محمد بن حمد البادي
mohd.albadi1@moe.om
جهودٌ مضنيةٌ تبذلها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار نحو خلق مناخ اقتصادي مستقر وآمن من خلال اتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير الإدارية والتشريعية والرقابية لتهيئة البيئة المثالية للتجارة والاستثمار في سلطنة عُمان، ولعل آخر هذه التدابير صدور القرار الوزاري رقم (412/ 2023) بشأن مكافحة التجارة المستترة، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية.
ويأتي إصدار هذا القرار الوزاري- الذي نشرته الجريدة الرسمية في عددها رقم (1504)- سعيًا من الوزارة لتحقيق جملةً من الأهداف. لعل أبرزها التصدي لظاهرة التجارة المُستترة في سلطنة عُمان للحد من انعكاساتها الاقتصادية على أصحاب الأعمال والمجتمع؛ واستجابة لمناشدة المواطنين على مدى السنوات الماضية للقضاء على هذه الظاهرة، حيث سيعمل بهذا القرار بعد مضي 90 يومًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
هذا التشريع يأتي ليكون رادعًا لكل من تسوِّل له نفسه المتاجرة بطموحات أبناء الوطن، وتفويت الفرصة على شبابنا الواعد المُكافح، علاوة على ما تسببه هذه الظاهرة إلى هجرة مليارات الريالات سنويًا إلى خارج السلطنة من خلال التحويلات البنكية الضخمة، أضف إلى ذلك ما تؤدي إليه التجارة المستترة من اضطرابات اجتماعية أخرى كفتح المجال أمام تنامي ظاهرة العمالة الوافدة السائبة أو المُسرحة.
وتأتي مبادرة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بإصدار هذا القرار من أجل القضاء على كل الآثار السلبية الناتجة عن التجارة المستترة المتمثلة في تنامي حالات الغش التجاري، والتأثير المُباشر بشكل سلبي على سوق العمل؛ والمنافسة غير المتكافئة مع رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ والتهرب الضريبي؛ والتحايل على الإجراءات المعمول بها.
وبالرجوع إلى القرار الوزاري، فقد جاء بلغة سهلة بسيطة مُيسرة خالية من التعقيد يفهمها الجميع؛ حيث عرّف القرار التجارة المستترة على أنها تمكين أي شخص من ممارسة نشاط تجاري لا تسمح القوانين والمراسيم السلطانية النافذة في سلطنة عُمان بممارسة هذا النشاط؛ سواءً كان لحسابه الخاص أو المشاركة مع الغير، بمعنى أن أوراق وتراخيص السجل التجاري لهذه المنشأة تكون لشخص آخر غير مالك المنشأة؛ ليقوم هذا الشخص بالتصرف المطلق في هذه الأوراق والتراخيص لهذه المنشأة التجارية.
كما عرّف المُتستِّر على أنه كل شخص يمارس التجارة المستترة، والمُتستَّر عليه على أنه كل شخص يمارس التجارة بمساعدة المتستر.
وأوضح قرار مكافحة التجارة المستترة أنه يعد قرينة على القيام بالتستر إحدى الحالات الآتية: أن تؤول إيرادات المنشأة أو أرباحها أو عوائد العقود التي تبرمها بشكل مباشر أو غير مباشر إلى حساب شخصي أو حساب آخر وليس إلى حساب المنشأة، بما في ذلك أن يستوفي شخص غير مالك المنشأة حصيلة أو عوائد بيع أو نقل أصول أو تصفية المنشأة لحسابه الشخصي، أو أن يحصل على عائد أو مُقابل مالي مُتغير من أي نوع لا يتناسب مع طبيعة الأعمال المنوط به أداؤها في المنشأة، وذلك مع مراعاة عقود العمل التي تقرر حق العامل في الحصول على نسبة من أرباح أو إيرادات المنشأة، وتقديم بيانات أو معلومات غير صحيحة في وثائق تأسيس المنشأة أو في طلب الحصول على الترخيص، أو في فتح حسابات للمنشأة، أو عدم الإفصاح عن الوضع المالي الحقيقي للمنشأة بأي طريقة، وقيام مالك المنشأة بمنح غير العماني صلاحيات تؤدي إلى التصرف المطلق في المنشأة، وهذا في حصيلته النهائية حيازة غير العماني على كل الأرباح والإيرادات ويقنع الكفيل العماني بالفتات القليل ليغض الطرف عن الممارسات غير المشروعة التي يقوم بها الوافد، بالإضافة إلى ذلك استخدام المنشأة في تعاملاتها الخاصة بنشاطها التجاري حسابا مصرفيا آخر غير مسجل باسم الشركة
وبين القرار أنه يجب على كل شخص يصل إلى علمه قيام أي شخص بالتجارة المستترة إبلاغ وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بذلك فورا.
كما أن الوزارة بصدد إيجاد آلية للرقابة على كافة المنشآت التجارية في ما يتعلق بهذا الخصوص؛ ومن ثم تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القرار على المُخالفين، واضعةً في اعتبارها التدرج في العقوبات- مراعية أنَّ التدرج في العقوبات قاعدة عامة في التشريع- أولها شطب النشاط من السجل التجاري ثم توقيع عقوبة مالية مقدارها خمسة آلاف ريال وفي حالة التكرار تضاعف إلى عشرة آلاف ريال مع وقف النشاط لمدة ثلاثة أشهر، وفي حالة التكرار تضاعف العقوبة غرامة إدارية خمسة عشر ألف ريال مع وقف النشاط لمدة سنة كاملة، وهذا التدرج يكون وفق جسامة المُخالفة، كما أن الوزارة لها حق تخفيف هذه العقوبة أو إلغائها حسب الأحوال إذا ما بادر المتستر أو المتستر عليه بالإبلاغ عن حالة التستر الواقعة في أي قطاع من قطاعات الأنشطة الاقتصادية.
