البنوك «تعصر» مزارعى القصب
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
توريد الطن 2400 لمصانع السكر.. و4 آلاف سعر البيع للعصارات البنك الزراعى «يتلف» المحصول بزيادة ديون نصف مليون أسرة غرامات التأخير والشروط التعجيزية لصرف السُّلف يحتاجان لتدخل رئاسيهامش الربح لا يساعد الفلاح على استمرار زراعة قصب السكر
أزمة جديدة تطفو على السطح فى العديد من المحافظات، نتيجة تغيير البنك الزراعى قواعد وإجراءات صرف السلف الزراعية وأسلوب تحصيلها من المزارعين المتعاقدين مع شركة السكر هذا العام؛ لتتفاقم الأزمة بعد وضع اشتراط تسديد السلف القديمة حتى يتم منح سلف جديدة للمزارعين المتعاقدين.
الأقصر
اشتكى مزارعو الأقصر من وضع شروط لدى بنك التنمية وصفوها بـ»التعجيزية» أمام مزارعى القصب؛ حتى يتمنكوا من صرف سُلف قصب السكر؛ مؤكدين أنها شروط قاسية، بالتزامن مع انخفاض سعر التوريد مقارنة بالأسعار العالية فى تكلفة الإنتاج من الأسمدة والمحروقات والأيدى العاملة؛ فكلها أسباب تقود المزارع للعزوف عن زراعة القصب، مؤكدين أن سياسة البنك ضد مصلحة المزارع والوطن باعتبار القصب محصولًا استراتيجيًا.
خالد حرز الله، نقيب الفلاحين بالأقصر أوضح أن المزارع اعتاد أن يصرف سلفة القصب، التى يبدأ صرفها فى شهر أكتوبر وتعادل 43 ألف جنيه للفدان الواحد، إلا أن المزارعين فوجئوا هذا الموسم بشروط تعجيزية من البنك؛ منها عدم صرف السلف الزراعية لعدد كبير من المزارعين بسبب نقص التوريد فى العام السابق، بشرط أن يتخطى نسبة الـ70% من إجمالى التوريد، وحال انخفض التوريد عن هذه النسبة، يُعامل المزارع من البنك بحسب حرز الله معاملة الاستثماري؛ لتصل الفائدة 30% وهو ما اعتبره نقيب فلاحى الأقصر إجحاف للمزارع لاسيما أن بنك التنمية مخصص للفلاح وبفائدة 5% لجميع السلف؛ كما أن تراجع نسبة المحصول يعزى إلى ضعف المحصول، أى أن الفلاح غير متسبب فى ذلك.
الأمر لم يتوقف عند نسب التوريد، إذ أكد نقيب الفلاحين بالأقصر أن الشروط التعجيزية تصل لتعقيدات فى تخليص أوراق السلف؛ والتى تتطلب توقيعات عدة ثم تُرفع للمنصة بالبنك الرئيسى للمراجعة؛ ثم تحول إلى محافظة سوهاج فى حال تخطى المزارع مبلغ الـ250 ألفًا حسب عدد الأفدنة؛ فكلها تعقيدات على كاهل المزارع وتقصيه عن زراعة المحصول الاستراتيجى.
وأضاف حرز الله انه من ضمن التعقيدات؛ توثيق عقود الإيجار فى الشهر العقارى مطالبا بإلغاء هذا البند؛ لكون العقد مثبتًا لدى الجمعية الزراعية ومعتمدًا ومختومًا من الإدارة الزراعية؛ بالإضافة إلى إلغاء توقيع المالك على إقرار حيث ان معظم الملاك خارج البلاد.
وطالب نقيب الفلاحين فى الأقصر بزيادة سعر توريد القصب إلى 3 آلاف جنيها؛ تماشيًا مع الظروف الاقتصادية الصعبة.
وناشد مزارعو الأقصر الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، التدخل الفورى لحل المشكلات التى تعوق كثيرًا من المزارعين عن صرف السلف والوقوف بجانب الفلاح وتشجيعه لكونه عصب الحياة حتى يقوموا بدورهم فى زراعة محصولهم وتحسين ظروفهم المعيشية.
وأشار موسى قرين، المنسق العام لاتحاد منتجى قصب السكر بجنوب الصعيد إلى أن التكلفة الفعلية طوال العام من حرث، ورمى المحصول والأسمدة والرى وجمع المحصول لا تقل عن 35 ألف جنيه تقريبا بل أكثر فى الأراضى الجبلية والتى يرتفع بها أجرة الرى والمسافات الأبعد عن المصانع وهى النقل الذى يتضاعف ارتفاع سعره، وتحديدًا بعد الزيادات المستمرة فى مستلزمات الفدان من سولار وكهرباء وأسمدة وارتفاع أجر العمالة مما أثر ذلك مباشرة على الرى والحرث والنقل أى أن هامش ربح لا يساعد علي استمراريته فى زراعته ليكفى.
واضاف أنه رغم الارتفاعات المستمرة فى التكلفة الحقيقة للفدان من الرى وحرث وتسوية وتقاوى قصب، وعمالة وتنظيف، وتربيط وأسمدة وري، وجمع المحصول وتوريد المصانع، وتضاعف التكلفة من أسعار الطاقة من سولار وكهرباء التى تضاعفت مرات ومرات أسعارها؛ لايزال الفلاح محافظا على زراعة ذلك المحصول المهم؛ داعيًا إلى مساندة الفلاح ومساعدته وتخفيف الأعباء التى تحاوطه؛ سعيًا وحرصا على مواصلة زراعة قصب السكر.
وأكد قرين أن هناك 8 مصانع لقصب السكر فى صعيد مصر، تمثل قلاعًا لصناعات السكر بالصعيد كما أن هناك عشرات المصانع التكميلية من أوراق واخشاب واعلاف وكحول وفزلين وجلوكوز وكثير من المستحضرات الطبية، وروائح عطرية، وحلاوة طحينية والوقود، كلها يدخل القصب فى توفيرها بطريق غير مباشر؛ مناشدًا بالوقوف بجانب المزارعين ودعمهم للحفاظ على استمرارية زراعة هذا المحصول الاستراتيجى المهم.
