صحيفة الاتحاد:
2025-12-09@21:58:47 GMT

فاطمة الظنحاني تعزِّز ثقافة التطوع في المدارس

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

خولة علي (أبوظبي)
التطوع هو أحد أسمى القيم الإنسانية التي تعزز الترابط والتعاون بين أفراد المجتمع، ويغرس في النفوس حب العطاء والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين. ويكتسب التطوع المدرسي أهمية خاصة في بناء جيل واعٍ ومدرك لأهمية خدمة مجتمعه، حيث يتعلم الطلاب قيمة التعاون والتضامن، مما يسهم في تكوين شخصيات متوازنة وإيجابية.

وقد أظهرت فاطمة الظنحاني منذ لحظة عملها اجتماعية في الحرم المدرسي، التزاماً عميقاً بمسؤوليتها تجاه المجتمع، وشغفاً لا يلين في دعم الطلاب والمساهمة في بناء مجتمع مدرسي متماسك، لقدرتها على تعزيز القيم الإنسانية لدى الأجيال الناشئة، وغرس روح العطاء والعمل التطوعي في نفوسهم، وذلك عبر تقديم إرشاد اجتماعي متميز وبرامج تدريبية فعالة. كما لعبت دوراً رائداً في المجتمع، من خلال عضويتها في جمعيات النفع العام ومشاركتها في العديد من المؤسسات المحلية والدولية.
منذ عام 2014، أبدعت فاطمة الظنحاني في دورها اختصاصية اجتماعية في مدارس أبوظبي، حيث امتلكت رؤية واضحة وسعت لبناء بيئة مدرسية داعمة. ولم يقتصر دورها على تقديم الإرشاد الاجتماعي للطلاب فحسب، بل تجاوز ذلك لتكون مدربة ومرشدة في مجتمعات التنمية المهنية، وبرزت كمتحدثة فعالة في مؤسسات كبرى، منها الهلال الأحمر الإماراتي ومبادرة «أقدر» لتمكين الشباب. وهي تتمتع بعضوية فعالة في جمعيات النفع العام، حيث تناقش القضايا الاجتماعية وتساهم في إيجاد حلول مبتكرة لها. وقد كرست وقتها وجهودها متطوعة محلية ودولية لدعم المجتمعات داخل الإمارات وخارجها، وكتبت في الصحف والمجلات المحلية، لتسهم في نشر ثقافة العطاء والتطوع بين أفراد المجتمع.

التطوع وأهميته
تؤمن فاطمة الظنحاني، بأن التطوع يمثل روح العطاء، التي تغرس في النفوس حب الخير والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين. وتقول: التطوع قيمة سامية تعزز التماسك المجتمعي، وتشجع الأفراد على التعاون لتحقيق أهداف إنسانية نبيلة. وإن غرس ثقافة التطوع في المدارس يعتبر ضرورياً لتنشئة جيل واعٍ ومدرك لأهمية خدمة المجتمع، مما يسهم في بناء شخصية متوازنة وقادرة على مواجهة التحديات بإيجابية. وتكمن أهمية التطوع في نشر ثقافة العطاء، وتطوير الشعور بالمسؤولية الاجتماعية من خلال العمل الجماعي وتنمية المهارات الشخصية، مثل التواصل وتنظيم الوقت والقيادة، مما يعزز التطوع من شعور الانتماء لدى الأفراد، حيث يشعرون بأنهم يساهمون في بناء وتطوير مجتمعهم.
وترى الظنحاني أن نشر ثقافة التطوع، بين الشباب، يسهم في بناء جيل مدرك لأهمية العطاء والتفاعل مع قضايا مجتمعه. وتؤكد أن المؤسسات المجتمعية والمدارس تلعب دوراً محورياً في ترسيخ هذه القيم، من خلال توفير الفرص التطوعية والمبادرات التي تتيح للأفراد المشاركة في خدمة المجتمع، ما يجعل من التطوع جزءاً أساسياً من أسلوب الحياة.

