6 شهور.. مغامرة جريئة تراهن على الوجوه الشابة
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
"6 شهور" تجربة درامية جديدة شبابية للغاية، اعتمد صانعوها على نجوم بعيدين كل البُعد عن الصفوف الأولى، في تجربة تكاد تكون الأولى لغالبية طاقمها، ومع ذلك تعامل الجميع بثقة ومهنية، ما أنتج عملا تصدّر محركات البحث بمجرد عرض الحلقتين الأولى والثانية رغم المنافسة التي واجهها مع مسلسلات أخرى تُعرض في الوقت نفسه، ويتصدّرها نجوم أكثر شهرة، على رأسها مسلسل "وتر حساس" لأبطاله صبا مبارك ومحمد علاء وإنجي المقدم.
ما ميز "6 شهور" أنه عمل من الشباب وإلى الشباب، إذ يحكي عن "مراد" (نور النبوي) حديث التخرج الذي يفشل بإيجاد من يؤمن بنبوغه ومشاريعه الخاصة، فيفعل مثل المئات وربما الآلاف غيره الذين يقررون طَرق باب العمل بمجال الـ"كول سنتر"، وأمام تعنّت وضيق أفق مديره يبحث عن فرصة بديلة مُتجها للمحطة التالية برحلة الكثيرين أيضا، حيث شركة للعقارات.
ومن أجل إثبات ذاته يصبح لزاما عليه تحقيق "التارغت" وبيع وحدات سكنية بملايين سواء للحصول على راتب أو للتثبيت قبل مرور الأشهر الستة الأولى، وهو ما يضعه تحت ضغط نفسي طوال الوقت، خاصة مع حالة التنافس المستمر بينه وبين زملاء العمل، ووقوعه في براثن الديون بالتزامن مع الغلاء الفاحش الذي ينهش المجتمع بأكمله.
مشهد مسلسل ٦ شهور و هما قاعدين في ميتنج معاه بيتقاله الكواليتي بتاعك واقع و بتجيله مسج انه اتقبل في شركة تانية دا حصل معايا بالملي بجد
فين حقوق الملكية????؟؟
— نورا (@_nourrah_) October 27, 2024
من رحم الواقع جاء هذا العمل، الأمر الذي أضفى عليه مصداقية وقدرا هائلا من المعايشة التمسه من مرّوا بتجارب مشابهة، هذه الكتابة الحساسة والصادقة يمكن اعتبارها حجر الأساس الذي ارتكز عليه العمل وساعد على اختراقه قلوب المشاهدين دون استئذان.
وهو ما يمكن إرجاعه للتجربة الشخصية للسيناريست أحمد هشام، الذي أكد استيحاء فكرة وقصة المسلسل من عمله مندوبا للمبيعات طوال دراسته الجامعية وقبل امتهانه الفن، حتى إنه كان يضطر لإجراء ما يقارب 300 مكالمة هاتفية يوميا، ما منحه مادة درامية ثرية وخصبة ومواقف عديدة يمكن إدراجها داخل العمل.
الرهان على النجوم الجددبجانب الكتابة التي، وفقا لصانعي العمل السيناريست أحمد هشام والمؤلف عمرو أبو زيد، استغرقت عامين، وجاء العمل بالنهاية نتاجا للمسودة الحادية عشرة بعد تطوير مستمر للنص، يُعد العمل انتصارا للمواهب الجديدة ومحاولة منح الفرص الأولى لمستحقيها، وهي السياسة التي يبدو أن منصة "واتش إت" تعتمدها بالأعمال التي تنتجها، إذ سبق وقدموا مسلسلات راهنوا خلالها على ممثلين جدد للحمل على عاتقهم دور البطولة لدراما "الأوف سيزون" على رأسهم عصام عمر بمسلسل "بالطو"، وطه دسوقي بمسلسل "حالة خاصة"، وأمير عيد بمسلسل "ريفو" بجزئيه.
والآن يعاودون الكرّة بالرهان على نور النبوي بأول بطولة درامية له بعد الأعمال الرمضانية التي جمعته بوالده خالد النبوي ومسلسل "راجعين يا هوى" و"إمبراطورية ميم"، وبطولته لفيلم الحريفة الذي حقق نجاحات غير متوقعة للحد الذي دفع المنتجون للتجهيز لجزء ثانٍ منه على أن يُعرض العام المُقبل.
