تحذيرات إسرائيلية من حرب أهلية حتمية بسبب تحالف نتنياهو
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
تتواصل التحذيرات الإسرائيلية من جهات مختلفة، من تفكك حقيقي يصيب المجتمع الإسرائيلي وحالة من الفوضى تعم "إسرائيل" بسبب أداء الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التي تدير البلاد بلا مسؤولية.
ونوه الكاتب عوديد غرانوت، في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أنه في "اللحظة التي يعلن فيها الشريك الديني في الحكومة علنا بأنه لن يتحمل العبء، ولا حتى في الخدمة الوطنية، وبالتوازي يؤيد ايضا اجراءات تشريع من طرف واحد وبعيدة الأثر تفكك المجتمع الاسرائيلي، فإن الوحدة تتفكك، ومبدأ التعايش السلمي يذوي".
وأكد أن "إسرائيل تسير إلى الفوضى، على طريق لبنان، الذي يشهد حالة توتر ورائحة البارود تتصاعد فيه، وهي تزيد الخوف من اشتعال حرب أهلية جديدة، وكل هذا بالتزامن مع استفزازات حزب الله لإسرائيل".
بدورها، أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في مقالها الافتتاحي ليوم أمس الأربعاء، والذي كتبه أمنون ليفي، أن "جذر الأزمة في المجتمع الإسرائيلي، هو الفجوة الاجتماعية – الطائفية"، معتبرة أيضا أن "جذر الشر الذي يمر علينا هو الاحتلال، فالاحتلال الطويل لشعب آخر أفسدنا وتسبب بأزمة، ولا شك أن الاحتلال الحق أضرارا جسيمة".
ورأت أن أحد الأسباب التي تقف خلف الأزمة الإسرائيلية الداخلية الحالية، هو "في هذه المرة عتيق وعميق أكثر بكثير، فما يحرك الجمهور البسيط من مؤيدي الإصلاح (الذي تقوده حكومة اليمين) هو الكراهية والغضب والحسد والرغبة الشديدة في الثأر لمن مس وأهان واقصى أهاليهم ولم يأخذ عن ذلك المسؤولية أبدا".
وأضافت: "فالمياه الجوفية بالأزمة التي تسحقنا هي الذكريات القاسية من معسكرات الحزاز الرهيبة، من مهانة المعابر، من الحياة عديمة الفرصة في بلدات المحيط، من إحساس المواطنة من الدرجة الثانية".
ولفتت أن "حزب "الليكود" بزعامة نتنياهو يحكم في السنوات الأربعين الأخيرة، معظم الوقت وحده تقريبا، كيف يحتمل أن يكون الغضب هو ضد من حكم قبل 70 سنة وليس ضد من يحكم الآن، ولم يفعل الكثير لإصلاح التشويه؟"، مضيفة :ليس لدينا جواب جيد".
ونوهت "يديعوت" أن "أساس التمييز في المجتمع الإسرائيلي، كان منذ زمن بعيد، لكن حتى اليوم الفجوة قائمة في الأجر، في التعليم العالي وفي فرص الحياة، هذه الفجوة التي ينفيها اليسار، يستغلها بشكل تهكمي اليمين".
من جانبه، أوضح الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية في مقاله بصحيفة "معاريف" أفرايم غانور، أن "التقارير المقلقة عن المس بأهلية الجيش الإسرائيلي وخاصة الضرر المتعمق في سلاح الجو، لا تشغل بال رئيس الوزراء نتنياهو ووزرائه، فبدلا من الاهتمام بالمواضيع الهامة والمقلقة للجمهور والدولة، اختارت الحكومة الاهتمام في هذه الساعات الصعبة بموضوع هامشي للغاية؛ وهو الفصل بين النساء والرجال في المواقع المائية لسلطة الطبيعة والحدائق".
ونبه أن "إسرائيل في هذه الفترة الحساسة تحتاج لقيادة متوازنة ومسؤولة تعرف كيف توجه طريقها في الواقع غير البسيط، أما الحكومة الحالية فهي ليست مثالا لمثل هذه القيادة"، مؤكدا أن "إسرائيل غارقة في المشاكل والفوضى حتى الرقبة".