أخبار ذات صلة «الشارقة للعمل التطوعي» تفتح باب التسجيل حتى 31 ديسمبر القادم «الشؤون الإسلامية والأوقاف» تطلق «مصلى مدرستنا»

بداية العطاء
بدأت رحلة الظنحاني مع التطوع منذ صغرها، حيث تأصلت هذه القيمة في ذهنها وتكرست فيما بعد مع أبنائها وطلابها. وفي إحدى حصص الإرشاد الجماعي التي تقدمها للطلاب، اقترحت إحدى زميلاتها عليها تكوين فريق تطوعي والمشاركة في جائزة الهلال الأحمر الإماراتي المخصصة لطلاب المدارس. من هنا، انطلقت إنجازاتها، لتصبح رائدة في مجال التطوع داخل وخارج المدرسة. وساهمت في نشر ثقافة التطوع بين الطلبة من خلال الأنشطة المدرسية، والتي كان لها أثر كبير في تشجيع الطلاب على المشاركة بالأعمال التطوعية، وقد حفزتها هذه التجربة على المشاركة في جائزة «عون» للخدمة المجتمعية تحت إشراف الهلال الأحمر الإماراتي. وبعد الفوز بالجائزة، ازداد حماس الطلبة من مختلف المراحل للانضمام إلى الفريق التطوعي.
أطلقت الظنحاني مع فريقها مبادرات تطوعية متنوعة داخل الحرم المدرسي، وجاءت معظم الأفكار من طالباتها. ومن أبرز هذه المبادرات، مبادرة «اصنع بسمة» التي استهدفت دعم طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أُقيمت ورش عمل أسعدت هذه الفئة وقدمت لهم هدايا محببة. وكذلك مبادرة «دفء وأمان» التي شملت توزيع وجبات غذائية وصحية وشراء جاكيتات شتوية للعاملين في المدرسة، ويوم التشجير، حيث ساهم الفريق في ترتيب الحديقة المدرسية وزراعة الأزهار.

تحديات
واجهت الظنحاني بعض التحديات في الأنشطة التطوعية خارج المدرسة، حيث يتطلب ذلك الحصول على موافقات لإخراج الطالبات إلى مواقع معينة، مع التأكد من أن تكون تلك المواقع آمنة لتجنب تعرض أي من الطالبات للخطر أثناء تقديم الخدمة. وحققت الظنحاني عدة إنجازات، بينها حصولها على لقب «المشرف المتميز» على مستوى إمارة أبوظبي والدولة، بالإضافة إلى جائزة الإبداع الدولي في العمل التطوعي ودرع التميز التطوعي من فريق «شكراً لعطائك». كما شاركت في عدة فعاليات خارجية كمتطوعة إماراتية، لتثبت أن العطاء لا يعرف حدوداً. وتسعى الظنحاني أن تصبح قائدة في مجال الخدمة الاجتماعية، وأن تسهم في تطوير برامج العمل المجتمعي والتطوعي في الإمارات. وتوسيع دائرة تأثيرها، لتلهم العاملين في المجال الاجتماعي، وتوجههم نحو تحسين البرامج التي تخدم المجتمع، متطلعة إلى مستقبل يزخر بالعطاء والعمل لخدمة الوطن.

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المدارس التطوع ثقافة التطوع نشر ثقافة فی بناء من خلال

إقرأ أيضاً:

المسؤولية الاجتماعية: من العطاء السريع إلى الاستثمار المستدام

علي عبد الحسين اللواتي

 

لنتوقف للحظة ونتأمل المشهد الحالي للعمل الخيري والاجتماعي في مجتمعنا. لدينا برامج حكومية متطورة للحماية الاجتماعية، وعدد كبير من الجمعيات الخيرية والوقفية النشطة، ولا ننسى التبرعات الفردية السخية التي تتزايد في مواسم الخير. ومع كل هذا العطاء، يظل السؤال قائمًا: هل نُحقق الأثر الأعمق والأكثر استدامة؟

حان الوقت لإضافة مفهوم جديد للمفهوم الحالي للمسؤولية الاجتماعية، والانتقال من "العطاء السريع" فقط إلى "الاستثمار المستدام" الذي يركز على تمكين الفرد وخلق منظومة تعتمد على ذاتها، -مع الحفاظ على الاستجابة للضرورات الإنسانية العاجلة بالشكل المعمول به حاليًا- على أن تكون

مستدامة ماليًا دون الاعتماد على التبرعات الدائمة تدار باحترافية عالية كما تدار الشركات الربحية تستثمر في نموها وتطوير خدماتها تحقق "فائضًا" لكن لأغراض إعادة الاستثمار لا لتوزيع الأرباح للمتبرعين.

