التعداد السكاني بين حسابات السياسة و النزاعات المكوناتية
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
12 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: أفادت تحليلات بأن حكومة إقليم كردستان تسعى جاهدة لتأجيل التعداد السكاني في المناطق المتنازع عليها، مترافقة مع الدعوات الى تطبيق المادة 140 من الدستور، التي تخص وضع هذه المناطق. وتحدثت مصادر مطلعة أن الإقليم يخشى من أن يؤدي إجراء التعداد في هذا الوقت إلى تغيرات سياسية غير محمودة في ظل التوترات القائمة بين بغداد وأربيل.
وقال مصدر سياسي إن بغداد رفضت طلب تأجيل التعداد، حيث أكد أن “قرار مجلس الوزراء ساري التنفيذ ويشمل جميع المناطق دون استثناء.”
وأفادت آراء بأن التأجيل قد يُعدّ تراجعاً خطيراً في خطط الدولة لمواجهة التحديات المكوناتية المتراكمة التي تعاني منها المناطق المتنازع عليها، والتي تضم العرب والكرد والتركمان، ما يجعل هذا التعداد ضرورة لضمان حقوق المكونات كافة.
وذكرت تغريدة على منصة “تويتر” لأحد الناشطين أن “التعداد السكاني ليس مجرد أرقام؛ بل هو توثيق لحقوق المواطنة وهوية الأرض.”
واعتبر مواطن من كركوك في تدوينة شخصية أن “إجراء التعداد الآن ضروري ليعرف كل مكون نسبة تمثيله ويطالب بحقوقه بناءً على إحصائيات حقيقية، بدلاً من استنادها للتقديرات غير الدقيقة.”
وقال تحليل إن اعتراضات العرب السنة على إلغاء فقرة المذهب من البطاقة السكانية تعكس خوفهم من تهميش هويتهم الدينية والاجتماعية، حيث يرون أن نسبهم السكانية تتراوح حول 30% وليس 15% كما تشير بعض التقديرات الرسمية. في المقابل، أبدى بعض الشيعة رضاهم عن تقدير نسبتهم بنحو 60%، وهو ما اعتبروه تعبيراً عن ثقلهم السكاني ودورهم السياسي في البلاد.
وتحدثت مصادر كردية عن أن تأجيل التعداد قد يكون في مصلحة الإقليم في هذه المرحلة، حيث قال مصدر مطلع من أربيل “نحن ندعو لمعالجة القضايا العالقة حول المناطق المتنازع عليها أولاً، فالتعداد قد يأتي بنتائج مضللة في ظل عدم استقرار الأوضاع.”
ويشير مراقبون إلى أن المسألة أبعد من أرقام ونسب؛ فالأمر قد يحمل أبعاداً سياسية تؤثر في توزيع السلطات وإدارة الموارد، خصوصاً في مناطق ذات أهمية اقتصادية وأمنية كبرى.
ووفقاً لمعلومات مطروحة، فإن قضية المكونات الصغيرة ليست بمنأى عن هذه الخلافات، إذ قد ترى تلك المكونات فرصة في إجراء التعداد للضغط باتجاه الاعتراف بحقوقها المهدورة، التي ترى أنها تضاءلت بفعل الصراعات الدائمة بين الكتل الكبرى.
ويرى مراقبون أن رفض الحكومة العراقية تأجيل التعداد قد يكون محاولة لتثبيت السيطرة المركزية على المناطق المتنازع عليها، فيما يعتبر آخرون أن أربيل تحاول حماية مصالحها من خلال الضغط على بغداد بتأجيله، وتوقع تحليل استباقي أن استمرار هذه الخلافات قد يضفي الشك على نتائج التعداد في نهاية المطاف، أو ربما إدخاله ضمن تسويات سياسية جديدة ترضي جميع الأطراف بشكل مؤقت، دون تقديم حل جذري للنزاعات المكوناتية المتراكمة.
والمناطق المتنازع عليها مصطلح دستوري يشير بالدرجة الأولى إلى محافظة كركوك ومناطق سهل نينوى في محافظة نينوى، فضلاً عن مناطق في محافظة ديالى، وهي مناطق مختلطة يسكنها عرب وأكراد وتركمان ومسيحيون. وكانت المادة 140 من الدستور العراقي حددت سقفاً زمنياً لإنهاء الخلاف بشأن هذه المناطق لا يتجاوز عام 2007 في دستور تم التصويت عليه من قبل الشعب العراقي، وبنسبة زادت على الـ80 في المائة عام 2005.
يذكر أن العراق أجرى آخر تعداد سكاني عام 1987، الذي شمل جميع المحافظات، تلاه إحصاء عام 1997 الذي تم دون مشاركة محافظات إقليم كردستان.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: المناطق المتنازع علیها
إقرأ أيضاً:
التعداد السُكاني في العراق.. أهمية اجتماعية وسياسية وتحدٍ كبير للحكومة - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
أوضح المختص في الشأن الاقتصادي علاء جلوب الفهد، اليوم الثلاثاء (12 تشرين الثاني 2024)، أهمية التعداد السكاني للعراق المرتقب اجراؤه خلال الأيام القليلة المقبلة، فيما أشار إلى ان هذا التعديد يمثل تحديًا كبيرًا للحكومة.
