كيف يؤثر السهر المتأخر جدا في الصيف على أدمغة الصغار؟
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
ينتظر كل من الأطفال والكبار الإجازات المدرسية لأخذ قسط من الراحة والاستجمام بعيدا عن روتين المدرسة اليومي. وأول التغييرات التي يقوم بها الأطفال هي التحلل من مواعيد النوم الثابتة، مما قد يؤدي إلى عدم الحصول على قدر كاف من النوم، مع ما يترتب عليه من زيادة التوتر وعدم الانتعاش وفقدان الطاقة اللازمة للقيام بالمهام اليومية البسيطة.
من أجل ذلك، يجب على الآباء الانتباه جيدا لأنماط نوم أطفالهم ومحاولة إبقائهم في جدول زمني مناسب، خصوصا أن دراسات عديدة أثبتت تضرر أدمغة الصغار في حال لم يحصلوا على قدر كاف من النوم، مع العلم أن الأطفال في سن المدرسة يحتاجون إلى ما لا يقل عن 9 ساعات نوم متواصلة.
على الآباء أن يكونوا حازمين بشأن أوقات النوم (شترستوك) الساعة البيولوجية وزيادة الوزنللصيف تأثير عميق على الساعة البيولوجية للطفل الذي يفضل السهر والاستمتاع مع باقي أفراد العائلة، مما يجعله عرضة لاضطرابات النوم المتعلقة بنظم الساعة البيولوجية. وتشمل أعراض هذه الاضطرابات النعاس في أثناء النهار وقلة اليقظة وضعف التركيز وصعوبة النوم ليلا والنوم غير المريح.
وتوصلت دراسة منشورة في موقع "سبرنغر نيتشر" عام 2021 إلى أن النوم المتأخر يؤثر على مؤشر كتلة الجسم لدى الأطفال في سن ما قبل المدرسة. وكانت الدراسة قائمة على ملاحظة 119 طفلا في الولايات المتحدة الأميركية تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 8 سنوات مع إجراء 3 تقييمات متسلسلة لمؤشر كتلة الجسم خلال بداية العام الدراسي، وفي نهايته، وفي بداية العام الدراسي التالي.
وأظهرت الدراسة أن عدم وجود المتطلبات الروتينية للعام الدراسي، مثل جداول المدرسة والنوم المبكر، يؤدي إلى زيادة الوزن المتسارع في الصيف، إذ تؤثر التغييرات في السلوك، مثل تقصير مدة النوم وتأخير توقيت النوم، على إيقاع الساعة البيولوجية بسبب تقليل التعرض للضوء الطبيعي، مما قد يسهم في زيادة الوزن بشكل متسارع.
خبراء: لسهر الأطفال تأثيرات لن تكون مرئية على الفور ولكن لها تداعيات طويلة الأمد (شترستوك) تعطيل نضج الدماغوكشفت دراسة أجراها مستشفى جامعة زيورخ عن الضرر المذهل الذي تلحقه قلة النوم بجميع أجزاء دماغ الطفل النامي، خصوصا في مناطق الدماغ الخلفية المسؤولة عن الحركات المخطط لها والتفكير المكاني والانتباه.
وحذرت سالومي كورث -المؤلفة الأولى بالدراسة والباحثة في مستشفى جامعة زيورخ- من أن التأثيرات لن تكون مرئية على الفور ولكن لها تداعيات طويلة الأمد.
ودرست كورت وزملاؤها آثار الحرمان من النوم بنسبة 50% في مجموعة من 13 طفلا تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و12 سنة، وقام الفريق أولا بقياس أنماط نوم الأطفال العميق في أثناء نوم الليل العادي، ثم أعادوا القياس في ليلة أخرى بعد أن أبقى الباحثون الأطفال مستيقظين بعد أوقات نومهم من خلال القراءة واللعب معهم.
توصلت النتائج إلى أن الأطفال أظهروا نشاطا أكثر بطئا في المناطق الخلفية من الدماغ.