اتفرجت علي مسلسل 6 شهور حلقتين حلوين بصراحة البدايه لطيفه فعلا القصه لذيذة نور النبوي مشروع ممثل شاطر والله ده غير أن كاست المسلسل مريح اوي يعني واضح اننا هنشوف حاجة كويسة وشيك♥️. pic.twitter.com/xzCPwVQwB1
— ADAM NBALIH???????? (@adamnbalih0) October 29, 2024
وبفضل تلك السياسة الواعدة تشهد الصناعة ضخ دماء جديدة باستمرار قبل أن يصبح البقاء على الساحة للأفضل وليس للأكثر وساطة أو متابعين على منصات التواصل.
في نخب العمل الجماعيولأن "6 شهور" تجربة بِكر لأصحابها، حرص الجميع على إنجاح الجميع، وحسب شهادات ممثلي العمل فقد حرص مؤلف العمل على منح كل شخص تفاصيل كافية لشخصياتهم وشرحا وافيا لعوالمهم من الخارج والداخل، وكذلك ساعدهم المخرج مصطفى الصولي -بأول أعماله الإخراجية- على تقديم أفضل ما لديهم بعد جلسات المناقشة الدائمة والطويلة قبل كل مشهد.
وبالنظر عن قرب إلى الأبطال، يمكن القول إن نور النبوي بذل جهدا ملموسا للإلمام بتلابيب شخصية "مراد" الذي يختفي خلف نظارته الطبية، ويصمت أكثر مما يتكلم، فيما يحتفظ بمخاوفه وإحباطاته داخله، ويواجه التحديات اليومية بثبات لا يخلو من بعض اليأس أو خيبة الأمل.
بجد مش معقول مسلسل 6 شهور بتاع نور النبوي حقيقي كده ازاي????????????????
— ????????????????????. (@RandaMansour12) November 6, 2024
كذلك برع آخرون بأدوارهم التي سمحت لهم بالظهور إثر فرصة كبرى لم يتوانوا عن استغلالها كما يجب، مثل أمجد الحجار بدور "حليم" الشخص الانتهازي الذي لا يتورّع عن سرقة مجهود الآخرين لإثبات ذاته والتفوق على أقرانه، وميشيل ميلاد بدور "مروان" الموظف الذي يعاني من الرهاب الاجتماعي وينعزل داخل مكتبه بعيدا عن أعين الجميع.
وهناك أيضا مصطفى محمود بدور "سعد" عامل البوفيه خفيف الظل، الذي لا تخلو مشاهده من الكوميديا الذكية، ومروان فارس بدور "روني" صديق البطل المقرّب الذي لا يتوانى عن التضحية لأجله سواء ماديا أو معنويا رغم اختلاف نشأتهم وأفكارهم وقناعاتهم.
أما النجوم الأكبر سنا وأكثر خبرة فجاء ظهورهم إضافة للعمل، سواء من ظهروا ضيوفا للشرف مثل علاء مرسي، أو الذين ظهروا على فترات مثل مراد مكرم المدير بشركة العقارات، أو محمد عبد العظيم صاحب السوبر ماركت الذي يُقرض المتعثرين ويضع شروطا مُجحفة لاسترداد أمواله، دون أن يخلو الأمر من لمسات كوميدية يُجيدها وتُميزه.
أما المشاركات من النساء للأسف جاء أداؤهن متواضعا وأحيانا ضعيفا، على رأسهم نور إيهاب ورشا مهدي، وحتى فريدة رجب التي لفتت الأنظار بمسلسل "ليه لأ 3" لم يحظ دورها بكتابة جيدة فلم تترك أثرا، وإن كانت النجمة سلوى محمد علي استطاعت الانضمام لجيش الكبار ذي الحضور الطاغي.
