#سواليف

لم يكد وزير الخارجية “الإسرائيلي” #جدعون_ساعر يجلس على مكتبه، حتى أعلن بشكل واضح أن ” #إسرائيل” ستقدّم الدعم للأقليات في الدول المحيطة، وعلى وجه الخصوص الأكراد، الذين وفق تعبيره وزعمه يتعرضون للاضطهاد من قبل #إيران و #تركيا، وأشار كذلك إلى الدروز. ولعلّ ساعر كشف بذلك عن أزمة مستمرة مزمنة يدركها صغار وكبار الساسة والنخب في “إسرائيل” تتعلق بتعريف #الكيان_الإسرائيلي لجمهوره وأيضا إلى دوره في المنطقة.

 

في البداية، فإن السؤال الذي يمكن الرد به على ساعر وغيره من مسؤولي وقادة “إسرائيل” ومفكريها، إذا كنتم ترون أن على #الأقليات أن تستقل داخل الحدود الجغرافية القومية وتنزع نفسها من الشعب الذي تنتمي له، فلماذا لم “تناضلوا” كأقليات في الدول الأوروبية من أجل تحقيق هدف الاستقلال داخل هذه الدول وجئتم من كل منافي الأرض لاحتلال شعب قائم بحد ذاته وفضلتم مبدأ #الاستعمار على مبدأ النضال القانوني والمدني أو أي شكل من أشكال النضال الداخلي؟. 

لكن ولفهم تصريح ساعر، هناك عدة مستويات تفسير؛ تاريخية وأيديولوجية وأخرى سياسية مستحدثة. في المستوى الأول، فإن مفكري الحركة الصهيونية نادوا قبل تأسيسها كمؤسسة منظمة بضرورة منح الأقليات العرقية حق تقرير المصير في دول مستقلة تماشيا مع السياقين العامين القانوني والسياسي في تلك الفترة؛ التي شهدت نشوء الدول القومية، ولكن الأزمة التي كانت تواجه المفكرين الصهاينة هي تعريف “الشعب اليهودي”، إذ أن المنطق السياسي العالمي لم يكن يتقبل فكرة تعريف شعب ( تعريف الشعب يشمل التعدد الديني والإثني) على أساس الديانة، ولهذا فإن شروط تحقيق التعريف أو التوصيف تنتفي بحكم المعرفة العلمية أو النظريات السياسية السائدة. 

مقالات ذات صلة الأمم المتحدة تؤكد أن إسرائيل رفضت وعرقلت أغلب قوافل المساعدات إلى شمال غزة الشهر الماضي 2024/11/12

إن النقطة الإشكالية المشار إليها، دفعت المفكرين الصهاينة إلى محاولة تزييف المعرفة التاريخية والسياسية عبر الادعاء القائل بأن “الشعب اليهودي” له استثنائية خاصة بين الأعراق المنتشرة في العالم؛ أولا من حيث أن الأحداث التاريخية دفعت اليهود إلى الاستقرار في أكثر من دولة، والأمر الآخر أن “الروحية اليهودية” هي تعبير حضاري مشترك يتجاوز المفاهيم التوراتية والمعتقدات الدينية، وبالتالي فإن هذا الشعب يتشكل على أساس “الروحية المشتركة” التي تتجاوز الجغرافيا وتمظهرات التاريخ والدين. لكن هذه القفزة المعرفية في إعادة إنتاج التعريف أنتجت تعريفا ضبابيا معقدا ومشتبها به لـ”الشعب اليهودي” لا زالت مظاهر أزمته حاضرة حتى اليوم في “إسرائيل الدولة”. 

ولأن الحركة الصهيونية و”إسرائيل الدولة” اليوم، تدركان أن التعريف المبتكر لا يزال إشكاليا في الأكاديميا وحتى في المفاهيم السياسية لدى الخصم العدو (عرب وفلسطينيين)، لا تتوانى الصهيونية في إعادة تشكيل المنطقة سواء بالمبادرة أو استغلال الفرص كما حدث في السياق السوري، من أجل خلق دويلات على أساس طائفي، يكن فيها الشعب طائفة، وهذا ظهر في مقترحات تتعلق بسوريا خلال فترة “الربيع العربي” (دولة حلب السنية كمشروع افتراضي)، أو دويلات نقية عرقيا كما في حالة الأكراد، وفي الحالتين إذا ما اكتسبت هذه الظواهر صفة قانونية وسياسية في المؤسسات الدولية والمفاهيم النظرية السياسية العالمية، فإن “إسرائيل” تستوفي في الحالة الأولى الشروط القانونية للدولة اليهودية القائمة على أساس “المذهب الديني” وهذا يؤسس فعليا لمبدأ الترانسفير (التهجير)، وفي الحالة الثانية فإنها ستتمسك بطرحها القائم على فكرة أن “اليهودية” عرق، وبالتالي يؤسس لفكرة دولة عرقية نقية وأيضا هذا تأسيس لمبدأ الترانسفير. 

