نص: فرانس24 تابِع | سيرييل كابو إعلان اقرأ المزيد

في 15 آب/أغسطس2021، عادت طالبان إلى السلطة بعدما غادرتها 20 عاما من قبل بقوة السلاح الأمريكي وحلفاء واشنطن.

أما اليوم وبعد مرور عامين، يبدو أن طالبان استوعبت الدرس إذ أصبحت تسوق صورة معتدلة وتستخدم كثيرا وسائل التواصل الاجتماعي لتمرير خطاباتها وقدمت حتى ضمانات باحترام حقوق المرأة.

الهدف من هذا التوجه الجديد: إعادة ترسيخ الأمن في البلاد وتطوير الاقتصاد بغية الاندماج من جديد في المجتمع الدولي.

لكن بعد مرور سنتين على رأس السلطة، لم تتجسد هذه الوعود على أرض الواقع. بالعكس "أصبحت البلاد تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم. أكثر من 28 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، أي ما يقارب الثلثين من إجمالي السكان"، يشرح فاريشبا عباسي، المتخصص في الشؤون الأفغانية بمنظمة "هيومن رايتس ووتش".

اقرأ أيضابوساطة قطرية.. حركة طالبان تريد فك عزلتها وتهدئة التوترات مع المجتمع الدولي

وإضافة "إلى الوضع الاجتماعي المتردي، تدهور أيضا وضع حقوق الإنسان في البلاد"، وفق نفس المختص كما "تقلصت حقوق النساء بشكل كبير إذ يمنعن من العمل والدراسة ولا يتمتعن بالحرية إلى درجة أنه بات من المستحيل أن يعشن حياة عادية".

وفي هذا الحوار، يحاول كريم باكزاد، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس أن يشرح أسباب فشل طالبان وعدم الوفاء بوعودها.

فرانس24: لماذا تفاقمت الأزمة الإنسانية في أفغانستان منذ عودة طالبان إلى الحكم قبل سنتين؟

كريم باكزاد: عندما استولت طالبان على السلطة في آب/أغسطس 2021، كان الاقتصاد الأفغاني في وضع سيء بسبب الحرب التي دامت سنتين. أكثر من ذلك، طالبان عند وصولها إلى سدة الحكم، قامت بتسريح عدد كبير من الموظفين في الدوائر الحكومية والوظيفة العمومية.

لكن إذا ساء الوضع الإنساني أكثر على مدى الأشهر، فهذا يعود سببه، بشكل أساسي، إلى تراجع حقوق الإنسان في البلاد، خاصة حقوق النساء اللواتي أصبحن يتعرضن إلى مضايقات عدة، كمنعهن من التنقل بحرية وممارسة أية وظيفة.

وإضافة إلى العواقب الاجتماعية الوخيمة، فهذا الوضع أدى أيضا إلى تسريح العديد من الناس من مناصبهم. الكثير من العائلات فقدت دخلها الشهري ودخلت في نفق الفقر والحرمان.

ومن المفارقة أن حصيلة طالبان الاقتصادية ليست كلها سوداء. فلقد دشنت مرحلة اقتصادية يمكن تسميتها باقتصاد الكفاف، وذلك عبر تعليق بعض المشاريع الكبرى لغاية إيجاد تمويلات خارجية لها.

وبالتوازي مع ذلك، استطاعت طالبان الاعتماد على بعض العلاقات الاقتصادية التي تجمعها ببعض الدول المجاورة لأفغانستان مثل إيران وأوزباكستان.

كما لا يجب أن ننسى أيضا بعض المساعدات الإنسانية التي تصلها والتي سمحت لها بتوفير حاجيات اقتصاد البلاد.

من جهة أخرى، تتباهى طالبان بفوز كبير، ألا وهو إنهاء الحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية. لكن هذا لا يعني بأن العنف زال من البلاد. رهانها الأساسي اليوم يكمن في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي تعتبره عدوا لدودا لها بسبب اختلاف الرؤى فيما بينهما.

فإذا كانت طالبان تسعى إلى بناء دولة وطنية في حدودها الجغرافية، فتنظيم "الدولة الإسلامية" يحلم بحكومة إسلامية عالمية.