بدأت مسلسل ٦ شهور لنور النبوي وكما هو متوقع المسلسل يجنن ❤️
شوفت الاربع حلقات اللي ينزلوا ورا بعض ومحستش بالوقت نهائي
وحبيييييييييت اغنية مسلسل ????❤️ pic.twitter.com/LdEHH8v6MT
— |Nada| (@Nada672347) November 4, 2024
وأخيرا لا يمكن إغفال الموسيقى التصويرية، بداية من تتر المقدمة شديد الإبداع، إذ ضمّ شريطا صوتيا لمكالمات الأبطال مع العملاء وهو ما جاء في إطار جمع بين الكوميديا والواقعية، مرورا بتتر (شارة) النهاية وأغنية العمل، وكلاهما ينتمي لأغاني الراب وقام بالغناء "ليجي-سي" وهو ما جعل العمل أكثر شبابية روحا وحبكة.
جدير بالذكر أن كل تلك الإيجابيات لا تعني خلو العمل من السلبيات، أهمها طرح حلقتين فقط أسبوعيا، الأمر الذي منح المشاهدين فرصة للانفصال عن الأبطال وحكاياتهم، وكان من الأفضل لو أن العمل يُعرض منه 5 حلقات أسبوعيا أو 3 على الأقل، غير أن كَون العمل من 10 حلقات فقط فعلى الأرجح لدواعٍ إنتاجية وثقافة الإعلانات وجد صانعوه من الأفضل طرحه على مدار 5 أسابيع عوضا عن أسبوعين فقط أو ثلاثة.
أما العيب الثاني والأهم هو استشعار بعض المشاهدين الملل أحيانا، بسبب اعتماد الحبكة على وجود ضيوف شرف جدد كل حلقة، ومشاريع مشترين للعقارات يظهرون بسرعة ويختفون بالسرعة نفسها دون أن يرتبط بهم الجمهور.
اتفرجت علي مسلسل 6 شهور شويه حلقات حلوين
بصراحة البدايه لطيفه فعلا القصه لذيذة
نور النبوي مشروع ممثل شاطر والله ده غير أن كاست المسلسل مريح وكوميدي اوي يعني واضح اننا هنشوف حاجة كويسة وشيك♥️ pic.twitter.com/I06HmJSvZ1
— ANDRO ✨ (@andro_zaref) November 6, 2024
"6 شهور" مسلسل اجتماعي لا يخلو من الدراما وخفة الظل من 10 حلقات، عُرض منه حتى الآن 6 حلقات ويبقى على نهايته أسبوعان، العمل تأليف عمرو أبوزيد وأحمد هشام، وإخراج مصطفى الصولي، وإنتاج شركة أروما.
بطولة نور النبوي، ونور إيهاب، ومراد مكرم، ومحمد عبد العظيم، وسلوى محمد علي، بالإضافة لطاقم من الشباب من بينهم أمجد الحجار، وبسمة نبيل، ونورا عبد الرحمن، وباهر النويهي، ومروان فارس. والمسلسل من تأليف عمرو أبوزيد وأحمد هشام، وإخراج مصطفى الصولي، وإنتاج شركة أروما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
ما الذي تراهن عليه تركيا في سوريا بعد فوز ترامب؟
رغم تعدد الملفات العالقة بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية كان لافتا خلال الأيام الماضية أن توقعات أنقرة بشأن العلاقة المقبلة مع إدارة دونالد ترامب ارتبطت على نحو محدد وخاص بسوريا ومستقبل الهيكل العسكري الذي تدعمه واشنطن في مناطقها الشمالية والشرقية، المتمثل منذ سنوات بـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
صدرت التوقعات على 3 مستويات، من أعلى هرم السلطة المتمثل بالرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وصولا إلى وزير خارجيته، حقان فيدان ووزير دفاعه، يشار غولر. ورسمت في غالبيتها صورة "رهان" على احتمالية الانسحاب الأميركي من سوريا، بناء على ما حصل جزئيا في 2018.
وتعتبر تركيا "قسد" امتدادا لـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب لديها، وهو ما تنفيه الأولى التي تشكل "وحدات حماية الشعب" عمودها الفقري.
وكان ترامب قرر خلال ولايته الأولى في 2018 الانسحاب من سوريا، لكن تراجع عن القرار بعد اعتراض وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وبعد عام من ذلك (2019) نفذ الجيش التركي عملية عسكرية مع فصائل سورية معارضة، وتمكن من خلالها من السيطرة على مدينتي رأس العين وتل أبيض ضمن عملية أسماها حينها بـ"نبع السلام".