وقال الفهد في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن" التعداد السكاني ونتائجه تشكل أهمية كبيرة من ناحية توفير إحصائيات وقواعد بيانات وهذا ينعكس على مؤشرات متعددة منها احتساب متوسط دخل الفرد وأيضا مستويات الفقر ومستويات المعيشة وغيرها، فستكون هناك استمارة شاملة توفر بيانات لكل الباحثين، خاصة وان اخر تعداد سكاني جرى في العراق هو بعام 1999".
وبين، أن" التعداد السكاني له أهمية كبيرة جداً من الناحية الاجتماعية والسياسية كذلك من ناحية التخطيط المستقبلي ومعرفة الاحتياجات، وسيكون وفق هذا التعداد تقديم وتوفير الخدمات للمناطق، فتوزيع السكان اليوم في العراق يختلف عن توزيعه في السابق، فهناك هجرة وهناك مدن جديدة وهذا الامر يحتاج الى تخطيط مستقبلي وفق قاعدة بيانات متكاملة".
وأضاف، أن" قاعدة البيانات هذه ستسمح للمخطط الاقتصادي ان يخطط وفق الاحتياجات ويكون هناك ترتيب للخروج من العشوائية التي نعيشها اليوم بسبب غياب قاعدة البيانات وغياب الإحصائيات".
وختم المختص في الشأن الاقتصادي قوله، إن" التعداد السكاني يشكل تحديًا كبيرًا جداً للحكومة العراقية ويشكل نقطة فارقة مهمة وكبيرة للمجتمع من خلال توفير قاعدة البيانات والإحصائيات التي تخدم الدراسات المستقبلية لعشرة سنوات مقبلة".
وتقترب الحكومة العراقية من وضع اللمسات الأخيرة على استعداداتها لإجراء التعداد العام للسكان، في 20 نوفمبر الحالي، وهو التعداد الأول الذي يشمل جميع مناطق العراق منذ نحو 4 عقود.
وشهد العراق آخر تعداد عام للسكان شمل جميع محافظاته عام 1987، وعلى الرغم من أن البلد أجرى تعدادا آخر للسكان عام 1997، الا أن الأخير لم يشمل محافظات إقليم كردستان، لأنها كانت شبه مستقلة عن العراق في عهد النظام السابق.
ويعتبر التعداد المقرر اجراءه، في 20-21 نوفمبر الحالي، التاسع الذي يشهده العراق في تاريخه الحديث، وفيما إذا سارت العملية بسلاسة، فسيطوي العراق صفحة الإحصاءات والأرقام الصادرة عن المعاهد والمنظمات الخاصة بهذا الشأن المعتمد عليها منذ سنوات.
ويختلف التعداد الحالي عن سابقيه في كونه لا يحتوي على حقلي القومية والمذهب وينص فقط على الديانة، ويثير غياب القومية في استمارة التعداد الى جانب عمليات التغيير الديمغرافي، الذي شهدته المناطق المتنازع عليها حسب المادة 140 من الدستور العراقي، مخاوف الكرد والتركمان من أن يؤدي الى ترسيخ هذه التغييرات، خاصة أن غالبية سكان المناطق المتنازع عليها مثل سنجار غرب الموصل مازالوا نازحين في المخيمات.
وأصدر مجلس الوزراء العراقي في جلسته المنعقدة، الثلاثاء الماضي، مجموعة من القرارات منها قرارات خاصة بالتعداد السكاني.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء أنه ضمن متابعة المجلس للاستعدادات الخاصة بإجراء التعداد السكاني في عموم العراق أكد المجلس في مقدمة قراراته على الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية رقم (73) الصادر عام 2010 الخاص بالتعداد العام للسكان، الذي فصل بين الإحصاء السكاني الوارد في المادة 140 وبين التعداد السكاني المقرر اجراءه في العراق.
كما قرر المجلس إجراء العمل بالتعداد في المناطق المتنازع عليها من قبل فريق مشترك من العرب والكرد والتركمان، مع إضافة فرد من الديانة المسيحية للفريق في المناطق ذات الغالبية المسيحية.
ونصت القرارات على إجراء هيئة الإحصاء الاتحادية بالتعاون مع هيئة إحصاء إقليم كردستان ووزارة الداخلية الاتحادية، مقارنة لجداول بيانات الوزارات التالية مع نتائج التعداد في: سجلات وزارة الداخلية، تعداد عام 1957 وتحديثاته. سجلات وزارة التجارة، وبيانات وزارة الهجرة والمهجرين.
وتضمنت القرارات أيضا، الالتزام بتنظيم جداول إحصائية حول أعداد المرحلين والوافدين والنازحين في المناطق المتنازع عليها والمحافظات الأخرى حسب الوثائق الرسمية.
في المقابل شدد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، في مؤتمر صحفي عقده، في 6 نوفمبر الحالي، أنه "يجب إلا يكون للتعداد أي تأثيرات سلبية على تطبيق المادة 140 من الدستور، وحل قضية المناطق الواقعة خارج إدارة حكومة الإقليم (المناطق المتنازع عليها)"، مشيرا إلى أن الإقليم يؤيد تنظيم التعداد، لكن لديه بعض الملاحظات، التي سيعمل على تنفيذها بالتفاوض مع الحكومة الاتحادية خلال الأيام القليلة القادمة قبل اجراء التعداد.
وأرجئت مرارا عملية إحصاء كانت مقررة العام 2010 بسبب خلافات سياسية حول المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان في شمال البلاد، وعادة ما يجرى التعداد السكاني مرة كل عشر سنوات في العراق. ولكن تعذر إجراؤه منذ 1997.