بناء الفرص لا مجرد المنازل: نموذج الإنشاءات المستدام

تبادر بعض المؤسسات الخيرية بتبرعات سخية لبناء مساكن لذوي الحاجة، وهي جهود موفقة ومباركة. ولكن بدلًا من الاكتفاء بتقديم التبرعات النقدية المباشرة لبناء المنازل للمستحقين، لماذا لا نحول هذه العملية إلى محرك اقتصادي مستدام؟

الفكرة المقترحة تكمن في تأسيس شركة مقاولات بناء أو صيانة مصغرة، يكون كادرها الأساسي من الشباب العُماني ذوي الخبرة، وربما من "المسرحين من العمل" في قطاع الإنشاءات. هذه الشركة يتم تأسيسها برأس مال مجمع من الجمعيات الخيرية، وبدلًا من أن تذهب أموال التبرعات لشركات قائمة، تقوم هذه الشركة الاجتماعية ببناء المنازل المتبرع بها.

هذا النموذج ليس حبرًا على ورق؛ فهو يحاكي تجربة شركة Bounce Back في المملكة المتحدة، وهي مؤسسة غير ربحية لكنها قادرة على تمويل ذاتها من خلال عملها. هنا نكون قد حققنا ثلاثة أهداف في ضربة واحدة:

بناء المنزل للمستحق. خلق وظائف مستدامة ومؤهلة للمواطنين. تحويل أموال المسؤولية الاجتماعية إلى أصل منتج وقادر على التمويل الذاتي.

وهذا بالضبط ما نعنيه بالاستثمار المستدام مشاريع تُدار باحترافية عالية كما تدار الشركات الربحية، وتستثمر في نموها وتطوير خدماتها، وتحقق فائضًا ماليًا يعاد استثماره في توسعة أثرها الاجتماعي.

فرن يخلق الآلاف: الاستثمار في القطاعات البسيطة

الفكر المستدام ليس حكرًا على قطاع المقاولات. يمكن تطبيقه في قطاعات أبسط وأكثر انتشارًا، مثل المخابز.

تصوروا لو أن هذه الجمعيات الخيرية قامت بشراء أو تأسيس مخبز، وتم توظيف كادره بالكامل من المواطنين. الهدف الأسمى لهذا المخبز لن يكون الربحية البحتة، بل إدارته ذاتيًا وتغطية تكاليفه، مع توفير فرص عمل مستقرة.

هذا هو بالضبط ما يمثله مخبز Greyston Bakery في الولايات المتحدة. هذه المؤسسة غير الربحية تقوم بتوظيف الباحثين عن عمل الذين قد يواجهون صعوبات في الحصول على وظيفة لأسباب مختلفة. نجحت المؤسسة في تدريبهم وتوظيفهم، وخلق آلاف الوظائف، والأهم أنها تغطي تكاليفها بالكامل من بيع منتجاتها. لقد أثبتت هذه المؤسسة استدامتها على مر العقود.

الدعم المشروط: عزة العمل مقابل الأجر

لعل المثال الأسرع والأكثر تطبيقًا هو دعم العمل الحر والوظائف المباشرة؛ فعلى سبيل المثال يمكن تقديم دعم مشروط لسائقي "التوصيل" المواطنين في شركات التوصيل. يتم ذلك بأن تساهم أموال المسؤولية الاجتماعية بجزء بسيط من تكلفة التوصيل، ولكن بشرط أن يكون المُوَصِّل مواطنًا.

على سبيل المثال، لو كانت تكلفة التوصيل ريالًا عُمانيًا، فإن 10% منها يُمكن أن تُدفع من صندوق المسؤولية الاجتماعية إذا كان السائق مواطنًا. وهذا الدعم يكون مباشرًا ومشروطًا ومقدمًا مقابل عمل ينجزه الفرد. والنتيجة مزدوجة: تشجيع السائق المواطن على الاستمرار في العمل، وتشجيع العميل على اختياره.

الغاية الأسمى: فكر التاجر لا المتبرع

إن الغاية الأبعد من هذا التحول هي ألّا نخلق جيلًا "اتكاليًا" يجيد الشكوى، بل جيلًا يمتلك أدوات الإنتاج والاعتماد على الذات. وهذا يتطلب تغييرًا في ثقافة المجتمع والمتبرع نفسه.