وفقا لمراقبين وخبراء تحدث إليهم موقع "الحرة" يبدو من تصريحات المسؤولين الأتراك بعد فوز ترامب أنهم يتوقعون أن يكرر الرئيس الأميركي المنتخب ترامب ما فعله قبل 6 سنوات.
وفي حين لا تلوح في الأفق أية بوادر ترجح حصول ذلك يوضحون أن التركيز من جانب أنقرة على الملف السوري دون غيره يرتبط أيضا بسلسلة اعتبارات ومتغيرات حاصلة في الإقليم.
ما الذي تعوّل عليه أنقرة؟بيان التهنئة الذي وجهه إردوغان لترامب حال فوزه (8 من نوفمبر) كان أولى محطات التركيز على الملف السوري دون غيره، إذ أشار الرئيس التركي لمرتين إلى احتمال شن عملية عسكرية جديدة عبر الحدود، مجددا التأكيد على هدف إنشاء "حزام أمني" على طول الحدود الجنوبية بعمق من 30 إلى 40 كيلومترا.
كما أوضح إردوغان أنه سيواصل محادثاته "عبر دبلوماسية الهاتف" مع ترامب، وسيناقش معه موضوع الانسحاب الأميركي من سوريا، وهي جزئية تطرق إليها وزير الخارجية، حقان فيدانوأعاد التذكير بها في مناسبة منفصلة.
وقال فيدان قبل يومين لصحيفة "ملييت": "نذكّر محاورينا الأمريكيين باستمرار بضرورة إنهاء تعاونهم مع المنظمة الإرهابية في سوريا. وقد زادت اتصالاتنا بشأن هذه المسألة"، مضيفا: "نرى أن الجانب الأمريكي يؤيد أيضا إجراء المزيد من المحادثات والمشاورات".
وانضم إليه وزير الدفاع، يشار غولر، معتبرا، مساء الثلاثاء، في مقابلة مع الصحفية كوبرا بار أن "ترامب سيركز على موضوع سحب القوات الأميركية في سوريا"، وزاد: "في فترة رئاسته الأولى أصدر أوامره ثلاث مرات لسحب القوات من سوريا، ومع ذلك لم يتم تنفيذ ذلك".
ويوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كوجالي، سمير صالحة أن نقاشات الملف السوري الحالية بين واشنطن وأنقرة تختلف عن تلك التي حصلت في عام 2019. أي في فترة ولاية ترامب الأولى.
ويشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى وجود أكثر من متغير على الأرض في الوقت الحالي. وهذه المتغيرات مرتبطة بمسائل محلية وإقليمية، وتؤثر جميعها على القرارات الاستراتيجية التركية الأميركية المرتبطة بسوريا.
وبناء على ما سبق يجب الأخذ بالاعتبار هذه المتغيرات عند تقييم وبحث مآلات ومستقبل العلاقة ما بين تركيا والولايات المتحدة حال تسلم ترامب ولايته الثانية رسميا، بحسب صالحة.
"ما وراء طروحات إردوغان الملفتة"يعتبر أستاذ العلاقات الدولية أن طروحات الرئيس التركي بشأن سوريا بعد فوز ترامب كانت "ملفتة"، خاصة عندما أعاد التأكيد على ضرورة ربط حلقات "المنطقة الآمنة" التي تتمسك أنقرة بإنشائها على طول الحدود مع سوريا والعراق.
ويشرح في المقابل حيثيات عدة نقاط ترتبط بالتركيز التركي على الملف السوري الآن وستكون في صلب نقاشات أنقرة مع الإدارة الأميركية الجديدة.
تتعلق هذه النقاط أولا بمسألة النفوذ الإيراني في سوريا وما تعمل عليه إسرائيل ضد طهران وميليشياتها في سوريا وسيناريوهات "الإضعاف" الحاصل على الأخيرة بوجهة نظر تركية.
وتذهب أخرى باتجاه روسيا، ومن منطلق أن "التفاهمات التركية الأميركية لا يمكن أن تكتمل دون الأخذ بعين الاعتبار ما تريده موسكو"، وفق أستاذ العلاقات الدولية.
ما تفعله إسرائيل أيضا في سوريا سيكون لها تأثير على فحوى نقاشات أنقرة وواشنطن.