قنا
وعبر عدد من مزارعى قصب السكر بمحافظة قنا، عن استيائهم بسبب ما وصفوه تغيير البنك الزراعى فى تعامله معهم بخصوص قواعد وإجراءات صرف السلف الزراعية واسلوب تحصيلها من المزارعين المتعاقدين مع شركة السكر هذا العام .
وأوضح المزارعون فى حديثهم» للوفد»، أن البنك الزراعى يقوم فى كل عام بصرف قروض منخفضة الفائدة تعرف (بالسلفة الزراعية) ، يتم منحها للمزارعين المتعاقدين مع شركة السكر، فى كل عام، بفائدة ٥ ٪ بالإضافة ل ٣ ٪ تحسب كمصاريف إدارية يتم احتسابها على المبلغ المستحق، على أن يتم تسديد السلفه بعد ٢٢ شهرا من تاريخ منحها لهم ، وذلك للمحاصيل التعاقدية (قصب السكر) .
الأزمة بدأت على حد قول حسن محمد مختار مزارع بقنا، عندما غير البنك الزراعى قواعد صرف السلف الزراعية للمزارعين العام الماضى ، على حد وصفه، من خلال اشتراط تسديد السلف القديمة حتى يتم منح سلف جديدة للمزارعين المتعاقدين، فضلًا عن تطبيق فائدة بأثر رجعى تبلغ قيمتها ٣١٪ عن كل سنة فى حالة التخلف وعدم السداد، وهو ما يرفع حجم الفائدة لأكثر من ٦٠٪ على ثمن السلف الزراعية المستحقة.
وذكر مختار، ان تلك القواعد والإجراءات الجديدة، بدأ المزارعون يشعرون بتأثيرها هذا العام مع توجههم للحصول على السلف الزراعية للموسم الجديد، وأثرت على المزارعين بشكل كبير، وجعلت هناك فئة كبيرة لم تحصل على السلفه الزراعية حتى الآن، بسبب القرار، خصوصا ان محصول قصب السكر يعد من المحاصيل التى تتميز بارتفاع تكاليف مستلزمات إنتاجه، وهو ما يحتم على البنك الزراعى الوقوف بجانب الفلاح ودعمه، خاصة فى تلك الأيام، فضلاً عن ان هناك فئة ليست قليلة تأخذ السلفة لتسديد السلفة القديمة، واخذ المتبقى منها لصرف على المحصول ،مضيفاً أن السلف الزراعية تعد بمثابة طوق نجاة للمزارع تعينه على الاتفاق على محصول القصب والذى يستمر لقرابة عام يحتاج فيها لعمليات زراعية كثيرة ومكلفة، فضلاً عن ان زراعة القصب وبسبب زيادة مستلزمات الإنتاج وتحكم الدولة فى تحديد سعره جعل زراعة قصب السكر غير مجدية مقارنة بما يحتاجه المحصول من جهد ومال على مدار عام كامل، وهو ما يحتم على المسؤولين اخذ كل هذا فى عين الاعتبار.
وطالب عبد الرزاق محمود مزارع فى قنا، بضرورة تأجيل تطبيق قرار غرامة عدم سداد السلف الزراعية بأثر رجعى، وعودة العمل بالنظام القديم، مراعاة للاحوال الاقتصادية التى تمر بها الدولة وتنعكس على المزارعين بكل تأكيد ومن ضمنها ارتفاع مستلزمات الإنتاج من وقود وأسمدة كيماوية ومبيدات ومخصبات وايدى عاملة وغيرها، وكل هذا يعلمه الجميع.
وأضاف أن هناك العديد من المزارعين المتعاملين مع البنك الزراعى، تفاجئوا بهذا القرار والذى تم تطبيقه من العام الماضى، وذلك يرجع إلى أن غالبية الفئة التى تتعامل مع البنك الزراعى المصرى، من المزارعين الفلاحين بشكل عام مشغولة بعملها وشريحة كبيرة منهم من الأميين ومتوسطى التعليم.
وعلق السيد المحاسب محمد فرغل رئيس قطاع قنا بالبنك الزراعى المصرى، فى حديث خاص «للوفد «على أزمة صرف السلف الزراعية وحساب المتخلفين عن السداد بفائدة البنك المركزى المعلنه وباثر رجعى، قائلا: هذا القرار تم تطبيقه من العام الماضى ويهدف فى المقام الأول لضمان وصول الدعم لمستحقيه، مضيفاً ان السلف الزراعية هى فى الأساس منحة من الدولة متمثلة فى البنك الزراعى المصرى يتم منحها لمزارعى قصب السكر المتعاقدين مع شركة السكر، وذلك لمساعدتهم فى الإنفاق على محصول قصب السكر إلى أن يتم تجهيزه ومن ثم توريده فيما بعد لمصانع السكر.
وأوضح فرغلى ان هذا القرار يخص من يمتنع عن توريد القصب لشركات السكر، والذى على أثره تم منحه السلفة المدعمة من قبل، مضيفاً ان هناك حالات من المتعاقدين تقوم بالحصول على السلف الزراعية، وتمتنع عن توريد قصب السكر لمصانع السكر، الذى تم منح السلفة الزراعية على أثره، وهو ما يضر بالدولة المصرية ويحرمها من الحصول على سلعة استراتيجية يستفيد منها المزارع الذى هو فى الأساس المواطن مرة أخرى فى صورة كيلو سكر موفر فى الأسواق بأسعار مناسبة.
وذكر رئيس قطاع البنك الزراعى بقنا، أن البنك وضع فى الاعتبار كافة الظروف والعوامل وأعطى فرصة للمزارعين ومنحهم تيسيرات فى السداد وصلت إلى ٣٠٪، من حجم البلغ المطلوب، اى من يسدد ٧٠٪ من قيمة السلفة الزراعية وقت استحقاقها، سيقوم البنك بمنحه سلفة أخرى بدون اى مشكلة وسيستفيد من الدعم المقدم للفلاح المصرى.