وقام الفريق أيضا بقياس كيفية ارتباط نشاط النوم العميق بمحتوى المايلين في الدماغ، وهو حجر الزاوية في نمو الدماغ، وتوصلوا إلى وجود ارتباط إيجابي بين مادة المايلين وعدد ساعات النوم.
مشاكل سلوكية ونفسيةوفي دراسة كبيرة، درس باحثون -بقيادة الدكتور زي وانغ من جامعة ميريلاند- كيف تؤثر قلة النوم على بنية الدماغ، وشملت الدراسة عينة تضم أكثر من 4 آلاف مشارك -تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات- حصلوا بشكل عام على 9 ساعات أو أكثر من النوم يوميا وفقا لآبائهم، وتمت مقارنة هذه المجموعة بعدد مماثل من الأطفال المطابقين للعمر الذين حصلوا على أقل من 9 ساعات من النوم الموصى بها.
ووفقا لنتائج الدراسة، وجد الباحثون أن الأطفال في مجموعة النوم غير الكافي يعانون من مشاكل نفسية وسلوكية أكثر من أولئك الذين حصلوا على قسط كاف من النوم. وشملت هذه المشاكل الاندفاعية والتوتر والاكتئاب والقلق والسلوك العدواني. كما أن الأطفال الذين لا يحصلون على قدر كاف من النوم يعانون أيضا ضعف الوظائف الإدراكية، مثل اتخاذ القرار وحل النزاعات والتعلم.
كما أظهر تصوير الدماغ، في بداية الدراسة وبعد عامين، اختلافات في بنية ووظيفة الدماغ في مجموعة النوم غير الكافي مقارنة بالمجموعة الأخرى. وتشير النتائج إلى أن النوم يؤثر على التعلم والسلوك من خلال تغييرات دماغية محددة.
النوم المتأخر يؤثر على مؤشر كتلة الجسم لدى الأطفال في سن ما قبل المدرسة (شترستوك) العودة تدريجيا لجدول المدرسةتظهر نتائج الدراسات أنه يجب على الآباء أن يكونوا حازمين بشأن أوقات النوم وأن يتبعوا الإرشادات الخاصة بكمية النوم التي يجب أن يحصل عليها الأطفال والتي تتغير تبعا للعمر.
أما بالنسبة للإجازة الصيفية والاستعداد للعودة إلى المدارس، فإنه يجب على الآباء البدء في تعديل مواعيد نوم أطفالهم قبل أسبوع على الأقل من بدء العام الدراسي. فإذا كان لا بد أن يستيقظ طفلك في الساعة السابعة صباحا للذهاب إلى المدرسة، فحاولي إيقاظه في الثامنة صباحا خلال الأسبوع السابق حتى لا يشكل يوم عودته إلى المدرسة صدمة لجسده.
أما بالنسبة لعطلات المدرسة القصيرة، مثل عطلة نهاية الأسبوع، فيجب على الآباء تجنب السماح لأطفالهم بتغييرات جذرية في مواعيد النوم. لأنه إذا كان الأطفال يبقون مستيقظين في وقت متأخر يومي الجمعة والسبت، فسيواجهون صعوبة في النوم، مما قد يؤدي إلى استمرار هذا الأرق خلال أيام الدراسة ويجعل من الصعب تصحيحه.
إضافة إلى ذلك، يجب عدم إجبار طفلك على الاستلقاء في السرير عندما لا يكون متعبا. فقد يؤدي ذلك إلى ربط السرير وغرفة النوم بالبقاء مستيقظا، مما قد يؤثر سلبا على عادات نومهم على المدى الطويل. ولكن يمكن السماح لهم بالنهوض من السرير لقراءة كتاب أو الاستماع إلى موسيقى حتى يشعروا بالتعب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: یجب على الآباء أن الأطفال الأطفال فی مما قد
إقرأ أيضاً:
جناح الطفل ينمي مواهب الصغار.. واستحضار تاريخ مكة شعرًا والثقافي يحتفي بالرواية
جدة – صالح الخزمري
يفتح جناح الطفل المشارك في معرض جدة للكتاب 2024، ، آفاقاً جديدة لتنمية مواهب الصغار. ضمن أنشطته المتنوعة، حيث أُقيم ركن مُخصَّص لتصميم الأزياء، تُشرف عليه نخبة من المصممات المحترفات، ليصبح منصة ملهمة تُعرّف الأطفال بأساسيات التصميم وفن تشكيل الأقمشة.
