سودانايل:
2025-03-20@09:59:02 GMT

رسالة الي رفيق بعيد جغرافيا وقريب فكريا مع التحية

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

دكتور شهاب، تحية طيبة لك ولأفكارك التي أُقدر عمقها واهتمامها بطرح إشكاليات الحزب الشيوعي السوداني بين الماضي والحاضر. أود أن أشارك ببعض النقاط التي أعتقد أنها قد تضيف إلى الحوار وتغني النقاش.

نقد الاستقلال الصوري وأهداف التحرر الشامل: تناولك لرفض الحزب الشيوعي لاتفاقية الحكم الذاتي باعتبارها استقلالاً صورياً يعكس قراءة عميقة لأهداف التحرر من الاستعمار.

ولكن هذا النقد يستند أيضاً إلى رؤية واسعة ترى أن التحرر ليس فقط تغييرًا في الشكل أو السلطة، بل هو أيضًا تغيير في البنى الاقتصادية والاجتماعية لضمان تحقيق العدالة والمساواة. إن الحزب، في سياقه التاريخي، كان يرى أن الانتقال من الاستعمار إلى نظام يعتمد على نخب محلية متحالفة مع المصالح الأجنبية لم يكن سوى انتقال من التبعية الخارجية إلى تبعية داخلية.

. التحليل المبدئي للحلول الناقصة بعد الثورة: أشرت إلى موقف الحزب الرافض للحلول السياسية الناقصة بعد ثورة ديسمبر، وهو موقف نابع من تمسك الحزب بمبدأ التغيير الجذري. ومع ذلك، أعتقد أن المشهد السوداني اليوم يتطلب قراءة أعمق لواقع جديد معقد، حيث تداخلت مصالح إقليمية ودولية مع التحديات الداخلية. هذا يطرح سؤالاً محوريًا: هل يمكن تجاهل تلك التعقيدات في سبيل تحقيق رؤية مثالية للحكم المدني؟ أم أن المرحلة تتطلب، بحكمة، نوعاً من المرونة التكتيكية لضمان الانتقال الديمقراطي ولو كان بصورة تدريجية؟

دور الجيش في الدولة وأثره على التغيير: إن موقف الحزب الثابت من استبعاد الجيش عن السياسة يعكس رغبته في تحقيق حكم مدني ديمقراطي كامل. ومع ذلك، قد يكون من الضروري، في ضوء التجارب الحديثة، مراجعة كيفية التعامل مع المؤسسة العسكرية بطريقة تُبقيها تحت رقابة مدنية ولكن تضمن استقراراً تدريجياً للدولة في هذه المرحلة الانتقالية. فالاستبعاد الفوري للعسكر عن الحكم في السياق الحالي قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات، وهو ما يزيد من تعقيد التحول الديمقراطي.

استقلالية الحركة الجماهيرية ووعيها بالواقع: دور الحركة الجماهيرية في تحقيق التغيير هو نقطة مركزية في فكر الحزب. ولكن ينبغي، في هذا السياق، أخذ واقع الحركات الجماهيرية بعين الاعتبار، حيث إنها تحتاج إلى وعي سياسي أكبر يجعلها قادرة على تجاوز الشعارات نحو تحقيق خطوات عملية ملموسة. على هذا الأساس، قد يكون الحزب بحاجة إلى دعم الحراك الشعبي بأدوات علمية ومهارات قيادية جديدة ليتمكن من مواجهة التحديات المعاصرة التي لم تكن موجودة في الفترات السابقة.

جدلية الحلول السياسية الناقصة والاستمرارية المبدئية: إن رفض الحزب المتكرر للحلول السياسية الناقصة يظهر مدى تمسكه بمبادئه، وهو ما يُحسب له. ومع ذلك، قد يكون هذا الثبات مثاراً للتساؤل: هل يكفي الثبات على المبادئ في ظل تغير السياقات السياسية والاجتماعية في السودان؟ إن التمسك الكامل بالتحرر الحقيقي والعدالة الكاملة قد يظل طموحًا نبيلًا، لكنه قد يكون بحاجة إلى تدرج واعٍ للمرحلة الراهنة.
بكل تأكيد، يعد النقاش الداخلي وسيلة أساسية لتطوير الحزب الشيوعي السوداني وتوجيه سياساته بشكل يضمن تحقيق رؤاه بشكل عملي وفعّال. فرغم أن مركزية القرار وسطوة القيادة في اللجنة المركزية، تُشكل عنصراً رئيسياً في الهيكل التنظيمي للحزب، إلا أن هذا لا يعني انغلاقاً على الذات أو تجنباً للنقاشات النقدية. بل على العكس، فإن الحزب يُشجّع دوماً على فتح حوار عميق وتبادل أفكار بين الأعضاء، ويتعامل مع النقاشات الفكرية كركيزة أساسية لتحليل توجهاته وتجديد طروحاته.

