نص: فرانس24 تابِع | سيرييل كابو إعلان اقرأ المزيد

في 15 آب/أغسطس2021، عادت طالبان إلى السلطة بعدما غادرتها 20 عاما من قبل بقوة السلاح الأمريكي وحلفاء واشنطن.

أما اليوم وبعد مرور عامين، يبدو أن طالبان استوعبت الدرس إذ أصبحت تسوق صورة معتدلة وتستخدم كثيرا وسائل التواصل الاجتماعي لتمرير خطاباتها وقدمت حتى ضمانات باحترام حقوق المرأة.

الهدف من هذا التوجه الجديد: إعادة ترسيخ الأمن في البلاد وتطوير الاقتصاد بغية الاندماج من جديد في المجتمع الدولي.

لكن بعد مرور سنتين على رأس السلطة، لم تتجسد هذه الوعود على أرض الواقع. بالعكس "أصبحت البلاد تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم. أكثر من 28 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، أي ما يقارب الثلثين من إجمالي السكان"، يشرح فاريشبا عباسي، المتخصص في الشؤون الأفغانية بمنظمة "هيومن رايتس ووتش".

اقرأ أيضابوساطة قطرية.. حركة طالبان تريد فك عزلتها وتهدئة التوترات مع المجتمع الدولي

وإضافة "إلى الوضع الاجتماعي المتردي، تدهور أيضا وضع حقوق الإنسان في البلاد"، وفق نفس المختص كما "تقلصت حقوق النساء بشكل كبير إذ يمنعن من العمل والدراسة ولا يتمتعن بالحرية إلى درجة أنه بات من المستحيل أن يعشن حياة عادية".

وفي هذا الحوار، يحاول كريم باكزاد، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس أن يشرح أسباب فشل طالبان وعدم الوفاء بوعودها.

فرانس24: لماذا تفاقمت الأزمة الإنسانية في أفغانستان منذ عودة طالبان إلى الحكم قبل سنتين؟

كريم باكزاد: عندما استولت طالبان على السلطة في آب/أغسطس 2021، كان الاقتصاد الأفغاني في وضع سيء بسبب الحرب التي دامت سنتين. أكثر من ذلك، طالبان عند وصولها إلى سدة الحكم، قامت بتسريح عدد كبير من الموظفين في الدوائر الحكومية والوظيفة العمومية.

لكن إذا ساء الوضع الإنساني أكثر على مدى الأشهر، فهذا يعود سببه، بشكل أساسي، إلى تراجع حقوق الإنسان في البلاد، خاصة حقوق النساء اللواتي أصبحن يتعرضن إلى مضايقات عدة، كمنعهن من التنقل بحرية وممارسة أية وظيفة.

وإضافة إلى العواقب الاجتماعية الوخيمة، فهذا الوضع أدى أيضا إلى تسريح العديد من الناس من مناصبهم. الكثير من العائلات فقدت دخلها الشهري ودخلت في نفق الفقر والحرمان.

ومن المفارقة أن حصيلة طالبان الاقتصادية ليست كلها سوداء. فلقد دشنت مرحلة اقتصادية يمكن تسميتها باقتصاد الكفاف، وذلك عبر تعليق بعض المشاريع الكبرى لغاية إيجاد تمويلات خارجية لها.

وبالتوازي مع ذلك، استطاعت طالبان الاعتماد على بعض العلاقات الاقتصادية التي تجمعها ببعض الدول المجاورة لأفغانستان مثل إيران وأوزباكستان.

كما لا يجب أن ننسى أيضا بعض المساعدات الإنسانية التي تصلها والتي سمحت لها بتوفير حاجيات اقتصاد البلاد.

من جهة أخرى، تتباهى طالبان بفوز كبير، ألا وهو إنهاء الحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية. لكن هذا لا يعني بأن العنف زال من البلاد. رهانها الأساسي اليوم يكمن في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي تعتبره عدوا لدودا لها بسبب اختلاف الرؤى فيما بينهما.