لهذا السبب إذن، اتسمت سياسة طالبان إزاء تنظيم "الدولة الإسلامية" بالعنف. ما أدى بتنظيم "الدولة الإسلامية" إلى الرد عبر تنفيذ هجمات إرهابية واعتداءات من حين إلى آخر في كابول وأماكن أخرى من البلاد.

اقرأ أيضاالمرأة في أفغانستان: تقرير أممي يؤكد أن "تآكل حقوق المرأة" كان أحد أبرز جوانب إدارة طالبان

تواجه طالبان نوعين من المقاومة. النوع الأول هو طابع عسكري، كالمقاومة التي قام بها سابقا القائد المقتول أحمد مسعود والتي قضي عليها بشكل كبير.

أما النوع الثاني من المقاومة، هي المقاومة المدنية التي تتبعها العديد من النساء الأفغانيات اللواتي ما زلن ينظمن مظاهرات واحتجاجات للدفاع عن حقوق الإنسان وعلى حريتهن بالرغم من أن هذه المظاهرات، تقابلها طالبان بالعنف والقساوة. 

حاولت طالبان تسويق صورة إيجابية ولينة من أجل الاندماج في المجتمع الدولي. إلى أين وصل الحوار بين هذه الحركة والدول الغربية؟

لم يؤمن أحد في الغرب بأن الصورة "الجديدة" و"اللينة" -التي أرادت طالبان تسويقها- بأنها صورة حقيقية. والدليل أن نظرتها للعالم لم تتغير وأن الحكم وفق الشريعة الإسلامية أهم من كل شيء آخر في رؤيتها.

من جهة أخرى، لم تغير الدول الغربية من مواقفها كثيرا إزاء طالبان. فكلما تعدت الحركة على حقوق النساء، كلما توالت التنديدات الغربية وردود الفعل المنتقدة.

لكن رغم ذلك، لم ينقطع الحوار والاتصال بشكل كامل بين الطرفين (طالبان والغرب) رغم اختلاف المواقف من بلد إلى آخر. فعلى سبيل المثال تعتبر فرنسا الأكثر حزما وانتقادا لنظام طالبان مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.

ويمكن شرح هذا الموقف بسهولة: الأمريكيون لم يفقدوا الحرب في أفغانستان إلا قبل سنتين فقط. وبالتالي فهم يرون أفغانستان على أنه بلد مهم من الناجية الجيوستراتيجية، خاصة وأنه يملك حدودا مع إيران والصين. وتسعى واشنطن إلى اتباع سياسة متوازنة مع حكام طالبان من أجل محاولة العودة إلى هذا البلد بشكل أو بآخر.

اقرأ أيضاالأفغانيات تحت حكم طالبان بعد عامين من وصول الحركة للحكم

وبالتوازي مع هذا، تعول كثيرا طالبان على الحلفاء الإقليميين، مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة وإيران. هذه الدول حافظت على علاقاتها ومصالحها مع طالبان بدون أن تظهر ذلك بشكل علني. ورغم غياب أي اعتراف رسمي لحكم طالبان، فلا يوجد في نفس الوقت أي موقف موحد إزاء هذا الملف لدى الأسرة الدولية.

كما قلتم مسألة حقوق المرأة هي من بين الأسباب التي أدت إلى عزل أفغانستان دوليا. هل تثير هذه المسألة انقسامات في صفوف طالبان؟

طبعا هناك خلافات في صفوف طالبان. البعض يطالبون بمواقف أكثر ليونة وتوافقية إزاء الأسرة الدولية وذهبوا حتى الإعلان عن مساندتهم لحق النساء في التعليم.

هناك معسكران متعارضان. الأول يمثله القائد الأعلى للحركة، وهو هبة الله أخوند زاده. هذا الرجل يمثل حركة طالبان الأصلية وهو من دعاة التطبيق الصارم للشريعة الإسلامية.

أما المعسكر الثاني فيمثله سراج الدين حقاني الذي يشغل حاليا منصب وزير الداخلية. هذا المسؤول يملك رؤية سياسة للأحداث أكثر. فهو يبحث على طريقة حكم تكون طويلة الأمد، ولهذا السبب يحاول فتح حوار مع الغرب.

