آخر تحديث: 12 نونبر 2024 - 9:40 صبقلم: سمير داود حنوش لم يكن غريبا على دولة مثل الولايات المتحدة أن يفرز نظامها رئيسا ضمن مقاسات دونالد ترامب، فالخطاب الذي يتحدث به ترامب ليس جديدا على ذهنية هذه الدولة، لكن الجديد في الأمر أن حديث ترامب تحول إلى مواثيق للسياسة الأميركية بعد أن كان مجرد شعارات في عهد الرئيس السابق جو بايدن.

الحقيقة التي لا مناص منها أن العالم تحكمه القوة، وهي التي تحدد مصائر الشعوب. تسقط حكومات وتولد أخرى بسبب القوة والهيمنة وليس بغيرها. يُدرك الرئيس الجديد للولايات المتحدة أن القوة الاقتصادية هي التي تفرض سطوتها على الشعوب، وليس الجيوش المجهزة بأرقى أنواع التكنولوجيا. ولذلك شاهد العالم تجربة ترامب السابقة في حروبه الاقتصادية مع الصين عندما فرض حصارا تكنولوجيا ضد شركة هواوي الصينية.ليس مبالغة أن نتحدث عن كارثة اقتصادية ستصيب العراق فيما لو نفّذ ترامب وعده وأوقف الحروب، مما قد يجعل سعر برميل النفط ينخفض إلى ما دون الخمسين دولارا. وكيف ستفي الحكومة العراقية بالتزامها في توفير رواتب الموظفين والقطاع الخاص وفي تسيير أمور البلاد الاقتصادية التي تعيش على تصدير النفط وبيعه؟ ما يشغلنا من حديث ترامب هو كيف سيكون حال العراق من هذه السياسة؟ وما هو جديد ترامب للمنطقة التي يكون العراق ضمن مساحتها الجغرافية؟بداية، كل التوقعات تؤكد أن سياسة ترامب سوف تتغير من “التفاهمات” إلى مصطلح “القوة” في العراق. فالرئيس الجديد لا ينسى مذكرة إلقاء القبض التي أصدرها بحقه القضاء العراقي، ولن يخفى عليه الحديث الذي كان متداولا عن دعم أطراف عراقية للمنافس الديمقراطي في الانتخابات الأميركية. والأهم هو استعادة الدور الأميركي لقوته في العراق بعد أن هيمنت الفصائل المسلحة على القرار السياسي والاقتصادي للبلد. هل سيُفرض التطبيع على العراقيين مع إسرائيل كشرط لدعم النظام السياسي في بلدهم؟ ليس مستبعدا، بل كل الاحتمالات تشير إلى ذلك.لا ينقطع عن ألسنة العراقيين تداول السؤال التالي: هل يوافق ترامب على الانسحاب الأميركي الكامل من العراق وترك المجال مفتوحا لإيران في التمدد؟ لا يحتاج الجواب إلى متحذلق للإجابة بأنه من المستحيلات أن يسمح بذلك. لذلك سيكون من المبكّر الحديث عن مغادرة الجيش الأميركي الأراضي العراقية، بل قد يعمل العكس ويزيد من أعداد الجنود على الأراضي العراقية. من جانبها، تُدرك إيران أن ترامب لن يقدّم لها العراق على طبق من ذهب كما فعل سابقه بايدن في “المهادنة” مع إيران وفصائلها. وإن القادم أسوأ مع تأكيدات أميركية أن إيران حاولت اغتيال ترامب أثناء حملته الانتخابية، وحديث الإدارة الأميركية الحالية أن ذلك قد يدخل في خانة الأعمال الحربية. لذلك يتداول أن الجارة الشرقية طلبت من قادة الفصائل المسلحة مغادرة العراق خوفا من الانتقام الأميركي، وحاولت التعجيل من اختيار رئيس برلمان عراقي من الجبهة السنية المتحالفة مع طهران من أجل تأمين المزيد من القوانين التي تصب في صالح القوى المدعومة من خارج الحدود، مستغلة حالة الضعف التي مرت بها السياسة الأميركية في عهد الرئيس السابق بايدن. يُدرك ترامب أن القرار العراقي ليس مملوكا بيد الحكومة العراقية، بل بيد الفصائل المسلحة، خصوصا عندما سمعنا من يقول منهم إن قرار السلم والحرب ليس بيد الحكومة، بل بيد الفصائل متى ما قررت ذلك.المشرعون الجمهوريون الذين تمكنوا من السيطرة على مجلس الشيوخ والنواب الأميركي بعد فوز مرشحهم ترامب لرئاسة البيت الأبيض، سيسعون إلى تشريع قوانين توقف تمويل رواتب الحشد الشعبي ومشاريع مرتبطة به مثل شركة “المهندس” عبر الفيدرالي الأميركي، بسبب استخدام هذه الأموال لتمويل جماعات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وهو ما قد يسعى إليه ترامب في فترته القادمة. الطبقة السياسية في العراق تعلم أن قدوم ترامب إلى البيت الأبيض لا يبشر بخير بعد أن كان الوضع هادئا ومستسلما لإرادة الفصائل المسلحة في الوقت السابق. وتعلم جيدا أن ما بعد فترة ترامب ليس كما قبلها، خصوصا مع اقتراب قدوم سفيرة جديدة لأميركا إلى العراق بديلا عن ألينا رومانوسكي التي ستغادر قريبا.وكما هو مناخ العراق المتقلّب، سيكون الوضع السياسي في العراق متقلبا ومتغيرا في ظل متغيرات إقليمية تشبه لعبة الدومينو، يكون العراق ضمن إحدى أحجارها التي تتساقط بالتتابع، وهو ما قد يؤشر إلى بداية تختلف عما كانت عليه في السابق.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الفصائل المسلحة فی العراق