فإذا كانت طالبان تسعى إلى بناء دولة وطنية في حدودها الجغرافية، فتنظيم "الدولة الإسلامية" يحلم بحكومة إسلامية عالمية.

لهذا السبب إذن، اتسمت سياسة طالبان إزاء تنظيم "الدولة الإسلامية" بالعنف. ما أدى بتنظيم "الدولة الإسلامية" إلى الرد عبر تنفيذ هجمات إرهابية واعتداءات من حين إلى آخر في كابول وأماكن أخرى من البلاد.

اقرأ أيضاالمرأة في أفغانستان: تقرير أممي يؤكد أن "تآكل حقوق المرأة" كان أحد أبرز جوانب إدارة طالبان

تواجه طالبان نوعين من المقاومة. النوع الأول هو طابع عسكري، كالمقاومة التي قام بها سابقا القائد المقتول أحمد مسعود والتي قضي عليها بشكل كبير.

أما النوع الثاني من المقاومة، هي المقاومة المدنية التي تتبعها العديد من النساء الأفغانيات اللواتي ما زلن ينظمن مظاهرات واحتجاجات للدفاع عن حقوق الإنسان وعلى حريتهن بالرغم من أن هذه المظاهرات، تقابلها طالبان بالعنف والقساوة. 

حاولت طالبان تسويق صورة إيجابية ولينة من أجل الاندماج في المجتمع الدولي. إلى أين وصل الحوار بين هذه الحركة والدول الغربية؟

لم يؤمن أحد في الغرب بأن الصورة "الجديدة" و"اللينة" -التي أرادت طالبان تسويقها- بأنها صورة حقيقية. والدليل أن نظرتها للعالم لم تتغير وأن الحكم وفق الشريعة الإسلامية أهم من كل شيء آخر في رؤيتها.

من جهة أخرى، لم تغير الدول الغربية من مواقفها كثيرا إزاء طالبان. فكلما تعدت الحركة على حقوق النساء، كلما توالت التنديدات الغربية وردود الفعل المنتقدة.

لكن رغم ذلك، لم ينقطع الحوار والاتصال بشكل كامل بين الطرفين (طالبان والغرب) رغم اختلاف المواقف من بلد إلى آخر. فعلى سبيل المثال تعتبر فرنسا الأكثر حزما وانتقادا لنظام طالبان مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.

ويمكن شرح هذا الموقف بسهولة: الأمريكيون لم يفقدوا الحرب في أفغانستان إلا قبل سنتين فقط. وبالتالي فهم يرون أفغانستان على أنه بلد مهم من الناجية الجيوستراتيجية، خاصة وأنه يملك حدودا مع إيران والصين. وتسعى واشنطن إلى اتباع سياسة متوازنة مع حكام طالبان من أجل محاولة العودة إلى هذا البلد بشكل أو بآخر.

اقرأ أيضاالأفغانيات تحت حكم طالبان بعد عامين من وصول الحركة للحكم

وبالتوازي مع هذا، تعول كثيرا طالبان على الحلفاء الإقليميين، مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة وإيران. هذه الدول حافظت على علاقاتها ومصالحها مع طالبان بدون أن تظهر ذلك بشكل علني. ورغم غياب أي اعتراف رسمي لحكم طالبان، فلا يوجد في نفس الوقت أي موقف موحد إزاء هذا الملف لدى الأسرة الدولية.

كما قلتم مسألة حقوق المرأة هي من بين الأسباب التي أدت إلى عزل أفغانستان دوليا. هل تثير هذه المسألة انقسامات في صفوف طالبان؟

طبعا هناك خلافات في صفوف طالبان. البعض يطالبون بمواقف أكثر ليونة وتوافقية إزاء الأسرة الدولية وذهبوا حتى الإعلان عن مساندتهم لحق النساء في التعليم.

