ترامب يعود والقرن الأفريقي مشتعل والصين لاعب أساسي
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
مع حسم صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة هوية ساكن البيت الأبيض الجديد، انطلقت الكثير من التكهنات حول السياسات التي يُتوقع تبنيها من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب تجاه الملفات الحساسة في القرن الأفريقي في فترته الرئاسية الثانية.
فالمنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية الفائقة تواجه أوضاعاً معقدة ومتشابكة تبدأ من مكافحة ما يسمى الإرهاب، ولا تنتهي بتوترات كامنة أو مشتعلة بين دولها، مخلفة تحديات كبيرة أمام أي محاولة لتشكيل مقاربة قادرة على إبعاد الإقليم عن فوهة البركان التي يجثم فوقها.
إبان فترته الأولى (2016-2020) اتسمت تجربة الرئيس ترامب مع أفريقيا بالتراجع الكبير في الاهتمام بالقارة التي لم يزرها مطلقاً ولم يستقبل إلا ثلاثة من رؤسائها طوال فترة ولايته، في حين وصف روناك غوبالداس مدير مؤسسة "سيغنال ريسك" المتخصصة في إدارة المخاطر بالقارة الأفريقية النهج الذي اتبعه ترامب تجاه أفريقيا بأنه تراوح بين "الازدراء والإهمال".
وبعد 4 سنوات، يبدو هذا التجاهل لأفريقيا حاضراً مع غيابها الكامل عن خطابات ولقاءات ترامب في حملته الانتخابية الأخيرة، مع تركيزها الشديد على القضايا المحلية وحروب الشرق الأوسط وأوكرانيا.
ولم يكن الحال مختلفاً بالنسبة للقرن الأفريقي، حيث بدأ الابتعاد الأميركي عن المنطقة مع إستراتيجيات أوباما للتوجه نحو المحيط الهادي ومواجهة النفوذ الصيني المتصاعد، بينما أدى اتباع ترامب نهج "أميركا أولاً" -وفق مقال نشره ريتشارد ماكمونمن الضابط الأميركي السابق بمنطقة شرق أفريقيا- إلى تحويل الأولويات بعيداً عن أفريقيا حيث تركز الإدارة الأميركية على زيادة المنافسة مع الصين وروسيا.
وهذا "الفراغ النسبي" -كما وصفه تقرير لمجموعة الأزمات الدولية- أغرى العديد من القوى العالمية بمحاولة ملئه وعلى رأسها الصين، في حين اندفعت قوى إقليمية حليفة لواشنطن إلى المنطقة ساعية لبناء توازنات إقليمية جديدة، في حين اعتبره بعض المحللين سياسة أميركية لإدارة ملفات المنطقة من الخلف عبر حلفائها.
وأدت هذه الإستراتيجية إلى حدوث تغييرات كبيرة في المشهد السياسي بالمنطقة إبان فترة ترامب الأولى من خلال الرعاية الإماراتية والسعودية لاتفاق السلام الإريتري الإثيوبي وما تلاه من بناء التحالف الثلاثي بين البلدين الأخيرين وأرض الصومال، وبدايات انفتاح أميركي على أسمرا، فيما عد حينها بشارة بعهد جديد في هذه المنطقة المضطربة.
العديد من صناع القرار في القارة الأفريقية يترقبون بقلق ما سيحمله إليهم هذا الشتاء الأميركي بانتهاء الانتخابات.. إليك ما يقلق أفريقيا من احتمال عودة ترامب
للمزيد: https://t.co/RZsk5L0ncS pic.twitter.com/mCHfu48Jmc
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) August 26, 2024
قرن أفريقي جديدوالآن يعود ترامب مرة أخرى، غير أن الهندسة الإقليمية التي تمت في عهدته الأولى قد تغيرت فيها المواقع بشكل كامل، حيث تعيش إرتيريا وإثيوبيا توتراً مكتوماً على خلفية العديد من القضايا، في حين تتأرجح مقديشو وأديس أبابا على حافة حرب إقليمية نتيجة توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي.
