عبدالجبار الغراب

شكلت الحرب الصهيونية العدوانية على الشعبين الفلسطيني واللبناني والمدعومة أمريكيًّا وغربيًّا ولأكثر من عام رصدها للعديد من النتائج الكبيرة التي جاءت بعكس مخطّطات الأمريكان والصهاينة، ليغوصوا في مستنقعات كثيرة أضعفتهم عسكريًّا وأغرقتهم اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، فأصبحوا في ارتباكات ومتاهات غير قادرين على اتِّخاذ القرارات، لتخلق لهم تراكمات الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها من جبهات محور المقاومة معضلات كبيرة أَدَّت بعضها مؤخّرًا إلى نشأة معظم النزاعات الداخلية وأحدثت عدة تغيرات في أعلى المناصب القيادية للجيش، فمن استبدال وزير الدفاع ووزير الخارجية كلها عواصف ما كانت لها لتحدث إلا لأسباب تأثيرات سابقة خلخلت الثقة بين قادة الجيش والحكومة وسيتبعها المزيد من الهزات العظيمة لتغيرات شاملة من شأنها ستزلزل بأركان كيان الاحتلال.

أدَّت مختلف العواصف المتلاحقة والخسائر الفادحة التي تعرض لها الكيان إلى جعل قادته تائهين، انعدمت لديهم البدائل وَالأوراق والتي قد يجعلوها بنظرهم بداية انطلاقة جديدة لتحقيق أهدافهم التي عجزوا عن تحقيقها على مدار أكثر من عام، ومن أخذهم للانتظار لاعتلاء ترامب سدة الحكم بداية العام القادم جعلها ورقة قد يحقّقوا منها الأهداف، وهم بذلك يكرّرون فشلهم ليستمروا في ارتكابهم للمجازر بحق سكان القطاع ولبنان حتى ذلك الحين، مع وضوح كامل لنفاد لكل بنك أهدافهم العسكرية للقضاء على المقاومة الفلسطينية واللبنانية، فلا نجحت أمريكا مع رميها بكل ثقلها لدعم الكيان عسكريًّا وسياسيًّا وماليًّا والتي؛ بسَببِها ما كان للكيان القدرة على الاستمرار عسكريًّا، وكلها مُجَـرّد أحلام وأوهام صهيونية لما سيضيفه القادم ترامب ويخلقه من انتصار، في ظل ثبات وصمود أُسطوري للمقاومة، وعنوانه الوحيد والدائم هو الإسناد المتواصل من جبهات المحور حتى يتم إيقاف الحرب على غزة ولبنان المؤكّـدة بالقرار الثابت من قبل الجيش اليمني وجميع فصائل وحركات المقاومة الإسلامية.

محور المقاومة الإسلامية يدرك كُـلّ الإدراك أنه لا جدوى من كُـلّ ما يجري من حوارات أَو أنها تترقب للحلول القادمة من هنا أَو هناك؛ فهي جاعلة الميدان هو الأَسَاس الذي سيبنى من خلاله كافة المراحل القادمة لوضعها حلول وفق شروطها، معتمدة في ذلك على علمها الأكيد بأن شكل النظام الأمريكي والدولة العميقة يتوغل فيها اللوبي الصهيوني فهو من يحدّد سياسات الدولة وهو الذي يشكل الأَسَاس لرسمها، وأن كُـلّ الإدارات الأمريكية المتعاقبة عبارة عن منفذة لكل ما هو موضوع من مخطّطات وبرامج، فهي صهيونية الولاء والثبات مهما تغير رأسها سواءٌ أكانت ديمقراطية أَو جمهورية.

ومن هنا فالإدارة الأمريكية الجديدة هي مُجَـرّد إكمال للأهداف ولمنافع وخدمات لسابق ثابت موجود اتخذته لصالح الصهاينة سابقًا بنقلها لسفارتها للقدس بما عرف بصفقة القرن ونجاحها لإقامة علاقات التطبيع الإسرائيلية مع كُلٍّ من الإمارات والبحرين والمغرب، وهي في الطريق الآن لتكملة مشوار التطبيع وفرضه مع دول عربية أُخرى وفي مقدمتهم السعوديّة، فالأهداف الأمريكية معروفة ولا يمكن أن يعول عليها لمساعي إيقاف الحروب في المنطقة، فهي تجعل من الصفقات مشاريع لإتمام إنجاز الأهداف التي يصعب على الصهاينة تحقيقها بقوة السلاح، وهو ما تدركه قوى محور المقاومة الذين ينظرون إلى الميدان المكان الوحيد لجعل الصهاينة يصرخون لطلب إيقاف الحرب.