من المنطلقات السابقة، تطرح “إسرائيل” فكرة دول الأقليات؛ سواء الأقليات الطائفية أو العرقية، ولكنها في كل مرة تطرحها من منطلق “أخلاقي” تدّعي فيه أنها تريد أن تحقق هذه الأقليات استقلالها بعيدا عن حالة التهميش والقمع والاضطهاد التي تواجهها، وأيضا في السياق الكردي على وجه التحديد، دائما ما تزعم النخب الصهيونية أن هناك “مسؤولية أخلاقية” على الصهيونية التي حققت حلمها بدولة “قومية” أن تدعم حلم الأكراد كآخر قومية في العالم لم يتحقق حلمها بدولة على أساس قومي. 

إن هذه الأطروحات تحقق للصهيونية و”إسرائيل” كما أشرنا، سندا قانونيا وسياسيا لإعادة هندسة الديمغرافيا في الأراضي المحتلة، وأيضا إعادة هندسة المنطقة عبر تفتيت الدول المهمة فيها والتي تمتلك مشاريع سياسية هامة، كما في حالتي إيران وتركيا، وهو ما يفسر ذكر الدولتين على لسان ساعر. فإسرائيل تطمح أن تصبح المنطقة أسيرة مشروع واحد، هو المشروع الصهيوني، وأن تنشغل في ذاتها وفي تناقضاتها حتى لا تتنبه للثغرة القائمة بداخلها؛ “إسرائيل”. ومن ناحية أخرى، التحالف مع هذه “الأقليات” يحقق لإسرائيل النفوذ والسطوة والوجود السياسي والأمني داخل وعلى حدود دول تعتبرها إما خطرا كامنا تركيا أو خطرا قائما كإيران. 

في الخلاصة، فإن تصريح ساعر لا يمكن قراءته كورقة ضغط أو مناورة كلامية سياسية مع الدول التي استهدفها بتصريحه، وإنما استراتيجية متأصلة في المشروع الصهيوني قبل وبعد إقامته للكيان الطارئ المسمى “إسرائيل”. وإذا حققت “إسرائيل” النصر الكامل الذي تهدف له في غزة ولبنان، فإن الخطوة التالية هي إعادة هندسة المنطقة عبر أدوات متعددة، من بينها؛ التطبيع وكذلك التفتيت وهو المقصود في حديث ساعر، ولهذا فإن مهمة الانتصار في الحرب الحالية؛ هي مهمة دولا وشعوبا ستواجه خطر التمزق والاقتتال. 

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف جدعون ساعر إسرائيل إيران تركيا الكيان الإسرائيلي الأقليات الاستعمار على أساس

إقرأ أيضاً:

ساسة وعساكر “إسرائيل”: أنتصرت غزة

يمانيون../
بينما اعتبرته حركات المقاومة الفلسطينية والغزيون، وكل فلسطين، وأحرار العرب والعالم، بمثابة إعلان النصر التاريخي على “إسرائيل”، وصف ساسة وعساكر وحكومة إبادة الإنسانية بالكيان المؤقت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بالصفقة الصعبة، والمؤلمة، والمحزنة.

وأعلن رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن جاسم آل ثاني، التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين حركات المقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”، وأنه سيدخل حيِّز التنفيذ، يوم الأحد المقبل.
وقال، في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء 15 يناير 2025: “يسر لجنة الوساطة (قطر ومصر والولايات المتحدة) إعلان اتفاق وقف حرب غزة، وتبادل الأسرى، وصولاً لوقف دائم لإطلاق النار”.

لقد كذب نتنياهو وصدق الملثم أبو عبيدة في قوله للكيان المؤقت -بداية عدوانه على غزة: “سيجثون على الركب، وأن هزيمة نتنياهو الساحقة في غزة ستنهي مستقبله السياسي، وستكون البداية لنهاية هذا الكيان الغاصب”.