في هذا الركن، يتعلم الصغار كيفية استخدام الأدوات والمواد بأساليب مبتكرة وآمنة، مع تطبيق المهارات خطوة بخطوة لتصميم أشكالهم الخاصة، مما يتيح لهم التعبير عن إبداعاتهم وتعزيز حسهم الفني. ويشجع الركن الأطفال على ابتكار تصاميم فريدة تعكس شخصياتهم، وسط بيئة مليئة بالإلهام.
وضمن النشاط الثقافي احتضن المسرح الرئيس للمعرض ندوة مميزة بعنوان “مكة المكرمة في عيون الشعراء”، شارك فيها الدكتور فيصل الشهراني والأستاذ حسني مالك.
وتألقت الندوة في تسليط الضوء على مكانة مكة المكرمة بوصفها أقدس بقاع الأرض ومهد الرسالة الإسلامية، حيث كانت ولا تزال مصدر إلهام خالد للشعراء، الذين نسجوا أروع القصائد التي تتغنى بجمالها وروحانيتها.
واستهل الأستاذ حسني مالك مشاركته بالتعريف بأسماء مكة المكرمة الواردة في القرآن الكريم مثل “بكة” و”البلد الأمين” و”أم القرى”، ثم ألقى على مسامع الجمهور قصائد متنوعة تمازجت بين الفخر والمدح، مستحضراً قدسية المكان في قلوب أكثر من مليار مسلم حول العالم.
من جانبه، تناول الدكتور فيصل الشهراني مكانة مكة الدينية والتاريخية، كونها مهد الإسلام وموطن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها انطلقت رسالة التوحيد. كما استعرض ارتباط مكة بإعادة بناء الكعبة المشرفة على يد النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وموقعها الجغرافي المميز بوصفها وادياً محاطاً بالجبال، الذي جعلها عبر التاريخ مركزًا للتجارة والثقافة، ثم ألقى قصائد تعبق بالعاطفة الدينية والمدح.
– وفي إطار فعاليات “معرض جدة للكتاب 2024″، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، شهد الزوار اليوم ورشة فريدة حملت عنوان “مقام عزيز (المقامات الصوتية)”، قدَّمها الأستاذ عزيز سليم، الرئيس التنفيذي لشركة “أوديوم”. وجاءت الورشة نافذةً على عالم المقامات الصوتية، التي وصفها سليم بأنها ليست مجرد أنظمة موسيقية، بل أدوات تعبيرية تُبرز المشاعر وتنسج جماليات النصوص الفنية والشعرية والدينية.
اقرأ أيضاًالمجتمعنائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة قطر لدى المملكة بمناسبة اليوم الوطني لبلادها
وأشار سليم إلى أن المقامات الصوتية هي العمود الفقري للفنون الموسيقية الشرقية، حيث تعتمد على تشكيل السلم الموسيقي وتوزيع النغمات بطريقة تعكس الطابع النفسي للنص، مضيفاً أن لكل مقام أثره الفريد؛ فمقام الرست يعكس الفرح والاستقرار، والبيات يتميز بالدفء والحنان، بينما يُبرِز مقام الصبا الشجن والحزن. أما مقام الحجاز فيُثير الوقار والهيبة، في حين يرمز مقام النهاوند إلى الرومانسية والعاطفة.
وأكَّد أن التغذية الفنية للفنان تُثري أعماله، مشدداً على أهمية الذائقة والشخصية الفنية في إبراز جمال المقامات الصوتية. كما تناول أهمية تعليم هذا الإرث الفني للأجيال الصاعدة، ودور المعاهد الموسيقية العربية في تعزيز استمرارية هذا الفن الذي وصفه بأنه لغة المشاعر التي تتحدث إلى القلب مباشرة، ما يجعله أحد الكنوز التراثية الإنسانية التي تستحق الحفاظ عليها.
