الشاعر قاسم حداد: الشعر رحلة لا تنتهي
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
فاز الشاعر البحريني قاسم حداد بجائزة الأركانة التي سيتسلمها يوم 14 ديسمبر/كانون الأول المقبل. والتقيتنا الشاعر العربي الكبير في حوار خاص، نستعرض فيه تجربته الأدبية الغنية، ونلقي الضوء على مسيرته الشعرية التي تميزت بالتجريب والانفتاح على قضايا الإنسان المعاصر.
بعد فوزه بجائزة الأركانة الشعرية، يُمثل هذا الحوار فرصة لاستكشاف رؤاه حول الأدب، والتحديات التي واجهها، وموقعه في المشهد الشعري العربي، ونتطرق إلى أفكاره حول الجوائز الأدبية، ودور الشاعر في المجتمع، وتفاعل الشعر مع الجمهور في ظل التحولات الرقمية الحديثة.
وقد أشار الشاعر حداد إلى أهمية "كسر المعنى" في الشعر، معتبرًا ذلك تحديًا يجب على الأجيال الجديدة مواجهته، خاصة بعد تجاوز كسر الوزن والشكل التقليدي. كما أكد أن الشعر عملية تجريبية مستمرة، حيث تتطلب الكتابة شروطًا تمنح وتفرض توازنًا بين المعنى والرمز.
كتاب "أيها الفحم يا سيدي" لقاسم حداد يستعرض سيرة الفنان الهولندي فان جوغ من زوايا جديدة (الجزيرة)يذكر أنه صدرَت للشاعر حدّاد أعمالٌ شعرية عديدة، منها: "البشارة" 1970، و"خروج رأس الحُسين مِن المُدن الخائنة" 1972، و"الدّم الثاني" 1975، و"قلب الحبّ" 1980، و"القيامة" 1980، و"شظايا" 1981، و"انتماءات" 1982، و"النهروان" 1988، و"يمشي مخفورًا بالوعول" 1990، و"عُزلة الملكات" 1992، و"أخبار مجنون ليلى" (بالاشتراك مع الفنّان ضياء العزاوي) 1996، "قبر قاسم" 1997، "علاج المسافة" 2000، و"أيقظَتْني الساحرة" 2004، و"لست ضيفًا على أحد" 2007، "طرفة بن الوردة" 2008، و"ثلاثون بحرا للغرَق" 2017، و"المنسيات، منسيات الآلهة" 2023.
بعد فوزك بجائزة الأركانة، كيف ترى دور الجوائز الأدبية في حياة الشاعر؟يقال إنها جائزة تكريم، لكنني أعتبرها جائزة تشريف، وهي بالضرورة تكليف. كما أظن أن الجوائز الأدبية تعبر عن حرص الجهات المانحة على إعطاء الفائزين دفقة من الدفع المعنوي والشعور بالأمان الذي يستحقونه. كما أنها تقدير أدبي للتجربة عموما. بهذا الشكل تكون الجوائز معنى جديرا ويستحق.
شعرك منفتح على التجريب والحداثة، ما التحديات التي تواجهها في استخدام هذه اللغة؟في مكان سابق أكدت على المهمات الشعرية التي نتوقعها من الأجيال الجديدة، المتمثلة في تطوير وبلورة مفهوم كسر المعنى، وتحقيق الخطوات نحو ذلك، خصوصا بعد تحقيق مفهوم كسر الوزن والشكل التقليدي القديم الموروث. لعل هذا التحدي صار مفهوما.
قصائدك تتجاوز المعنى المباشر إلى الرمزية. كيف تخلق هذا التوازن بين المعنى والرمز؟لا أعرف. الأمر غامض بالنسبة لي. وإذا حدث هذا الذي تقول، ربما يجري بعفوية الشاعر واكتشافاته أثناء الكتابة، كما أن للكتابة شروطا تمنح وتفرض هذا التوازن.
شعرك يحمل صدى الحياة وصراعات الإنسان المعاصر، كيف تستقي موضوعاتك؟ ديوان "ثلاثون بحرا للغرق" صدر عن منشورات المتوسط بإيطاليا (الجزيرة)القارئ للشعر يمكنه أن يكتشف ذلك. وله أن يرى ما يرى. ما دام هذا يحدث تلقائيا، فإنني لا أعرف كيف يحدث هذا. دائما أحب الاستعانة بالقارئ. القارئ ناقد جيد.
هل الشعر مؤثر في التغيير الاجتماعي؟لستُ ممن يؤمنون بهذا. فمن يؤثر في إحداث التغيير ليس الشعر. الآخرون في النظام الذي يحكم المجتمع لا يسمحون للشعب، ومن ضمنه الأدباء، بممارسة حقهم في تحولات المجتمع. فكيف تريد من الشاعر أن يؤثر في التحولات الاجتماعية.
هل تعتقد أن للشاعر دورا فعّالاً في إحداث التغيير؟بالطبع له دور، ويمكنه ممارسته، شريطة أن يكون المجتمع ديمقراطيا، ويقتنع بذلك سياسيو النظام.
لكن الشاعر مثل بقية المثقفين العرب، وهؤلاء معزولون، ومحرومون من حرية القيام بدورهم إلا بشرط السلطة. بالطبع ليس دوره مصانا ومضمونا في مجتمعنا العربي. المثقف هو سؤال النقد في مجتمعه، شرطه بالنسبة له يأتي أولاً، وقبل السلطة. فإذن، فالشاعر كسؤال هو مصادر. وبالتالي لا دور له في المجتمع.
هل تراجع الشعر في عصر الوسائط الرقمية؟جمهورنا ليس حرا. إنه جمهور مسلوب الإرادة.