ولفت إلى أن هذا القرار تم دراسته من كافة النواحى قبل تطبيقه ، وتمت مراعاة متوسط الإنتاجية لمحصول قصب السكر من كل فدان، موضحاً أن البنك الزراعى يوفر قروضًا زراعية بفائدة ٥٪ لغير المتعاقدين من أصحاب الزراعات غير التعاقدية، وذلك من منطلق حرص البنك على دعم المزارع والفلاح المصرى بكافة السبل الممكنة.
المنيا
تقوم محافظة المنيا، بزراعة ما يقرب من 40 ألف فدان من محصول قصب السكر، ويعد إنتاج السكر من قصب وبنجر السكر حوالى 984,4،1093 الف طن، ونسبة الاكتفاء الذاتى تمثل نحو 69,8 ، وتتركز زراعة قصب السكر فى محافظات الوجه القبلي، حيث يمثل انتاج هذه المحافظات حوالى 98% من انتاج الجمهورية.
وحدد مجلس الوزراء، الأسعار الاسترشادية للمحاصيل السكرية لموسم 2025، عند 2500 جنيه لتوريد طن قصب السكر، و2400 جنيه لتوريد طن بنجر السكر، وبحسب مزارعين المنيا ، فإن تكلفة الإنتاج لزراعة فدان محصول قصب السكر تبلغ 50 ألف جنيه للفدان الواحد، وان إنتاجية الفدان الواحد من محصول قصب السكر تتراوح بين 40 إلى 45 طنا للفدان .
وكشف عدد من المزارعين فى المنيا، عن ارتفاع أسعار محصول القصب، بشكل جنوني، ليصل إلى 4000 جنيه للطن بدلا من 1500، وبيع إنتاجية الفدان بـ200 ألف جنيه، بدلا من 50 ألفا، فى الأسواق الخارجية للعصارات، ما يحقق ربحية عالية للمزارعين تعوضهم عن خسائر الأعوام السابقة، وسط مطالبات للمزارعين بزيادة أسعار توريد القصب لمصنع السكر، لتتناسب مع السعر التسويقى لمحال بيع العصير «العصارات»، والحد من ارتفاع سعره.
ويعد القصب مصدر الدخل الأساسى لما يقارب 500 ألف أسرة بالصعيد، تعمل فى زراعته والصناعات المعتمدة عليه، والتى تصل إلى 25 منتجًا مختلفًا، وحصاد محصول القصب، تبدأ مطلع شهر يناير من كل عام، وتستمر حتى أبريل ، ففى مركز ملوى جنوب المنيا، والذى يعد الأكبر بين مراكز جنوب المحافظة، من حيث المساحة والسكان، ويمثل إنتاجه من محصول قصب السكر بما يزيد علي المليون طن سنوياً، ويضم نحو 140 عصارة عسل أسود، وهى من ضمن التكتلات الإقتصادية التى تحظى باهتمام برنامج تنمية الصعيد، وفى الجوار من ملوى يقع مركز ديرمواس ، وينتج أيضاً كميات كبيرة من قصب السكر ، تتجاوز النصف مليون طن، ويضم عشرات من عصارات العسل الأسود.
ويمتاز قصب ملوى بزيادة نسبة الحلو، ويرجع ذلك إلى أن أراضى ملوى تطبعت بزراعة هذا المحصول منذ عشرات السنين، وأنه من أفضل محصول لقصب السكر على مستوى الصعيد فى مركز ملوى.
يواجه مزراعو القصب عدة مشاكل تؤثر على الإنتاجية والكفاءة، فى البداية تحدث محمود مخلوف أحد مزارعى قصب السكر بالمنيا، أن زراعة محصول قصب السكر تواجه معوقات كثيرة منها ، نقص مياه الري، حيث يعد الرى مشكلة كبيرة فى زراعة القصب، ويتطلب كميات كبيرة من المياه، وتواجه مزارع القصب فى المنيا، تحديات بسبب نقص المياه، أو عدم انتظام وصولها ، وكذلك ارتفاع تكلفة الإنتاج، حيث أن تكلفة زراعة القصب مرتفعة نظرًا لأسعار الأسمدة والمبيدات والتى تقدر بــ50 ألف جنيه للفدان الواحد، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود والنقل، الأمر الذى يؤدى إلى قلة هامش الربح للمزارعين، ونطالب الحكومة برفع سعر توريد محصول قصب السكر لتغطية تكاليف الإنتاج المرتفعة .
وأضاف عبد الفتاح عيسى، أحد مزارعى القصب بالمنيا، أن مشاكل ومعوقات زراعة محصول قصب السكر لا تعد ولا تحصى، ومنها مشاكل فى التسويق، حيث يعتمد مزارعو القصب فى الغالب على مصانع السكر لشراء محاصيلهم، لكن هناك شكاوى من تدنى الأسعار التى تقدمها هذه المصانع، وعدم استقرار عقود الشراء، مما يؤثر سلبًا على دخل المزارعين، وأن الأسواق الخارجية مثل العصارات، تعرض سعر ازيد يقارب 4000 جنيه للطن الواحد.
واضاف عز الدين عبد الباسط، أحد مزارعى المنيا، أن هناك مشكلات ومعوقات تؤثر على زراعة محصول قصب السكر، ومنها: مشاكل متعلقة بالتربة ، حيث تدهورت جودة التربة بسبب الإستخدام المكثف للأراضى ، وزيادة نسبة الملوحة يؤدى إلى انخفاض إنتاجية القصب، مما يستدعى إجراءات إضافية لتحسين جودة التربة ، وكذلك العمالة ، حيث يواجه المزارعون صعوبة فى العثور على العمالة اللازمة لجنى المحصول ، كما أن تكلفة الأيدى العاملة قد زادت، مما يشكل عبئًا إضافيًا، ضعف البنية التحتية: نقص الطرق المعبدة والمرافق اللازمة لنقل المحصول يزيد من تكاليف النقل ويؤثر على جودة المحصول أثناء نقله ، وتحسين وضع هذه المزارع يتطلب حلولًا شاملة تشمل دعم المزارعين ماليًا، تحسين أنظمة الري، وتوفير أسواق مستقرة للمحاصيل بأسعار عادلة، إلى جانب تقديم التدريب والدعم الفنى لتعزيز الإنتاجية والحفاظ على جودة التربة.
