#الشرع في #ميزان_العقل
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
قد يبدو العنوان مستهجنا، فالعقل ليس حكما على الشرع، بل العكس، لكن مقصدي من هذا القلب سيتبين لاحقاً.
لغايات مساعدة الإنسان في اتخاذ القرارات الصائبة، أوجد له الخالق الحكيم ثلاثة موازين مرجعية، لكي يحتكم اليها:
الأول هو الفطرة المودعة في كل كائن حي، توجهه وتتحكم في قراراته، ما عدا الإنسان، لتميزه من بينها بحرية الإرادة، وذلك لأنه مكلف بالاختيار بين طاعة الخالق أو عصيانه، فبإمكانه اتباع ما تمليه عليه الفطرة أو مخالفتها.
الثاني هو العقل، وحكمه صائب لاعتماده على المحاكمة المنطقية، لكن عيبه ان الهوى والذي تشكله الرغبات والشهوات ليس محايدا، فقد تفسد هذه المحاكمة أو تحرفها، كما تختلف النفوس بمقدار اتباعها الهوى أو مقاومته، ولذلك أوجد الله ميزانا ثالثا، حكما معياريا لا يتأثر بالهوى.
وهذا الميزان هو الشرع، وهو جملة أحكام تسمى الحلال والحرام، تتناول أهم نقاط ضعف النفس البشرية أمام الأهواء، وحددت ما هو واجب فعله أو واجب تركه، كما حددت ما بينهما كمستحب أو جائز أو مكروه.
ولما أن الله تعالى أغدق إكراماته على الإنسان، فزيادة على خلقه إياه في أحسن تقويم، سخر له كل ما في الأرض من جمادات وكائنات حية، ينتفع منها، خلق له نعيما أبديا يناله في الجنة، التي أعدها لعباده المتقين، لذلك فلا ينالها إلا من آمن به واتبع هديه، وبيّن الاستحقاقات والشروط التفصيلية لذلك الاتباع في رسالاته.
وفي حياتهم الأخروية هذه لن يكون نعيمها للجميع على السواء بل على درجات متفاوتة، وأكثر تباينا من درجات حياتهم الدنيوية، والارتقاء فيها بمقدار صلاح أعمالهم في الحياة الأولى.
لقد أراد الله من تعدد الموازين المرجعية مساعدة البشر في اجتياز ابتلاء الدنيا، والذي أوجده لتأهيلهم الى الحياة الآخرة، والتنافس لنيل نعيمها، وكدافع آخر لأجل حسن الاختيار، توعد المصرين على مخالفة كل تلك الموازين بعقاب شديد ومقيم في الحياة الأخروية.
قد يتساءل بعض المكذبين بالدين: لماذا جعل الله هذا التباين الهائل في مصير الناس: إما جنة نعيمها أكثر ما يمكن تصوره، أو نارا تفوق تحمله؟.
ذلك لإحقاق العدالة، فقد آتى الله الناس جميعا فرصا متساوية في الاختيار، فمن لم تقو فطرته على توجيهه للصلاح، جعل له العقل يتفكر به فيجد في الآيات الكونية والتكوينية والقرآنية أدلة دالة على وجود الخالق، ثم أرسل الرسل يهدون الى الصراط المستقيم، ومبشرين من آمن واتبع، ومنذرين من كذب وعادى منهج الله.
فهل تبقى بعد ذلك حجة!؟.
فلا يجوز أن يعامل الله من اختار الهدى والصلاح بمثل من اختار الفجور والصد عن سبيل الله.
حجة المكذبين الوحيدة أنهم اتبعوا ما تمليه عليهم عقولهم، فلا يؤمنون بما هو وراء ادراكاتهم الحسية.
لكن لو تصوروا أن الله تعالى كان مرئيا.. من كان بإمكانه التكذيب بوجوده؟.
وإذاً كيف سيكون ابتلاء وتمحيص بين من آمن بما غيب عن حواسه (الغيبيات) باتباع العقل والمنطق، وبين من آمن بناء على رؤيتها.
ولو لم يغيّب مصير الإنسان ما بعد الموت، وكان هنالك تواصل للأموات مع الأحياء، لأخبروهم بما وجدوه بعد الموت، ولن يبق مكذب بيوم الدين.
ولو كانت الجنة والنارمرئيتين لمن في الدنيا… من كان سيجرؤ على ارتكاب معصية!؟.
أذاً بكشف الغيبيات سينعدم الابتلاء، لذلك قضى الله ان تغيب العواقب عن إدراك الناس، فلا يعرف نتاج عمله إلا بعد انتهاء الزمن المتاح له لأداء الامتحان: “فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ” [ق:22]، فيفوز فقط من اتبع ما اتفقت عليه أحكام الموازين الثلاثة: الفطرة والعقل والشرع، أي من اتبع الفطرة السليمة، وصدق بها العقل البشري الرشيد الذي يوقن بالاستدلال المنطقي وليس بالحسي فقط كالأنعام، ثم لما جاءه المرسلون بالهدى اتّبعهم.
