باحث يحذر واشنطن من تغيرات هادئة في العالم.. القوة المهيمنة لم تعد صالحة
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
شدد مدير برنامج الجنوب العالمي في معهد "كوينسي" الأمريكي، سارانغ شيدور، على عدم قدرة الولايات المتحدة في عالم يتسم بشكل متزايد بالتعددية على الاعتماد على ولاء حلفائها، مشيرا إلى أن القوة الأمريكية المهيمنة لم تعد صالحة.
وقال شيدور في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه "في ظل عودة دونالد ترامب المذهلة إلى الرئاسة الأمريكية، يتدافع حلفاء أمريكا لتهنئته.
وأضاف في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنه "سوف يكون هذا بمثابة تغيير كبير. وتحت قيادة الرئيس بايدن، أولت الولايات المتحدة، التي تعمل على شحذ تنافسها مع الصين وتسعى إلى مواجهة غزو روسيا لأوكرانيا، أهمية كبيرة لتعزيز تحالفاتها وشراكاتها".
واعتبر الكاتب أن "هناك الكثير مما يشير إلى نجاحها. فقد حشد حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، قوته بقوة ضد روسيا. والآن تحاكي أوروبا استخدام أمريكا للتجارة سلاحا ضد الصين. أما اليابان، فقد اقتربت من الحلف من خلال زيادة إنفاقها العسكري، والانضمام إلى العقوبات ضد روسيا، وتشكيل علاقات أقوى مع كوريا الجنوبية. الواقع أن الفلبين، بعد فترة من الاغتراب، بدأت في تشكيل جبهة مشتركة ضد الصين. وظلت الهند شريكا وثيقا.
"نحن أقوى من أي وقت مضى"، هذا ما استطاع أن يتباهى به بايدن في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حلف شمال الأطلسي هذا الصيف، وفقا للمقال.
ولكن إذا أمعنت النظر، حسب الكاتب، فسوف يظهر اتجاه آخر تكشف بهدوء. فقد كان حلفاء وشركاء أمريكا يتحوطون برهاناتهم أيضا، ويبحثون بشكل متزايد عن ترتيبات بديلة مع بلدان ليست في فلك الغرب. وهذا التطور، الأقوى في الجنوب العالمي، لا يحركه قادة فرديون بقدر ما يحركه هيكل النظام الدولي. وفي عالم يتسم بشكل متزايد بالتعددية والمعاملاتية، لم يعد بوسع أمريكا أن تعتمد على ولاء أصدقائها. وهذا يحدث بالفعل، ولا علاقة له بترامب.
وقال شيدور إنه "منذ سنوات، ابتعد حليفان أمريكيان في العالم النامي، تركيا وتايلاند، عن الولايات المتحدة، فقاما بالوقوف في الوسط بينها وبين منافسيها. فقد أدانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، بشدة الغزو الروسي لأوكرانيا. ولكن تركيا لم تنضم إلى العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة، بل عمدت بدلا من ذلك إلى تعميق علاقاتها التجارية والطاقة مع موسكو وإشراك روسيا وأوكرانيا في صياغة اتفاقية تصدير الحبوب للأسواق العالمية والتي استمرت حتى الصيف الماضي".
وفي تايلاند، لفت الكاتب إلى أن "الجهود الرامية إلى السعي لمشاركة أكبر بكثير مع الصين تسارعت بشدة. ونظرا لعدم وجود نزاعات إقليمية مع بيجين والحاجة إلى إدارة التداعيات المترتبة على الحرب الأهلية في ميانمار المجاورة، فقد عززت تايلاند علاقاتها الاقتصادية، وعززت التدريبات العسكرية، وهي الآن تشتري أكثر من 40 بالمئة من أسلحتها من الصين".
وفي هذا العام، وكأنها تؤكد على انفصالها عن الولايات المتحدة، انضمت تركيا وتايلاند إلى مجموعة "البريكس" غير الغربية، بقيادة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، كدول شريكة، حسب المقال.
ولكن تحركات تركيا وتايلاند لا تشير بأي حال من الأحوال إلى أنها معادية لأمريكا أو للغرب.
