيد الجهاد هذا اليوم الذى يُعد ملحمة وطنية شعبية غيرت وجه التاريخ بشكل سلمى من خلال جمع توقيعات على توكيلات لسعد باشا لتحقيق استقلال مصر، ويحمل أيضاً عيد الجهاد الكثير من المعانى والعبر الوطنية التى كانت محركاً رئيسياً فى اندلاع ثورة 1919 التى علمت العالم الكثير.
البداية
حمل سعد باشا زغلول ورفاقه لواء الجهاد لتحقيق مطالب الأمة لتحقيق الحرية واستقلال مصر وجلاء الجيوش البريطانية من أراضيها، وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ولكن لم يكن الأمر يسيراً خاصة على المستعمر الأجنبى الذى رفض هذه الفكرة بشكل قاطع، وبسبب هذا الرفض كان ميلاد ثورة 1919 التى تعلم منها العالم كيف يكون الدفاع عن الأوطان.
13 نوفمبر، قرر الزعيم سعد باشا زغلول وعلى باشا شعراوى وعبدالعزيز باشا فهمى الذهاب إلى مؤتمر الصلح الذى عقد فى باريس لتمثيل مصر ومناقشة طلب الاستقلال وذهبوا إلى دار الحماية البريطانية لمقابلة المندوب السامى البريطانى، السير «ريجنالد ونجت» لطلب السماح لهم بالسفر والمشاركة فى المؤتمر، إلا أن طلبهم قوبل بالرفض، وقيل إنهم لا يمثلون سوى أنفسهم فقط، فهب الشعب المصرى بكل فئاته لجمع التوكيلات لسعد زغلول ورفاقه لتفويضهم للسفر، لتكون تلك هى النواة الأولى لثورة 1919 وتشكيل حزب الوفد.
جمع التوكيلات
استمر حزب الوفد فى جمع التوقيعات للضغط على الإنجليز للسماح بالسفر للوفد إلى باريس لحضور المؤتمر، وبالفعل تم طبع الصيغة الأخيرة للتوكيلات، ووزعت فى جميع أنحاء الجمهورية ومختلف الجماعات والتجمعات، وسرعان ما انتشرت حركة جمع التوقيعات على التوكيل وشاعت الحركة بين مختلف طبقات الأمة ونجح الشعب المصرى فى جمع ما يقرب من 3 ملايين توكيل من أصل 11 مليوناً وهو تعداد سكان مصر فى ذلك الوقت.
حكومة حسين باشا رشدى
أيد حسين رشدى باشا رئيس الوزراء حينها وعدلى يكن وزير المعارف حركة التوكيلات الذى يجمعها الشعب، وطلبا من المعتمد البريطانى السماح لهما وللوفد بالسفر، فجاء الرد بعدم الموافقة، بحجة انشغال اللورد بلفور بمفاوضات الصلح لقرب انعقاد مؤتمر السلام.
وكان هناك دعم كبير من الحكومة لحركة جمع التوكيلات لسعد باشا، وكان الجميع يسعى إلى تحقيق هدف واحد وهو استقلال البلاد، وسمح المستعمر للوزيرين بالسفر إلى لندن دون غيرهم، وأصرّ رشدى باشا على طلبه بالسماح للسفر لمن يطلب السفر من المصريين إلى أوروبا، ورفض الإنجليز، ما أدى إلى قبول السلطان فؤاد الأول الاستقالة التى تقدم بها حسين رشدى باشا وعدلى يكن وزير المعارف فى مارس 1919.
اعتقال سعد زغلول
تدخل الوفد لأول مرة باعتباره ممثلًا للشعب، وأرسل خطابًا فى 2 مارس 1919 للسلطان ليُعلن عن رفضه فى قبوله استقالة الوزارة. تبع هذا الخطاب خطاب آخر فى 4 مارس إلى ممثلى الدول الأجنبية يحتج فيه على منع الإنجليز المصريين من السفر إلى مؤتمر السلام. فى 6 مارس، استدعى الجنرال وطسون قائد القوات البريطانية سعد زغلول وأعضاء الوفد لمقابلته قام الجنرال وطسون بتحذيرهم من القيام بأى عمل يعيق الحماية البريطانية على مصر، واتهمهم بتعطيل تشكيل الوزارة الجديدة، ما يجعلهم عرضة للأحكام العرفية.
أرسل سعد زغلول احتجاجاً إلى لويد جورج رئيس الوزارة الإنجليزية، أعلن فيه أنه يطلب «الاستقلال التام» لبلاده، وأنه يرى فى الحماية عملًا دوليًا غير مشروع. فى 8 مارس، أمرت السلطات البريطانية باعتقال مجموعة الوفد وحبسهم فى «ثكنات قصر النيل» ثم تم نفيهم فى اليوم التالى إلى «مالطة»، انتشرت أخبار نفى أعضاء الوفد فى 9 مارس، ما تسبب فى بدء مظاهرات الاحتجاج فى القاهرة والمناطق الكبرى، كان قوام المظاهرات طلبة المدارس الثانوية والعليا ثم انضم لهم بقية المصريين وكانت نواة لثورة 1919 التى غيرت وجه التاريخ.