هذا التفاعل يتوقف على الوعي الإيجابي لدى الأطراف جميعها. فمثلما نستفيد إيجابيا من المخترعات الجديدة، يمكنك التعامل مع الوسائط الرقمية.
كيف ترى تطور الحركة الشعرية في العالم العربي منذ بداياتك إلى الآن؟ مجموعة شعرية لقاسم حداد "تعديل في موسيقى الحجرة" (الجزيرة)ثمة كثير من المتغيرات في طبيعة الحركة الشعرية العربية، فقد اختلفت القضايا التي يهتم ويستغرق بها الشاعر العربي. سوف يظهر تلعثمي واضحا أمام سؤال كبير مثل هذا. أقترح طرح هذا السؤال على أحد النقاد، فهو من المحتمل أن يعرف أكثر مني.
هل هناك شعراء أو أصوات جديدة تراها تحمل تجديدا في الشعر العربي؟أخشى أنني سأفشل في الجواب لعدم قناعتي بأن ذوقي وذائقتي الشعرية ستكون صالحة للأجيال الجديدة. فقط أتخيل أن دور الأجيال الجديدة هو مواصلة ما بدأه الجيل الذي سبقهم، كأن يكسروا المعنى، مثلما تم كسر الوزن والموسيقى عند قبلهم، حيث تم كسر الشكل.
هل حقق الأدب العربي حضورا عالميا يليق بتاريخه وتراثه؟حسب رأي الشعراء في الغرب، فإن الشعر العربي من بين أجمل الأشعار في العالم، إنهم يحبون سماع الشعر باللغة العربية، أحدهم (من الأرجنتين) قال لي إنه يكاد يفهم الشعر عندما يسمعه بالعربية. أتمنى أن لا نقلق بشأن مكانة الشعر العربي في العالم. ليس سهلاً القول بفهم المجتمع في دول أوروبا. يتطلب ذلك جهدا كبيرا.
ما مشاريعك حاليًا؟ وهل من توجهات جديدة تود استكشافها في شعرك؟إذا سمح لي الوقت من العمر الباقي، أعمل الآن بمتعة كبيرة على أنطولوجيا من النصوص الدينية. أريد فقط أن أنتهي منها. وأوشك على الانتهاء من مجموعة شعرية جديدة، أكتبها من العام الماضي، عبارة عن مقاطع صغيرة منفصلة. تخرج قريبا.
كيف ترى تطور تجربتك الشعرية في المستقبل؟لا أعتقد أنني أصلح للإجابة على هذا السؤال. يتوجب أن تعرف جواب هذا السؤال من النقاد والقراء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
ثلاثة شعراء من مصر والأردن والفلبين تجمعهم القصيدة في "الشارقة الدولي للكتاب"
الشارقة - الرؤية
تجارب شعرية متنوعة قدمتها أمسية شعرية احتضنها مقهى الشعر، ضمن فعاليات الدورة 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، شارك فيها كل من الشاعر المصري جمال فتحي، والشاعر الأردني عبدالله أبوبكر والشاعرة الفلبينية استر فارغاس كاستيلو، وأدارتها الشاعرة والإعلامية وجيهة خليل.
مضامين منوعة
الشاعر جمال فتحي، قرأ مجموعة من القصائد اللهجية تميزت بالطرافة وتنوعت مضامينها بين الغزليات والقضايا الاجتماعية والنقد الساخر والوجدانيات، وجاء في قصيدته الأولى "أحب بوس الجبين/ وأحب شكل الإيدين وهي بتسلم/ ضحكة العين للغريب/ الحضن من غير حساب/ والدق على الأبواب"، كما قرأ من قصيدة أخرى: "يا نظرة الآن/ يا نظرة شقيانة/ يا نظرة وقعت من عيون مشتاق"، كما ألقى قصائد أخرى وختمها بقصيدة جاء فيها: «عيونك آخر الرحلة/ وقلبك آخر الأوطان".
حنين ووطن
الشاعر عبدالله أبوبكر، استهل الأمسية بتحيته للحضور، خاصة الوجوه الذين لا يعرفهم، وهم من أعز الأصدقاء في الحالة الشعرية حسب تعبيره، وبدأ مشاركته بقصائد مهداة إلى الأم وأخرى إلى بلاده، ومما جاء في الأولى: «فكرة الشعر/ تلك أمي التي علمتني الكلام/ وصارت تقاسمني فكرة الشعر/ أحمل فوق عيون المعاني لأكثرها/ ثم تخبرني أن أقود النهار أمامي/ وأحمله في الورق»، والقصيدة الثانية: «هكذا بعد سبعين عاماً مضت/ وانحنى ظهر أيامنا/ لا تزال الخطى تمسك الأرض/ والكف موثوقة بالزناد»، إضافة إلى مقطوعات شعرية أخرى.
من رحم الألم
مفاجأة الأمسية كانت الشاعرة الفلبينية استر فارغاس كاستيلو، وهي مساعدة منزلية لكنها شاعرة متمكنة تكتب بالإنجليزية والفلبينية، وتدور قصائدها حول معاناة المرأة وتحاول تسليط الضوء على قضاياها وتقديم الأمل، وقد ألقت قصائدها بحماس متناغم مع مواضيع قصائدها، مؤكدة أنها تكتب الشعر لتستمر في الحياة وتغوص في بحار الكلمات لتعبر عن مشاعرها ومشاعر صديقاتها، ومن القصائد التي قرأت قصيدة «المغفرة»، وتقول فيها «تشغلني هذه الافكار التي تمتليء يأساً/ أحاول ان أنسى لكن الذكرى تبقى والزمن كفيل بجعلنا نتجاوز هذا الألم/ الخذلان الذي يعتصر القلب/ ومع ذلك يمكننا أن نسامح»، كما قرأت قصائد أخرى.