عندما كنت في الشمال الإيطالي لتغطية مؤتمر عن التغيير المناخي في مدينة ترينتو قررت السفر إلى باريس لقضاء إجازة قصيرة في مدينة الأنوار. فُكرت أولا بحجز تذكرة طيران تمكنني من الوصول إلى وجهتي بسرعة وبأقل التكاليف.

لكن عملية بحث سريعة على مواقع حجز التذاكر جعلتني أغير رأيي على الفور. فانخفاض سعر التذكرة يخفي بين طياته شروطا مجحفة، فلا يسمح بحقائب يدوية أو كبيرة دون دفع مقابل يكون غالبا أغلى من التذكرة ذاتها، لذلك قررت خوض تجربة السفر عبر القطار، وقد كان قرارا صائبا لم أندم عليه رغم ما تخلل الرحلة من مطبات أضفت عليها روح المغامرة إلى جانب متعة الطريق.

القطار يقطع المسافة في غضون 7 إلى 8 ساعات (شترستوك) لماذا القطار؟

السفر من ميلانو إلى باريس بالقطار هو تجربة ممتعة تجمع بين الراحة والمناظر الطبيعية الخلابة. فهذه الرحلة لا تربط مدينتين أوروبيتين نابضتين بالحياة فحسب، بل توفر أيضا فرصة فريدة لمشاهدة المناظر الطبيعية المتنوعة في إيطاليا وفرنسا، لتستمتع بالمناطق الخلابة بجبال الألب الإيطالية والريف الفرنسي.

إلى جانب ذلك، يجنبك السفر عبر القطار تعقيدات المطارات، حيث يتعين عليك الوصول مبكرا لإتمام الإجراءات الأمنية والوقوف طويلا في طوابير التسجيل، وانتظار موعد إقلاع الطائرة الذي من النادر أن يتم في الموعد المحدد، في حين يسمح لك بالصعود للقطار في حدود 5 دقائق قبل موعد انطلاقه.

كما أنه لا توجد شروط لعدد الحقائب التي يمكنك حملها، فإمكانك وضع أمتعتك في الرفوف فوق مقاعد المسافرين أو في أماكن بين المقاعد مخصصة للحقائب كبيرة الحجم، وأثناء الرحلة يمكنك الاستمتاع بما يتم توفيره من أكلات ومشروبات بأسعار مقبولة، وبشبكة إنترنت مجانية طيلة الرحلة.

كما أن ما يميز محطات القطارات هو وجودها في قلب المدن، فمنها تنطلق لتنزل في قلب المدينة الأخرى لتوفر عليك الكثير من الوقت والمال.

مدة الرحلة

تستغرق الرحلة بالقطار من ميلانو إلى باريس عادة حوالي 7 إلى 8 ساعات، اعتمادا على الخدمة المحددة التي تختارها، والخيار الأكثر شعبية هو استخدام القطار عالي السرعة (TGV)، والذي يوفر اتصالا مباشرا بين المدينتين، ويمتد الطريق على طول ألف كيلومتر.

لكن الرحلة تستغرق زمنا أطول هذه الأيام بسبب الانهيارات الجبلية التي وقعت مؤخرا وقطعت تماما خطوط السكة الحديدية بين إيطاليا وفرنسا. فعند الاقتراب من الحدود الفرنسية يتوقف القطار وينزل المسافرون لركوب حافلات تنقلهم إلى الجانب الآخر، في رحلة تستغرق نحو ساعة وعشرين دقيقة تمر بك عبر نفق "فريجوس" الذي يبلغ طوله نحو 13 كيلومترا تحت جبال الآلب.

الجانب الإيطالي من نفق فريجوس للقطارات الرابط بين إيطاليا وفرنسا (شترستوك) حجز التذاكر

يمكن حجز تذكرتك بسهولة عبر الإنترنت من خلال منصات مختلفة مثل مواقع "ترينيطاليا" (Trenitalia) أو "أس أن سي إف" (SNCF) الرسمية أو وكالات السفر الشهيرة، لكن ينصح بالحجز مسبقا، خاصة خلال مواسم ذروة السفر، لتأمين أفضل الأسعار والمقاعد.

ويمكن أن تختلف الأسعار بشكل كبير، لذا ترقب العروض الترويجية أو الخصومات، ولا تتسرع في شراء التذكرة الأولى التي تقع عليها عيناك، فدائما هناك تذاكر أرخص في موقع ما على الشبكة العنكبوتية.

وتتراوح الأسعار بين 80 يورو إلى 250 يورو بحسب توقيت الحجز ودرجة السفر المفضلة، وتأكد خاصة من موعد الرحلة، فلن تكون ممتعة إذا حجزت رحلة ليلية تحرمك من الاستمتاع بمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة.