– ندوة “تطوير المدن المقدسة والتاريخية”، كانت من أبرز الندوات في المعرض حيث أكد المتحدثون على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية والتراث المعماري لهذه المدن، مع تحقيق التوازن بين التطوير العمراني وصون الطابع التاريخي.
وسلَّط الدكتور حسام جمعة الضوء على النضج الذي حققته المملكة في الجمع بين التجديد والحفاظ على الهوية، مستعرضاً نماذج ناجحة مثل “جدة التاريخية” و”قباء”. وأشاد بدور وزارة الثقافة في تبنّي إستراتيجيات متقدمة وحوكمة دقيقة لصون هذا الإرث الغني، مؤكداً أن التعاون مع منظمة اليونسكو أسهم في تعزيز هذه الجهود. كما أشار إلى أهمية التمييز بين “المحافظة على التراث” و”صناعة تراث للمستقبل”، ما يعكس الرؤية السعودية الطموحة في تطوير المدن التاريخية.
في حين تحدث د. مشاري النعيم، عن خصوصية المدن المقدسة، وأكد أن المملكة استطاعت الحفاظ على الصورة الروحية لمكة المكرمة في أعين زائريها، رغم التطورات العمرانية التي تهدف إلى استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين. كما أشار إلى أمثلة أخرى ناجحة مثل جدة التاريخية وقصر الحكم بالرياض، ما يعكس حرص المملكة على تحقيق توازن دقيق بين التطوير وصون الهوية.
واختتم مدير الندوة، الأستاذ خالد جرهم، الحدث بتقديم الشكر للحضور والمشاركين، مشيداً بتفاعلهم وأسئلتهم التي أثرت النقاش والمحاور المطروحة.
– ومن الورش الأدبية التي احتضنها المعرض “المكان في الرواية”، قدمها الروائي عبد الوهاب الحمادي، مؤسس وشريك في “باب للرحلات”، وصاحب عدد من الإصدارات الأدبية، أبرزها روايتا “ولا غالب” و”لا تقصص رؤياك”.
تناولت الورشة الدور المحوري الذي يلعبه المكان في تشكيل عوالم الرواية، حيث أوضح الحمادي أن المكان ليس مجرد عنصر تكميلي، بل يُعد ركيزة أساسية مرتبطة بالزمن، تسهم في خلق الجو العام للأحداث وصياغة شخصيات الرواية. وأشار إلى أن الروائي يحتاج إلى استثمار حواسه عند الكتابة عن المكان، مما يعزز القدرة على بناء عوالم غنية بالتفاصيل، سواء كانت مادية كمدينة أو منزل، أو رمزية تعكس حالات نفسية واجتماعية.
ناقش الحمادي أيضاً أهمية المكان في إبراز السياق الثقافي والاجتماعي للرواية، حيث يعكس المكان تقاليد المجتمع وعاداته، كما أنه يخلق أجواءً خاصة قد تكون مليئة بالعاطفة أو الغموض، مما يترك أثراً عميقاً في نفس القارئ. وأضاف أن المكان يلعب دوراً بارزاً في تشكيل الشخصيات وسلوكها، أو تحريك الأحداث بوصفه محفزاً أو عائقاً.
ومن منظور أعمق، لفت الحمادي إلى أن المكان في الرواية قد يكون دقيقاً ومفصلاً، أو رمزياً وخيالياً، وحتى داخلياً يمسّ أبعاد النفس البشرية. واختتم الورشة بتأكيده أن المكان يُمثِّل “سيد المعاني” في السرد، إذ يُضفي على النص بُعدًا وجودياً يتطلب من الكاتب تنمية حواسه وتوظيف المكان بخبرة ووعي.
وأكَّد الحمادي أن الأخطاء في وصف المكان واردة، لكنها تتطلب من الكاتب الحرص على البحث والتحقق لضمان الدقة.