في الوقت الذي افتتحت فيه أشغال القمة العربية الإسلامية، في الرياض، الاثنين، لمناقشة سبل وقف الإبادة في غزة والعدوان على لبنان، يعمل محور الدبلوماسية “المنهارة” على محاولة إنقاذ ماء وجه الإدارة “الديمقراطية”، عبر محاولة إيجاد صيغة لوقف إطلاق النار في لبنان والعودة إلى مربع 1701، مع محاولة يائسة لإبرام “صفقة الأسرى” في غزة.
الشهران المتبقّيان من عمر إدارة بايدن، التي مُنيت بانتكاسة كبرى في الانتخابات الأخيرة، على يد ترمب العائد بقوة إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025، بسبب موقفها من الإبادة والسكوت والتواطؤ والدعم للكيان على كل المستويات، هذان الشهران، لن يكونا كافيين لإنجاز ما لم تنجزه في 13 شهرا. لهذا، كل ما تحاول “البطة العرجاء”، فعله، هو محاولة مسح العار الانتخابي أمام قاعدتها الانتخابية، لاسيما في الولايات السبع المتأرجحة تاريخيا، التي مالت كلها إلى المرشح الجمهوري.
لن يكون الوقت كافيا لترميم الصدع الزلزالي في صفوف الحزب الديمقراطي، وعليه، فقد بدأت الإدارة الموازية الجمهورية في التشكّل والتحرك بالاتجاهين: الاتجاه الروسي، من خلال أول اتصال هاتفي للرئيس ترمب مع الرئيس بوتين بشأن أوكرانيا، وأيضا باتصال رئيس وزراء الكيان مع الرئيس الأمريكي الفائز.
هذا، يفيد بأن المنطقة مقبلة على تحوُّل وتغيُّر في التعامل مع الأوضاع الكارثية التي تسبَّبت فيها الإبادة المروِّعة في غزة وتمتد الآن إلى لبان وباقي المنطقة.
ترمب، الذي تمكّن من كسب وتأييد الأمريكان العرب والمسلمين والملونين، على الأقل غالبيتهم، تمكّن من الفوز الساحق، ليس بفضل الأصوات هذه فحسب، بل وبسبب تصويت نحو نصف المنتخبين البيض له، جلّهم من الشباب المناهض للحرب والإبادة الصهيونية العنصرية على مدى أكثر من سنة.
هناك تحوّل في المواقف، وقد خسر الديمقراطيون الرهان على اللوبي الصهيوني واليهودي وداعميه، لا بل أن فئة لا يستهان بها من مجموعة “يهود ضد الحرب”، الرافضة لقيام دولة يهودية في فلسطين وللمشروع الصهيوني برمَّته، كانوا قد انتفضوا وتظاهروا دعما لغزة رفقة العرب والمسلمين والملوَّنين وكثير من الشباب والطلبة البيض. استثمر ترمب هذا في حملته الانتخابية، ووجَّه نيرانه تجاه المرشحة الديمقراطية وإدارة بايدن، فيما أبدى موقفا مهادنا تجاه ما يحدث في الشرق الأوسط وأوكرانيا، ودعا ووعد بحلٍّ سلمي عاجل ووقف للنزيف: خطاب سلمي رغم مواقف ترمب الفظة. خطاب مزدوج، تقبَّله البعض من المراهنين على وقف الآلة الجهنمية الوحشية للكيان الصهيوني المدعومة من طرف الإدارة الديمقراطية التي لم تتخلّ عنه يوما: دعم مالي وعسكري ودبلوماسي وحقوقي وإعلامي، رغم خطاب “الحل السلمي” وأدبيات “النفاق الدبلوماسي”، الذي صار لازمة يعرفها العامّ والخاص، علكة تُمضغ في المنابر السياسية والإعلامية، فيما الواقع شيء آخر تماما.
مع ترمب، الكل بات يعرف هذا الرجل، الذي جاء من خارج رحم “الإستابلشمنت”، المؤسسة السياسية للدولة العميقة، ليغيِّر كل أساليب التعامل السياسي: خطاب صريح، لا نفاق فيه ولا مواربة، لغة مصالح لا غير، مواقف لا تربطها رابطة بموقف إيديولوجي واضح، من غير أن يغازل التيار الإنجيلي الصهيوني، خلافا للديمقراطي بايدن، الذي دأب على التصريح، منذ أربعين سنة، بأنه “ليس شرطا أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا”، وأنه “ليس يهوديا، لكنه صهيوني، ويهودي أكثر من اليهود”. مع ترمب، قد تتغير كثيرٌ من المسلَّمات، والبداية تبدأ من قمة الاثنين بالرياض: حل الدولتين قبل التطبيع، في انتظار ما بعد 20 يناير 2025. الضغط سيكون قويا على الجانب الفلسطيني والعربي لقبول صفقة ما، ولكن أيضا على الكيان وعلى أوكرانيا.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة بايدن الحرب غزة بايدن الحرب ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة صحافة تفاعلي رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
سوريا والعهد الجديد: المسيحيون بين التفاؤل والحذر من المستقبل والكنيسة تبقى الملاذ الآمن
في قلب دمشق، يجد سالم عزاءه في الكنيسة المحلية القريبة من منزله. فدار العبادة هذه تمثل له ملاذًا آمنًا وسط تغييرات غير واضحة المعالم في سوريا الجديدة. كمسيحي، يشارك سالم مشاعر القلق التي تنتاب الأقليات العرقية والدينية في البلاد، وهم يتطلعون لمعرفة مكانهم في ظل الحكومة الجديدة.