المغادرة من ميلانو

تبدأ رحلتك من محطة "ميلانو سنترال"، وهي واحدة من أجمل محطات القطار في إيطاليا، والمعروفة بهندستها المعمارية المذهلة وأجوائها الصاخبة.

محطة "ميلانو سنترال" تنطلق منها القطارات الرابطة بين إيطاليا وفرنسا (إنسبلاش)

يمكنك الوصول مبكرا لاستكشاف المتاجر والمقاهي في المحطة، أو لتناول وجبة سريعة في أحد المطاعم العديدة، وبمجرد الصعود على متن القطار، يمكنك الجلوس في مقعدك المريح والاستعداد للمغامرة التي تنتظرك.

رحلة في أحضان الطبيعة

بمجرد أن يغادر القطار مدينة ميلانو، ستلاحظ بسرعة أن المناظر الحضرية ستبدأ بفسح المجال للجمال الهادئ للريف الإيطالي. ويمر القطار عبر مزارع الكروم المورقة والتلال المتدحرجة والقرى الساحرة.

وأهم ما يميز الرحلة هو بلا شك المناظر الخلابة لجبال الألب وأنت تقترب من الحدود مع فرنسا، واجعل الكاميرا جاهزة، دائما لأن المشهد آسر حقا.

الرحلة عبر القطار تفتح أمام المسافرين متعة مشاهدة مناظر خلابة في الريفين الإيطالي والفرنسي (الجزيرة) الوصول إلى باريس

عند وصولك إلى محطة ليون (Gare de Lyon)، ستجد نفسك في قلب باريس، وعلى بعد دقائق فقط من المعالم الشهيرة مثل برج إيفل وكاتدرائية نوتردام ومتحف اللوفر.

والمحطة نفسها هي مركز للنشاط، مع الكثير من المتاجر والمطاعم لاستكشافها، ومنها تمر أغلب شبكات مترو باريس والحافلات التي تمكنك من الوصول إلى وجهتك النهائية.

نصائح لرحلتك السفر الخفيف: رغم أن القطارات لديها أوزان أمتعة سخية، يمكن أن يكون التنقل في المحطات أسهل مع عدد أقل من الحقائب. الوجبات الخفيفة: مع أن أغلب القطارات تحتوي على خدمات تناول الطعام، إلا أن إحضار الوجبات الخفيفة الخاصة بك يمكن أن يوفر المال، ويسمح لك بالاستمتاع بالمأكولات المفضلة لديك أثناء مشاهدة المناظر الطبيعية. استمتع بوسائل الراحة: توفر القطارات عالية السرعة عادة خدمة "الواي فاي" المجانية ومنافذ شحن الهواتف والحواسيب، لذا استفد منها للبقاء على اتصال أو التخطيط لخط سير الرحلة في باريس. أعرف حقوقك: في حالة تأخر القطار في الوصول إلى وجهة النهائية متجاوزا الوقت المحدد بأكثر من 30 دقيقة، فيمكنك المطالبة بتعويض تختلف قيمته بحسب مدة التأخير، ويمكن أن يكون التعويض في شكل قسيمة شراء لرحلة أخرى، أو تعويض مادي مباشر يرسل على حسابك البنكي، ويكون مقداره 25% أو 50% من قيمة التذكرة.

وسواء كنت مسافرا لأول مرة أو مستكشفا خبيرا، فمن المؤكد أن ركوب القطار من ميلانو إلى باريس سيكون من النقاط البارزة في رحلتك. لذلك لا تفوت الفرصة، احجز تذكرتك واستمتع بالطبيعة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المناظر الطبیعیة إیطالیا وفرنسا الوصول إلى

إقرأ أيضاً:

هواة يزورون القطب الجنوبي لحسم جدل شكل الأرض والجدار الجليدي

في رحلة استكشافية طويلة، انطلقت مجموعة من أشهر أصحاب قنوات "الأرض المسطحة" على منصة يوتيوب إلى القارة القطبية الجنوبية. وهناك، شهدوا لأول مرة ظاهرة فلكية استثنائية، وهي الشمس التي لا تغيب لمدة 24 ساعة، وهي ظاهرة موسمية تحطم نموذج الأرض المسطحة.

أُطلق على هذه الرحلة اسم "التجربة النهائية"، ونُظمت برعاية القس الأميركي ويل دافي، بهدف حسم الجدل المستمر منذ زمن طويل بين أنصار نموذج الأرض المسطحة ومؤيدي كروية الأرض.

وجمعت الرحلة، التي جرت في 14 ديسمبر/كانون الأول، 4 مؤيدين من كل طرف، وأسفرت عن اكتشافات أدهشت الكثيرين من مجتمع الأرض المسطحة عبر مقطع مسجّل.