وأكد حاتم رسلان رئيس لجنة الوفد بالمنيا، أن محصول قصب السكر يعد من المحاصيل الإستراتيجية الهامة التى يتعين على الحكومة أن تضع لها سياسة دائمة ومستديمة ، تراعى فيها طبيعة المحصول والتسعير العادل ، الذى يجعل المزارع يستمر فى زراعة محصول قصب السكر ، ومما لا شك فيه أن هناك جهود تبذل من قبل الحكومة ، لكنها غير كافية لتحفيز مزارعى المنيا على زراعة محصول قصب السكر ، حيث أن طبيعة زراعة محصول قصب السكر ، تتطلب ديمومة زراعته .
ولفت إلى أن هناك مشاكل فى نقل المحصول من حيث ارتفاع سعر تكلفة النقل، وكذلك عدم تعبيد الطرق لسرعة النقل، حيث ان تكاليف الإنتاج ارتفعت بشكل كبير والتى يتطلب معها مراعاة ارتفاع اسعار بيع محصول قصب السكر لتخفيف اعباء تكلفة الإنتاج والتى ترهق المزارعين ماليًا.
وأكد مزراعى القصب محافظ أسوان، أن طريقة صرف الأسمدة من الجمعيات تتيح الحصول على السماد مرتين خلال العام الواحد، مما يسبب فى عائق أمام الجميع فى الاهتمام بالمحصول نظرًا لارتفاع التكلفة على الفلاحين، مما يدفع الجميع للجوء إلى سحب سلف وقروض من البنك الزراعي، الذى وضع اشتراطات جديدة تمثل عائقًا كبيرًا أمام مزارعى القصب فى محافظات الصعيد.
أسوان
ناشد أهالى قرية النقرة بأسوان، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، بضرورة إدراجهم داخل الجمعيات الزراعية، لكى يتمكن من زراعة محصول القصب الذى تبلغ دوته الزراعية سنة وثلاثة أشهر.
وقال المزراعون، أن تطبيق غرامات على المزراعين نتيجة تأخر سداد السلف المتأخرة يفجر أزمة كبيرة بين بنك الائتمان الزراعى والمزراعين، مما يؤثر بالسلب على انتاج المحاصيل الزراعية.
ولفت المزراعون إلى أن التعامل مع مصنع قصب السكر يتم بعقد شخصى سنوى عن طريق رقم الحساب يتم الإيداع بعد حوالى شهر ونصف من التوريد
وطالب ياسر يعقوب، أحد مزارعى قرية أبريم، زيادة سقف الحد المالى من قبل البنك الزراعى لتكفى احتياجات الجمعية الزراعية اليومية للمزارع، لأن الحد اليومى المالى الذى يطرحه البنك لا يلبى احتياجاتنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: توريد الطن زراعة محصول قصب السکر زراعة قصب السکر تکلفة الإنتاج البنک الزراعى من المزارعین زراعة القصب محصول القصب هذا القرار القصب فى ألف جنیه محصول ا أن هناک إلى أن وهو ما کل عام
إقرأ أيضاً:
التغيرات المناخية وتأثيرها على زراعة الطماطم في مأرب.. تحديات وفرص
شمسان بوست / تقرير_علي العقيلي
في وادي حريب بمحافظة مأرب، يواجه المزارعون تحديات جديدة وغير مسبوقة بسبب التأثيرات القاسية للتغيرات المناخية. هذه الظروف أدت إلى تراجع كبير في إنتاج الطماطم، مما ساهم بشكل مباشر في ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية.
صالح أحمد سالم، شاب في الخامسة والعشرين من عمره. ورث الزراعة عن والده، الذي كان يعرف كيف يقاوم حرّ الشمس وقسوة الأرض.
هذا العام، كان المناخ قاسيًا، درجات الحرارة مرتفعة بشكل لم يسبق له مثيل. فقرر أن يشتري غراس طماطم من ذمار، منطقة جبلية باردة، لعلها تساعده في التغلب على الحرارة.
زرعها في أرضه، لكن الفشل كان حاضرًا.
فقد أربعة آلاف غرسة من عشرة آلاف. كانت الحرارة تفوق قدرة النبات على التحمل، وكان الموسم أقصر من المعتاد. كأن الأرض تتنفس بحرارة لا يطيقها أحد.
تأثير التغيرات المناخية على زراعة الطماطم في اليمن
في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، ارتفع سعر الطماطم في أسواق اليمن إلى 4 آلاف ريال للكيلو، ما يعادل 2 دولار أمريكي.
السبب كان تراجع الإنتاج المحلي، ما دفع التجار لاستيراد الطماطم من الأردن. بحلول نوفمبر، انخفض السعر إلى 2000 ريال بفضل هذه الكميات المستوردة.
انخفاض الإنتاج المحلي بسبب ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات التي اجتاحت البلاد هذا العام. تضررت الأراضي الزراعية بشكل كبير، حيث قدرت وكالة التنمية الأمريكية أن 85% من الأراضي الزراعية تضررت.
2024 كان العام الأكثر حرارة خلال العشر سنوات الماضية، وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية. الفيضانات في بعض المناطق، والجفاف في مناطق أخرى، أضرَّا بالزراعة بشكل كبير.
على الرغم من ذلك، هناك حلول بديلة تساعد المزارعين في اليمن وعبر العالم في مواجهة هذه التحديات.
لكن قبل أن نتحدث عن الحلول، دعونا نلقي نظرة على أبرز المشكلات التي أضرت بزراعة الطماطم.