هكذا تم الاتفاق
يشمل الاتفاق: وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، وانسحاب تدريجي لجيش الكيان من وسط غزة، وعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع، وإدخال 600 شاحنة مساعدات إلى غزة كل يوم؛ منها 50 شاحنة وقود، وتفرج حماس عن الأسرى تحت 19 عاماً، ومن فوق سن 50 عاما، وتفرج “إسرائيل” عن 30 معتقلا فلسطينيا مقابل كل أسير مدني، و 50 مقابل كل جندية “إسرائيلية”.

الاتفاق يلزم “إسرائيل” أن تفرج عن جميع الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال تحت سن 19 مُنذ 7 أكتوبر 2023، بحلول نهاية المرحلة الأولى.

ردود صهيونية غاضبة
وتوالت ردود أفعال المسؤولين والسياسيين والعسكريين الصهاينة المؤيدة والمعارضة، عقب إعلان الاتفاق في وسائل الإعلام العبري، حيث اعتبر ‌‏وزير خارجية “إسرائيل”، جدعون ساعر الاتفاق بالخيار المؤلم والاختيار السيِّئ والأسوأ؛ كونه سيطلق سراح من قتلوا الصهاينة.

وقال وزير الأمن القومي “الإسرائيلي”، إيتمار بن غفير: “هذه الصفقة سيّئة وعار وتفريط، ستمحو إنجازاتنا العسكرية، وإذا ما أقر الاتفاق نحن في حزب “عظمة يهودية” سنقدّم استقالتنا من الحكومة، داعيا نتنياهو إلى وقفها”.

وأضاف: “الفرحة، التي شاهدناها في غزة والضفة الغربية، تظهر من الطرف الذي خضع في هذه الحرب”.

وهدد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من حكومة نتنياهو إذا لم تعد إلى الحرب لهزيمة حماس بعد اكتمال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، التي تستمر ستة أسابيع.

لا يمكن هزيمة حماس
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يوم الأربعاء: “أدركنا أنه لا يمكن هزيمة حماس بالحلول العسكرية وحدها، وما يحدث في شمالي غزة دليل على ذلك، لقد أعادت حماس تجنيد مقاتلين جدد بدل الذين خسرتهم”.

وقال المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” “يوسي يهوشع”: “اليوم تدفع “إسرائيل” ثمناً باهظاً بالتوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار، في ظل غياب بديل لحماس يحكم غزة في اليوم التالي، بينما كان جيشنا يعلن الحسم، لكن لم يحقق شيئا”.

وأضاف: “لا حاجة لتجميل الواقع، الاتفاق سيئ بالنسبة لـ”إسرائيل”، لكن لا خيار لنا سوى قبوله”.

وفق المحلل العسكري لصحيفة “إسرائيل اليوم”، يوآف ليمور، ” توقيع “إسرائيل” على الاتفاق بعد أن دفع جيشها ثمناً باهظاً خلال الأيام الأخيرة في غزة، يدعونا إلى التساؤل: هل تحققت أهداف الحرب!؟”.

وقال: “حتى لو استعدنا الأسرى، أحياءً وأمواتاً، سيظل السؤال قائماً وحاضراً وعلى المدى الطويل، التنازلات، التي قدمتها “إسرائيل”؛ الانسحاب من محاور نتساريم وفيلادلفيا، وعودة السكان إلى الشمال، تشير إلى أن نتنياهو فهم حدود مرونته”.

لا تزال على قيد الحياة
يقول رئيس مجلس “الأمن القومي” الإسرائيلي السابق، غيورا آيلند: “الحرب انتهت بفشل “إسرائيل” فشلاً ذريعاً بعدم تحقيق أي هدف من أهداف الحرب، بينما يستعد الجيش لإخلاء محور “نتساريم” ومعبر رفح، وأجزاء كبيرة في القطاع”.

وهكذا قالت صحيفة “هآرتس”: “غزة ليست قابلة للانكسار، وستبقى منارة للصمود، وشاهدة على عظمة الإرادة الإنسانية في وجه الظلم والقهر”.

وماذا أيضاً؟: “إن احتلال الشرق الأوسط واستسلام الكل لن يُثمرا انتصارا على غزة، ليس مجرد نبوءة متشائمة، بل هو قراءة واقعية لطبيعة الصراع”٠

وعلقت صحيفة “يسرائيل هيوم” بقولها: “بعد 15 شهرا من القتال، لا تزال حماس على قيد الحياة، تتنفس، وتنشط، وتفاوضنا على المطالب”.

لقد انتصرت علينا
وتساءلت قناة “14” العبرية: “من كان يصدق في الأيام التي تلت أحداث السابع من أكتوبر، أننا ننحني ونستسلم لحماس بعد أقل من عام ونصف، ونسلمها ما أرادت!؟”.