سيريل كابو/ فرانس24

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: النيجر أفغانستان مونديال السيدات ريبورتاج أفغانستان طالبان حقوق المرأة حقوق الإنسان عنف للمزيد الدولة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

قصة الحركة الإسلامية في جنوب اليمن.. قراءة في كتاب

الكتاب: المركز الثقافي الاجتماعي الإسلامي في جنوب اليمن
المؤلف: سعيد ثابت
الناشر: دار الأسرة ـ 2024


هذا هو الكتاب الثاني من سلسلة ثلاثية نشأة وتأسيس الحركة الإسلامية اليمنية في فترة الدولة الشطرية، وميدانه جنوب اليمن، وساحته عدن باعتبارها كانت مركز المستعمر البريطانية ثم كانت عاصمة الدولة الشطرية.. وعدن هي المدينة الأكثر تطورًا وازدهارًا ورقيًا في الجزيرة والخليج خلال الفترة الزمنية الممتدة من أربعينيات حتى منتصف الستينيات من القرن الماضي، وفيها انتعشت حركة التجارة جراء أنشطة الميناء البحري والجوي، وازدهرت النوادي الأدبية والثقافية والرياضة، وافتتحت المدارس والكليات للبنين والبنات، وشهدت صدور العشرات من الصحف والمجلات والمطبوعات، ونهضت النقابات العمالية مع إنشاء مصافي تكرير النفط، ومن رحم الحركة النقابية ونضالاتها وعرفت عدن عشرات الأحزاب السياسية ذات الاتجاهات المختلفة..

كانت عدن جوهرة المنطقة، وزهرة الجزيرة المتفتحة دومًا، احتضنت معارضين وثوار من مختلف مناطق اليمن، ومر عليها عدد من المصلحين والزعماء في الوطن العربي.. واتسمت بطبيعة بيئتها المنفتحة على البحر، فاستقبلت جنسيات وأعراق وأديان، وتعايش الجميع بسلام وتسامح. ولموقعها الاستراتيجي فقد دفعت أثمانًا باهظة طوال تاريخها من عمرانها وأبنائها، وتعرضت لمحاولات مستمرة لمحو هويتها العربية الإسلامية من قوى الاستعمار الغربي..

هذا الكتاب يشتمل على مدخل تمهيدي وأربعة فصول، ففي المدخل نرى عدن وهي تحتضن طوال تاريخها حركات التحرر والاستقلال، وتلازم الحكتين النقابية والحزبية فيها ضمن علاقة تبادلية بينهما، ومقدمات الثورة وتكويناتها السياسية، ودور القوى الإقليمية والدولية بأذرعها المخابراتية لتشكيل جبهات مسلحة بهدف توجيه المسار واقتناص الفرص التي تمنح تلك القوى هيمنة ونفوذًا في مرحلة ما بعد الاستقلال، ووسط هذا الخضم من القوى والجبهات نتطرق إلى بواكير اتصال الإخوان المسلمين بعدن من خلال المدرسين العرب..

ويخصص الفصل الأول صفحاته للتعليم وموقعه في خارطة اهتمام علماء المسلمين ودعاته وأبناء الحركة الإصلاحية اليمنية، وتصارع ثلاث تيارات فكرية مختلفة ظهرت للاستحواذ على الأجيال، في ظل هيمنة الاحتلال البريطاني وتشجيعه للتيار التغريبي ذي الارتباط العضوي بمصالحه وتوجهاته، ويتناول علاقات هذه التيارات اتفاقًا وافتراقًا، وتفاعلاتها مع محيطها الاجتماعي، ويناقش الدور المهم الذي قام به التيار الوطني التحرري ومركزية علماء الدين ورعايته وتعهده.