ولكن، ماهي المشكلة؟
في صيف 2023، اجتاحت ظاهرة “النينا” المحيط الهادئ. كانت هذه الظاهرة قاسية. زادت حرارة المياه السطحية في المحيط، وتبخرت المياه بشكل أكبر. السحب الركامية ظهرت بكثرة، وزادت الأعاصير والعواصف الرعدية، وكل هذا أدى إلى فيضانات.
ورغم أن اليمن بعيد عن المحيط الهادئ جغرافياً، لكن عندما تحدث الظاهرة، يؤثر ذلك على أنماط الرياح والمطر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط.
في بعض الحالات، قد يؤدي تأثير “النينيا” إلى انخفاض في كمية الأمطار في اليمن، مما يساهم في تفاقم جفاف مناطق واسعة من البلاد. ما قد يزيد من حدة مشكلة شح المياه في اليمن، خصوصاً في المناطق التي تعتمد على الأمطار كمصدر رئيسي للمياه.
تحتاج زراعة الطماطم إلى كميات كبيرة من المياه. وتحتاج زراعتها إلى حوالي 400 – 600 ملم من المياه الأمطار في الظروف المثلى.
كما أن الطقس الجاف يمكن أن يزيد من تكاثر الآفات والأمراض، ما يضر المحصول. إصافة ألى أن تغييرات الرياح قد ترفع درجات الحرارة، مما يسبب إجهادًا للنبات ويقلل من الإنتاج.
وكذلك، يصبح توقيت الزراعة غير ثابت، ما يضاعف التحديات. وإذا استمر تأثير “النينيا”، سيضطر المزارعون إلى زيادة الري الصناعي، مما يرفع التكاليف.
في يونيو 2024، سجلت درجات الحرارة أعلى رقم على الإطلاق. حطمت الأرقام القياسية. كان أحر من يوليو 2023. كانت حرارة الأرض، كما قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في الحادي عشر من نوفمبر 2024، هي الأعلى منذ بداية القياسات.
تعد اليمن من أفقر الدول في مصادر المياه، وحسب تقرير الجهاز المركزي للاحصاء 2024، لا تتجاوز نسبة الفرد من المياه هم 135 مترمكعب، وهي تمثل 12% من نسبة الاحتياج الانساني للمياه، بينما لا تتجاوز المتوسط السنوي للأمطار عن 400 ملم.
وبلغت مساحة زراعة الطماطم في اليمن في 2021، نحو 8.4 آلاف هكتار، بإنتاجية وصلت إلى قرابة 163 ألف طن، وفق كتاب الإحصاء الزراعي السنوي لوزارة الزراعة والري في صنعاء.
موسم2024 تراجع الإنتاج وزيادة الأسعار
في هذا العام، مع الارتفاع القياسي في درجات الحرارة، اجتاحت الفيضانات العديد من الأماكن حول العالم، وكان اليمن من بين البلدان الأكثر تأثراً. في المناطق الغربية والشمالية من البلاد، تسببت الأمطار الغزيرة والسيول في تدمير مزارع الطماطم، مما انعكس على الأسواق المحلية.
يقول هارون محفوظ الزارعي، الذي يبيع الخضروات في سوق مدينة حريب، إن أسعار الطماطم شهدت ارتفاعًا كبيرًا هذا العام بسبب الأضرار التي لحقت بمزارع الطماطم في محافظة صعدة نتيجة الفيضانات.
منذ سنوات، كان يعتمد على الطماطم القادمة من هناك، لكن هذا العام، كغيره من الأعوام، لم يكن الوضع كما المعتاد. الأمطار والسيول دمرت العديد من المزروعات في صعدة، وألحقت أضرارًا جسيمة بالقطاع الزراعي في هذه المحافظة.
وأشار هارون إلى أنه، على الرغم من الاعتماد الكبير على الطماطم القادمة من صعدة، إلا أن مزارع وادي حريب تعاني من محدودية الإنتاج، حيث يقتصر الموسم عادة على نهاية العام وبداية السنة الجديدة، ما يضطره لاستيراد الطماطم من مناطق أخرى.
أما المزارع صالح، فقد قرر هذا العام أن يزرع الطماطم في أغسطس، قبل الموعد المعتاد في نوفمبر. لكنه واجه صعوبات جمة بسبب حرارة الجو المرتفعة، وكذلك الرياح الشمالية الجافة التي أضرت بالمحصول، إلى جانب تكاثر الحشرات التي كانت تشكل تحديًا كبيرًا في تلك الفترة من العام.
الأسباب الكامنة وراء تراجع الإنتاج المحلي للطماطم
في تصريحات خاصة لهذا التقرير، يقول المهندس علي قاسم بحيبح، مدير عام مكتب الزراعة في محافظة مأرب، إن المساحة المخصصة لزراعة الطماطم في المحافظة تراجعت بنسبة تتراوح بين 20% و30% خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.
وأضاف بحيبح أن زراعة الطماطم كانت تستهلك نحو 40% من المساحة الزراعية الكلية، خاصة في مديريتي الوادي والمدينة، خلال الموسم الزراعي الذي يبدأ في سبتمبر ويستمر حتى مارس أو أبريل.
وأشار إلى أن الإنتاج الحالي للطماطم في مأرب لا يتجاوز 10-12 طنًا للهكتار الواحد، بينما كان المعدل في الماضي يصل إلى 15 طنًا في المتوسط. ويُعتبر حوالي 60% من مزارعي مأرب الطماطم مصدرًا رئيسيًا لدخلهم.
تعد الأودية الزراعية في المناطق الصحراوية من أكثر الأماكن تضررًا من التغيرات المناخية، سواء بسبب ارتفاع درجات الحرارة أو الصقيع القارس أو الرياح الشمالية الجافة المحملة بالغبار، التي تعيق هطول الأمطار.
الطماطم، كونها من النباتات الحساسة للحرارة والبرودة والجفاف، تعد من أكثر المحاصيل تضررًا في هذه الظروف القاسية، مما يسبب تراجع الإنتاج.