هؤلاء هم المتقون الفائزون برضا الله ورحمته: “ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” [البقرة:2-3].
نستخلص أنه لا يصح أن يكون العقل حكما على الشرع، فالعقل يحكم بناء على المعلومات المودعة فيه التي راكمتها معارفه الحسية والتجريبية.
لكن الشرع أوسع، فهو يحوي ما كشف للعقل وما غيّب عنه.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الشرع هاشم غرايبه من آمن
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى يوضح أقوى علاج للسحر والحسد.. فيديو
أكد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أهمية إيمان الإنسان بأن الله هو النافع والضار، وأنه لا يجب أن يُعلق الإنسان مشاكله على السحر أو الحسد فقط.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، أنه في حالة الشك في وجود سحر، يجب أن يبحث الشخص عن الأسباب الحقيقية لمشاكله أولاً، مثل الذهاب إلى الطبيب إذا كان يعاني من مرض أو محاولة حل المشكلات الزوجية أو العائلية بشكل عملي.
أمين الفتوى يوضح حكم صلاة المرأة بـ "البنطلون".. فيديو هل يجوز للزوج إجبار زوجته على العيش مع أهله.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)وأشار إلى أن العلاج من السحر يتمثل في اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، والقراءة المنتظمة للقرآن الكريم، خاصة آيات الرقية الشرعية، مؤكدا أنه لا مانع من قراءة الرقية الشرعية في الصباح والمساء، مع الحفاظ على الصلاة وعدم التشبث بمعتقدات تؤدي إلى تغييب العقل.
وفيما يتعلق بأوقات الاستجابة للدعاء، أفاد د. شلبي بأن الصلاة وقراءة القرآن والاستغفار تعد من أفضل العبادات التي يمكن من خلالها تقوية العلاقة بالله وتفريج الهموم، مضيفا أنه يجب على المؤمن أن يواظب على هذه العبادات والطلب من الله الدعاء بتفريج الكرب.
وأجاب على سؤال آخر يتعلق بكيفية تصرف الشخص في حالة حدوث مشكلة مفاجئة في حياته، حيث أشار إلى أن كثيراً من الناس يعتقدون أن المشاكل المفاجئة ترتبط بالسحر أو العين، لكنه نصح بأن الإنسان يجب أن يحاول إيجاد الأسباب الواقعية للمشاكل قبل الانزلاق في الاعتقادات الخاطئة التي قد تؤدي إلى التوتر والتشويش الذهني.
وأكد أن التعامل مع المشاكل يجب أن يكون بطريقة عقلانية، مع الاستعانة بالله والبحث عن حلول عملية.
وفي سياق آخر، أكدت الدكتورة إيمان محمد، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، على أهمية السمت الحسن في حياة المسلم، مشيرة إلى أن السمت الحسن لا يقتصر فقط على الجمال الظاهر بل يشمل أيضًا جمال الباطن وحسن الأخلاق.
وأضافت، أنه في الإسلام، يُعتبر السمت الحسن جزءًا أساسيًا من الأخلاق الإسلامية، حيث يشمل التوازن بين المظهر الخارجي والطباع الداخلية.
وأوضحت أن الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "السِّمْتُ الحسنُ والتَّقوى والاقتصادُ جزءٌ من أربعةٍ وعشرون جزءًا من النبوة" يدل على أن السمت الحسن هو من شمائل الأنبياء عليهم السلام، مشيرة إلى أن العديد من الناس يظنون أن السمت الحسن مقتصر فقط على الهيئة والمظهر الخارجي، ولكن في الحقيقة، يجب أن يتكامل مع حسن الأخلاق والمعاملة الطيبة مع الناس.
وأضافت: "إن السمت الحسن يتضمن أيضًا الوقار والتواضع والاعتدال في جميع الأمور، مع الابتعاد عن المبالغة والإفراط، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال تعلم الإنسان السلوكيات الإيجابية والاعتماد على معرفة العواقب الدنيوية والآخروية."
وأكدت على أن الإسلام يدعو إلى التواضع والاعتدال في المظهر، وأن الله سبحانه وتعالى يحب أن يظهر أثر نعمته على عبده، كما ورد في الحديث الشريف "إن الله جميل يحب الجمال"، مشيرة إلى أن السمت الحسن هو سلوك مكتسب، ليس فقط مرتبطًا بالصفات الجبلية، بل يمكن أن يتم تعلمه من خلال التأمل والتقليد الجيد.
شاهد الفيديو بالضغط هنـــا..