سواليف:
2025-02-02@17:12:16 GMT

الشرع في ميزان العقل

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

#الشرع في #ميزان_العقل
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
قد يبدو العنوان مستهجنا، فالعقل ليس حكما على الشرع، بل العكس، لكن مقصدي من هذا القلب سيتبين لاحقاً.
لغايات مساعدة الإنسان في اتخاذ القرارات الصائبة، أوجد له الخالق الحكيم ثلاثة موازين مرجعية، لكي يحتكم اليها:
الأول هو الفطرة المودعة في كل كائن حي، توجهه وتتحكم في قراراته، ما عدا الإنسان، لتميزه من بينها بحرية الإرادة، وذلك لأنه مكلف بالاختيار بين طاعة الخالق أو عصيانه، فبإمكانه اتباع ما تمليه عليه الفطرة أو مخالفتها.


الثاني هو العقل، وحكمه صائب لاعتماده على المحاكمة المنطقية، لكن عيبه ان الهوى والذي تشكله الرغبات والشهوات ليس محايدا، فقد تفسد هذه المحاكمة أو تحرفها، كما تختلف النفوس بمقدار اتباعها الهوى أو مقاومته، ولذلك أوجد الله ميزانا ثالثا، حكما معياريا لا يتأثر بالهوى.
وهذا الميزان هو الشرع، وهو جملة أحكام تسمى الحلال والحرام، تتناول أهم نقاط ضعف النفس البشرية أمام الأهواء، وحددت ما هو واجب فعله أو واجب تركه، كما حددت ما بينهما كمستحب أو جائز أو مكروه.
ولما أن الله تعالى أغدق إكراماته على الإنسان، فزيادة على خلقه إياه في أحسن تقويم، سخر له كل ما في الأرض من جمادات وكائنات حية، ينتفع منها، خلق له نعيما أبديا يناله في الجنة، التي أعدها لعباده المتقين، لذلك فلا ينالها إلا من آمن به واتبع هديه، وبيّن الاستحقاقات والشروط التفصيلية لذلك الاتباع في رسالاته.
وفي حياتهم الأخروية هذه لن يكون نعيمها للجميع على السواء بل على درجات متفاوتة، وأكثر تباينا من درجات حياتهم الدنيوية، والارتقاء فيها بمقدار صلاح أعمالهم في الحياة الأولى.
لقد أراد الله من تعدد الموازين المرجعية مساعدة البشر في اجتياز ابتلاء الدنيا، والذي أوجده لتأهيلهم الى الحياة الآخرة، والتنافس لنيل نعيمها، وكدافع آخر لأجل حسن الاختيار، توعد المصرين على مخالفة كل تلك الموازين بعقاب شديد ومقيم في الحياة الأخروية.
قد يتساءل بعض المكذبين بالدين: لماذا جعل الله هذا التباين الهائل في مصير الناس: إما جنة نعيمها أكثر ما يمكن تصوره، أو نارا تفوق تحمله؟.
ذلك لإحقاق العدالة، فقد آتى الله الناس جميعا فرصا متساوية في الاختيار، فمن لم تقو فطرته على توجيهه للصلاح، جعل له العقل يتفكر به فيجد في الآيات الكونية والتكوينية والقرآنية أدلة دالة على وجود الخالق، ثم أرسل الرسل يهدون الى الصراط المستقيم، ومبشرين من آمن واتبع، ومنذرين من كذب وعادى منهج الله.
فهل تبقى بعد ذلك حجة!؟.
فلا يجوز أن يعامل الله من اختار الهدى والصلاح بمثل من اختار الفجور والصد عن سبيل الله.
حجة المكذبين الوحيدة أنهم اتبعوا ما تمليه عليهم عقولهم، فلا يؤمنون بما هو وراء ادراكاتهم الحسية.
لكن لو تصوروا أن الله تعالى كان مرئيا.. من كان بإمكانه التكذيب بوجوده؟.
وإذاً كيف سيكون ابتلاء وتمحيص بين من آمن بما غيب عن حواسه (الغيبيات) باتباع العقل والمنطق، وبين من آمن بناء على رؤيتها.
ولو لم يغيّب مصير الإنسان ما بعد الموت، وكان هنالك تواصل للأموات مع الأحياء، لأخبروهم بما وجدوه بعد الموت، ولن يبق مكذب بيوم الدين.
ولو كانت الجنة والنارمرئيتين لمن في الدنيا… من كان سيجرؤ على ارتكاب معصية!؟.
أذاً بكشف الغيبيات سينعدم الابتلاء، لذلك قضى الله ان تغيب العواقب عن إدراك الناس، فلا يعرف نتاج عمله إلا بعد انتهاء الزمن المتاح له لأداء الامتحان: “فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ” [ق:22]، فيفوز فقط من اتبع ما اتفقت عليه أحكام الموازين الثلاثة: الفطرة والعقل والشرع، أي من اتبع الفطرة السليمة، وصدق بها العقل البشري الرشيد الذي يوقن بالاستدلال المنطقي وليس بالحسي فقط كالأنعام، ثم لما جاءه المرسلون بالهدى اتّبعهم.
هؤلاء هم المتقون الفائزون برضا الله ورحمته: “ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” [البقرة:2-3].
نستخلص أنه لا يصح أن يكون العقل حكما على الشرع، فالعقل يحكم بناء على المعلومات المودعة فيه التي راكمتها معارفه الحسية والتجريبية.
لكن الشرع أوسع، فهو يحوي ما كشف للعقل وما غيّب عنه.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الشرع هاشم غرايبه من آمن