ولطالما زعم مؤيدو نظرية الأرض المسطحة أن القارة القطبية الجنوبية تخفي الدليل القاطع على صحة معتقداتهم، فوفقا لنموذجهم، فإن القارة الجنوبية عبارة عن جدار جليدي هائل يحيط بالعالم، وأن الشمس على مدار العام، يجب أن تشرق وتغرب يوميا.

لكن هذه الرحلة دحضت تلك الادعاءات، حيث قدمت أدلة دامغة على دوران الشمس بشكل مستمر لمدة 24 ساعة خلال أشهر الصيف الجنوبي، وهو أمر يستحيل تفسيره ضمن إطار نموذج الأرض المسطحة.

شهادة حية حول شمس لا تغيب

كانت إحدى اللحظات الفاصلة في الرحلة عندما خاطب جيران كامبانيللا، وهو شخصية بارزة من قناة يوتيوب "جيرانيزم"، جمهوره عبر مقطع مسجل في منتصف الليل، رغم أن الشمس ما زالت في السماء، من مخيم يونيون غلاسيير.

إعلان

وصرح كامبانيللا قائلا: "أحيانا تكون مخطئا في الحياة"، معترفا بخطأ اعتقاده السابق حول غياب ظاهرة الشمس التي لا تغيب. وأقرّ قائلا: "إنها حقيقة، أن الشمس تدور حولك على مدار اليوم في الجنوب"، ولاقى هذا الاعتراف الصادق صدى عميقا لدى متابعيه، حيث دعاهم إلى قبول الحقائق المرصودة.

بدوره، أيّد أوستن ويتسيت، من قناة "ويتسيت غيتس إت"، هذا الموقف قائلا: "كنا مخطئين". وبينما أظهر انفتاحا على منظور الأرض المسطحة، أقرّ بأن حركة الشمس التي شهدها خلال الرحلة تتماشى بوضوح مع أدلة كروية الأرض، وشدّد كلا الشخصين على أهمية الصدق في السعي وراء الحقيقة، حتى عند مواجهة أدلة تتعارض مع معتقداتهم السابقة.

التداعيات الأوسع

استغرق العمل على الرحلة قرابة 3 سنوات من التحضير، بتكلفة 35 ألف دولار لكل مشارك من خلال شركة "الخدمات اللوجستية والبعثات في القارة القطبية الجنوبية"، وكانت الغاية من هذه الرحلة هو إنهاء الجدال القائم حول شكل الأرض بشكل نهائي.

وكانت هذه الرحلة، التي كانت أول زيارة لمؤيدي الأرض المسطحة إلى القارة القطبية الجنوبية، قد دحضت كذلك نظرية المؤامرة التي تزعم أن معاهدة القطب الجنوبي لعام 1959 تهدف إلى منع اكتشاف "الحقيقة" ومنع وصول جميع البشر إلى القارة المتجمدة.

ورغم أن ظاهرة الشمس التي لا تغيب أثبتت بما لا يدع مجالا للشك بطلان نموذج الأرض المسطحة، فإن أحد المشاركين في الرحلة في أثناء البث الذي أجروه قد أشار إلى إمكانية وجود تفسيرات بديلة لتكييف هذه الظاهرة مع نموذج الأرض المسطحة، وأشار كذلك إلى احتمالية وجود مفاهيم فيزيائية غير مكتشفة بعد، قد تفسر هذه الظاهرة ومطابقتها على أرض مسطحة.

في حين يكشف بعض المؤمنين بنموذج الأرض المسطحة بأن ظاهرة الشمس التي لا تغيب لا تمثل دليلا قاطعا على كروية الأرض، وأن مشاهدة الأرض بالعين المجردة من الفضاء هو الفيصل الحقيقي لمثل هذا الجدال، ولا يخفى على أحد بأن الصعود إلى الفضاء بات أمرا متاحا مؤخرا، إلا أن تكاليفه الباهظة تمنع تحقيق هكذا رحلة في المستقبل القريب.

إعلان

مقالات مشابهة

  • طيران السلام يُعزّز مرونة السفر على متن رحلاته بتدشينِ خدماتٍ جديدة
  • على ضفاف رحمة الطبيعة.. الفيضانات تشرّد 379 ألف في جنوب السودان
  • هواة يزورون القطب الجنوبي لحسم جدل شكل الأرض والجدار الجليدي
  • مترو الرياض
  • «شتانا في حتّا»يجمع عشاق «اليوغا» والتأمل وسط الطبيعة الخلّابة
  • عودة بعثة العمرة الرسمية لـ«إسلامية دبي»
  • رحلة الإيمان.. عمرة من جدة إلى المسجد النبوي
  • نيبينزيا: مقتل كيريلوف كشف الطبيعة الإرهابية لكييف
  • هيونداي توسان كسر زيرو سقف بانوراما .. بهذا السعر
  • انقلابات في السياسة وانقلاب في الطبيعة أيضا.. ماذا تعرف عن أطول ليلة في نصف الكرة الشمالي؟