كما أسهمت هذه التغيرات المناخية في تقليص موسم زراعة الطماطم إلى فترة قصيرة للغاية، ما يهدد بتكدس المحصول وكساده، مما دفع العديد من المزارعين في تلك المناطق إلى التخلي عن زراعة الطماطم تمامًا.
يقول المزارع الكبير محمد بن سالم أحمد، الذي يعمل منذ 25 عامًا في زراعة البرتقال في منطقة “العرقين” بمديرية مأرب الوادي، إنه بدأ في زراعة الطماطم منذ بداية ممارسته لمهنة الزراعة في عام 1970 في وادي حريب.
كان يزرع الطماطم في أي وقت من السنة، وكان المناخ آنذاك مناسبًا لها. الطماطم كانت تنمو بسهولة، ولم تكن تحتاج إلى الكثير من الأسمدة، وكانت ثمارها تُقطف وتُباع في صنعاء، وتظل صالحة لأسابيع دون أن تفقد جودتها.
وأشار محمد إلى أن التلوث وصعوبة الزراعة بدون أسمدة جعلت الطماطم اليوم لا تنمو كما كانت من قبل. الثمار أصبحت فاقدة لجودتها، وتفقد صلاحيتها بسرعة بعد القطف.
ويضيف أنه كان من الممكن في الماضي أن تتمتع الطماطم بغلاف سميك ولون موحد، بينما أصبحت اليوم ذات قشرة رقيقة ومليئة بالمياه السائلة، مما يجعلها أقل فائدة وغير مقاومة للظروف البيئية الصعبة.
في حديثه عن تراجع زراعة الطماطم في أودية صحراء اليمن، يقول صالح أحمد: “تراجعت زراعة الطماطم في حريب بسبب عدم القدرة على زراعتها من البذور في حقول مفتوحة دون وجود بيوت محمية، في ظل التغيرات المناخية.
لجأ المزارعون في حريب إلى الاعتماد على الغرس الجاهز، الذي يتم شراؤه من مشاتل في ذمار أو المناطق الباردة، لكن الأسعار ارتفعت بسبب الإقبال الكبير عليه بعد فشل زراعة الطماطم من البذور في المناطق الحارة، وزيادة تكاليف النقل نتيجة إغلاق الطرقات.”
ويضيف صالح: “إقدام المزارع في حريب، وفي المناطق الصحراوية الحارة، على زراعة الطماطم في ظل غلاء الشتل يعني أن المزارع يدخل في مغامرة قد تكون عواقبها وخيمة، خصوصًا إذا فشلت الزراعة، وعليه تحمل تبعات فشله بمفرده.”
أصبح قرار المزارع اليمني في أودية المحافظات الصحراوية بزراعة الطماطم مغامرة محفوفة بالمخاطر.
ففي حال فشلت الزراعة، قد يتكبد المزارع خسارة مالية كبيرة، ما يثقل كاهله بالديون. فزراعة الطماطم تحتاج إلى بيئة وطقس ملائمين، بمعايير دقيقة يصعب توفرها في الأودية الصحراوية في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
وتحتاج الحقول الزراعية في هذه الأودية إلى كميات كبيرة من المياه بسبب تصحر التربة، ما يجعل زراعة الطماطم عرضة للعطش، وبالتالي تؤثر سلبًا على جودة الثمار وكميتها.
كما أن مناخ الأودية الصحراوية حار وجاف في الصيف وبارد في الشتاء، ما يقلل فرص نجاح زراعة الطماطم في هذه المناطق.
تأثير العواصف
تأثير الرياح على زراعة الطماطم كان واضحًا بالنسبة للمزارع صالح أحمد، الذي زرع 10 آلاف غرسة طماطم في وادي حريب في أغسطس/آب هذا العام. يقول صالح إن الرياح الصحراوية الشمالية الجافة أثرت بشكل كبير على الطماطم.
الرياح الجافة تؤثر سلبًا على زراعة الطماطم، هذا يؤدي إلى خسائر مالية للمزارعين الذين يتحملون تكاليف إضافية للري وشراء غراس جديدة، وقد يصل الأمر إلى القروض أو بيع ممتلكاتهم لتغطية هذه التكاليف.
وأضاف أنه ارتكب بعض الأخطاء في تصميم المسارات التي زرع فيها الطماطم، حيث صمم بعض الأسلاك أو الجداول من الشرق إلى الغرب، مما تسبب في تضرر الطماطم التي كانت في مسارات تتقاطع مع اتجاه الرياح.
في المقابل، لم تتضرر الجداول التي كانت مصممة باتجاه شمال-جنوب لأنها كانت في مسار الرياح، مما سمح للرياح بالتسلل بين غرسات الطماطم دون التأثير الكبير على النباتات.
أما بالنسبة لحشرة “توتا ابسلوتا”، فيحدثنا عبدالغني بن عوض، مزارع في وادي حريب، عن تجربته مع هذه الحشرة التي دفعته للتوقف عن زراعة الطماطم في 2020.
وقال إنه بعد خسارته للمحصول بسبب الحشرة التي انتشرت بكثافة، والتي كانت تهاجم أغصان وثمار الطماطم، اضطر لوقف زراعتها.
حشرة “توتا ابسلوتا” تقوم بحفر ثقوب صغيرة في الثمار، وتتكاثر بداخلها، ما يؤدي إلى تلف وتعفن الثمار. في بعض الأحيان، لا يمكن ملاحظة الثقوب إلا بعد تكاثر الحشرة وانتشارها في الثمرة.
وقد أشار تقرير حكومي نشرته صحيفة “الثورة” في مايو/أيار 2013 إلى أن حشرة “توتا ابسلوتا” تسببت في تدمير 70% من محاصيل الطماطم في اليمن، مما أدى إلى أزمة في قدرة الإنتاج المحلي على تغطية احتياجات السوق المحلي، ما دفع الحكومة إلى استيراد الطماطم من الخارج.
يبدو أن الأمطار كانت تلعب دورًا في انتشار هذه الحشرة، حيث شهدت اليمن في عامي 2013 و2020 أمطارًا غزيرة استمرت طوال أشهر الصيف، ما ساعد على تكاثر حشرة “توتا ابسلوتا”.