وردا على التهديدات التي أطلقها وزير الدفاع يوآف غالانت ضد حزب الله، قال الخبير: " بدلا من التهديد، من الأفضل في هذه الساعات الاستعداد والتركيز على كل خطوة وإجراء في الطرف الآخر، بتواضع، بتفكر وبجدية أكبر بكثير"، منوها أن "المداولات الدراماتيكية في محكمة العدل العليا من أجل إلغاء تقليص "حجة المعقولية"، يوجد فيها احتمال كبير لجعل الأزمة التي تمر على إسرائيل لا رجعة عنها".
وأضاف: "وضعا من شأنه أن يشكل فرصة لا تتكرر لأعداء إسرائيل لضربها بشكل قاس جدا، وإيران التي تتابع عن كثب ما يحصل في إسرائيل، توجه الخطوات وتعطي التعليمات".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة نتنياهو الاحتلال نتنياهو الاحتلال اليمين المتطرف بن غفير صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی هذه
إقرأ أيضاً:
اليمين الإسرائيلي من الهامش إلى الهيمنة
المقدمةمنذ عقود كان المشهد السياسي في إسرائيل موزعا بين تيارين رئيسيين: اليسار الذي تبنى سياسات أكثر انفتاحا وديمقراطية، واليمين الذي ركّز على تعزيز الطابع اليهودي للدولة متبنيا التوسع الاستيطاني، لكن المؤسسات السياسية والأمنية كان لها دور في خلق نوع من التوازن داخل إسرائيل. مع تصاعد قوة الأحزاب اليمينية، ولا سيما بقيادة بنيامين نتنياهو وتحالفاته مع الأحزاب الدينية والقومية المتطرفة، بدأت تظهر تشققات واضحة في بنية المجتمع الإسرائيلي، تحديدا منذ التسعينيات عندما بدأ اليمين يحقق تقدما كبيرا في المشهد السياسي، متجاوزا التيار اليساري الذي ضعف بعد انتفاضة الأقصى عام 2000م، حيث اتبعت هذه التيارات سياسات قائمة على تأجيج العداء الداخلي بين التيارات الليبرالية والعلمانية من جهة، والتيارات الدينية والقومية من جهة أخرى.
تعزيز القومية الدينية
مع صعود بنيامين نتنياهو إلى السلطة عام 2009، بدأ تيار اليمين يتجه نحو سياسة تأجيج المخاوف الأمنية وتعزيز الهويات القومية والدينية، والاستفادة من التغيرات الديموغرافية، مثل ازدياد نفوذ اليهود الحريديم (المتشددين دينيا) والمستوطنين، مما منح الأحزاب اليمينية قاعدة شعبية قوية. وفي عام 2018 أقر الكنيست الإسرائيلي "قانون القومية"، الذي ينص على أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، مع إعطاء العبرية وضعا رسميا وتهميش للغة العربية والذي اعتبره اليمين انتصارا للهوية اليهودية.
ارهاصات تفكك المجتمع الاسرائيلي
منذ بداية عام 2023، حاولت حكومة نتنياهو تمرير إصلاحات قضائية بالهجوم على القضاء واستقلال المؤسسات بهدف تقليص صلاحيات المحكمة العليا، مما أدى إلى احتجاجات غير مسبوقة داخل إسرائيل، هذه الخطوة اعتبرت من قبل اليساريين بداية عهد جديد من اليمين الإسرائيلي لتقويض الديمقراطية وتحويل النظام السياسي إلى حكم استبدادي يخدم أجندة اليمين المتطرف. هذا الإجراء يعتبر بداية صراع وانقسام المجتمع بشكل غير مسبوق، بعد خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع، في مشهد يعكس عمق الشرخ الداخلي بين مؤيدي اليمين ومعارضيه وتحول المظاهرات من سلمية الى تصادمية تدريجية، وما زاد الشرخ حدة قانون التجنيد والذي ستكون له عواقب سياسية ومجتمعية داخل المجتمع الإسرائيلي.