ونتناول في هذا الفصل أيضًا الحملات الصحفية التي شنها عدد من قيادات الماركسيين ضد عدد من علماء الإسلام على رأسهم الشيخ محمد سالم البيحاني الذي كان يماثل الزبيري شمالًا في جماهيريته وحضوره وتأثيره ونقائه وذلك على خلفية إنشاء المعهد العلمي الإسلامي في عدن، وما سببه من قلق وانزعاج للماركسيين الذين يحسبون كل عمل عليهم ويستهدف وجودهم ما دام لا يخرج من غير حاويتهم الحزبية، ويعتقدون أن منح شهادات الوطنية والتقدمية والثورية حق حصري لهم يمنحونه لمن يريدون ويمنعونه عمن لا يريدون! وتتطرق إلى الحاجة المجتمعية يومئذ إلى وجود المعهد العلمي الإسلامي الذي كان مشروع الشيخ البيحاني في المقام الأول، وإخوانه العلماء في جنوب اليمن أبان خضوعه للاحتلال البريطاني وارتهانه للثقافة الاستعمارية التي تكرس الاستلاب والتبعية للمستعمر وقيمه وأنماط معيشته. 

يخصص الفصل الأول صفحاته للتعليم وموقعه في خارطة اهتمام علماء المسلمين ودعاته وأبناء الحركة الإصلاحية اليمنية، وتصارع ثلاث تيارات فكرية مختلفة ظهرت للاستحواذ على الأجيال، في ظل هيمنة الاحتلال البريطاني وتشجيعه للتيار التغريبي ذي الارتباط العضوي بمصالحه وتوجهاته، ويتناول علاقات هذه التيارات اتفاقًا وافتراقًا، وتفاعلاتها مع محيطها الاجتماعي، ويناقش الدور المهم الذي قام به التيار الوطني التحرري ومركزية علماء الدين ورعايته وتعهده.يتطرق الفصل الثاني إلى المركز الثقافي الاجتماعي واجهة حركة الإخوان المسلمين في عدن والظروف السياسية التي أسبقت عملية التأسيس، ودور أحد أبرز شباب حركة الطليعة العربية الإسلامية القادمين من القاهرة مع الأستاذ عمر سالم طرموم العقل الحركي الإسلامي في تأسيسه ووضع برامجه، ولأول مرة ننشر نص نظامه الأساسي الذي اعتمده المؤسسون، وتقدموا به إلى السلطات لمنحهم ترخيص مزاولة أنشطته، واستعرضنا شهادات بعض رواد المركز حول طبيعة المنهج التربوي والنشاط الاجتماعي. في هذا الفصل بسطنا الحديث عن مسعى قيادة المركز لنشر أشرعة العمل الإسلامي تربية وتنظيما وحركة، ومجاهدات قيادة المركز في تكوين النواة التنظيمية الأولى، والموقف من العمل العسكري ضد الاحتلال.

يبحث الكتاب في الفصل الثالث في دولة الاستقلال التي قامت بالتزامن مع انطلاق عمل ونشاط المركز الإسلامي، ومباركته بتحقيق الجلاء وقيام الدولة وتقديم مبادرة وطنية إسلامية للخروج من حالة التيه التي فرضها الاستعمار، بتعزيز الاستقلال والتحرر من التبعية بتكريس الهوية الوطنية العربية الإسلامية وإنجاز مشروع وطني إسلامي للدولة الوليدة يقوم على القطيعة التبعية والاستلاب الغربي والاستقلال عن أي ارتباطات أو استقطابات مع المعسكرين المتصارعين يومها الرأسمالي والشيوعي، بتعزيز الانتماء العروبي الإسلامي والانفتاح على المحيط الإقليمي، وتشجيع التعليم الإسلامي ومحاربة مظاهر الانفلات الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي، ورغم تلك المبادرة لكن قادة دولة الاستقلال، وكانوا في مقتبل العمر، تتحكم بهم نوازع متضاربة، وانبهارهم ببهرجة الشعارات الوافدة يومها كان موقفهم سلبيًا، وتجاهلوا الرد على المبادرة تلك، لتدخل البلاد في نفق المراهقة الأيدلوجية، ثم تبرز معطيات ومؤشرات في وسط التنظيم السياسي الحاكم في التحول إلى تبني الماركسية اللينينية نهجًا ودليلًا للحكم، باعتماد استراتيجية التقويض من داخل التنظيم السياسي للجبهة القومية الحاكم، وهو ما أفضى إلى متوالية الصراعات داخل النخبة الحاكم بدأت بعد أقل من أربعة أشهر من الاستقلال، ثم نتطرق إلى ملابسات تلك الصراعات الأولى، وموقف شباب المركز الإسلامي منها، ونستعرض بعض اللقاءات التي جرت بين قيادة الحركة الإسلامية شمالًا وجنوبًا في هذه الفترة، إذ سبق أن لجأ عدد من شباب الطليعة العربية الإسلامية مثل عبد المجيد الزنداني وعبد السلام خالد كرمان ومشرف عبد الكريم إلى عدن مطاردين وعملوا لفترة في معاهدها الإسلامية، ثم تزامن الاستقلال في جنوب البلاد مع الانقلاب الأبيض في صنعاء بقيادة القاضي عبد الرحمن الإرياني، وهو ما منح الإسلاميين النازحين بالعودة إلى شمال البلاد ليستأنفوا نشاطهم، ثم يعززون تواصلهم مع أشقائهم في جنوب البلاد، من خلال زيارات ميدانية لتبادل الخبرات والتعاون في تقوية الوجود الحركي الإسلامي.

