مغردون: هل الكل عاجز عن إيقاف جرائم الدعم السريع بالجزيرة؟
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
خيمة من حصير، يتناثر تحتها المرضى وتتدلى فوق رؤوسهم قوارير السوائل الطبية التي تتصل بأذرعهم عبر إبرة غزت في العروق، وسط تطاير الغبار وتحت أشعة الشمس ودون أدوات طبية معقمة.
هذا المشهد ليس الأقسى بين المشاهد التي ينشرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي لضحايا قوات الدعم السريع في قرى ولاية الجزيرة.
الوضع الكارثي في#الهلالية#مدينة_الهلالية_تستغيث #الهلالية_تباد_من_الجنجويد
@YASIR_MOS91 @Alhilalia_Sudan @Bit_Khalifa1417 pic.
— محــــمــــد خَـــبيــــر (@khabir30) November 10, 2024
فقد نشرت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان بيانا أحصت فيه أكثر من 200 قتيل قضوا على يد قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة بسبب "المرض والجوع والعطش والتعذيب"، في حين ذكر البيان وجود "حالات وبائية وحالات تسمم كيميائي" وسط شح الأدوات الطبية.
ونشرت أيضا صفحة مؤتمر الجزيرة على فيسبوك تدوينة بأنه منذ 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تاريخ انضمام قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل للجيش السوداني، وحتى تاريخ هذا التصريح الصحفي في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، "سقط أكثر من1237 مواطنا بولاية الجزيرة".
وقالت شبكة أطباء السودان إن 11 قتلوا وأصيب 18 آخرون بينهم أطفال على يد قوات الدعم السريع في قرية الحضور في ولاية الجزيرة.
ونشر حساب ترند السودان مقطع فيديو يظهر رجلا مضرجا بالدماء وهو يقول إنه تعرض لإطلاق نار من عناصر من الدعم السريع بسبب ما قال إنهم أرادوا الحصول على أمواله وسيارته رغم أنه لا يملك سوى دابة يركبها.
They asked him for money and vehicles, but they found nothing, so they shot him on tribal grounds. One of the crimes of the RSF in East Al-Jazeera.#KeepEyesOnSudan @WairimuANderitu @MissMahoo @Aegis_Trust @FaridaglobalOrg @AdviserAdaDieng @UNOSAPG @jumuiya @_AfricanUnion pic.twitter.com/qQAOYGc0Qh
— Sudan Trend ???????? (@SudanTrends) November 10, 2024
كما نشر الحساب نفسه بيانا أحصى فيه أكثر من 1200 قتيل على يد قوات الدعم السريع في 77 قرية في ولاية الجزيرة منذ 21 يوما، منها قرى الهلالية وتمبول والسريحة والعقدة وغيرها.
وقال ناشطون إن الضحايا تحولوا من أفراد إلى عائلات، فأخبار القتلى أصبحت تأتي على شكل "فلان وزوجته أو فلان وأولاده".
وأضاف آخرون أن قوات الدعم السريع أصبحت ترتكب الجرائم من باب الانتقام المتعدة من الشعب السوداني، وأنه يجب أن تحاسب على قتلها للمدنيين الأبرياء، وطالب هؤلاء المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالضغط على الدول الداعمة لقوات الدعم السريع لإيقاف الدعم عنها وتقديمها للعدالة.
وتساءل آخرون هل من المعقول أنه لا توجد دولة أو منظمة على الأرض توقف هذه الجرائم بحق الشعب السوداني؟
???? نداء الوسط – ولاية الحزيرة #الهلالية_المحاصرة
مقطع يوضح تسميم مياه الشرب في مسيد الشيخ الطيب أحد المواقع التي تحتجز فيها العصابات الإرهابية المواطنين .