ويعتقد صالحة أن طبيعة الحد الذي ستصل إليها إسرائيل ضد إيران سيكون مسألة مقعدة وعقدة أساسية في النقاشات المحتملة بين تركيا والولايات المتحدة، وخاصة في حال قالت إسرائيل: "يجب أن أحصل على تواجد على طاولة رسم الخرائط الجديدة في سوريا".
ومن جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي، عمر كوش أن التركيز التركي على سوريا الآن يخفي ورائه "مراهنة على أن ترامب قد ينسحب من البلاد كما فعل في ولايته الأولى.وتراجع بعد ذلك إثر ضغوط البنتاغون".
ويعتقد كوش في حديثه لموقع "الحرة" أن "ترامب بولايته الجديدة ربما يكون أكثر تحررا من الضغوط التي واجهها في 2018، وبالتالي يمكنه أن ينفذ ما يراه مناسبا بما في ذلك الانسحاب من سوريا واستكمال الانسحاب النهائي من العراق".
ما المتوقع أميركيا؟لم ينقطع الدعم الأميركي عن "قسد" في شمال وشرق سوريا منذ عام 2015 وما يزال ساريا حتى الآن.
وفي غضون ذلك لا يبدو شكل السياسة التي ستكون عليها إدارة ترامب واضحا، سواء في المنطقة أو في سوريا بالتحديد.
ولكن بالنظر إلى ما حصل عام 2019، هناك تساؤل مفتوح حول ما إذا كان مثل هذا الانسحاب سيكون تدريجيا أو مفاجئا أو حتى ضمن قائمة الأمور التي يجب تنفيذها في عام 2025، كما يقول الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، ريان بوهل.
وبما أن إدارة ترامب ستركز على العديد من القضايا الداخلية، بما في ذلك الهجرة، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت ستبدي اهتماما بالانسحاب المفاجئ من سوريا في العام المقبل، وفقا لحديث بوهل لموقع "الحرة".
ولكن سيكون لدى إدارة ترامب خيار بين انسحاب تدريجي يتضمن التفاوض مع تركيا وسوريا و"قوات سوريا الديمقراطية" (SDF) لمحاولة إيجاد حل حكومي قابل للتطبيق لا يؤدي فورا إلى غزو سوري أو تركي لشمال شرق سوريا.
ومع ذلك يعتبر الباحث الأميركي أن "إدارة ترامب انفعالية.. ولا يزال من الممكن أن يأمر الرئيس المنتخب فجأة بسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، خصوصا كرد فعل على حدث سياسي داخلي أو انتقاد من قاعدته، أو نتيجة هجمات تُعتبر جرّا للولايات المتحدة إلى حرب شرق أوسطية أخرى غير مرغوب فيها".
وتوجد عدة عوامل تساعد ترامب على اتخاذ قرار انسحاب جديد من سوريا، كما يرى المحلل السياسي، كوش، ومن بينها الأغلبية التي حصل عليها حزبه في مجلسي النواب والشيوخ.
كما سيكون هناك تغيرات كبيرة في المؤسسات، ولذا يمكن أن يساعده الطاقم الجديد الذي سيختاره على تحقيق رغبته في الانسحاب، وفقا لكوش.
ويتابع: "القيادة التركية تراهن على ذلك، وتعوّل أيضا على العلاقة الشخصية التي تجمع إردوغان بترامب، والتي سمحت لأنقرة تنفيذ عمليتين في عفرين ومدينتين في شمال سوريا (رأس العين، تل أبيض)".
ارتياح أم قلق؟في ورقة بحثية نشرتها الثلاثاء رأت مديرة مؤسسة لـ "مركز الدراسات التركية" في "معهد الشرق الأوسط"، غونول تول أن "فترة ولاية ترامب السابقة في منصبه يجب أن تمنح أنقرة الكثير مما يجعلها تشعر بالقلق في ولايته الثانية".
ورغم أن إردوغان أعرب عن حماسه لنتائج الخامس من نوفمبر لكنه قد يندم على ذلك، على حد تعبير تول.
وتضيف: "من سوريا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، قوضت تصرفات ترامب في ولايته الأولى المصالح التركية. وقد تشكل رئاسة ترامب الثانية تحديات أخرى لأنقرة"، مستندة بذلك إلى عدة اعتبارات.