يتطرق الفصل الرابع إلى نضال أبناء الحركة الإسلامية في نسخته التأسيسية العاملة من خلال واجهة المركز الثقافي الاجتماعي الإسلامي بعدن وصمودها في وجه محاولات الأقلية الماركسية الرامية لاجتثاث الحركة، ونبسط الحديث عن المقدمات التي سبقت تلك المحاولات بأنشطة المركز الجماهيرية وعلاقة قياداته بعدد من الشخصيات السياسية والعسكرية في الدولة الجديدة المؤمن بنظرية التوفيق والاستيعاب للقوى الوطنية غير المنتمية للجبهة القومية وهو ما أقلق الأقلية الماركسية المتربصة داخل التنظيم السياسي الحاكم المؤمنة بإقصاء المخالفين ورفض تعدد الألوان داخل النسيج الحاكم، وفرض الرأي الواحد بالقوة، وافتعال معارك مع التيار الإسلامي والقومي غير الماركسي من خلال الحرب بالوكالة عن قوى دولية أجنبية تتصارع في سياق ما كان يعرف بالحربي الباردة التي اتسمت بها تلك الفترة.

ونستعرض الخطوات التي قام بها الماركسيون الذين سيطروا على منابر الإعلام ومؤسسات التعليم بعد الاستقلال باستجلاب تهم جاهزة من خارج البلاد ضد حركة الإخوان المسلمين في جنوب البلاد، وتكييفها محليا ثم إنزالها تدريجيا على الصحف الرئيسية تمهيدا لاعتقال شباب المركز الإسلامي وتبرير تلك الإجراءات من خلال إغراق الرأي العام بسلسلة من الأكاذيب التي لا تصمد لثواني أمام كل ذي عقل يعرف واقع جنوب البلاد وخاصة عدن وحجم الإخوان المسلمين المتواضع وظروفهم الاستثنائية التي عانوا منها في تلك الفترة.

وهنا نحاول أن نتحدث عن خطورة غياب الفقه الأمني لدى أي مجموعة تعمل في الشأن العام، وتتحرك وسط بيئة تعمل فيها تيارات مختلفة لدى معظمها مواقف عدائية لهذه المجموعة، وفي هذا الموضوع تطرقنا لكيفية اعتقال النواة الأولى للحركة الإسلامية، ولقد كانت تلك الاعتقالات والإجراءات وحملات التشهير والتسفيه التي رافقتها كفيلة أن تلحق أضرارًا بالحركة التي كانت في طور النشؤ والتكوين، ولم تصل يومها إلى مرحلة البناء وإكمال هياكلها ومؤسساتها، وتدخل حالة بيات اضطراري ريثما تنقشع عاصفة الاجتثاث.. رغم أن المحاولة الماركسية التي نفذها التيار الماركسي داخل النظام الحاكم فشلت في اجتثاث النواة الصلبة، واستأنفت بعد بضعة سنوات عملها الدعوي والتربوي ثم لاحقًا الحركي، فيما تورط التنظيم الحاكم بتياراته وأجنحته المتباينة في دوامة الصراعات الجغرافية والقبلية الضيقة دفع الشعب ثمنها باهضًا، بينما هو آل مصيره إلى الضعف والهزال ثم الاندحار من المشهد.