تتصاعد التخبطات الصهيونية من خلال إفشالهم لكل المساعي الرامية للوصول إلى اتّفاقات من شأنها توقف الحرب المُستمرّة في قطاع غزة ولبنان، فهم يروجون بإنهاء لعملياتهم البرية في لبنان والتي فشلت فشلًا ذريعًا، وأحيانًا أنهم سيبقون عليها في تصاعد حتى ينضج اتّفاق سياسي، وهنا يتضح انتظارهم المقصود والحثيث حتى يتسلم ترامب للإدارة الأمريكية لتحقيق مكاسب عجزوا عن تحقيقها بقوة السلاح وإنقاذهم من تورطهم في حرب خاسرة دخل عامها الثاني.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

ألف قناص في السماء.. هذه هي الحرب الجديدة في أوكرانيا

عندما انفجرت قذيفة هاون فوق مركبتهم القتالية المدرعة "برادلي" الأمريكية الصنع، شعر الجنود الأوكرانيون داخلها بالاهتزاز، لكنهم لم يكونوا قلقين كثيراً، إذ اعتادوا على قصف المدفعية على مدار 3 سنوات من الحرب. لكن سرعان ما بدأت الطائرات المسيّرة الصغيرة بالهجوم.

استهدفت هذه الطائرات أضعف نقاط المدرعة "برادلي" بدقة قاتلة تتجاوز ما تمتلكه قذائف الهاون. أصابت إحدى الطائرات الانتحارية المتفجرة الفتحة العلوية فوق مكان جلوس القائد. "مزقت ذراعي"، قال الرقيب تاراس، القائد البالغ من العمر 31 عاماً، الذي فضل استخدام اسمه الأول وفقاً لبروتوكولات الجيش الأوكراني.

أثناء محاولته العثور على عاصبة لإيقاف النزيف، لاحظ أن سائق المركبة أصيب أيضاً، إذ فقئت عينه من الانفجار.

Astonishing and grim statistic: Drones now cause about 70 percent of deaths and injuries in the Ukraine war.

https://t.co/eS0xD2MaX8

— Paul Kedrosky (@pkedrosky) March 3, 2025

نجا كلا الجنديين، لكن الهجوم كشف كيف أصبحت الطائرات المسيّرة، وهي في الغالب تقنيات متاحة تجارياً تُحول إلى آلات قتل، عاملاً يجعل السنة الثالثة من الحرب أكثر دموية من السنتين السابقتين وفقاً للتقديرات الغربية، بحسب تقرير تحليلي في صحيفة "نيويورك تايمز".

هيمنة الطائرات المسيّرة

وتقول الصحيفة إن المدفعية الثقيلة لم تعد هي السلاح الأكثر فتكاً في هذه الحرب، إذ إن الطائرات المسيّرة تسبب الآن حوالي 70% من الإصابات بين القوات الروسية والأوكرانية، وفقاً لرومان كوستنكو، رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني. في بعض المعارك، تصل النسبة إلى 80%، كما يقول القادة العسكريون.

عندما أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قواته إلى أوكرانيا قبل 3 سنوات، سارعت الدول الغربية إلى تزويد كييف بأسلحة تقليدية بمليارات الدولارات، مثل المدافع والدبابات، على أمل صد الغزو الروسي. لكن الحاجة الميدانية الهائلة استنفدت مخزون حلف الناتو تقريباً.

في عام 2022، كانت المعارك تعتمد على المدفعية والخنادق والدبابات، لكن بحلول 2025، باتت الطائرات المسيّرة العنصر الحاسم في ساحة المعركة.

وتشمل الأدوات الحربية الحديثة الطائرات الانتحارية، والأنظمة المضادة للطائرات المسيرة، والطائرات المسيرة المجهزة برؤية الشخص الأول (FPV)، والطائرات البرية المسلحة.

وبحسب التقرير، فقد أصبحت المعارك عبارة عن سباق بين روسيا والغرب لتوريد الأسلحة التقليدية، مما حول شرق أوكرانيا إلى ميدان نيران مدفعية. لكن الآن، الطائرات المسيّرة تسيطر على الميدان، متجاوزة الأسلحة التقليدية في فعاليتها القاتلة.

We are grateful to our partners for strengthening Ukraine's defense capabilities. ???????? warriors and western-made weapons are the best combination to drive the enemy out of our land.