تداعيات كثيرة وانعكاسات سلبية سواءً كانت على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي كانت سببًا رئيسيًا في قيام وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بإصدار قرار مُكافحة التجارة المستترة، وأيضًا توجه حكومة سلطنة عُمان نحو القضاء على التجارة المستترة، ومناشدات المواطنين ورواد الأعمال من أجل القضاء على هذه الظاهرة السلبية والحد منها.
ومن خلال هذا القرار تتولى الوزارة تشجيع المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة بأي وسيلة من وسائل الإعلان وحثهم على الإسهام في الحد من هذه الظاهرة والإبلاغ عنها.
ولكي تكلل جهود وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بالنجاح في هذا الشأن؛ نضم صوتنا ومناشداتنا- من خلال هذا المقال- إلى مناشدات الوزارة الساعية إلى حث الجميع من مواطنين ومسؤولين وقطاع حكومي وخاص على التعاون مع الوزارة للتصدي لهذه الظاهرة السلبية من أجل القضاء عليها تمامًا، وعدم رضاهم بالفتات القليل الذي يُرمى إليهم، فلا تساهموا في تحطيم طموحات أبنائكم وإخوانكم وأقاربكم وأهل بلدكم، ولا تفوِّتوا الفرص عليهم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الإمارات.. 26 شراكة مع الاقتصادات الأكثر حيوية عالمياً
شهد برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة منذ إطلاقه في شهر سبتمبر من عام 2021 وحتى نهاية الربع الأول من العام الجاري 2025 إبرام دولة الإمارات 26 اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع دول وتكتلات دولية ذات أهمية اقتصادية استراتيجية إقليمياً وعالمياً على خريطة التجارة الدولية.
فقد وقعت دولة الإمارات منذ بداية العام الجاري 5 اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع كل من "ماليزيا ونيوزيلاندا وكينيا وأوكرانيا وأفريقيا الوسطى" ما يمثل توسعاً كبيراً في شبكة التجارة الخارجية للدولة ويوفر المزيد من الفرص للقطاع الخاص ومجتمع الأعمال الإماراتي في مجموعة من الاقتصادات الأكثر حيوية في العالم.
ودخلت 6 اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة حيز التنفيذ فعليًا، فيما تم التوقيع رسميًا على 14 اتفاقية جميعها تخضع حاليًا للإجراءات الفنية والتصديق تمهيدًا لدخولها حيز التنفيذ قريبًا.. كما تم إنجاز مفاوضات 6 اتفاقيات أخرى، والتوصل إلى البنود النهائية استعدادًا للتوقيع عليها لاحقًا.
ويواصل برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة خلال عام 2025 مسيرته التي بدأها من خلال توسيع شبكة الشركاء التجاريين والاستثماريين لدولة الإمارات حول العالم بما يعزز موقع الدولة وحضورها على صعيد التجارة المفتوحة ومتعددة الأطراف على مستوى العالم.
وتعمل دولة الإمارات حالياً على استكمال مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع عدد من دول العالم ذات التأثير الاقتصادي الكبير لاسيما مع اليابان والتي تُستكمل المفاوضات معها قبل نهاية العام الجاري 2025 مما يعكس حرص البلدين الصديقين على تعزيز التعاون الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للشراكة التنموية بما يسهم في دعم الازدهار الاقتصادي وتهيئة مزيد من الفرص لمجتمعي الأعمال في البلدين.
وأظهرت نتائج أهم 4 اتفاقيات دخلت حيز التنفيذ نمواً إيجابياً في حجم التجارة غير النفطية حيث نمت التجارة بين الإمارات والهند بنسبة 20.5 % فيما زادت نسبة الصادرات الإماراتية للهند بنسبة 75% في نهاية العام 2024.
وشهدت التجارة مع تركيا نمواً بنسبة تزيد على 11% وأندونيسيا بنمو أكثر من 15% و جورجيا بما يزيد على 56% مما يعكس الأثر الإيجابي لاتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة ونتائجها المهمة التي ظهرت على أرض الواقع وتترجمها أرقام التجارة الخارجية والتي عادة ما تظهر نتائجها بعد 5 سنوات أو أكثر من دخولها حيز التنفيذ.
وتنعكس اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة بشكل إيجابي على بيانات التجارة الخارجية للدولة والتي تشهد نمواً مستمراً إذ ساهم برنامج اتفاقيات الشراكة في تسريع هذا المسار التصاعدي نحو تحقيق مستهدفات التجارة الخارجية ضمن رؤية "نحن الإمارات 2031" التي تستهدف الوصول بقيمة التجارة الخارجية غير النفطية من السلع للدولة إلى 4 تريليونات درهم وترسم مسار زيادة الصادرات الإماراتية من السلع غير النفطية إلى 800 مليار درهم بحلول عام 2031.
وانعكس الأثر الإيجابي لاتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة على مختلف القطاعات لاسيما التجارة الخارجية غير النفطية للدولة إلى جانب خدمات إعادة التصدير و"قطاعات الخدمات اللوجستية والطاقة النظيفة والمتجددة ومنتجات وحلول وتطبيقات التكنولوجيا المتقدمة والخدمات المالية والصناعات الخضراء والمواد المتقدمة والزراعة والنظم الغذائية المستدامة".
وتعكس اتفاقيات الشراكة الاقتصادية أهمية التجارة الحرة القائمة على القواعد في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والتنمية الشاملة كما أن تنوّعها وقدرتها على توقيع شراكات نوعية مع اقتصادات حيوية يضاعف الفرص ويفتح مجالات أوسع حول العالم وفي أسواقه للقطاعات الاقتصادية الوطنية.
المصدر: وام