هذه النقاشات الداخلية تتيح للأعضاء فرصة للتعبير عن آرائهم بحرية، وتسمح بطرح رؤى قد تختلف أحياناً مع التوجهات التقليدية، لكن تتوافق مع أهداف الحزب الجوهرية في تحقيق العدالة والتحرر الكامل. ويمثل هذا النقاش المستمر وسيلة لإثراء الفكر السياسي داخل الحزب وصقل رؤى جديدة يمكن أن تكون أكثر قدرة على التفاعل مع التحديات الراهنة. إلى جانب ذلك، يوفر هذا النوع من الحوار منصة للتجديد الفكري، مما يجعل الحزب أكثر مرونة وقدرة على الاستجابة للتحولات السياسية والاجتماعية المعاصرة.

لذا، فإن اللجنة المركزية لا تكتفي فقط بفرض قرارات، بل ترى في الحوار الحر والعلمي مجالاً خصباً لطرح أفكار جديدة ومعالجة التحديات. من خلال هذا النهج، يسعى الحزب إلى تعزيز عمق النقاشات الفكرية، وتحقيق نهضة فعلية داخل الحزب تجعل من كيانه منصة فكرية متجددة، قادرة على قيادة التغيير وتحقيق الرؤى التي يتطلع إليها أعضاؤه والشعب السوداني ككل.

وأخيرًا، أقول إن النظر إلى مسار الحزب الشيوعي السوداني كحركة ثورية تطمح للتغيير الجذري أمر مُلهم ويؤكد على أهمية استمرارية النقد الذاتي. إلا أن التحولات المعاصرة تتطلب أيضًا أن يعيد الحزب تقييم استراتيجياته بناءً على مستجدات المرحلة، لضمان أنه لا يخسر المكاسب البسيطة التي قد تحقق خطوة ولو بسيطة نحو السودان الذي نحلم به جميعًا.

زهير عثمان

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی قد یکون

إقرأ أيضاً:

رسالة طمأنة للشعب .. الرئيس السيسي: الأوضاع الاقتصادية تحسنت رغم التحديات

وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رسالة طمأنة للشعب المصري، مشيرا إلى إدراكه للقلق الذي يعيشه المصريون بسبب الأحداث الراهنة مما يعكس المسئولية الوطنية لديهم وحرصهم على استقرار البلاد.

الرئيس السيسي: نفقد من 800 لـ 900 مليون دولار كل شهر بسبب ظروف المنطقةالرئيس السيسي: نتحرك بخطوات ثابتة مستقرة ومدروسة في كل المجالاتالرئيس السيسي يشيد بدور الشعب المصري وتماسكه وقوة مؤسسات الدولة

وأضاف الرئيس السيسي، خلال حفل الإفطار السنوي الذي أقامته القوات المسلحة: "مصر استطاعت التحرك بخطى ثابته ومدروسة على الرغم من التحديات التي واجهتها خلال السنوات الخمس عشرة الماضية بما في ذلك الأزمات الاقتصادية التي تأثر بها العالم أيضًا".

وأكد “السيسي” أن الأوضاع الأقتصادية بدأت في التحسن بفضل الله وعمل مؤسسات الدولة وجهود الشعب، مشددا على أهمية تكثيف العمل والمضي قدما نحو تطوير المجتمع المصري وفق خطوات مدروسة.

مقالات مشابهة

  • الرفادي: ناقشنا خطط تحقيق الأهداف الوطنية على مائدة إفطار حزب الجبهة
  • اليسار السوداني- بين الجمود الفكري والتحولات العصرية
  • المثقف السوداني وأسئلة الوعي: بين نقد السلطة وإعادة تفكيك الأساطير السياسية والثقافية
  • الحزب الديمقراطي الكردي.. يد في السلطة وأخرى تسعى لإسقاط حكومة السوداني
  • «تيته» تبحث مع السفير الفرنسي التحديات «السياسية والاقتصادية والأمنية»
  • الرئيس السيسي يوجه رسالة لمسؤولي الإعلام: لازم يكون صوتنا التوعوي والإيجابي قوي
  • ما هي أشهر عبارات التهنئة بعيد الفطر التي يتبادلها الناس؟
  • العميد طارق : ما حدث في سوريا لن يكون بعيدًا عن اليمن وادعاء الحوثيين التصنيع الحربي مجرد وهم وكل أسلحتهم تأتي من إيران
  • رسالة طمأنة للشعب .. الرئيس السيسي: الأوضاع الاقتصادية تحسنت رغم التحديات
  • السيسي: تحركنا بخطى ثابتة ومدروسة على الرغم من التحديات التي واجهتنا