إن وجود "فكر اقتصادي" في إدارة ملف العمل الخيري يساهم في مضاعفة الناتج من كل ريال يُصرف. ولتجسيد هذا الفكر، إليكم قصة تاجر؛ حيث روى والدي -رحمه الله- قصة صديق له يمتلك محلًا كبيرًا لبيع الملابس الجاهزة. وفي إحدى الجلسات، سأله الأصدقاء عن حديث الناس بأن محله يخسر منذ سنوات. فأجاب التاجر بإدراك عميق: "نعم، أنا أخسر سنويًا 100 ألف ريال عُماني. ولكنني أوظف في المقابل 40 عاملًا، وأؤجر محلًا ومخازن وأغطي تكاليف اللوجستيات. بالنتيجة، هناك أكثر من 40 عائلة تعيش بشكل مباشر من هذا المشروع، وأعداد أخرى تستفيد بشكل غير مباشر". وأضاف: "لو أردت دعم هذه الأسر سنويًا كتبرعات وهبات، لاحتجت إلى أضعاف هذا المبلغ. لذلك، أنا أعتبر جبر هذه الخسائر بالمائة ألف هو تبرعي السنوي".

هذا النوع من الثقافة، الذي ينظر إلى خلق الوظيفة والاستدامة كـ"تبرع"، هو بالضبط ما نحتاجه للمرحلة المقبلة. يجب أن نتحول من جمعيات تقليدية تقتصر على توزيع المعونات إلى مؤسسات كبرى تُدار باحترافية، وتستثمر في نموها، وتحقق استدامة مالية تسمح لها بالتمويل الذاتي؛ حيث يُعاد استثمار أي فائض في تطوير خدماتها وتوسعة أثرها الاجتماعي.

نحو منظومة متكاملة

علينا أن نبدأ اليوم في تحويل هذه الأموال الكبيرة إلى مشاريع مستدامة تضمن للفرد كرامة العمل لا كرامة السؤال. وهذا يتطلب:

أولًا: إضافة كفاءات إدارية محترفة إلى الجمعيات الخيرية، متخصصة في إدارة المؤسسات غير الربحية.

ثانيًا: خلق تكامل بين الجهات المعنية، حيث تقوم الحكومة بسن تشريعات للاقتصاد الاجتماعي، وتتعاون الجمعيات مع مؤسسات القطاع الخاص في شراكات استراتيجية.

ثالثًا: تبني نماذج عالمية ناجحة - مثل مستشفيات مايو كلينك وجامعات مثل هارفارد، التي تثبت أن المؤسسات غير الربحية يمكن أن تحقق استدامة مالية عالية وتُدار باحترافية، مع بقاء هدفها الأساسي اجتماعيًا وإنسانيًا.

بهذه الرؤية الشاملة، نتحول من فلسفة "العطاء السريع" إلى استراتيجية "الاستثمار المستدام" الذي يبني الإنسان قبل أن يبني الحجر، ويخلق الوظيفة قبل أن يوزع المساعدة، ويضمن الكرامة قبل أن يقدم العون.

مقالات مشابهة

  • مؤسسة أبو العينين تحتفل بيوم التطوع العالمي وتكرّم 15 ألف مشارك ببرنامجها
  • المسؤولية الاجتماعية: من العطاء السريع إلى الاستثمار المستدام
  • فعالية خطابية وبازار خيري للأسر المنتجة في الحديدة بذكرى فاطمة الزهراء
  • حين يتحرك المجتمع بقيمه: قراءة في دلالات اليوم العالمي للتطوع
  • كيف تحمي مؤسسات المجتمع المدني قطاعَي التعليم والثقافة بالقدس؟
  • أمانة الرياض تحقّق رقمًا قياسيًا عالميًا بموسوعة جينيس بمبادرة التطوع
  • مياه الشرقية تنفذ 1645 نشاطًا توعويًا داخل المدارس لنشر ثقافة ترشيد المياه
  • أمانة الرياض تعلن تفاصيل مبادرة التطوع التي ستنطلق الاثنين القادم
  • في اليوم العالمي للعمل التطوعي… الزيود: “القلوب التي تعمل للناس لا تُقاس جهودها بالأرقام بل بالأثر”
  • برلمانية: مواجهة الانفلات في المدارس ضرورة لحماية المجتمع