يمر الإعلام القديم والجديد بمرحلة فاصلة عالميًا ومحليًا وذلك بعد أن تعددت وسائل الاتصال الحديثة وظهور المنصات والمواقع الإلكترونية وأيضًا ذلك المارد التقنى المرعب والمخيف المسمى بالذكاء الاصطناعى، فلم تعد فى بلادنا ومنطقتنا العربية سطوة وتأثير حقيقى للإعلام التقليدى بداية من الصحف والمجلات الورقية التى كانت مصدرًا رئيسيًا للمعلومات والأخبار والحملات والإعلان والتحليل وعرض الرؤى والأفكار والتأثير على الرأى العام وعرض سياسات الدول، وكذلك أيضًا الإذاعة والتليفزيون خاصة بعد انتشار الإذاعات الأهلية والخاصة وتدنى المستوى والمحتوى الإعلامى وتحول البرامج إلى إعلانات ضمنية وأغانى تافهة وترويج لبعض المقدمين وليس المذيعين أو مجرد مناقشة ساذجة وسطحية دون تقديم معلومات موثقة من خلال خبراء وأساتذة متخصصين وتحولت معظم البرنامج إلى مكالمات تليفونية يتم تحديدها وفلترات مع الرسائل الإلكترونية التى ما هى إلا من اختيار مقدمى البرامج.
أما التليفزيون فإن أزمته الحقيقية أنه انقسم إلى مسارين، مسار يسمى ماسبيرو ذلك المبنى العريق الشامخ الذى خرجت منه مدرسة إعلامية على مستوى الوطن العربى تأثيرًا وثراء فنيًا وفكريًا وإعلاميًا عبر البرامج والدراما وتنوع مصادر المعرفة والأشكال الإعلامية ما بين ترفيهة وتوعوية وتربية وتعليمية وأيضًا إعلان وأخبار ورياضة ودين... وظهر المسار الثانى قويًا بعد الثورة من خلال القنوات الخاصة والمملوكة لرجال الأعمال وقد فرضوا أفكارهم وتوجهاتهم وكان بعضها ضد الدولة وضد النظام، مع أو ضد الثورة والتغيرات التى حدثت فى تلك الفترة الفاصلة والحاسمة فى تاريخ مصر الحديث فى الألفية الثانية، فما كان من الدولة إلا أن فكرت فى ضم هذه القنوات المتناثرة فى كيان إعلامى كبير وضخم تحت مظلة الدولة ولكن فى إطار جديد يبعد عن الإطار الحكومى الروتينى ويكون له حرية الحركة المالية والتنظيمية؛ واستطاعت الشركة الجديدة للإعلام أن تضم العديد من القنوات الخاصة ثم تطرح قنوات جديدة أهمها القاهرة الإخبارية وبدايات DMC وأن تستحوذ على كل حصة شركات الإعلانات التى تركت ماسبيرو والتلفزيون المصرى، وتحولت مدينة الإنتاج ودورها نحو إدارة القنوات الفضائية العربية والمصرية عبر نايل سات مع تسهيل كافة الإجراءات للشركة لإعلامية الجديدة، كما لم تعد طرفًا فى الإنتاج الإعلامى المصرى بأى صورة سواء برامج أو أفلام أو دراما أو أخبار ولكنها أيضًا تمكنت من ترميم الجريد المصرية الناطقة كشاهد عصر على تاريخ مصر الحديث إعلاميًا وسياسيًا وفنيًا...
الإعلام الجديد على الجانب الآخر ظهر بقوة وقسوة منافسًا للإعلام للورقى ولماسبيرو وحتى القنوات الخاصة أو التابعة للشركة فى صورة منصات ومواقع إلكترونية تعرض ما تشاء وكيف تشاء ولها قوانينها وسقف حريات مختلف سواء سياسيًا أو إجتماعيًا ولها أيضًا أجندة عالمية قد تكون صادمة للقيم والعادات والدين خاصة المنصات والمواقع الأجنبية.
ثم يأتى دور المنصات الإعلامية للتواصل الإجتماعى وهى متنوعة فى متابعيها وفى المحتوى الإعلامى والإجتماعى والسياسى، وإذا كان الفيس بوك قد لعب أدوارًا فى ثورات الربيع الخريف العربى الدامى الذى أودى بحياة سياسيين ومدنين وتسبب فى دمار دول وشباب، فأن هذا الفيس تحول الآن إلى منصة للاجتماعيات والتعازى وأعياد الميلاد وصور الإحتفالات واللقاءات الإجتماعية وإعلانات المنتجات التجارية ولم يعد مصدرًا للمعلومات والأخبار وليس مؤثرًا فى الرأى العام كما منصة مثل «X» أو تويتر التى حولها إيلون ماسك إلى ساحة إعلامية مفتوحة دون رقابة لكل الأخبار والتوجهات السياسية متضمنة أيضًا التيك توك كتطبيق جديد يميل إلى التوجهه الفردى سواء سياسيا أو إجتماعيًا..
الإعلام فى محنة وتحتاج لمزيد من المراصد ومراكز البحث التى تربط الدراسة والنظرية بالتطبيق والحياة العملية...
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وسائل الاتصال
إقرأ أيضاً:
سلطان عمان يُصدر مرسومًا سلطانيا بإصدار قانون الإعلام الجديد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصدر السُّلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، اليوم مرسومًا سلطانيًا ساميًا يحمل الرقم (58/2024)، بشأن إصدار قانون الإعلام الجديد في البلاد.
وقد جاء المرسوم بعد الاطلاع على النظام الأساسي للدولة، وعلى قوانين سابقة تشمل قانون المطبوعات والنشر (49/84)، وقانون الرقابة على المصنفات الفنية (65/97)، وقانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون (95/2004)، وبعد العرض على مجلس عُمان، واستجابةً لمقتضيات المصلحة العامة.
أبرز مواد المرسوم:
المادة الأولى: تطبيق أحكام قانون الإعلام المرفق بالمرسوم.المادة الثانية: منح وزير الإعلام صلاحية إصدار اللائحة التنفيذية والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام القانون، مع الاستمرار بالعمل باللوائح والقرارات القائمة ما لم تتعارض مع القانون الجديد.المادة الثالثة: إلغاء القوانين السابقة المتعلقة بالمطبوعات والنشر، والرقابة على المصنفات الفنية، والمنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون، بالإضافة إلى إلغاء أي نصوص مخالفة للقانون الجديد.المادة الرابعة: نشر المرسوم في الجريدة الرسمية وتطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره.ويُعتبر هذا المرسوم خطوة مهمة في تحديث وتطوير البيئة الإعلامية في سلطنة عُمان، بما يتماشى مع التطورات والتحديات الجديدة التي تواجه القطاع الإعلامي.