ونقلت عن ضابط صهيوني كبير، قوله: “كل ما فعلناه في الحرب سيذهب هباء بالتوقيع على الصفقة”.

وقال المحلل العسكري المخضرم، ‏ألون مزراحي: “لقد انتصرت حماس علينا، بل على الغرب كله، وصمدت في المواجهة.. حماس أسطورة الأجيال القادمة”.

أسوأ الصفقات
وبينما يصف ‏اللواء احتياط، عوزي ديان، في الجيش “الإسرائيلي”، ومحلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، آفي يسخاروف، الصفقة بالصعبة، والمؤلمة والمحزنة، بل بالسيئة، أعتبرها المسؤول السابق في جهاز الأمن “الشاباك”، ميخا كوبي، أسوأ الصفقات على الإطلاق في تاريخ “إسرائيل”.

وقالت ‏الوزيرة السابقة – عضو الكنيست حالياً، كارين إلهرار: “يؤسفني تأخر الصفقة، بعد أن فقدنا مقاتلين وأسرى، وقد حان الوقت الآن لـ”إسرائيل” أن تتنفس قليلا من الهواء، فقد أصبح الوضع خانقاً للغاية”.

‏وكتب المحامي “الإسرائيلي” دان عدين: “سيذكر التاريخ، بعد 467 يوم من حرب إبادة غزة، أن أمير قطر، والأرنب الكريه، نتنياهو، الذي أطال الحرب على حساب حياة الأسرى والجنود، بلغوا “إسرائيل” نهايتها، ثم اختبأ نتنياهو من مواجهة شعبه”.

غارقون في غزة
وعلقت صحيفة “معاريف” قبيل إعلان الاتفاق، بالقول: “لم يعد لدى “إسرائيل” ما تفعله في غزة، سوى إبرام صفقة تبادل الأسرى فوراً، وإنهاء الحرب.. نحن غارقون في وحل غزة، وندفع ثمناً باهظاً من الدم كل يوم”.

في حين اعتبرت حركات المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس ، الاتفاق ثمرة الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني والمقاومة الباسلة في غزة، لأكثر من 15 شهرا، في مواجهة العدوان الصهيوني – الغربي.

من المؤكد في قانون الحروب، إن النصر والهزيمة لا يقاسان بالخسائر، بل بتحقيق أهداف الحرب، مثل تلك الأهداف التي أعلنتها “إسرائيل” بداية عدوانها على غزة ، فلم تدمر قدرات حماس ولم تستعيد الأسرى.

هنيئا لفلسطين والمقاومة ولغزة، ولجبهات المقاومة، التي ساندت غزة، وكل من وقف معها، وهنيئاً لليمن وجيشه بنصر غزة العظيم، والخزي والعار للعرب المطبعين؛ من خذلوا غزة، وتواطأوا مع الكيان.

وبعد 467 يوم من الصمود مُنذ بدء العدوان “الإسرائيلي” يوم 10 أكتوبر 2023 ، غزة تكتب النصر بدماء 47 ألف شهيد، و110 آلاف و270 مصابا، و15 مفقودا، مع تدمير كل شيء في القطاع.

السياســـية – صادق سريع

مقالات مشابهة

  • إعلام صهيوني: “أبو عبيدة” فشلٌ امنيٌّ إسرائيلي بحد ذاته 
  • وزير خارجية الاحتلال يقر بأن الصفقة مع “حماس” تكلف “إسرائيل” ثمنا باهظا
  • مسؤول صهيوني سابق: الحرب انتهت بفشل مدوٍ لـ”إسرائيل” وحماس انتصرت
  • سر إشارة ليونيل ميسي المثيرة للجدل تجاه الجماهير المكسيكية.. ماذا يقصد؟
  • الطائرة الحربية التي تحلم بها الجيوش: “بيرقدار قزل إلما” التركية
  • شاهد | أوساط العدو: لقد علّمنا اعداؤنا أن من الممكن هزيمة “إسرائيل”
  • فايننشال تايمز: غزة أسقطت خيار “إسرائيل ” بالاعتماد على القوة لهزيمة الشعب الفلسطيني
  • ساسة وعساكر “إسرائيل”: أنتصرت غزة
  • “حماس”: عملية “تل أبيب” رد طبيعي على المجازر الصهيونية
  • ماذا قال رونالدو “الغاضب” لدى مغادرته الملعب؟