وزاد تأجج الأوضاع مع التقارب المصري الداعم للصومال وما تبعه من تحالف مقديشو وأسمرا والقاهرة المعلن في أكتوبر/تشرين الأول 2024 لتتشابك إلى حد كبير أزمتا القرن الأفريقي وحوض النيل.
كما زادت عوامل أخرى القيمة الجيوستراتيجية للقرن الأفريقي الذي تحتضن إحدى دوله مركز القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم" مقابل ما شهدته السنتان الماضيتان من تزعزع شديد الوطأة للنفوذ الغربي في منطقة الساحل لصالح تمدد روسي، وإخراج الولايات المتحدة من النيجر التي كانت تستضيف أهم قاعدة لتنسيق العمليات العسكرية الأميركية غرب أفريقيا.
أهمية أمنية مركبةفي حين أبرزت تداعيات طوفان الأقصى الأهمية الأمنية المركبة للقرن الأفريقي فيما يتعلق بمجموعة من الملفات الإستراتيجية لواشنطن، على رأسها أمن الملاحة الدولية مع الاضطراب الذي أثاره استهداف الحوثيين للمصالح الإسرائيلية العابرة من باب المندب، ومن جهة أخرى كشف استهداف الحوثيين لإسرائيل مباشرة عن التشابك الأمني الوثيق بين جنوب البحر الأحمر والشرق الأوسط.
وبجانب ما سبق كشف تقرير فريق الخبراء الأممي المعني باليمن في نوفمبر/تشرين الثاني عن زيادة في أنشطة تهريب الأسلحة بين الحوثيين وحركة "الشباب المجاهدين" الصومالية، مع وجود مؤشرات على وجود إمدادات عسكرية مشتركة أو مورد مشترك، مما يثير المخاوف أن تجد إيران منفذاً جديداً لها على البر الأفريقي هذه المرة.
ويزيد مثل هذا السيناريو من الأعباء الأمنية الكبيرة التي ترزح تحتها دول المنطقة مع تصاعد حركة "الشباب" خلال الفترة الماضية، حيث تمثل الولايات المتحدة أحد الداعمين الرئيسيين للصومال في مواجهة نشاطات هذه الحركة وتداعياتها.
وبينما ختم ترامب ولايته الأولى بقرار سحب لقواته من الصومال، يرجح فين ويبر المستشار السابق لعدد من الحملات الجمهورية للرئاسة أن تواجه إدارة الرئيس ترامب الثانية "التهديدات الإرهابية" في أفريقيا، بما فيها الصومال، بقوة وصرامة من خلال تعزيز القيادة الأميركية بالقارة ومساعدة "جهود مكافحة الإرهاب" الأفريقية.
ويؤشر ذلك إلى استمرار الدعم الأميركي للصومال والذي توّج بتوقيع اتفاقية أمنية عسكرية بين البلدين في فبراير/شباط 2024.
قائد عسكري أميركي وعناصر من قوات كوماندوز صومالية بقاعدة بليدوجلي غرب مقديشو (أفريكوم) مواجهة بكينمثلت المواجهة مع الصين ملمحاً بارزاً في تشكيل إستراتيجيات الشؤون الخارجية لإدارة ترامب الأولى، حيث شكل القرن الأفريقي إحدى الساحات المحتدمة لهذه المواجهة، عندما أطلقت استضافة جيبوتي للقاعدة العسكرية الأولى لبكين بالخارج عام 2017 أجراس الإنذار في واشنطن ودفعت إدارة الرئيس الأميركي إلى إصدار إستراتيجيتها الأفريقية عام 2018.
