#حرب_القيم – د. #منذر_الحوارات
بينما ينهمك العالم في حروب صلبة وناعمة عديدة، ثمة حرب أخرى تدور رحاها في كل مكان يقودها يسار الحزب الديمقراطي الأميركي المتحالف مع اليسار الأوروبي، ويُسخر في سبيل ذلك قوى ضاغطة عديدة منها السينما ووسائل التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية وصحف كبرى، ومنتديات فكرية وشخصيات عالمية مرموقة، تستند هذه المعركة على أن للأشخاص ذوي الميول المغايرة الحق في قوانينهم الخاصة بهم، ويطلق على هذه المجموعة والتي أخذت صفة مجتمع وحازت على لقب أقلية اسم مجتمع الميم عين يرمز لها اختصاراً lGBTQ هؤلاء تمتعوا بحماية الحزب الديمقراطي منذ عهد باراك أوباما وازداد الدعم في عهد الرئيس جو بايدن عندما ربط المساعدات للدول باعترافها بحقوقهم، هذا الدعم كشف عن طبيعة الصراع المستقبلي وماهيته.
فبعد الفشل الذي رافق الغرب في محاولاته لتحقيق الديمقراطية في دول الشعوب المتخلفة كما يسمونها حيث ما زالت الأقليات المستبدة تحكم دول العالم الثالث والذي بقي ثالثاً وبدعم غربي، وبعد الفشل أيضاً في حرب الإرهاب الذي يتنقل من منطقة إلى منطقة ومن إقليم إلى إقليم، وبعد الفشل في تنمية الشعوب التي أرهقها الاستعمار، وبعد الفشل في الصراع لإبقاء البيئة آمنة، وصلنا الآن إلى مرحلة الاحترار البيئي، بعد كل حالات الفشل تلك تتفتق ذهنية النخب الغربية المتطرفة يسارياً والتي لا تعبر إلا عن عمق الانقسام داخل المجتمع الأميركي وحالة التحزب الناتجة عن ذلك، أنه لا بد من إشراك شعوب العالم في هذا الصراع القيمي تحت ذرائع عديدة ظاهرها الدفاع عن حق هؤلاء في الحماية والتعبير عن أنفسهم، وفي باطنه الحصول على مزيد من المكاسب الانتخابية في الداخل الأميركي وغير ذلك طبعاً، وفي غمرة ذلك لا يتم التفكير أبداً أن الأكثرية في هذه الدول غير قادرة أصلاً على التعبير عن ذاتها، وفي نفس الوقت يتم التغاضي عن حجم الانقسامات التي يمكن أن ينتجها مثل هذا التوجه على الشعوب في دول العالم الثالث والمبتلاة أصلاً بكل أشكال الصراعات والانقسامات الداخلية.
لقد أدى فرض الرأي الغربي على دول العالم الثالث إلى ما هم عليه اليوم، فعندما قرر الغرب استعمار هذه الدول، برر ذلك بأن هذه الأمم والشعوب خارج التاريخ وبالتالي لا بد من ترويضها بواسطة الحضارة الغربية الأكثر تطوراً وتبين أن هذه الشعوب هي أصل التاريخ ومنطلقه، وعندما قرر الغرب استعباد الرجل الأسود ساق في سبيل ذلك نظريات شاذة تقول إنه دون مرحلة البشر ويجوز بالتالي استعباده أو قتله، ولاحقاً اكتشفوا أن الجينات البشرية واحدة بغض النظر عن اللون أو العرق، وعندما قامت الحرب الباردة لم يجدوا غضاضة من اعتبار مناطق العالم الثالث ساحة جيوسياسية لصراعهم، مما أدى إلى أن تدفع هذه الشعوب ثمناً في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، والآن يفرض على تلك الشعوب أن تكون ساحة للصراع الحزبي والانقسام الداخلي الأميركي، وعليها أن تدفع ثمن ذلك الصراع، صحيح أن الغرب أطلق الحضارة بمفهومها المعاصر وصحيح أنه أوصل البشرية إلى مستوى راق من المعرفة والرفاه، لكن الصحيح أكثر أنه سحق في طريقه إلى ذلك الكثير من الشعوب ومعها أحلامها.
