أفغانستان: لماذا فشلت طالبان في الإيفاء بوعودها بعد عامين من عودتها إلى الحكم؟
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
نص: فرانس24 تابِع | سيرييل كابو إعلان اقرأ المزيد
في 15 آب/أغسطس2021، عادت طالبان إلى السلطة بعدما غادرتها 20 عاما من قبل بقوة السلاح الأمريكي وحلفاء واشنطن.
أما اليوم وبعد مرور عامين، يبدو أن طالبان استوعبت الدرس إذ أصبحت تسوق صورة معتدلة وتستخدم كثيرا وسائل التواصل الاجتماعي لتمرير خطاباتها وقدمت حتى ضمانات باحترام حقوق المرأة.
لكن بعد مرور سنتين على رأس السلطة، لم تتجسد هذه الوعود على أرض الواقع. بالعكس "أصبحت البلاد تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم. أكثر من 28 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، أي ما يقارب الثلثين من إجمالي السكان"، يشرح فاريشبا عباسي، المتخصص في الشؤون الأفغانية بمنظمة "هيومن رايتس ووتش".
اقرأ أيضابوساطة قطرية.. حركة طالبان تريد فك عزلتها وتهدئة التوترات مع المجتمع الدولي
وإضافة "إلى الوضع الاجتماعي المتردي، تدهور أيضا وضع حقوق الإنسان في البلاد"، وفق نفس المختص كما "تقلصت حقوق النساء بشكل كبير إذ يمنعن من العمل والدراسة ولا يتمتعن بالحرية إلى درجة أنه بات من المستحيل أن يعشن حياة عادية".
وفي هذا الحوار، يحاول كريم باكزاد، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس أن يشرح أسباب فشل طالبان وعدم الوفاء بوعودها.
فرانس24: لماذا تفاقمت الأزمة الإنسانية في أفغانستان منذ عودة طالبان إلى الحكم قبل سنتين؟كريم باكزاد: عندما استولت طالبان على السلطة في آب/أغسطس 2021، كان الاقتصاد الأفغاني في وضع سيء بسبب الحرب التي دامت سنتين. أكثر من ذلك، طالبان عند وصولها إلى سدة الحكم، قامت بتسريح عدد كبير من الموظفين في الدوائر الحكومية والوظيفة العمومية.
لكن إذا ساء الوضع الإنساني أكثر على مدى الأشهر، فهذا يعود سببه، بشكل أساسي، إلى تراجع حقوق الإنسان في البلاد، خاصة حقوق النساء اللواتي أصبحن يتعرضن إلى مضايقات عدة، كمنعهن من التنقل بحرية وممارسة أية وظيفة.
وإضافة إلى العواقب الاجتماعية الوخيمة، فهذا الوضع أدى أيضا إلى تسريح العديد من الناس من مناصبهم. الكثير من العائلات فقدت دخلها الشهري ودخلت في نفق الفقر والحرمان.
ومن المفارقة أن حصيلة طالبان الاقتصادية ليست كلها سوداء. فلقد دشنت مرحلة اقتصادية يمكن تسميتها باقتصاد الكفاف، وذلك عبر تعليق بعض المشاريع الكبرى لغاية إيجاد تمويلات خارجية لها.
وبالتوازي مع ذلك، استطاعت طالبان الاعتماد على بعض العلاقات الاقتصادية التي تجمعها ببعض الدول المجاورة لأفغانستان مثل إيران وأوزباكستان.
كما لا يجب أن ننسى أيضا بعض المساعدات الإنسانية التي تصلها والتي سمحت لها بتوفير حاجيات اقتصاد البلاد.
من جهة أخرى، تتباهى طالبان بفوز كبير، ألا وهو إنهاء الحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية. لكن هذا لا يعني بأن العنف زال من البلاد. رهانها الأساسي اليوم يكمن في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي تعتبره عدوا لدودا لها بسبب اختلاف الرؤى فيما بينهما.
فإذا كانت طالبان تسعى إلى بناء دولة وطنية في حدودها الجغرافية، فتنظيم "الدولة الإسلامية" يحلم بحكومة إسلامية عالمية.
لهذا السبب إذن، اتسمت سياسة طالبان إزاء تنظيم "الدولة الإسلامية" بالعنف. ما أدى بتنظيم "الدولة الإسلامية" إلى الرد عبر تنفيذ هجمات إرهابية واعتداءات من حين إلى آخر في كابول وأماكن أخرى من البلاد.
اقرأ أيضاالمرأة في أفغانستان: تقرير أممي يؤكد أن "تآكل حقوق المرأة" كان أحد أبرز جوانب إدارة طالبان
تواجه طالبان نوعين من المقاومة. النوع الأول هو طابع عسكري، كالمقاومة التي قام بها سابقا القائد المقتول أحمد مسعود والتي قضي عليها بشكل كبير.
أما النوع الثاني من المقاومة، هي المقاومة المدنية التي تتبعها العديد من النساء الأفغانيات اللواتي ما زلن ينظمن مظاهرات واحتجاجات للدفاع عن حقوق الإنسان وعلى حريتهن بالرغم من أن هذه المظاهرات، تقابلها طالبان بالعنف والقساوة.
حاولت طالبان تسويق صورة إيجابية ولينة من أجل الاندماج في المجتمع الدولي. إلى أين وصل الحوار بين هذه الحركة والدول الغربية؟لم يؤمن أحد في الغرب بأن الصورة "الجديدة" و"اللينة" -التي أرادت طالبان تسويقها- بأنها صورة حقيقية. والدليل أن نظرتها للعالم لم تتغير وأن الحكم وفق الشريعة الإسلامية أهم من كل شيء آخر في رؤيتها.