وبعد 4 سنوات غاب فيها ترامب عن البيت الأبيض، أصبحت الأوضاع الآن أكثر تعقيداً في هذا الملف، مع تحول الصين إلى لاعب قادر على انتزاع المزيد من الأراضي من خلال توقيع إريتريا مذكرة تفاهم مع بكين للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق عام 2021 بعد تأجيلها اتخاذ هذه الخطوة لسنوات، بجانب تقدم إثيوبيا، الحليف التاريخي للمنظومة الغربية، بطلب للانضمام لمجموعة البريكس التي تمثل الصين أهم أقطابها.
وستشكل مثل هذه التطورات حافزاً لإدارة ترامب لإيلاء القرن الأفريقي اهتماماً أكبر، حيث تعد مواجهة النفوذ الصيني أولوية متفقا عليها للإدارات على اختلافها.
وهو ما نرى أصداءه مع تعيين جو بايدن لأول مبعوث أميركي خاص للمنطقة السفير هو جيفري فيلتمان في أبريل/نيسان 2021، والذي تمكن خلَفه مايك هامر من تحقيق تسوية تاريخية بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والحكومة الإثيوبية بجنوب أفريقيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
العصا الأميركية والجزرةوفي هذا السياق تبدو الولايات المتحدة قادرة على التلويح بكل من العصا والجزرة للعديد من دول المنطقة للتماشي مع سياساتها، من خلال استخدام أدواتها المختلفة كالتعاون العسكري أو الاقتصادي بأشكاله المختلفة ومن أبرزها قانون النمو والفرص في أفريقيا (أغوا) والذي يتم بموجبه منح بلدان القارة حرية تصدير منتجات معفاة من الضرائب إلى السوق الأميركية، وذلك لتعزيز إيرادات الميزانيات الوطنية.
وتبدو الحالة الإثيوبية مثالاً نموذجياً للتأرجح بين "سيف المعز وذهبه" حيث تم تعليق استفادتها من قانون "أغوا" على خلفية الانتهاكات التي رافقت الحرب في تيغراي وربط عودة أديس أبابا إليه بتنفيذ التزاماتها في اتفاقية بريتوريا، كما أكد مايك هامر مبعوث واشنطن إلى القرن الأفريقي.
وفي حين يبشر تيبور ناجي -الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية بعهد ترامب وسفير في غينيا وإثيوبيا قبل ذلك- باحتمالية رفع هذا السيف عن عنق إثيوبيا، معتبراً أن هذا سيكون "سياسة أكثر واقعية" في مؤشر واضح إلى تراجع القضايا الحقوقية والديمقراطية في أولويات الإدارة القادمة.
ترامب وعدم القابلية للتنبؤورغم امتلاك واشنطن لهذه الأدوات التي توفر لها قدرة أكبر على التدخل الفعال في بعض الملفات الساخنة، كالتوتر الصومالي الإثيوبي، والإثيوبي الإريتري، فإن عدم الوضوح يشكل إحدى السمات الرئيسية لترامب وسياساته الأفريقية، والذي أعلن مراراً أن عدم القابلية للتنبؤ تمثل النهج المثالي للسياسة الخارجية وفقاً لكتاب بحثي صادر عن دار روتليدج العريقة صيف 2024.
وهذه السمة تنسحب على مواقف إدارة ترامب المتوقعة حيال قضايا المنطقة، حيث يصعب تحديد المنحى الذي ستتبعه سواء كان الاستمرار في دعم سياسة "الصومال الواحد" التي اعتمدها بايدن من خلال تأكيده على وحدة وسيادة أراضي الصومال، أو الاعتراف باستقلال "أرض الصومال" الذي يدعو إليه بعض الجمهوريين مما يمهد الطريق أمام إمكانية عقده اتفاقية مع إثيوبيا تتيح للأخيرة الوصول إلى البحر.
وفي هذا السياق يبدو الموقف الذي قد تنحو إليه إدارة ترامب في عهدته الثانية متعلقاً بالعواقب والسياقات الأوسع من تفاصيل أزمات المنطقة وأطرافها المباشرين، كتداعيات موقف واشنطن من هذه التوترات على أمن البحر الأحمر، وأمن الشرق الأوسط.
