من الضرب على الرأس الى الكلوروفورم.. تاريخ التخدير عبر العصور الإنسانية
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
بغداد اليوم - متابعة
وصل البشر إلى الكلوروفورم بعد طريق طويل استعمل الأطباء خلاله وسائل مختلفة للتخدير بما في ذلك ضربة على الرأس تفقد الوعي، أو تحقيق ذلك بتناول الكحول.
في الأزمنة القديمة استخدمت أساليب محتفلة لتخفيف آلام المرضى وكانت تستعمل في جميع الحالات من دون النظر إلى مدى صحة المريض وقدرته على التحمل.
في روما القديمة على سبيل المثال، كان المعالجون والأطباء قبل إجراء أي تدخل جراحي، يضربون المريض بعصا على رأسه كي يفقد الوعي، ويتسنى إجراء العملية الجراحية من دون صراخ وعويل وآلام. هذا النوع من التخدير بضرب الرأس كان يتولاه أشخاص مدربون بشكل خاص حتى لا يؤدي مثل هذا الضرب على الرأس إلى وفاة المريض أو فقدانه العقل.
في العصور الوسطى، جرى استعمال عقاقير تحتوي على الكحول في عمليات التدخل الجراحي. التخدير بالكحول لم يفقد المرضى الوعي تماما لكنه جعل آلامهم أخف قليلا.
لاحقا حتى القرن الثامن عشر تم إجراء معظم العمليات الجراحية من دون تخدير تماما، ما أدى إلى عواقب مأساوية تمثلت في صدمات مرجعة تسببت في وفيات متكررة. علاوة على ذلك كان من يقوم بالعمليات الجراحية يضطرون إلى الإسراع في عملهم، مدفوعين بإشفاقهم على معاناة المرضى، ما تسبب في حدوث مضاعفات خطيرة وإلى أخطاء بسبب التسرع.
مطلع القرن التاسع عشر، اخترع الجراح البريطاني هنري هيكمان طريقة فعالة جزئيا إلا أنها عنيفة ومثيرة للجدل. الطريقة كانت تمارس على الحيوانات فقط، وتجري بالضغط قليلا على الحلق، ما يؤدي إلى حالة شبه اختناق. الحيوان بهذه الطريقة يفقد وعيه بالفعل ولا يشعر بأي ألم. هذه الطريقة القاسية لم يجرؤ أحد على تجربتها على البشر.
تأثير أكسيد النيتروس المعروف بغاز الضحك صادف أن استعمله الساحر الأمريكي غاردنر كولتون في إحدى استعراضاته على أحد المتطوعين لتسلية الحاضرين. المتطوع سقط من الكرسي فجأة وأصيبت ساقه إلا أنه لم يشعر بالألم. لاحظ طبيب أسنان محلي يدعى هوراس ويلز هذا التأثير وقرر محاولة تطبيقه في الممارسات الطبية.
مع ذلك، أول عملية باستخدام التخدير الطبي جرت في وقت متزامن مع الحادث السابق بمركب آخر وكان ذلك في 30 سبتمبر عام 1846. المادة المخدرة كانت ثنائي إيثيل الأثير التي تعرف أحيانا باسم الأثير. طبيب الأسنان الأمريكي ويليام مورتون في تلك المناسبة استعمل هذه المادة وهي عبارة عن سائل شفاف ذي طعم حارق ويبطئ العديد من عمليات التمثيل الغذائي، كمسكن لخلع سن.
لاحقا تبين أن الطبيب الأمريكي كروفورد لونغ كان استعمل ثنائي إيثيل الأثير في عمليات جراحية لإزالة الأورام وفي عمليات على الأسنان، إلا أن تجاربه تلك لم يعلن عنها، ولذلك لم يعلم أحد بما حققه.
الكلوروفورم كان استخدم عمليا لأول مرة في 12 نوفمبر عام 1847 في عملية توليد مستعصية. الطبيب الأسكتلندي جيمس يونغ سيمبسون جعل المرأة تستنشق القليل من مركب الكلوروفورم لتصحيح وضع الجنين قبيل الولادة. العملية جرت بنجاح وولدت طفلة بصحة جيدة.
الخبراء يقولون إن الكلوروفورم على الرغم من أن استعماله في التخدير توقف بسبب سميته العالية ونطاق عمله المنخفض إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية اكتشافه في ذلك الحين.
التخدير السائد الآن، تعرفت عليه البشرية في القرن العشرين. جرت دراسة جميع الخيارات المستخدمة سابقا بدقة كبيرة، وبناء على ذلك جرى ابتكار واكتشاف مستحضرات طبية خاصة بالتخدير بمختلف أنواعه مثل البروكايين ونوفوكائين وليدوكائين. هذه المستحضرات العصرية المستخدمة في التخدير فعالة وهي في نفس الوقت آمنة.
المصدر: وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: إلا أن
إقرأ أيضاً:
المتحف الوطني يفتتح معرض "روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية"
مسقط- الرؤية
افتتح المتحف الوطني بالتعاون مع هيئة الشارقة للمتاحف، أمس الإثنين، معرض "روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية"، وذلك تحت رعاية معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة، رئيس مجلس أمناء المتحف الوطني، وحضور سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي نائب حاكم إمارة الشارقة، إلى جانب عدد من المهتمين بالشأن الثقافي والمتحفي.