نستعرض الخطوات التي قام بها الماركسيون الذين سيطروا على منابر الإعلام ومؤسسات التعليم بعد الاستقلال باستجلاب تهم جاهزة من خارج البلاد ضد حركة الإخوان المسلمين في جنوب البلاد، وتكييفها محليا ثم إنزالها تدريجيا على الصحف الرئيسية تمهيدا لاعتقال شباب المركز الإسلامي وتبرير تلك الإجراءات من خلال إغراق الرأي العام بسلسلة من الأكاذيب التي لا تصمد لثواني أمام كل ذي عقل يعرف واقع جنوب البلاد وخاصة عدن وحجم الإخوان المسلمين المتواضع وظروفهم الاستثنائية التي عانوا منها في تلك الفترةمن المفارقات العجيبة التي تبعث على الضحك والبكاء في آن واحد، أن التنظيم الحاكم بعد أن اعتقل قيادة المركز الإسلامي، وحظر أنشطته وقام بإغلاقه وتأميم ممتلكاته، واتهمهم بالإرهاب والعمالة لأميركا و(الرجعية العربية) وهذه (إكليشة) اعتمدها اليسار العربي في تلك الفترة للإشارة للسعودية وحلفائها من أنظمة الخليج العربي والإقليم، بل واتهمهم بالارتباط بالعدو الإسرائيلي، في ظل كل هذه الاتهامات كانت قيادته تستقبل في نفس الفترة الزمنية تستقبل جثمان أحد أبناء حركة الإخوان المسلمين الذي استشهد على ثرى فلسطين في مواجهة مفتوحة خاضها مع إخوانه مع قوات العدو..

أجد نفسي ملزما بتوضيح بعض النقاط:

1 ـ هذا الكتاب لا يحاكم أحدا لا النظام الحاكم ولا ظروف تلك المرحلة، إنما يحاول أن يجلي غبار التجاهل أو الافتراءات ضد الحركة الإسلامية بجنوب البلاد في تلك الفترة التاريخية.

2 ـ إعادة الاعتبار لرموز وشخصيات أسست وقادت العمل الإسلامي الحركي في جنوب البلاد، كان لها أدوار ناصعة في الدفاع عن هذه البلاد والمشاركة في بناء الشخصية الوطنية المعتزة بهويتها الإسلامية وانتمائها الوطني والعروبي.

3 ـ التأكيد على أن الحركة الإسلامية في جنوب البلاد لم تكون غربية الوجه واللسان، ولا طارئة على مجتمعها، لكنها كانت هي الحركة الأصيلة بمختلف لافتاتها وعناوينها وشعارتها التي يجمعها الإسلامي والعروبة واليمن.

4 ـ معظم إن لم يكن كل جيل التأسيس لحركة الإخوان المسلمين في اليمن شمالًا وجنوبًا تعرفوا على فكر الحركة وقرأوا منهجها مبكرًا في مدينة عدن من خلال المجلات والصحف والمطبوعات التي كانت تصل إلى المدينة دونًا عن بقية المدن اليمنية قبل قيام النظام الجمهوري في صنعاء، إلى جانب وجود المدرسين العرب المرتبطين تنظيميا بالحركة الإخوانية الذي فتحوا نافذة وعي في عقول ووجدان ذلك الجيل..

مقالات مشابهة

  • سفارة أفغانستان في لندن تغلق أبوابها
  • إزفستيا: دول آسيا الوسطى تقيم علاقات مع حركة طالبان
  • 4 أسباب.. لماذا فشلت المظاهرات في تغيير موقف نتنياهو من الصفقة؟
  • لماذا فشلت الاستخبارات الإسرائيلية في تدمير أنفاق الفصائل الفلسطينية؟
  • ألمانيا لا ترفض التفاوض مع طالبان لترحيل اللاجئين الأفغان
  • طالبان تطلق سراح مُدانين مُرحلين من ألمانيا
  • مجلس الأمن يدعو طالبان أفغانستان إلى إلغاء قوانين التمييز فورا
  • مجلس الأمن الدولي يدين قوانين طالبان الجديدة في أفغانستان وتعتبرها تمييزا ضد النساء
  • قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أفغانستان.. ما مضامينه وتداعياته؟
  • قصة الحركة الإسلامية في جنوب اليمن.. قراءة في كتاب