وهذا بالإضافة إلى التوازنات التي ترسمها واشنطن في تعاملها مع حلفائها كالسعودية الداعمة للصومال والإمارات الداعمة لإثيوبيا وأرض الصومال، والتصارع مع القوى الدولية الأخرى في المنطقة وعلى رأسها الصين، و"مكافحة الإرهاب".
وفي ظل ما سبق، فإن الترقب وعدم اليقين هما العملة السياسية الأكثر رواجاً بالقرن الأفريقي في انتظار وضوح الملامح العامة لإستراتيجية الرئيس الأميركي المنتخب حيال المنطقة المضطربة خلال السنوات الأربع القادمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة القرن الأفریقی إدارة ترامب من خلال فی حین
إقرأ أيضاً:
عُمان والصين.. نحو مزيد من الشراكات
محمد بن علي العريمي
mahaluraimi@gmail.com
تتمتع سلطنة عُمان بموقع جغرافي استراتيجي يُتيح لها الاستفادة من علاقاتها مع الصين؛ حيث تُعد عُمان الأسهل جغرافيًا بين الدول العربية في الوصول إلى الصين عبر المسار البحري، وهذا الموقع الجغرافي الفريد يُتيح لعُمان فرصًا كبيرة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الصين، خاصةً في ظل تنامي دور الصين كقوة اقتصادية عالمية وزيادة حجم التبادل التجاري بين الدولتين.
وفي هذا السياق، يُمكن لعُمان الاستفادة من موقعها لتعزيز شراكتها مع الصين في مختلف المجالات، مما يؤدي إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة وتنمية مستدامة. وتمتلك عُمان شبكة موانئ قوية مثل ميناء صلالة، ميناء الدقم، وميناء صحار، التي تتمتع بموقع استراتيجي على المحيط الهندي. ميناء صلالة وحده استقبل أكثر من 4.3 مليون حاوية نمطية في عام 2022، وهو ما يجعله من أبرز الموانئ الإقليمية. كما يُعتبر ميناء صحار من بين الموانئ المتطورة؛ حيث يحتوي على مرافق حديثة ويعد مركزًا رئيسيًا لاستيراد وتصدير البضائع. وفقًا لتقارير اقتصادية، بلغ إجمالي استثمارات تطوير الموانئ العُمانية حوالي 20 مليار دولار خلال العقد الماضي. هذه الموانئ قادرة على استقطاب البضائع الصينية العابرة إلى إفريقيا وأوروبا، مما يعزز موقع السلطنة كمركز لوجستي عالمي.
إضافةً إلى ذلك، يُمكن لعُمان الاستفادة من التكنولوجيا والخبرة الصينية في تطوير موانئها. على سبيل المثال، يُمكن التعاون مع شركات صينية رائدة مثل "تشاينا هاربور" و"تشاينا كوسكو" لتوسيع المرافق اللوجستية وزيادة الطاقة الاستيعابية؛ مما يدعم حركة التجارة المتزايدة. ومن خلال هذا التعاون، يُمكن للموانئ العُمانية أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من مبادرة "الحزام والطريق" التي تهدف إلى تعزيز الربط التجاري بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.
التجارة البحرية بين عُمان والصين تشهد تطورًا ملحوظًا. في عام 2021، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 21.2 مليار دولار أمريكي؛ مما يجعل الصين الشريك التجاري الأكبر لعُمان. وعلى الرغم من أنَّ غالبية هذا التبادل تتركز في قطاع الطاقة، فإنَّ هناك فرصًا واعدة لتوسيع نطاق التعاون ليشمل الصناعات التحويلية والمنتجات الزراعية والسمكية. وتشير التوقعات إلى أنَّ تعزيز الاتفاقيات التجارية وتسهيلات النقل قد يؤدي إلى زيادة التبادل التجاري بنسبة 10% سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة.