العلاقة مع التيارات الدينية: شراكة أم تهديد للعلمانية؟
يتمتع التيار الديني القومي بنفوذ قوي داخل اليمين الإسرائيلي بهدف الحفاظ على الهوية اليهودية، حيث فرضت هذه الأحزاب أجندتها الدينية على السياسات العامة، مثل منع وسائل النقل العام يوم السبت، وفرض مناهج دينية في المدارس، وإعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية، والذي أدى بدوره إلى توتر متزايد بين العلمانيين والمتدينين، حيث بات الشعور من اليهود العلمانيين بأن إسرائيل تتحول تدريجيا إلى دولة دينية، مما دفع بعضهم إلى الهجرة خارج البلاد أو الانخراط في الاحتجاجات ضد الحكومة. هذه السياسات اليمينية بدأت تصاعديا بتعزيز الهوية القومية معتبرين أن السيطرة على القضاء بهدف حماية الدولة من الضغوط الداخلية والخارجية، وأن النخب الليبرالية منعزلة عن الواقع وأنها تسعى لجلب المخاطر على الدولة القومية، إلا أنها فعليا بدأت بتفكك المجتمع الإسرائيلي.
انقسام داخلي يهدد استقرار إسرائيل
السياسات اليمينية في إسرائيل لم تعد مجرد خيار سياسي، بل أصبحت عاملا رئيسيا في تشكيل مستقبلها سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، وبينما يرى اليمين أن هذه السياسات ضرورة لحماية الهوية اليهودية، الا أنها بداية تفكيك المجتمع الإسرائيلي وزيادة العداء بين مكوناته المختلفة
يشهد المجتمع الإسرائيلي تحولات اجتماعية كبرى نتيجة لهذه السياسات، حيث يتفاقم الصراع بين اليهود الشرقيين والأشكناز، وبين المتدينين والعلمانيين، وبين اليسار واليمين، كما أن صعود القوى الدينية المتشددة وزيادة نفوذها في الحكومة والجيش يهدد قطاعات واسعة من المجتمع التي تخشى تحول إسرائيل إلى دولة دينية على حساب الطابع الديمقراطي. ومن جاب آخر فالتوسع الاستيطاني انعكس بالتوتر مع الفلسطينيين في الداخل فاليمين يعتبر دعم الاستيطان أحد الركائز الأساسية لسياساته، فمنذ تولي اليمين الحكم في إسرائيل توسعت المستوطنات في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق خلال العقدين الأخيرين بتعزيز وجود المستوطنين ببؤر استيطانية سرطانية سريعة الانتشار، هذه التوترات انعكست على الداخل الإسرائيلي بازدياد حدة العنف بين اليهود المتطرفين والفلسطينيين داخل الخط الأخضر، خاصة خلال أحداث أيار/ مايو 2021، عندما اندلعت مواجهات عنيفة في مدن مختلطة مثل اللد وعكا والمثلث، وتصاعدت بعد الحرب على قطاع غزة.
الخاتمة
تشير التطورات الأخيرة إلى أن السياسات اليمينية في إسرائيل لم تعد مجرد خيار سياسي، بل أصبحت عاملا رئيسيا في تشكيل مستقبلها سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، وبينما يرى اليمين أن هذه السياسات ضرورة لحماية الهوية اليهودية، الا أنها بداية تفكيك المجتمع الإسرائيلي وزيادة العداء بين مكوناته المختلفة. وفي ظل هذه الانقسامات العميقة، يبدو أن إسرائيل تقف على مفترق طرق حاسم، حيث سيكون للقرارات السياسية القادمة تأثير طويل الأمد على استقرارها وتماسكها الداخلي، فهل سيتمكن اليمين من تحقيق رؤيته دون إحداث تصدع داخلي خطير؟ أم أن الاحتجاجات والمقاومة الداخلية ستعيد رسم المشهد السياسي الإسرائيلي خلال السنوات المقبلة؟ لكن المؤكد أن إسرائيل لم تكن يوما بهذا الانقسام الحاد، وأن مستقبلها بات أكثر غموضا من أي وقت مضى.