وقال الكاتب إن "تايلاند عززت مناوراتها العسكرية السنوية الكبرى مع الولايات المتحدة وتقدمت بطلب للانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تقودها الولايات المتحدة. ومن جانبها، تعمل تركيا على شراء طائرات مقاتلة من الولايات المتحدة، وقالت إنها ما كانت لتتطلع إلى الانضمام إلى مجموعة البريكس لو تم قبولها في الاتحاد الأوروبي. والواقع أن التحوط، بحكم التعريف، يسعى إلى اغتنام الفرص في كل الاتجاهات".
بالنسبة للهند، كانت قمة البريكس الشهر الماضي بمثابة مساحة آمنة لكل من رئيس الوزراء ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ لعقد أول اجتماع جاد بينهما منذ خمس سنوات.
وأوضح الكاتب أنه "من خلال التحرك لفك الارتباط بين القوات عند نقطتين مشتعلتين على الحدود، ربما تكون الهند قد بدأت بداية انفراج مع الصين ــ الأمر الذي يمنحها المزيد من النفوذ لدى الولايات المتحدة. ولا شك أن العلاقات مع أمريكا تظل قوية. ولكنها تواجه درجة من الخلاف بشأن استمرار العلاقة بين الهند وروسيا ووصول حكومة موالية لواشنطن إلى السلطة في بنغلاديش على خلاف مع الهند".
وقال شيدور "وحتى في قلب نظام التحالف الأمريكي، هناك دلائل تشير إلى نمو التحوط. ففي اليابان، تشير أفكار رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا بشأن حلف شمال الأطلسي الآسيوي لمواجهة الصين إلى الالتزام بالسلام الأمريكي. ولكنه يفضل أيضا إنهاء عدم التكافؤ في التحالف، وإعطاء طوكيو صوتا متساويا وإشراك الصين في التعاون الإقليمي مثل الإغاثة من الكوارث".
وعلاوة على ذلك، من المرجح أن تؤدي النكسة الأخيرة التي تعرض لها الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في الانتخابات البرلمانية إلى تعقيد الأهداف الطموحة للحكومة فيما يتصل بالإنفاق العسكري وجعل التركيز ــ كما تريد أمريكا ــ على استبعاد الصين أكثر صعوبة، وفقا للمقال.
وفي أوروبا، لفت الكاتب إلى أن "الأحزاب المناهضة للمؤسسة تقدمت إلى مستويات جديدة من الدعم في مختلف أنحاء القارة. وعلى نطاق واسع، تشكك هذه الأصوات في السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا وتتشكك في النظرة الأمريكية السائدة لحلف شمال الأطلسي باعتباره التزاما مقدسا".
ووفقا للمقال، فإن إيطاليا تظهر تحت قيادة جورجيا ميلوني أن وصول مثل هذه القوى إلى السلطة لا ينبغي أن يضعف التحالف. ومع ذلك فإن التأثير الصافي للسياسات الجديدة هو فرض ضغوط متزايدة على أوروبا في انعكاس أولويات أمريكا تجاه روسيا وربما الصين. وتلعب المجر تحت قيادة فيكتور أوربان وسلوفاكيا تحت قيادة روبرت فيكو بالفعل مع كل الأطراف. وبمرور الوقت، قد ينتشر هذا إلى دول أوروبية أخرى.
وحول العامل الذي يفسر الجاذبية المتزايدة للتحوط، أشار الكاتب إلى أن "الجنوب العالمي غير المنحاز في الغالب، كان رائدا في هذا المجال، حيث استغلت قواه المتوسطة والضعيفة شراكات متعددة للصعود في نظام دولي معاد. ولكن تكتيك التحوط أصبح أكثر جاذبية لسببين جديدين. الأول هو عدم اليقين بشأن النظام العالمي المستقبلي. والثاني هو الحدس بأن العالم أحادي القطب، حيث كانت أمريكا تتحكم في العالم لمدة ثلاثة عقود، يختفي. وفي ظل هذه الظروف، من المنطقي أن ننخرط بشكل جوهري مع منافسي القوة المهيمنة".