ويأتي المعرض بهدف إبراز جمالية الفن الإسلامي وتطوره جنبًا إلى جنب الاسهامات العلمية لعلماء المسلمين عبر العصور، ويستمر المعرض لعموم الزوار حتى 3 مايو 2025. ويضم المعرض 82 مُقتنًى فريدًا من روائع فنون الحضارة الإسلامية ونتائج العلماء المسلمين، تُبرز ثراء وتنوع الثقافة الإسلامية، ويُعرض بعضها لأول مرة خارج دولة الإمارات العربية المتحدة، أبرزها أول مصحف مطبوع بتقنية الطباعة الحجرية، وكأس فضّية مزينة بنقوش نباتية نُقش عليها طغراء السلطان العُثماني عبد الحميد الثاني. يتألف المعرض من 3 أقسام؛ وهي: قسم فنون الخط، وقسم العلوم والابتكارات، وقسم التناغم والتنوع.
وقال سعادة جمال بن حسن الموسوي الأمين العام للمتحف الوطني: "في إطار الدبلوماسية الثقافية التي ينتهجها المتحف الوطني يُقام معرض ’روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية‘ في المتحف الوطني، والمعرض ما هو إلا استمرارٌ لخطوة خطاها المتحف الوطني بدءًا بإقامة معرض ’الحضارة العُمانية: النشأة والتطور‘ في عام 2023 في متحف الشارقة للآثار والذي حظي برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ، التي فتحت أبواب التعاون المتحفي بين المتحف الوطني وهيئة الشارقة للمتاحف".
وأضاف الموسوي أن معرض "روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية"، يُقدِّم مقتنيات تمثل كنوزًا معرفية من العصور الإسلامية، والتي يمكن الاستدلال بها على التقدم العلمي والحضاري والمعرفي الذي كانت تشهده تلك العصور، وكيف أسهم الإسلام في تأسيس حضارة متينة، أساسها العلم والارتقاء بالمعرفة والنهوض بالمعارف البشرية وتسخيرها لخدمة الأرض والإنسان.
من جانبها، أشادت سعادة عائشة راشد ديماس المدير العام لهيئة الشارقة للمتاحف، بأهمية المعرض، معربةً عن فخرها بالتعاون مع المتحف الوطني. وأكدت ديماس الدور المحوري للمعرض في الاحتفاء بالروابط الثقافية والأخوية المتينة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان المتجذرة في التراث والقيم المشتركة. وقالت: "يأتي هذا المعرض الاستثنائي بناءً على توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، عقب زيارته سلطنة عُمان؛ حيث استقبله حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بحفاوة". وأضافت أنَّ مثل هذه الشراكات لا تعزز الروابط طويلة الأمد بين البلدين فحسب؛ بل وتعكس المهمة الأوسع للدبلوماسية الثقافية، من خلال تعزيز الفهم والوحدة عبر الفنون المشتركة".
ويُبرز قسم فنون الخط جماليات الخط العربي عبر العصور التاريخية والفنية من خلال مجموعة المخطوطات الإسلامية والمنسوجات والمسكوكات، ومنها المصاحف والصفحات القرآنية، وستائر المسجد النبوي، وإطار مطرز من كسوة الكعبة (القنديل)، وأدوات الكتابة، إضافة إلى مجموعة من المسكوكات الإسلامية التي تعود إلى الفترتين الأموية والعباسية؛ حيث أسهم أسلوب الإعجاز في القرآن الكريم في إثراء عقول علماء المسلمين وإلهام قلوب الخطاطين والفنانين في العصور اللاحقة، مما انعكس على إبداعاتهم وتنوع الخط العربي وفنون التزيين والتذهيب.
أما قسم العلوم والابتكارات فيسلط الضوء على إنجازات واختراعات علماء المسلمين من معظم أرجاء العالم الإسلامي كعلوم الفلك والطب، من خلال عرض نماذج للأسطرلابات والكرات السماوية، ومخطوط طبي مترجم باللغة العربية، بالإضافة إلى أدوات طب الأسنان والكي.
ويعرض قسم التناغم والتنوع جمالية الفن الإسلامي من الزخارف الهندسية والنباتية والتصويرية، وتطوره ما بين القرنين الثاني – الرابع عشر الهجري/الثامن - العشرين الميلادي، من خلال مجموعة فريدة من المقتنيات تمثل الحياة الاجتماعية وتأثير التبادل التجاري والفني في مختلف دول العالم الإسلامي، أبرزها كرسي عشاء على هيئة منضدة سداسية الشكل باسم الناصر محمد بن قلاوون (أحد أهم سلاطين المماليك)، وأدوات مائدة متنوعة تشمل الأباريق والأوعية والجرار الفخارية المزججة والمعدنية، بالإضافة إلى القوارير الزجاجية والمعدنية، والمباخر، والمصابيح، والشمعدانات.