هناك معسكران متعارضان. الأول يمثله القائد الأعلى للحركة، وهو هبة الله أخوند زاده. هذا الرجل يمثل حركة طالبان الأصلية وهو من دعاة التطبيق الصارم للشريعة الإسلامية.

أما المعسكر الثاني فيمثله سراج الدين حقاني الذي يشغل حاليا منصب وزير الداخلية. هذا المسؤول يملك رؤية سياسة للأحداث أكثر. فهو يبحث على طريقة حكم تكون طويلة الأمد، ولهذا السبب يحاول فتح حوار مع الغرب.

سيريل كابو/ فرانس24

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: النيجر أفغانستان مونديال السيدات ريبورتاج أفغانستان طالبان حقوق المرأة حقوق الإنسان عنف للمزيد الدولة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

تفاصيل هجوم سيبراني يكشف عن وثائق سرية بأفغانستان

كابل- في هجوم سيبراني غير مسبوق على حكومة حركة طالبان، تمكنت مجموعة مجهولة من التسلل إلى نظام المعلومات الرسمية ونشر وثائق سرية من 21 وزارة ومؤسسة مستقلة تابعة للحركة على الإنترنت.

وتبنّت مجموعة القرصنة "طالبان ليكس" هذه العملية التي تعد الأولى من نوعها، كما تم تحديث حسابها على منصة "إكس" بإعلانها نشر هذه الوثائق.

وتُعد وزارات الخارجية، والمالية، والعدل، والإعلام والثقافة، والاتصالات، والمناجم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمحكمة العليا، ومكتب نائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية الملا عبد الغني برادر، ومؤسسة مصلحة السجون، والمؤسسات الاقتصادية لطالبان، من أهم المؤسسات التي تم الكشف عن معلوماتها في هذا الاختراق الواسع النطاق.

Sorry for the absence, did you miss us?

We’re back with a new megaleak!

Over 50GB of leaked documents and files from various Ministrieshttps://t.co/W4Obf21LHt pic.twitter.com/qlbGzHbjit

— TalibLeaks (@TalibLeaks) February 5, 2025

فتح تحقيق

وأكدت وزارة الاتصالات الأفغانية تسريب وثائق تتعلق بعشرات الإدارات الحكومية، وأن المعلومات الأولية تشير إلى أنه ربما تم الحصول عليها بشكل متقطع من أجهزة كمبيوتر خاصة بالموظفين تفتقر إلى التدابير الأمنية، وأن تحقيقا بدأ حول ملابسات الحادث.

إعلان

وأضافت أن الغرض من هذه العملية هو "إرباك الرأي العام"، وأن ناشريها "يتظاهرون بأن الأنظمة الحكومية تعرضت للاختراق، وأن معظم الوثائق تتعلق بالدوائر التي ليس لها نظام أمني محدد حتى الآن".

وقال وكيل الوزارة المولوي محمد حنيف للجزيرة نت إن "قاعدة البيانات المركزية للحكومة الأفغانية لم تتعرض للاختراق، وما نُشر على موقع يسمى "تسريبات طالب" (Taleb Leaks) كان في متناول الجميع، وكان الموقع ينشر معلومات عن مؤسسات حكومية على منصة "إكس" منذ عام وليس فيه أسرار حكومية أو أمنية".

ووفقا له، فإن معظم الوثائق المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي متاحة للعامة ومعظمها يعود إلى سنوات سابقة وجمعت بشكل مستمر.

Very upset the media did not fall for my MonkeyPox hoax pic.twitter.com/XMcisrg0vn

— TalibLeaks (@TalibLeaks) August 16, 2024

حرب نفسية

وتتضمن الوثائق المنشورة مراسيم رسمية، ومراسلات حكومية، وعقودا اقتصادية، ومعلومات إدارية، وبيانات أمنية حساسة تخص حركة طالبان، وقرارات وفرمانات عدة لزعيم الحركة الشيخ هبة الله آخوند زاده، من ذلك قرار يأمر فيه بمنع 8200 موظف في الحكومة الأفغانية السابقة وعدد من أعضاء الحركة من مغادرة البلاد.