عدة إفادات من مصادر محلية أكدت أنه قد تم تسميم مياه الشرب في البئر فأصبح كل من يشرب منها يصاب بالإعياء ومن ثم تتدهور حالته… pic.twitter.com/9SdbC6ECkV
— ???????????????????? ???????????????????????????? (@YASIR_MOS91) November 12, 2024
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد اتهمت قوات الدعم السريع بممارسة أعمال تعذيب وقتل جماعي في ولاية الجزيرة السودانية، وذلك على خلفية انشقاق حليفها السابق أبو عاقلة كيكل يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في حين أكدت الأمم المتحدة فرار نحو 120 ألفا جراء تلك الهجمات.
???? ما يحدث في مدينة #الهلالية هو جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جريمة ترتكبها قوات الدعم السريع بكل قسوة وبأساليب لا يمكن وصفها إلا بالهمجية المطلقة ، هذه القوات في سعيها لفرض سيطرتها، استخدمت أساليب وحشية لا ترحم، مستهدفة المدنيين العزل من أهل المدينة بأسلوب لا يترك مكانًا… pic.twitter.com/CPTSvg7ZCF
— Dr. Ayman Ahmed (@Mr_AymanAhm) November 10, 2024
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع فی فی ولایة الجزیرة pic twitter com
إقرأ أيضاً:
من المسؤول عن الانتهاكات والقتل الجماعي في ولاية الجزيرة بالسودان؟
تتواتر أنباء منذ أيام عن وفاة مئات الأشخاص في ولاية الجزيرة (وسط السودان) نتيجة المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أو بسبب تفشي الأوبئة بين الأهالي وفي أماكن النزوح في هذه الولاية.
واتهمت وزارة الخارجية السودانية الخميس الماضي الدعم السريع بارتكاب مذبحة جديدة بحق المدنيين في مدينة الهلالية بولاية الجزيرة، راح ضحيتها 120 مدنيا خلال يومين فقط.
كما اتهم ناشطون سودانيون قوات الدعم السريع بقتل 1237 شخصا في شرق الجزيرة وشمالها منذ 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في ظل عمليات تهجير استهدفت أكثر من 400 قرية.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل، ونحو 13 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، وسط تصاعد الدعوات الدولية والمؤسسات الأممية لإنهاء الحرب لتجنب شبح كارثة إنسانية تعرض الملايين للقتل نتيجة المجاعة والأوبئة الفتاكة.
لماذا ولاية الجزيرة؟وللوقوف على أسباب الانتهاكات التي ترتكب في هذه الولاية تحديدا، التقت الجزيرة نت عددا من الخبراء في الشأن السوداني، مثل أستاذ الدراسات الإستراتيجية والأمنية أسامة عيدروس، والإعلامي والمحلل السياسي ضياء الدين بلال، والقيادي في نداء الوسط (مبادرة إنسانية معنية بقضايا المنطقة الوسطى التي تضم ولاية الجزيرة وسنار والنيل الأبيض) معمر موسى.
وأرجع الخبراء أسباب التصعيد والانتهاكات إلى جملة من الأمور العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك على النحو التالي:
التقدم الذي حققه الجيش السوداني في محور جبل موية (وسط السودان ويبعد 250 كيلومترا عن الخرطوم) دفع قوات الدعم السريع إلى إعادة ترتيب أولوياتها في هذه المنطقة. انشقاق قائد قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة أبو عاقلة محمد أحمد كيكل وانضمامه إلى قوات الجيش السوداني أوجد رغبة في الانتقام خاصة من المنطقة الشرقية في الولاية التي ينتمي إليها كيكل. رغبة قوات الدعم السريع في الوصول إلى بورتسودان والتوسع نحو مدينتي حلفايا وشندي (وسط البلاد). كثرة الانتهاكات تستهدف التدخل الدولي والأممي من أجل وقف الحرب وتثبيت أمر واقع وسيطرة كل طرف على الأراضي التي تقع ضمن نفوذ قواته. ولاية الجزيرة أغلب سكانها من المدنيين والمزارعين الذين لا يحملون السلاح وليست لديهم خبرات قتالية، ولا يشكلون خطورة عسكرية على القوات التي تسيطر على أراضيهم، فكان من السهل على الدعم السريع اجتياح هذه المناطق وتهجير أهلها. الولاية تضم "مشروع الجزيرة" الذي يعد أكبر مشروع زراعي في أفريقيا والوطن العربي، وتعتمد الزراعة فيه على الري الانسيابي.