في عام 2013 بدأت الأمطار في منتصف فبراير/شباط، قبل نهاية موسم الطماطم في مارس/آذار، واستمرت حتى أغسطس/آب. وفي 2020، استمرت الأمطار من مارس/آذار حتى سبتمبر/أيلول، ما ساهم في انتشار الحشرة بشكل أكبر.
إلا أن البيوت المحمية قد تكون الحل المحتمل لحماية المحاصيل من هذه الحشرة، حيث توفر المزارعين بيئة محمية تقي الطماطم من أضرار “توتا ابسلوتا”، وبالتالي يمكن تحسين الإنتاجية وزيادة الفرص لنجاح المحاصيل.
التأثير على المستهلك
تأثير تراجع زراعة الطماطم في اليمن على المستهلكين أصبح ملموسًا في حياة العديد من الأسر، خاصة في المناطق الريفية مثل وادي حريب. تقول “أم عبدالله”، وهي ربة منزل من هذه المنطقة، إن الارتفاع الجنوني في أسعار الطماطم جعلها نادرة في الوجبات اليومية، وأصبحت شبيهة باللحوم التي لا تدخل موائد العديد من الأسر اليمنية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة في البلاد. يشير هذا الوضع إلى تزايد الفقر وانعدام الدخل لدى الأفراد والعائلات، مما يعكس تدهور الوضع الاقتصادي العام في اليمن.
تعتقد أم عبدالله أن دعم زراعة الطماطم في منطقتها من خلال توفير بيئة ملائمة للإنتاج المستمر طوال العام سيخفف من عبء تكلفة الطماطم على الأسر اليمنية، مما يمكنها من شراء حاجتها اليومية من هذه المادة الأساسية بأسعار مناسبة. الطماطم كانت تعد حلاً مثالياً للأسر ذات الدخل المحدود، التي لم تكن قادرة على شراء العديد من الخضروات أو المعلبات الأخرى مثل الفاصوليا والفول والبيض والجبن.
قبل تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار، كانت الطماطم عنصراً رئيسياً في الوجبات اليومية، خاصة للأسر التي لا تستطيع تحمل تكاليف الخضروات الأخرى. ولكن مع ارتفاع أسعارها، اضطر الكثير من الأسر إلى البحث عن بدائل رخيصة مثل زيوت السمسم أو الشاي مع الأكل. هذا التحول يعكس الواقع الصعب الذي يعيشه المواطن اليمني في ظل تراجع الإنتاج الزراعي وتزايد الأسعار، مما يجعل الطماطم عنصرًا بعيدًا عن متناول الكثيرين.
التحديات
يواجه المزارع “صالح أحمد سالم” تحديات كبيرة في زراعة الطماطم في ظل التغيرات المناخية القاسية، التي تتجلى في تقلبات درجات الحرارة الشديدة وزيادة كثافة الحشرات، مما أثر بشكل مباشر على جودة المحصول. يقول صالح إن المغامرة بزراعة الطماطم في أغسطس كانت بسبب ارتفاع أسعارها في أشهر معينة مثل أكتوبر ونوفمبر، وهي فترة يصعب فيها على المزارعين في المناطق الحارة زراعة الخضروات بسبب حرارة الطقس الشديدة في يونيو ويوليو.
ويوضح صالح أنه رغم محاولاته، إلا أن الظروف المناخية القاسية أضعفت الغرسة، حيث لم تنمو الثمار بالشكل المطلوب. وعلى الرغم من أنه عند زراعة الطماطم باستخدام شتل جاهز، فإن نوعية الغرسة تكون أفضل وتتحمل الإجهاد المناخي، إلا أن هذه المحاصيل تكون بحاجة إلى محميات خاصة لضمان نجاح الزراعة.
ويؤكد أن زراعة الطماطم من البذور أصبحت شبه مستحيلة في منطقة حريب دون وجود محميات، خاصة في الأشهر الحارة التي تسبق أكتوبر ونوفمبر، وذلك نتيجة لتغير المناخ الذي جعل الظروف الزراعية أكثر صعوبة.
لكن ماهي احتياجات المزارعين
في وادي حريب، حيث تلتقي الرمال بحرارة الشمس، كان المزارع صالح أحمد يقف متأملاً أراضيه الجافة. كان يعلم أن الزمان لا يرحم، وأن الرياح التي تعصف بالمكان لن تترك له سوى الرمال وعوامل الطقس القاسية. في قلب هذه الصحراء، كان الطماطم هو الأمل، لكنه كان يعرف تماماً أنه لا يستطيع أن يزرع حلمه دون أن يمتلك الوسائل التي تحميه.
“البيوت المحمية”، قالها بصوت منخفض، وكأنها مفتاح سري. كان يعرف أن تلك البيوت ليست مجرد هياكل بلاستيكية، بل هي الحصن الوحيد الذي يحمي غرساته من لعنة الرياح الصحراوية. كان يعرف أن في داخلها، وبين جدرانها البلاستيكية، ستكون الطماطم في أمان من الحرارة والبرد ومن الحشرات.
ولكن، كما في كل قصة، كانت العوائق أكثر من الفرص. “إنني لا أستطيع تحمل تكاليفها”، قالها بصوت هادئ.
أضاف وهو يراقب الحقل الميت: “إذا كان لدينا شبكة ري بالتنقيط، يمكننا أن نروي الأرض بكفاءة، نحمي الغرسة من الجفاف، ونمنع العفن من التسلل إلى الثمار. لكننا لا نملك شيئاً من هذا. لا الدعم، ولا المال، ولا المساعدة. فقط الأرض، والسماء، والرياح”.
أخوه، سلطان أحمد، كان يعمل بجانبه في الصمت. قال بحزن: “لو كان لدينا تلك البيوت المحمية، لو كانت لدينا تلك الشبكات، لكانت الطماطم تملأ الأسواق طيلة السنة. لكننا نزرعها خارج موسمها. نغامر في الحرارة التي تقتل، في البرد الذي ينهكها. ونواجه السوق المزدحم الذي يبلع المحصول في وقت قصير، لتصبح الطماطم سلعة بلا قيمة.”