وقال الكاتب إنه "صحيح أن التحوط لا يزال اتجاها ناشئا وليس مهيمنا بين حلفاء أمريكا وشركائها الأمنيين. ولكن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة لمزيد من ذلك. فبدلا من الإقصاء والطرح، يمكن لواشنطن في الاستجابة أن تجرب حسابا جديدا: الجمع. وهذا يتطلب منها التخلي عن فكرة الاستثنائية الأمريكية ــ أمريكا كزعيمة للحضارة نفسها، تحارب الهمجية ــ وتبني استراتيجية تحوط خاصة بها".
وشدد على أن "التعامل مع المعاملات التجارية أمر سهل بالنسبة لترامب. ولكن نقل الولايات المتحدة من الهيمنة إلى الأموال التحوطية سوف يتطلب من الرئيس المنتخب أن يرتفع فوق ذروة الدوافع وأن يكتشف كيفية تحويل التعددية لكي تصب في المصلحة الأمريكية"، وقال إنها "مهمة صعبة، لكن العالم المتغير لا يتطلب أقل من ذلك".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الولايات المتحدة ترامب الصين روسيا تركيا تركيا الولايات المتحدة الصين روسيا ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة حلف شمال الأطلسی إلى أن
إقرأ أيضاً:
أمريكا: باكستان تطور صاروخا يستطيع ضرب الولايات المتحدة
قال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون فاينر، الخميس، إن باكستان المسلحة نوويا تطور قدرات صاروخ باليستي بعيد المدى، ما قد يتيح لها في نهاية المطاف ضرب أهداف خارج جنوب آسيا بما في ذلك الولايات المتحدة.
وبحسب "رويترز"، ذكر المسؤول الكبير في البيت الأبيض أن سلوك إسلام اباد يثير "تساؤلات حقيقية" حول أهداف برنامجها للصواريخ الباليستية.
وقال فاينر في كلمة أمام مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "بصراحة، من الصعب علينا أن ننظر إلى تصرفات باكستان باعتبارها أي شيء آخر غير تهديد ناشئ للولايات المتحدة"
وأضاف أن باكستان تسعى إلى "الحصول على تكنولوجيا صاروخية متطورة بشكل متزايد، بدءا من أنظمة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى إلى العتاد، والتي قد تمكنها من اختبار محركات صواريخ أكبر حجما بكثير".
وقال فاينر إنه إذا استمر هذه التوجه "ستكون لدى باكستان قدرة على ضرب أهداف أبعد من جنوب آسيا تتضمن الولايات المتحدة".
والأربعاء، قال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن الإجراءات التي تفرض على مجمع التنمية الوطنية وثلاث شركات، تأتي بموجب أمر تنفيذي يستهدف "منتجي أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها".
وتجمد العقوبات أي ممتلكات في الولايات المتحدة خاصة بالكيانات المستهدفة كما تمنع الأمريكيين من إجراء أعمال تجارية معها.
وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان إن الإجراء الأمريكي "مؤسف ومنحاز" وسيضر بالاستقرار الإقليمي من خلال "السعي إلى إبراز التفاوت العسكري"، في إشارة واضحة إلى التنافس بين البلاد والهند المسلحة نوويا، وفق ما نقلت "رويترز".
وذكرت ورقة حقائق صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية أن مجمع التنمية الوطنية الذي يقع مقره في إسلام اباد سعى إلى الحصول على مكونات لبرنامج الصواريخ الباليستية بعيدة المدى ومعدات اختبار الصواريخ.
وجاء في الورقة أن مجمع التنمية الوطنية مسؤول عن تطوير صواريخ باكستان الباليستية، بما في ذلك صواريخ "شاهين".
وتقول منظمة "نشرة علماء الذرة" إن صواريخ شاهين قادرة على حمل أسلحة نووية.
وأجرت باكستان أول اختبار للأسلحة النووية عام 1998، لتصبح سابع دولة تقوم بذلك، وتقدر منظمة "نشرة علماء الذرة" أن ترسانة باكستان تحتوي على حوالي 170 رأسا حربيا.
ورفضت إسلام اباد التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، وهي حجر الزاوية في النظام الدولي المصمم لمنع انتشار الأسلحة النووية.