موقف الجيش السوداني
يجمع الخبراء الذين التقتهم الجزيرة نت على أن الجيش السوداني يحاول استعادة السيطرة على ولاية الجزيرة ووقف الانتهاكات التي تقع في حق المدنيين هناك، لكنهم يختلفون في الأسباب التي تحول دون تحقيق هذه الغاية.
فأسامة عيدروس يرى أن "الجيوش بطبيعتها ونوع تسليحها تتحرك على نحو بطيء، وفي المقابل تكون المليشيا سريعة الحركة بسياراتها رباعية الدفع وتهاجم المناطق الرخوة والمدنيين مباشرة". وأضاف أن الجيش حاليا يحقق تقدما ويتحرك نحو ولاية الجزيرة من 3 محاور من سنار (جنوبا) والخرطوم (شمالا).
لكن ضياء الدين بلال يقول إن "هناك مسؤولية كبرى تقع على الجيش السوداني في حماية المدنيين حتى لا يتعرضوا إلى مثل هذه الكوارث والمصائب، ولكن واضح أن هناك إشكالات متعلقة بالجيش في السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة التجاذبات السياسية والضعف الكبير، ولم يعد قادرا على التعامل مع كثير من التحديات".
واستدرك بأن الجيش استطاع "أن يحبط السيناريو الانقلابي في 15 أبريل/نيسان 2023 الذي كان يرغب في الوصول إلى السلطة عبر انقلاب خاطف وسريع، وبعد فشل هذا السيناريو انتقلت المليشيا وداعميها إلى شن حرب شاملة والانتشار على الأرض، مع ارتكاب انتهاكات وجرائم تتحول على طاولة التفاوض إلى أوراق للكسب السياسي والعسكري".
أما معمر موسى فيذهب إلى أن ما يحدث في السودان "ليس مجرد عملية عسكرية بل هو تداخل كثيف بين ما هو سياسي وعسكري"، مؤكدا أن "الجيش ليست لديه القدرة الكافية للقيام بهذه المهمة"، وذلك لعدة أسباب:
اتساع مساحة المعركة وتعدد جبهاتها. طبيعة الجيش السوداني جعلته يتحول -منذ فترة طويلة- إلى الطابع الإداري وفقد حساسيته القتالية. محدودية الإمكانيات اللوجستية للجيش مقارنة بنوعية التسليح لدى قوات الدعم السريع.
الموقف الدولي
الخبراء السودانيون أيضا يقرون بتواضع الجهود الدولية والمؤسسات الأممية من أجل العمل على توقف الصراع من أساسه، ومواجهة صور الانتهاكات المختلفة التي يتعرض لها المدنيون، وكذلك إيصال المساعدات الإغاثية للنازحين داخل السودان واللاجئين خارجه.
ويرى بلال أن المساهمات الدولية التي تم الإعلان عنها لصالح السودان لم يتم الإيفاء إلا بنحو 25% منها، "وهي نسبة متدنية جدا تشعرك بأن المجتمع الدولي لا يضع اعتبارا كبيرا لمعاناة السودانيين، ولا يجد ما يدفعه للاهتمام بالتفاصيل التي يمكن أن تعمل على إيقاف الحرب من منبعها أو التعامل مع ما يترتب عليها من كوارث إنسانية وانتهاكات".
أما عيدروس فأشار إلى أن المجتمع الدولي "غائب منذ فترة عن السودان، ووكالات الغوث الدولية لم تقدم إلا القليل جدا من أجل إنقاذ النازحين واللاجئين، أمام جرائم المليشيا التي ظلت تتكرر… مع تدمير البنى التحتية والمستشفيات وجرائم القتل في حق حتى الأطفال، وهناك مزاعم بنشر السموم في محطات المياه والطعام".