إقرأ أيضاً:

العراق يفتح أبوابه للاستثمار الأميركي: بعثة تجارية لتعزيز التعاون طويل الأمد

8 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بين العراق والولايات المتحدة، وصلت بعثة تجارية أميركية تضم نحو 60 شركة إلى العاصمة العراقية بغداد، في زيارة هي الأضخم من نوعها في تاريخ العلاقات التجارية بين البلدين.

وتشارك في الزيارة مجموعة من الشركات البارزة في مجالات الطاقة، والتكنولوجيا، والصحة، التي ستلتقي بمسؤولين عراقيين رفيعي المستوى لتوقيع مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص.

وتأتي هذه الزيارة في وقت حساس بالنسبة للعلاقات العراقية الأميركية، حيث يسعى العراق إلى تحقيق توازن في علاقاته الاقتصادية والدبلوماسية مع واشنطن. وبحسب تقرير صادر عن مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2024 نحو 9,1 مليارات دولار، ويُتوقع أن تعزز هذه الزيارة هذا الرقم بشكل ملحوظ من خلال الاتفاقيات التي ستُوقع بين الجانبين.

وأعلنت السفارة الأميركية في بغداد أن الوفد الذي يضم أكثر من 100 عضو من الشركات الأميركية سيتواصل مع الشركات العراقية في قطاعات متعددة، ويبحث فرص التعاون في مجالات الطاقة والابتكار التكنولوجي. من بين الاتفاقيات التي يُنتظر توقيعها، اتفاقية مع شركة “جنرال إلكتريك” لتطوير محطة طاقة كهربائية عالية الكفاءة في العراق، وهي خطوة تأتي في وقت حرج بالنسبة للقطاع الكهربائي في البلاد، الذي يعاني من نقص حاد في الإمدادات.

وفي إطار تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، أبرمت غرفة التجارة الأميركية واتحاد غرف التجارة العراقية مذكرة تفاهم “محورية” تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي طويل الأمد، وهو ما يعد إنجازًا دبلوماسيًا مهمًا في مسار العلاقات الثنائية بين بغداد وواشنطن.

وتواجه العلاقات التجارية بين العراق والولايات المتحدة تحديات كبيرة على خلفية الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب. ففي خطوة أثارت قلقًا عالميًا، تم فرض تعرفة إضافية بنسبة 10% على جميع المنتجات المستوردة إلى الولايات المتحدة، وهي خطوة تأثرت بها العديد من الدول، ومنها العراق.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن جماعة أولي البأس التي ظهرت جنوب سوريا وهل هي فعلا ذراع جديد لإيران في المنطقة؟
  • آفـة الترويض السياسي (1 – 3)
  • 22 عاما على سقوط بغداد... هل يمرُّ النظام في العراق بأخطر مراحله؟
  • عودة فورية لوقف إطلاق النار في غزة.. ماذا دار بالقمة الثلاثية أمس
  • العراق يدخل الصيف بمعركة الطاقة.. لهيب الحرارة ينتظر حلول الحكومة
  • العراق يحدد موعد الانتخابات التشريعية: خطوة هامة نحو الاستقرار السياسي
  • العراق يفتح أبوابه للاستثمار الأميركي: بعثة تجارية لتعزيز التعاون طويل الأمد
  • «القوة المميتة».. ماذا وراء حملة ترامب الجوية ضد الحوثيين في اليمن؟
  • الوعود الحكومية بين التحدي والواقع.. هل تملك بغداد الأدوات لتسليم سلاح الفصائل؟
  • لماذا اختفى الدعم السياسي والشعبي لإضراب غزة العالمي من مصر؟