مقالات ذات صلة كباب العبيدات 2023/08/15والآن لماذا يوجّه الغرب سهامه نحو معتقدات الشعوب؟ ولماذا على الشعوب أن تحرق المراحل حتى تتطبع عنوةً بأخلاق هؤلاء؟ ما هو المطلوب؟ فدول العالم الثالث بأمسّ الحاجة للحصول على حقوق الأغلبية والتخلص من الحروب الأهلية والانقسامات الاجتماعية وحقوق المرأة قبل الحديث عن حقوق جنس ثالث يضاف إليهم، ومن الأجدى التركيز على كل ذلك قبل الحديث عن حقوق أقلية ما تزال شخصية، هذا بالضبط ما يجب أن تعرفه الإدارات الأميركية قبل أن تقرر خوض الحرب ضد قيم الشعوب ومعتقداتها، حينها قد تؤدي إلى أن تكون داعش مجرد مزحة لما يمكن أن يحصل لاحقاً بسبب ذلك.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: دول العالم الثالث
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: احتلال القنيطرة مسرحية لا تمحو فشل 7 أكتوبر
تناول الكاتب والناقد التلفزيوني الإسرائيلي عيناف شيف تطورات الوضع العسكري بسوريا في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على منطقة القنيطرة بالجولان السوري المحتل، في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت.
ولفت شيف الانتباه إلى أن هذا "النجاح العسكري" في سوريا لن يستطيع محو الفشل المدوي الذي تعرض له الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيرا إلى التفاوت الواضح بين ما وصفه "الانتصار الإعلامي" و"التحديات الميدانية الحقيقية".
انتصارات شكليةوتحدث شيف عن العمليات العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في سوريا والتي تمت بسرعة فائقة، مستغلا فرصة تاريخية للسيطرة على مناطق جديدة.
كما تطرق إلى فرحة المسؤولين السياسيين والعسكريين في إسرائيل، الذين استخدموا هذه الفرصة للتأكيد على "النجاحات" التي حققها الجيش، مع التركيز على تصريح بعض المسؤولين بأن الجيش وصل إلى حدود 30 كيلومترا من دمشق.
لكن شيف يرى أن هذه الإنجازات العسكرية هي مجرد "انتصارات شكلية" لا تعكس النجاح الكامل، موردا تصريحات أدلى بها رئيس الأركان الإسرائيلي أكد فيها أن تل أبيب ليست بصدد التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، ولا تنوي إدارة البلاد.
وتعد هذه التصريحات -بنظر الكاتب- متأخرة، وتأتي بعد فترة قصيرة من إعلان الجيش الإسرائيلي عن إحكام السيطرة على بعض المناطق في سوريا.
إعلانويرى أن هذا التناقض بين تصريحات القيادة العسكرية والواقع في الميدان يعكس فشل الجيش في التعامل مع الأرض بشكل فعّال.
ويؤكد أن "نجاحات الجيش الإسرائيلي الجوية في سوريا لا تكفي لتعويض الفشل الميداني الكبير الذي وقع في 7 أكتوبر".
ففي الوقت الذي ظهر فيه الجيش بشكل قوي على شاشات التلفاز من خلال الهجمات الجوية المثيرة للإعجاب، فإن السيطرة على الأرض كانت تفتقر إلى الإستراتيجية الواضحة.
ويشير في هذا السياق إلى أن "بعض الجنود الذين وصلوا إلى القنيطرة بدوا مشغولين بالتقاط صور لأنفسهم مع العلم الإسرائيلي، ما يعكس الأولوية التي أعطاها الجيش للإعلام والمظاهر على حساب الجدية العسكرية في الميدان".
محاولات تعويضكما يوضح الكاتب أن الأحداث في سوريا تأتي في سياق محاولات الجيش الإسرائيلي للتعويض عن الأضرار النفسية والسياسية التي تكبدها بعد الهجوم المباغت في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي "شكّل ضربة قاسية للجيش الإسرائيلي، وكان بمثابة نقطة تحول في الحرب مع الفلسطينيين".
ويضيف "رغم النجاح الجزئي في سوريا، فإن ذلك لا يمكن أن يعيد بناء الثقة التي اهتزت بشكل كبير بعد الفشل الذي تعرض له الجيش في أكتوبر، "ولن ينجح في محو ذلك اليوم الأسود في تاريخ الجيش".
ويختم شيف مقاله بالإشارة إلى التفاوت بين المستويين السياسي والعسكري في التعامل مع الوضع السوري، حيث يسعى المسؤولون السياسيون لترويج صورة قوية للجيش من خلال التركيز على النجاحات الجزئية في سوريا، في حين لا يستطيع الجيش الإسرائيلي إحكام السيطرة على الأرض، أو ضمان استقرار طويل الأمد في المناطق التي يتم احتلالها.
لذلك يرى شيف أن نجاحات الجيش في سوريا مجرد "مسرحية إعلامية" تهدف إلى تعويض الفشل الأعمق في 7 أكتوبر.