من جهة أخرى، لم تغير الدول الغربية من مواقفها كثيرا إزاء طالبان. فكلما تعدت الحركة على حقوق النساء، كلما توالت التنديدات الغربية وردود الفعل المنتقدة.
لكن رغم ذلك، لم ينقطع الحوار والاتصال بشكل كامل بين الطرفين (طالبان والغرب) رغم اختلاف المواقف من بلد إلى آخر. فعلى سبيل المثال تعتبر فرنسا الأكثر حزما وانتقادا لنظام طالبان مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.
ويمكن شرح هذا الموقف بسهولة: الأمريكيون لم يفقدوا الحرب في أفغانستان إلا قبل سنتين فقط. وبالتالي فهم يرون أفغانستان على أنه بلد مهم من الناجية الجيوستراتيجية، خاصة وأنه يملك حدودا مع إيران والصين. وتسعى واشنطن إلى اتباع سياسة متوازنة مع حكام طالبان من أجل محاولة العودة إلى هذا البلد بشكل أو بآخر.
اقرأ أيضاالأفغانيات تحت حكم طالبان بعد عامين من وصول الحركة للحكم
وبالتوازي مع هذا، تعول كثيرا طالبان على الحلفاء الإقليميين، مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة وإيران. هذه الدول حافظت على علاقاتها ومصالحها مع طالبان بدون أن تظهر ذلك بشكل علني. ورغم غياب أي اعتراف رسمي لحكم طالبان، فلا يوجد في نفس الوقت أي موقف موحد إزاء هذا الملف لدى الأسرة الدولية.
كما قلتم مسألة حقوق المرأة هي من بين الأسباب التي أدت إلى عزل أفغانستان دوليا. هل تثير هذه المسألة انقسامات في صفوف طالبان؟طبعا هناك خلافات في صفوف طالبان. البعض يطالبون بمواقف أكثر ليونة وتوافقية إزاء الأسرة الدولية وذهبوا حتى الإعلان عن مساندتهم لحق النساء في التعليم.
هناك معسكران متعارضان. الأول يمثله القائد الأعلى للحركة، وهو هبة الله أخوند زاده. هذا الرجل يمثل حركة طالبان الأصلية وهو من دعاة التطبيق الصارم للشريعة الإسلامية.
أما المعسكر الثاني فيمثله سراج الدين حقاني الذي يشغل حاليا منصب وزير الداخلية. هذا المسؤول يملك رؤية سياسة للأحداث أكثر. فهو يبحث على طريقة حكم تكون طويلة الأمد، ولهذا السبب يحاول فتح حوار مع الغرب.
سيريل كابو/ فرانس24
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: النيجر أفغانستان مونديال السيدات ريبورتاج أفغانستان طالبان حقوق المرأة حقوق الإنسان عنف للمزيد الدولة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
بمناسبة تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم.. تدشين شعار "نهضة عُمان المتجددة"
مسقط- العُمانية
أعلنت الأمانةُ العامّةُ للاحتفالات الوطنية اليوم عن تدشين شعار "نهضة عُمان المتجدّدة" في إطار احتفال سلطنة عُمان بيوم تولّي حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- مقاليد الحكم في البلاد الذي يوافق الـ11 من يناير من كلّ عام.
ويحمل الشّعارُ دلالاتٍ عدّة تتمثل في رمزية الرقم خمسة، تعبيرًا عن الأعوام الخمسة التي رسّخ فیها جلالةُ السُّلطان المعظم خمسة مرتکزات أساسیة وهی التنمیة الاجتماعیة، والشباب، والاقتصاد، واللامرکزیة والحوکمة.
وتَمْثُل في الشعار دوائرُ متداخلة تعکس حیویّة القرار والتنفیذ، فیدلُّ الخط العلويّ على دیمومة التنفیذ في هذه المرتکزات بخطط تتصف بالمرونة والسعي المستمر نحو التحسين، ورمزیة انسجام کافة القطاعات الحیویة.کمايشیرإلى النتائج المثمرة للعمل الوطني حين تتماسك هذه الخطط على أرض الواقع وتغذّيها الرؤیةُ السّامیة التي تتوسط المرتکزات الخمسة.
وتظهر في الشعار عدّةُ ألوان لكلٍّ منهما دلالاتٌ رمزية؛ فالأرجواني الغامق يرمز إلى النُّبل والفخامة السُّلطانية، ويعبّر عن التّراث الثّقافي الغنيّ لسلطنة عُمان، وعن مكانتها المرموقة بين الأمم، ويجسّد الإبداع والتفرّد وروح التراث الثقافي الأصيل.
والأزرق المائل إلى الخضرة يرمزُ إلى الابتكار والحداثة، ويجسّد سعي البلاد الدائم إلى التقدّم مع استحضار سكون الطبيعة وحيويّتها لإبراز التزامنا الراسخ بتحقيق الاستدامة. والذّهبي يمثّلُ التميّز والإنجازات، ويعكس تراثًا عريقًا ومستقبلًا مشرقًا بالاقتصاد الراسخ والازدهار، ويجسّد تطلّعات البلاد التي تطال حدود السماء وثرائها الثقافي المتجذّر.
أما اللون الأصفر المائل إلى الرّمادي، فيرمزُ إلى الاستقرار والدفء ويجسّد الأناقة وحسن الضّيافة، ويعكس الصّلة القويّة بين الإنسان والأرض التي ترعرع في أحضانها، واستحسانه البساطة وتقديره الأصالة.