كل يوم، كان صالح يقف في تلك الأرض الجافة، يخطط كيف يزرع الطماطم. كان يعرف أن النجاح لن يأتي بسهولة. كان يتخيل الطماطم تنمو في الظل، تحت سقف من البلاستيك، يحميها من العوامل القاسية. لكن الأحلام وحدها لا تكفي. يحتاج إلى الدعم، إلى المساعدة، إلى الأمل.
وفي تلك اللحظة، لم يكن صالح يفكر في زراعة الطماطم فقط، بل في زراعة شيء أعظم: الأمل في مستقبل أفضل.
تجربة ناجحة: مغامرة زراعة الطماطم في وادي حريب
في قلب وادي حريب، حيث الشمس الحارقة والرياح الجافة لا ترحم، قرر “صالح أحمد سالم” أن يخوض مغامرة زراعية غير مألوفة في المنطقة.
على مساحة 4800 متر مربع، زرع صالح 10 آلاف غرسة طماطم، متحدياً التغيرات المناخية القاسية في منطقة تشهد درجات حرارة مرتفعة طوال العام.
لم يكن هذا التحدي سهلاً، لكنه اختار طريقة مبتكرة: الري بالتنقيط. شبكة ري طويلة امتدت لمسافة 2000 متر، مع أنبوب توزيع بلغ تكلفته نحو 3000 ريال سعودي.
كان صالح يعلم أن الأمر يتطلب تخطيطاً دقيقاً لضمان نجاح الزراعة في غير موسمها المعتاد.
فقد ترك مسافات بين الأنابيب بلغت حوالي 170 إلى 200 سم، وزرع 100 غرسة على كل أنبوب ري، مع ترك 40 سم بين كل نقطة وأخرى. بدأ في زراعة الطماطم في 20 أغسطس 2024، بعدما قام بشراء الشتلات الجاهزة من مشاتل في ذمار، بتكلفة 4000 ريال سعودي.
لكن، كما كان يتوقع، كانت الظروف المناخية قاسية بشكل غير عادي هذا العام. الرياح الشديدة وارتفاع درجات الحرارة أثرت بشكل كبير على نمو الغرس.
وقال صالح وهو يصف معاناته: “خسرت حوالي 4000 غرسة بسبب الرياح والحرارة، لكنني تمكنت من الحفاظ على 6000 غرسة، وهي التي نمت وأثمرت”.
لم يكن صالح قادراً على زراعة الطماطم من البذور في أغسطس بسبب الحرارة المرتفعة، فكان الحل هو شراء الغرس الجاهز من مناطق باردة مثل ذمار وزراعته في أراضي حريب الحارة. هذه الطريقة سمحت له بزراعة الطماطم في غير موسمها التقليدي، وهو ما منحه فرصة التميز في السوق.
وفي شهرتشرين الثاني/ نوفمبر، بدأ صالح في جني ثمار المحصول، حيث كان يحصل على ما يتراوح بين 20 إلى 30 سلة من الطماطم يومياً. هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة لتخطيطه الدقيق وابتكاره في استخدام شبكة الري بالتنقيط التي قللت من المخاطر الناتجة عن الري بالغمر.
ختاماً، يرى صالح أن الحلول المستقبلية تكمن في حماية الحقول من الرياح بواسطة أشجار كثيفة تحمي الزراعة من التعرية والجفاف، بالإضافة إلى أهمية اتجاه زراعة الأنابيب بشكل يتجنب الرياح الشمالية. مع هذه الحلول، يؤمن صالح بأن زراعة الطماطم في وادي حريب يمكن أن تصبح مصدر دخل مستداماً، حتى في ظل الظروف المناخية الصعبة.
ماذا عن حلول الدولة؟
في مأرب، قال المهندس علي قاسم بحيبح، مدير عام مكتب الزراعة، إن الحلول التي يقترحها لدعم زراعة الطماطم تتلخص في خطوات بسيطة ولكنها حاسمة.
أولاً، ضرورة تحسين إدارة المياه عبر استخدام أنظمة الري بالتنقيط، مما يقلل من استهلاك المياه ويزيد من كفاءة الري. ثم، يوفر الدعم المالي والتقني للمزارعين، بتزويدهم بالبذور المقاومة للأمراض، والأسمدة والمبيدات بأسعار مدعومة، وتأسيس برامج تمويل ميسرة لدعم صغار المزارعين وبرامج توعية.
ولا يمكن أن يكتمل هذا إلا بتوفير بنية تحتية تسويقية، من خلال بناء مراكز تخزين وتبريد لتحسين طرق تصدير المحاصيل وفتح أسواق جديدة.
وأخيرًا، يتعين تشجيع الزراعة المحمية، حيث تتيح البيوت المحمية المكيفة حماية الطماطم من تقلبات الطقس والآفات.
في عام 2023 قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن بانشاء مشروع إنشاء حواجز للسيول بطول 800 متر لحماية المَزارع من الفيضانات الجارفة، هذه الحواجز، التي تم إنشاؤها باستخدام أحجار تم رصَّها ولفها بالأسلاك بعناية، تسمح بتخلل المياه عبرها عند مرورها بمحاذاة الأراضي الزراعية – فتنظم عملية ريّ المحاصيل دون الإضرار بالتربة أو النباتات.
استفاد من المشروع 600 مزارع.
على الرغم من التحديات التي يواجهها المزارعون في اليمن بسبب التغيرات المناخية، فإن الحلول المستدامة والابتكار في طرق الزراعة يمكن أن تكون مفتاحًا للتغلب على هذه الأزمات وحماية الأمن الغذائي في المستقبل.
تم إنتاج هذه المادة بالتعاون مع منصة ريف اليمن الصحفية ضمن مشروع غرفة أخبار المُناخ والحقوق البيئية “عُشة”.