وقد رفعت هذه الوثائق، التي يبلغ مجموع حجمها 50 غيغابايتا، إلى موقع "تسريبات طالب" في 21 قسما، ولا توجد بينها أي وثيقة تابعة لجهاز استخبارات طالبان، ووزارتي الدفاع والداخلية، وهي أهم المؤسسات الأمنية والدفاعية في أفغانستان.

وأثار الكشف عنها ردود فعل واسعة النطاق، وأعاد العديد من المستخدمين الأفغان نشر أجزاء منها، لكن طالبان قللت من أهميتها كما لم تتخذ أي إجراء لحجب موقع "طالبان ليكس" حتى الآن.

ومنذ عودة الحركة إلى السلطة عام 2021، قام ناشطون إعلاميون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ومؤسسات تراقب الوضع في أفغانستان بكشف وثائق سرية حكومية بشكل متكرر، إلا أن هذه الخطوة تعد غير مسبوقة في الصراع الأفغاني منذ وصول طالبان إلى الحكم في البلاد.

إعلان

تعليقا على ذلك، يقول المتحدث باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت "رأينا منذ أسبوع شنّ حرب نفسية وإعلامية على الحركة من قبيل إثارة موضوع منح قاعدة باغرام للصينين، وقطع المساعدات الأميركية عن أفغانستان، وعدم دفع الرواتب للموظفين الحكوميين".

Yes, we’re still active. pic.twitter.com/zfUkn2iRUy

— TalibLeaks (@TalibLeaks) July 25, 2024

هوية مجهولة

وتتعلق إحدى الوثائق المنشورة بعدد السجناء والمحتجزين لدى حكومة حركة طالبان في مختلف ولايات البلاد. وبلغ إجمالي عدد السجناء الذين تحتجزهم أكثر من 18 ألفا و800 شخص، بينهم 1376 امرأة، و63 أجنبيا بينهم 6 نساء اعتقلن من قبل السلطات الأمنية من دون معرفة أسباب اعتقالهن، وهذه أول مرة يسرّب فيها عدد المعتقلين الأفغان وخاصة الأجانب.

كذلك تحتوي على صور جوازات سفر لكبار المسؤولين وشرائح إلكترونية لموظفي حكومة طالبان في مختلف الإدارات الحكومية.

ويعد تسريب هذه المعطيات ضربة قوية لأمن المعلومات لدى حكومة حركة طالبان التي "دأبت على قطع الوصول إلى المعلومات وفرض الرقابة على وسائل الإعلام".

ولم تُعرف هوية القراصنة والمعلومات المتعلقة بموقع "طالبان ليكس"، لكن مصادر حكومية تقول إن المؤشرات تشير إلى أن المتورطين شنوا هجومهم السيبراني من إحدى دول الجوار الأفغاني ويحاولون الوصول إليهم.

مقالات مشابهة

  • كينشاسا مدينة ليوبولد التي استعادت أفريقيتها
  • الكونغو الديمقراطية ترحب بقرار إنشاء لجنة تحقيق دولية حول الأوضاع في شرق البلاد
  • باحث في العلاقات الدولية: خطة ترامب بتهجير الفلسطينيين فشلت ورفضتها كل دول العالم
  • نادين نجيب نسيب تمنع دخول الرجال حفلة عيد ميلادها.. ما القصة؟
  • تفاصيل هجوم سيبراني يكشف عن وثائق سرية بأفغانستان
  • مفتي الجمهورية: الأحداث التي مرت بالأمة الإسلامية تبرز الفرق بين التدين الصحيح والمغلوط
  • هل أغلقت أفغانستان سفارتها في تركيا؟
  • ترامب وطالبان ومعضلة الأسلحة الأميركية في أفغانستان
  • عملاق الشحن الدنماركية ميرسك تستبعد عودتها للبحر الأحمر
  • نائب: تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين تهدد استقرار المنطقة بشكل خطير