صرخات الجوع.. رسائل إلكترونية شاهدة على معاناة الغزيين في الحرب
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
"تخيّل أن يستيقظ طفلك فجرًا يصرخ من زفرات الجوع ولا تجد ما يروي جوفه، كيف سيكون حالك وقتها؟"، بهذه الكلمات عبّر الفلسطيني باسم الحناوي في تدوينه على فيسبوك عن أقسى لحظاته الأبوية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتابع "الساعة 5 فجرًا، استيقظ الولد يبكي يريد أن يأكل ولا يوجد ما يأكله، لقد غمست الخبز في الماء وأطعمته".
ولم يأكل الجوع بطون الصغار وحدهم خلال الحرب، فقد أصبح الكبار يبحثون عما يسد جوفهم الجاف ليلا.
قصة جديدة مع الجوع يرويها هذه المرة معين الضبة، الذي استيقظ من نومه يشكي الجوع وقلة الطعام، فاضطر لأخذ إحدى وجبات طفله الإغاثية.
وكتب عن قصته قائلا "لا يوجد خبز ولا حتى طحين (دقيق)، هذا المعجون جلبته لابني من الإغاثة، عمره 6 أشهر، يأكله بدلا من الحليب لأنه مقطوع أيضا.. اضطررت لأكله لأني أموت من الجوع. منذ أسابيع قلصنا الوجبات اليومية من ثلاث إلى واحدة، لكن اليوم لا نجد هذه الوجبة".
وتشتكي بطون سكان غزة الجوع منذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حصارا بريا وبحريا وجويا على القطاع، وأغلق كافة المعابر، وبسط سيطرته على حركة دخول البضائع والمساعدات.
ويوم الجمعة الماضي، قال مدير تحليل الأمن الغذائي والتغذية لدى برنامج الأغذية العالمي جان مارتن باور إن "هناك احتمالا قويا بأن المجاعة تحدث أو أنها وشيكة في أجزاء من شمال غزة".
وأكد البرنامج التابع للأمم المتحدة أن عدد الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية ودخلت غزة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي انخفض بشكل كبير، مشيرًا إلى أن 58 شاحنة فقط تدخل يوميا مقارنة بنحو 200 شاحنة كانت تدخل خلال الصيف الماضي.
صرخات الجوعووصلت أزمة الغذاء في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة حتى أصبحت صرخات الجوع تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، فالصمت عن الجوع ليس عيبا، كما يقول معين الكحلوت الذي كتب عبر حسابه في منصة إكس "لا أشعر بالخجل عندما أقول نفسي بالأكل.. نفسي بالخضروات والفواكه.. نفسي باللحمة والدجاج.. نفسي بالجبنة واللبن، صدّقوني لقد نسينا طعمها، ونفسي بأشياء ما كنت أحبها لكن لو توفرت سآكلها".
ويختم قائلا "هذا أنا الكبير فما بالكم بالصغار؟".
لا أشعر بالخجل عندما أقول
أقسم بالله نفسي بالأكل
نفسي بالخضروات والفواكه
نفسي باللحمة والدجاج
نفسي بالجبنة واللبن
صدقوني نسينا طعمها
نفسي بأشياء ما كنت أحبها
لكن لو توفرت حأكلها
هذا أنا الكبير فما بالكم بالصغار ؟#شمال_غزة
— معين الكحلوت . من غزة ???????? ???????? (@Moin_Awad) November 6, 2024
بينما لا ترى دعاء الشريف في صرخات الجوع أي مبالغة، فهي ترى أن غزة، من شمالها إلى جنوبها، ومن أصغر طفل إلى أكبر شيخ يخلدون إلى النوم جوعى خلال حرب لم ينفك الاحتلال فيها عن إسقاط كل أشكال العذاب على سكان القطاع قصفا وتهجيرا وتجويعا وإبادة.
لا أبالغ إن قلت لكم أن غزة الآن بأسرها، من شمالها إلى جنوبها، ومن أصغر طفل إلى أكبر شيخ، يخلدون جميعاً إلى النوم وهم جوعى !!
— دعاء الشريف Doaa El shareef | ???????? (@anadoaa8) November 4, 2024
طب أقسم أنني جائع ولا أجد ما أسد جوعي
ليس قلة في المال
لأنه لا يوجد شيء يشترى ويؤكل
حتى الخبز الذي نفذ من خيمتي أصبنا منه بالأمراض لأنه مليء بالسوس والديدان
اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل https://t.co/X8Cyr9egEO
— محمد عبد العزيز-غزة???? (@Mohammed_102006) November 4, 2024
انخفاض تدفق المساعدات أدى إلى مضاعفة أسعار المواد الغذائية في قطاع غزة، وصل بعضها إلى 10 أضعاف، مما جعل نحو 2.2 مليون نسمة في القطاع يشتهون أبسط ما كانت تغرق به موائدهم قبل الحرب الإسرائيلية.
فهذا سمعة يشتهي "المقلوبة وما تحتويه من باذنجان وبندورة وبطاطا، ولو أضيفت لها اللحمة ستكون أحلامنا قد تحققت لأننا نسينا مذاق هذه الأشياء"، كما يسهب في وصفه.
الناشط خالد صافي شارك شيئا من هذه الظاهرة، وأوضح عبر حسابه في منصة "إكس" أن تكلفة إعداد وجبة عشاء لسكان غزة في هذه الحرب، مكونة من طبق بطاطا وآخر باذنجان مع زيتون وبندورة وفلفل أخضر، تصل إلى 40 دولارا.