????: UA Land Forces pic.twitter.com/uX1Q7HBqLZ

— Defense of Ukraine (@DefenceU) December 31, 2024 تكلفة الحرب البشرية

تسببت الحرب في مقتل وإصابة أكثر من مليون جندي، وفقاً للتقديرات الأوكرانية والغربية. لكن الطائرات المسيّرة أصبحت الآن مسؤولة عن قتل عدد أكبر من الجنود وتدمير عدد أكبر من المركبات المدرعة مقارنة بجميع الأسلحة التقليدية الأخرى مجتمعة، بما في ذلك القناصة والدبابات ومدافع الهاوتزر وقذائف الهاون.

كان دوي المدفعية المتواصلة في السابق السمة المميزة للقتال، لكن اليوم أصبح الخطر شخصياً للغاية، حيث تطارد الطائرات المسيّرة الجنود وتستهدف المركبات بسرعة فائقة، مما أجبر القوات على المشي لمسافات طويلة والاختباء من هذه الأجهزة القاتلة. "يمكنك الاختباء من المدفعية"، يقول القائد الميداني الأوكراني بوهدان، "لكن الطائرات المسيّرة كابوس مختلف تماماً".

⚡️ Zelenskyy: F-16s arrived too late, but they are extremely effective.

???? "We have a very little number of F-16s. What they do now? Destroyed 7 ballistic [cruise missiles] missiles two nights ago." pic.twitter.com/gXXfQRhqRZ

— UNITED24 Media (@United24media) November 30, 2024 التوسع في إنتاج الطائرات المسيّرة

ووفقاً للصحيفة، أنتجت أوكرانيا أكثر من مليون طائرة مسيّرة من طراز FPV في عام 2024، بينما تدعي روسيا أنها تصنع 4.000 طائرة يومياً، وتسعى كلتا الدولتين إلى إنتاج ما بين 3 إلى 4 ملايين طائرة في 2025.

ومع زيادة الهجمات بالطائرات المسيرة، تصاعدت أيضاً المواجهات الإلكترونية، حيث تنتشر أنظمة التشويش التي تعطل إشارات التحكم بالطائرات المسيرة، مما يجعل عمليات الاستهداف أكثر صعوبة.

للتعامل مع هذه التطورات، طورت أوكرانيا وروسيا تقنيات مضادة للطائرات المسيّرة، مثل الطائرات المسيّرة المزودة ببنادق لإسقاط الطائرات الأخرى، والليزر المضاد للطائرات منخفضة الارتفاع، والدروع الواقية المصنوعة من الشباك المعدنية لحماية المركبات من الهجمات الجوية.

⚡️BREAKING: Ukraine has stated that it wants 40-50 F-16 fighter jets.

If new F-16’s are provided, it would cost ~$11 Billion USD. If used F-16’s are provided instead, then it would cost ~$2 Billion USD. https://t.co/7rceufZUZF pic.twitter.com/F3AasWNxMJ

— The Enforcer (@ItsTheEnforcer) May 16, 2023 مستقبل الحرب

وتقول الصحيفة إن ظهور الطائرات المسيّرة كالسلاح الرئيسي في الحرب الأوكرانية يعيد تشكيل الاستراتيجيات العسكرية حول العالم. وتسعى دول مثل إيران وكوريا الشمالية والصين إلى استيعاب الدروس المستفادة من هذه الحرب.

يقول الأدميرال بيير فاندير، قائد التحول العسكري في الناتو: "الحرب في أوكرانيا تمزج بين تكتيكات الحرب العالمية الأولى والثالثة، ما يحدث قد يكون نموذجاً لحروب المستقبل".

مقالات مشابهة

  • نائب: القمة العربية قدمت خطة متكاملة لإحراج الإدارة الأمريكية وإفشال التهجير
  • الخارجية الأمريكية: ترامب نفد صبره ويجب إطلاق سراح المحتجزين في غزة
  • «مصطفى بكري»: واهم من يعتقد أن الصهاينة يعرفون السلام
  • الإدارة الأمريكية تجري مباحثات مباشرة مع حماس
  • لماذا تباينت علاقة موسكو وطهران مع سوريا الجديدة؟
  • وزير الخارجية: الإدارة الأمريكية ليست متمسكة بتهجير الفلسطينيين
  • سياقات التصعيد الإسرائيلي بسوريا وخيارات الإدارة الجديدة
  • مقامرة ترامب الجديدة والخطيرة
  • سلاح المقاومة خط أحمر.. حماس ترفض الشروط الأمريكية والإسرائيلية
  • ألف قناص في السماء.. هذه هي الحرب الجديدة في أوكرانيا