إقرأ أيضاً:

بالصور.. تزاحم الجمهور على الليلة الختامية لمسرحية “مش كدة”

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

 

شهدت ساحة روابط للفنون منذ قليل تزاحم عدد كبير من الجمهور لحضور الليلة الختامية لمسرحية “مش كدة” لفرقة No Point Perspective، من إخراج مؤسسة الفرقة ميريت ميشيل، حيث انطلق العرض يوم الخميس الماضي، رافعا لافتة كامل العدد على مدار ثلاث ليالي عرضه. 

“مش كدة” يعتمد على لغة حركية غير تقليدية، مستكشفًا العلاقة بين الإنسان والآخر، وبين الإنسان وذاته، من خلال أداء يجمع بين الحركة والطاقة والعواطف المختلفة. 

العرض من أداء عبد الله سلطان، عبد الرحمن القاضي، أحمد منير، أليس جونسون، إنچي ياسر، ميريت ميشيل، سلمى لوكا، وصوفي منصور. تصميم الأزياء نشوى معتوق، تصميم الإضاءة صابر السيد، الموسيقى ميشال شريف جميل، تصميم البوستر عبد الله سلطان، الفوتوغرافيا آلاء محمد، المكساج والتنفيذ بونجا، إدارة خشبة مرام عبد المقصود (Recrew)، ومدير الإنتاج: شريف جميل.

العرض من إنتاج No Point Perspective بدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون “آفاق”، وبالتعاون مع وصلة للفنون.

مقالات مشابهة

  • وكيل الأزهر: الكليات العلمية بالأزهر تعيش نهضة حقيقية
  • بالصور.. تزاحم الجمهور على الليلة الختامية لمسرحية “مش كدة”
  • الإيمان بالقدر.. جوهر العقيدة وثمرة اليقين بالله
  • كيفية الإجابة على أسئلة الأطفال الوجودية.. أين الجنة وكيف يرانا الله؟
  • وكيل الأزهر يشارك في حفل تخريج دفعتين لطب الأزهر بدمياط
  • علي جمعة: الفكر المستنير نتاج استضاءة العقل بنور الهداية
  • ميزان العدالة مختل.. جدل كبير عقب انتهاء الانتقالات الشتوية بالدوري السعودي
  • 15 سبب لقراءة أذكار النوم كل ليلة؟
  • حكم العجز عن الوفاء بنذر الصيام لكبر السن
  • أيها الإنسان.. أنت في ذمة الله.. لا في ذمة البشر