تعشيت؟
منازل الهنا يارب بالصحة والعافية على قلبك
للتذكير فقط: أهلك وأحبابك في غزة وقت ما يلاقوا موارد لعمل وجبة عشاء مكونة من:
صحن بطاطا مقلية وباذنجان وزيتون وسلطة بندورة وفلفل أخضر
تكلفهم 150 شيكل = 40$
علمًا بأنهم لا يعملون منذ أكثر من عام.
والحمد لله على كل حال pic.twitter.com/m47w1sXnjg
— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) November 9, 2024
هي الأسباب نفسها التي أوجعت الصحفي الفلسطيني أسامة العشي، الذي لا يُنكر تكلفة مذاق طبق السلطة وصعوبة توفيره في الحرب، وكتب متمنيا عبر حسابه "جاي على بالي صحن سلطة".
وحتى إبراهيم العزايزة قال في تعليق له إنه "اشترى كيلوغرام الطماطم بـ55 شيكلا (نحو 15 دولارا أميركيا)"، يستذكر في قرارة نفسه الأيام الماضية حين كان يشتري بثمن الكيلوغرام الواحد من الطماطم دجاجتين لعمل أحلى غذاء.
يذكر أن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة قال إنه لم يتمكن خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي من جلب سوى أقل من 30% من الاحتياجات الغذائية لسكان قطاع غزة.
وبدعم أميركي، تواصل إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، خلفت آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أکتوبر تشرین الأول قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
غزة ما بعد الحرب.. سنوات من العمل ومليارات الدولارات لإنقاذ القطاع
بعد أكثر من 14 شهرًا على هجمات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تحوّل القطاع إلى مشهد مأساوي أشبه بـ«مدينة أشباح»، حيث تحولت شوارع المدن إلى أودية ترابية، وأصبحت رائحة الموت والدماء تخيم على الأجواء.
جثث متناثرة دون دفن، وأخرى تحت الأنقاض في ظل نقص حاد في الأدوات اللازمة لانتشالها، القطاع يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة، ومستقبل سكانه وأطفاله يظل مجهولًا في ظل هذا الدمار، فكيف سيكون شكل غزة بعد الحرب؟ وما هي خطة إعادة الإعمار إذا جرى التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار؟
إلى أين مستقبل غزة؟قال مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات في فلسطين، ثائر أبو عطيوي، إن مستقبل قطاع غزة وإعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب يحتاج لسنوات عديدة، نظرا لحجم الدمار الكبير الذي لحق بالمباني العمرانية والسكينة وقطاع المؤسسات وكافة المرافق العامة والبنية التحتية.
وأضاف أنه وفقًا لآخر إحصائية صادرة قبل أيام، تصل حجم الخسائر الأولية للحرب على قطاع غزة إلى 37 مليار دولار، ومن الممكن أن تفوق بكثير الاحصائيات القيمة المالية المذكورة لتصل إلى 80 مليار دولار، لإعادة الإعمار وإزالة الأنقاض والركام والتخلص منها، من أجل التهيئة لإعادة البناء والإعمار من جديد.
وأضاف لـ«الوطن» أن حجم الدمار الكبير التي ستخلفه الحرب بعد انتهائها يحتاج إلى جهود مكثفة ومتواصلة عربية وعالمية وأن يكون حجم الدعم المالي يتوافق مع حجم الدمار؛ لأننا نتحدث عن تدمير السواد الأعظم من قطاع غزة وضمن مساحات كبيرة وشاسعة تحتاج لدول عديدة وإمكانيات لوجستية وخطط وبرامج عملية ورصد التكلفة عبر احصائيات دولية موثقة حتى يتم وضوح الصورة لكيفية البدء في الإعمار كخطوة أولى على طريق الانجاز.
وأشار إلى أن إزالة الأنقاض والركام والحطام الذي أخلفته الحرب جراء القصف والتدمير المتواصلة من طائرات ودبابات وجرافات الاحتلال في الوقت الحالي وقد تخلفه أكثر في حالة استمرارها، وعدم وقف إطلاق النار يحتاج على أرض الواقع سنوات لإزالته، كما يحتاج إلى معدات وإمكانيات لوجستية للعمل وايدي عاملة ذات خبرة واختصاص، ومن ثم تجرى مرحلة الانطلاق الثانية لإعادة الإعمار.
إعادة إعمار غزة مرهون بتجاوب المجتمع الدوليوأشار إلى أن مستقبل قطاع غزة للبناء وإعادة الإعمار من جديد مرهون بتجاوب المجتمع الدولي بأكمله، ومرهون أيضا بدعم الأشقاء من كل الدول العربية، وهذا ضمن تبني مشروع عربي عالمي لإعادة الإعمار يحمل على عاتقه كل أعباء متطلبات الإعمار الجديدة في ظل هدم وإزالة مخيمات ومدن ومناطق بأكملها عن الخارطة الجغرافية لقطاع غزة، ولم يعد لها أثر أو وجود سوى أطنان من الركام يدلل على أن هناك كانت مباني عمرانية وسكنية قبل الحرب، وأن حجم الدمار الكبير يعتبر أكبر نكبة منذ احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1948، فلم يعد في قطاع غزة سوى معالم وإطلال عن عمران وبنيان.
وأكد أن واقع غزة بعد الحرب يتطلب جهودًا إنسانية وإغاثية واسعة النطاق تمتد لثلاث إلى خمس سنوات على الأقل، لتلبية احتياجات أكثر من مليون ونصف نازح ومشرد، بعدها، يمكن البدء في الحديث عن إعادة الإعمار، وهي عملية يُقدّر أنها تستغرق عشر سنوات على الأقل لاستعادة غزة إلى ما كانت عليه قبل الحرب.