ويمكن لعُمان استقطاب الاستثمارات الصينية في قطاعات مختلفة مثل البنية الأساسية، والصناعات الثقيلة، والطاقة المتجددة، والسياحة، والزراعة. وعلى سبيل المثال، تُعد منطقة الدقم الاقتصادية وجهة استثمارية مثالية.
عُمان تُعد شريكًا مثاليًا للصين في مجال الطاقة؛ حيث إنَّ الصين واحدة من أكبر مستوردي الطاقة في العالم. وفي عام 2021، صدّرت السلطنة حوالي 80% من إنتاجها النفطي إلى الأسواق الآسيوية، مع حصة كبيرة موجهة إلى الصين. وهذا التعاون يعكس تكاملاً طبيعيًا بين احتياجات الصين وموارد عُمان. إضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وفقًا لتقارير منظمة الطاقة الدولية، تُعتبر الصين من أكبر المستثمرين في تقنيات الطاقة النظيفة، مما يوفر فرصة لعُمان للاستفادة من الخبرة الصينية في هذا المجال لتطوير مشاريع مستدامة داخل السلطنة.
وفي مجال السياحة، تُعد الصين سوقًا واعدة لعُمان، وفي عام 2019، زار السلطنة أكثر من 50 ألف سائح صيني، ومع استئناف حركة السفر العالمية، من المتوقع أن يرتفع هذا العدد بشكل كبير. وتُعد المواقع التاريخية في عُمان عوامل جذب رئيسية للسياح الصينيين، إضافة إلى الصحاري والشواطئ الجميلة التي توفر تجربة فريدة. وهنا يتعين تعزيز الجهود الترويجية وتنظيم حملات إعلامية على المنصات الصينية الشهيرة مثل "وي تشات" و"ويبو"، بما يساعد على زيادة أعداد السياح الصينيين.
كما إنَّ التبادل الثقافي بين عُمان والصين يُعد ركيزة أساسية لتعزيز العلاقات الثنائية. يمكن تنظيم مهرجانات ثقافية ومعارض فنية وبرامج تعليمية لتقريب الثقافات بين الشعبين. على سبيل المثال، يمكن إنشاء برامج لتدريس اللغة العربية للصينيين، واللغة الصينية للعُمانيين لتعزيز التواصل. علاوة على ذلك، يمكن إقامة فعاليات رياضية مشتركة تُبرز الترابط الحضاري بين البلدين.
ومن ناحية تطوير الصناعات المحلية، فإنَّ الصين سوق رئيسية للرخام العُماني؛ حيث بلغت صادرات الرخام العُماني إلى الصين حوالي 20 مليون دولار في عام 2020. وتعزيز هذه الصناعة وتوسيع قاعدة العملاء في الصين يمكن أن يزيد من إيرادات السلطنة بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، فإنَّ المنتجات الزراعية مثل التمور والأسماك لديها إمكانيات كبيرة للدخول إلى السوق الصينية بفضل الطلب المتزايد في هذا القطاع. تُشير بيانات وزارة الزراعة والثروة السمكية العُمانية إلى أن صادرات الأسماك العُمانية إلى الصين زادت بنسبة 15% في السنوات الثلاث الأخيرة.
ويمكن القول إن أمام سلطنة عُمان والصين فرص استراتيجية يمكن استغلالها لتحقيق فوائد اقتصادية وتجارية واجتماعية كبيرة. ومن خلال التعاون المشترك واستقطاب الاستثمارات الصينية، تستطيع عُمان تعزيز مكانتها كمركز لوجستي وتجاري في المنطقة. ومشروع "الحزام والطريق" يُعد بوابة ذهبية للسلطنة لتنويع اقتصادها وتحقيق التنمية المستدامة؛ بما يخدم الأهداف الوطنية على المدى البعيد. التعاون الوثيق بين البلدين ليس فقط فرصة اقتصادية؛ بل إنه جسر ثقافي يُسهم في بناء علاقات مستدامة تعود بالنفع على الشعبين.