منح مصر استقلالها
وامتدت نيران ثورة 1919 إلى فبراير 1922 حينما بدأت تجنى ثمارها فى صدور التصريح البريطانى الذى منح مصر استقلالها، ورغم أن هذا الاستقلال كان مقيداً بأربعة تحفظات بريطانية، فقد ترتب عليه تدريجياً عدة نتائج وتطورات نقلت مصر إلى عهدها الليبرالى الذى تمتعت فيه بالحكم الوطنى والدستور وحرية الاجتماع والصحافة والسيطرة على الاقتصاد والتشريع والقضاء واستعادة التمثيل السياسى الوطنى لمصر فى المجتمع الدولى، وظل الشعب المصرى بكل أحزابه وهيئاته الشعبية والرسمية يحيى ذكرى يوم الجهاد الوطنى ويوم اندلاع ثورة 1919.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حزب الوفد معهد الدراسات السياسية عید الجهاد سعد زغلول سعد باشا ثورة 1919
إقرأ أيضاً:
دروس عيد الجهاد
اليوم، الأربعاء 13 نوفمبر، نحتفل جميعًا بذكرى وطنية عزيزة، هى ذكرى عيد الجهاد الوطنى، الشرارة الأولى لثورة 1919، أعظم ثورات التاريخ المصرى الحديث، الثورة التى نقلت مصر لأول مرة إلى مرحلة البحث عن الحكم الذاتى، بعيدًا عن سيطرة غير المصريين على السلطة، وهى المرحلة التى تمثل جسرًا نحو تمصير السلطة وتغليب الشعور الوطنى المصرى بشكل منظم، لا يستهدف الغضب ولكن ينظمه بشكل قانونى ودستوري، ليشعر المصرى لأول مرة منذ عهد الفراعنة، أنه صاحب بلد مُشارك، وليس ضيفًا فى وطنه.
وبهذه المناسبة يجب أن نتذكر الدروس.
1- فكرة الوطنية المصرية الجامعة:
الفكرة التى ولدت مع ظهور الوفد يوم 13 نوفمبر عام 1918، لا يمكن لها أن تتكرر، لأنها كانت صعبة للغاية، وظروفها التاريخية نادرة، ولذلك سيبقى فى التاريخ حزب واحد له مميزات فكرة (الوطنية المصرية الجامعة) هذا الحزب اسمه حزب الوفد الذى أسسه سعد زغلول، وحرص الوفديون عليه إلى اليوم، وسوف يظل فى المستقبل حزبًا يستمد مواقفه من تراثه وتاريخه، مستندًا إلى مواقف أبنائه الذين تعلموا على أيدى أساتذة العمل السياسى الوطني، تعلموا كيف تكون المواقف، وكيف يكون الرأي، ويعرفون دور الوفد وأهميته.. فذخيرة الوفد فى المستقبل هم أبنائه الذين تشربوا بفكره ومبادئه، وتراثه، وتاريخه، ويحفظونه عن ظهر قلب، ويعملون به واثقين غير مهتزين.
2- فكرة غير قابلة للتكرار:
الوفد فكرة غير قابلة للتكرار، وهذا ليس مصادرة على التاريخ، ولكنه رأى مرتبط بالواقع، الذى يقول إن المصريين لديهم حزب واحد يشعرون تجاهه بعاطفة موروثة، مثل عاطفة الانحياز نحو العائلة، هو حزب الوفد.
ولذلك فشلت محاولات تأسيس حزب سياسى جديد، يحمل أفكار حزب الوفد فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بل إن هذه المحاولات كانت تجرى لتأسيس حزب بنفس التركيبة، التى اعتمد عليها الزعيم سعد زغلول فى عام 1918.
كانت محاولات استنساخ للفكرة والتركيبة البشرية، التى تعتمد على تنوع العائلات، والديانات، والنوع، والطبقات، لكن الناس بشكل طبيعى، عرفوا أن هناك أصلًا وفرعًا، والأصل مهما قلت موارده، وكثرت مشكلاته سيبقى أصلًا، وسيظل قوة كامنة فى ذاتها.
3- تصحيح أخطاء الثورات السابقة:
من أهم مميزات ثورة 1919 التى انطلقت إرهاصاتها يوم 13 نوفمبر 1918، أنها صححت الأخطاء التى وقعت بها الحركات والثورات والانتفاضات الشعبية المصرية السابقة، والتى قادها زعماء مصريون ضد المستعمر الأجنبى، فقد طالبت ثورة 19 بشكل صريح منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة بإجلاء المستعمر من الأرض المصرية.
وهى الثورة التى تكاتف فيها المسلم والمسيحى معًا لأول مرة، فتحول الدفاع عن حرية الوطن، من فريضة دينية فقط، إلى فريضة وطنية أيضًا، لا فرق فيها بين صاحب دين، ورفيقه من الدين الآخر.
وفى ثورة 19 ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية فى صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة فى المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع، وكانت أول شهيدتين فى هذه الثورة السيدتان حميدة خليل وشفيقة محمد.
4- إنجاز كبير للمرأة المصرية:
فى عام 1920، تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول، وانتخبت السيدة هدى شعراوى رئيسًا لها، وكان هذا إنجازًا تاريخيًا كبيرًا، يستحق الرصد والمتابعة والتقدير، فالتنظيمات النسائية المصرية، ومؤسساتها، وهيئاتها، بدأت من انطلاق الثورة وتطورت من بعدها.
5- زعيم لايتكرر إسمه سعدًا:
سعد زغلول قائد ثورة 19 قائد وزعيم لا يتكرر، فهو الرجل الذى قال عندما أصبح حاكمًا منتخبًا جملة لا تٌنسى، فقد أطلق المقولة الشهيرة «الحق فوق القوة.. والأمة فوق الحكومة»، فكانت أسلوب عمل التزمت به حكومات الوفد التى انحازت للشعب.