وبين تلك الاعتبارات أن مايك والتز الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب هو "مؤيد قوي للميليشيات الكردية السورية وكان وراء قرار فرض عقوبات على تركيا في عام 2019".
من ناحية أخرى يشير أستاذ العلاقات الدولية صالحة إلى عامل قلق آخر بالنسبة لأنقرة، ويرتبط بما إذا كان الرئيس المنتخب ترامب قد يعتمد على سياسة جديدة منفتحة أكثر على روسيا.
وقد تنعكس تلك السياسة بالإيجاب على إسرائيل، وتعمل على تقويتها أكثر فأكثر في الملف السوري.
ودائما ما كان الطرح التركي هو الجلوس على طاولة ثلاثية مع روسيا والولايات المتحدة، بحسب صالحة، ويقول متسائلا: "هل تنجح أنقرة بإقناع ترامب وبوتين الآن في ترتيب هذه الطاولة وحسم الكثير من المسائل؟".
وتبرز تساؤلات أخرى تتعلق بشمال شرق سوريا بالتحديد ووضع "قسد"، بينها وفق ما استعرضها صالحة: هل ستقبل تركيا بسحب السلاح وانسحاب "قسد" من شرق الفرات والبقعة الجغرافية التي تتحدث عنها وتكتفي بذلك؟
ويستبعد صالحة أن تقبل أنقرة بذلك، ويوضح أن تركيا عندما تناقش موضوع "قسد" مع واشنطن لن تكتفي بطلب سحب السلاح وتراجعها عن الحدود لمسافة تزيد عن 30 كيلومترا، بل ستثير موضوعا آخرا بشأن طبيعة ما تفكر به واشنطن بخصوص سوريا ككل، سياسيا ودستوريا.
الخاسر والمستفيديعتقد المحلل السياسي كوش أن الخاسر الأكبر في حال اتخذ ترامب مجددا قرار الانسحاب من سوريا سيكون "حزب الاتحاد الديمقراطي" ومخرجاته العسكرية (قسد ومسد)".
ويقول: "في حال حصل أي انسحاب ستكون هذه المخرجات العسكرية في مواجهة تركيا وفصائل المعارضة المنتشرة في غرب الفرات على نحو أكبر".
لكن المحلل السياسي يعيد التأكيد أن "القضية مرهونة بطاقم الإدارة وبما سيقرره ترامب، الذي لا يمكن التنبؤ بقراراته أيضا".
وباعتقاده أيضا سيشهد الملف السوري تغيرات كبيرة قد يفرضها حصول اتفاق جديد ما بين ترامب ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
ويعتبر الأكاديمي السوري المقيم في القامشلي، فريد سعدون أن "ترامب يعرف بقراراته الارتجالية. هو رجل يعتمد على سياسة براغماتية منفعية، وقراراته مرتبطة بالمكاسب".
لكنه يقول لموقع "الحرة" إنه "توجد الكثير من المواضيع الاستراتيجية ولا يمكن تجاوزها من قبل الإدارة الأميركية الجديدة".
في حال فكّر الرئيس الأميركي المنتخب بترك مناطق شرق الفرات في سوريا "يكون أعطى فرصة ذهبية لبقية اللاعبين (تركيا وإيران، وروسيا)، وبالتالي سيخسر ورقة مهمة في المنطقة"، على حد تعبير الأكاديمي السوري.
كما يضيف: "إذا فكر بالانسحاب وكأنه يساعد من هم في صراع معه على أن ينتصروا ويتغلبوا عليه.. وأن يؤمنوا موارد لتمويل عملياتهم العسكرية وتطبيق سياساتهم في المنطقة".
ومع ذلك، تذهب التوقعات في شمال شرق سوريا إلى أن ترامب لن يكرر ما فعله في 2019، بانسحابه من بعض المناطق، بحسب ما يشير الأكاديمي السوري.
ويعتقد سعدون أنه "ربما تحصل تفاهمات بين الولايات المتحدة وتركيا حول المنطقة الآمنة. أي أن يعمل ترامب على الضغط على قسد لتبتعد عن الحدود دون أن يسمح للأتراك أن ينفذوا اجتياحا بريا".