اعلانمع بداية اختفاء العلم السوري المرتبط بنظام الأسد من على واجهات المنازل في دمشق، يلمح البعض تغييرات قد تكون مؤشراً على تحول ما في العاصمة. لكن بالنسبة لسالم، يبدو أن التغيير لا يزال بعيداً عن الوصول إلى العمق المطلوب. "الأمور ما زالت كما هي، باستثناء أن مبنى المخابرات الجوية أصبح فارغاً"، يقول سالم، وهو يشير إلى المبنى الذي كان يوماً مركزاً للاستجواب والتعذيب.
داخل المبنى المهجور، يتجول مقاتلو المعارضة وهم يضيئون الزوايا بمصابيح يدوية. ويشرح أحدهم قائلاً: "هنا كانت تتم عمليات الاستجواب، وهذه الكراسي كانت تستخدم في التعذيب."
Relatedلا تعليق: عودة حركة الطيران الداخلي في سورياقسد تكشف عن تهديدات داعش في شمال سوريا وتدعو لحماية المنشآتتركيا بوابة سوريا الجديدة... كيف أصبحت أنقرة مفتاح الحل السياسي والاستقرار الإقليمي؟من سوريا إلى عودة ترامب واحتجاجات جورجيا.. ملفات شائكة على طاولة الاتحاد الأوروبي في بروكسلورغم أن مشهد المبنى الفارغ يبعث في سالم شعوراً بالتفاؤل الحذر، إذ لا يزال يشوب هذا التفاؤل، قلقٌ كبير من الفوضى التي قد ترافق المرحلة الانتقالية. ويضيف المتحدث: "ما أخشاه أكثر من أي شيء آخر هو الفوضى".
في خطوة رمزية، قرر أحد أصحاب المحال طلاء واجهة متجره باللون الأبيض، قائلاً: "ربما يجلب لنا هذا اللون أياماً بيضاء ومزدهرة". وهو لون لم يكن مسموحاً له باستخدامه من قبل، حيث كان ملزماً برسم علم النظام على واجهته.
ورغم كل ما يمر به من تحديات، لا يزال سالم يحتفظ بحب عميق لدمشق. "علاقتي مع دمشق مثل علاقة حب متقلبة؛ مليئة بالمشاعر الحلوة والمرة"، هكذا لخّص سالم علاقته بالشام وهو يواصل السير في شوارع المدينة التي تختزن في ذاكرتها آلاما وتحمل أيضا آمالا في مستقبل أكثر إشراقا.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أنقرة تعد العدّة لاجتياح بري في سوريا وجهود أمريكية لاحتواء الوضع الجولاني يدعو لرفع العقوبات عن سوريا ويؤكد بأنها لن تكون منصة لمحاربة إسرائيل أكراد سوريا.. توجّس من تركيا وخوف من المستقبل بعد استيلاء المعارضة الإسلامية المسلحة على السلطة عيد الميلادبشار الأسدمحمد البشير الحرب في سورياالمسيحيةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next فرحة رحيل الأسد ينغّصها الخوف والقلق مما هو آت.. توجس في أوساط الطائفة العلوية من حكام دمشق الجدد يعرض الآن Next قمة بروكسل تحدد قواعد التواصل مع هيئة تحرير الشام وفون دير لاين واثقة بنفوذ أوروبي واسع لدى دمشق يعرض الآن Next نعمة السماء بعد الكارثة.. الأمطار تعود مجددا إلى جزيرة مايوت وسط شحّ كبير في المياه يعرض الآن Next صواريخ روسية تضرب قلب كييف وتودي بحياة شخصين وتشعل حرائق ضخمة يعرض الآن Next أيرلندا تواجه تحديات الثورة الرقمية: استهلاك غير مسبوق للطاقة اعلانالاكثر قراءة غارات إسرائيلية على اليمن تقتل 9.. والحوثيون يعلنون استهداف أهداف حساسة في تل أبيب وأبو عبيدة يُبارك بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.. هل تعلم أن للأسد 348 اسمًا؟ بوتين: لم ألتق بشار الأسد بعد قدومه إلى روسيا وما حصل في سوريا ليس هزيمة لنا السينما كما لم تعرفها من قبل.. متفرجون يخلعون ملابسهم لمتابعة فيلم في إسبانيا مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومسورياضحاياقصفبشار الأسدروسياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيلأوكرانياهيئة تحرير الشام قطاع غزةعيد الميلادجريمةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024