قبل عقود عدة، كانت الصين قد شرعت في تحديث أسطولها البحري وتوسيعه، رغبةً في أن تصبح واحدة من أكبر القوى البحرية في العالم. واليوم، تظهر صور الأقمار الصناعية ووثائق حكومية الصينية جرى تحليلها في الآونة الأخيرة: إشارات واضحة على أن الصين تتجه إلى بناء أول حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية.

اعلان

وفي خطوة غير مسبوقة، أتمت الصين إنشاء نموذج أولي لمفاعل نووي مخصص لأحد أكبر السفن الحربية في العالم، ليكون هذا المفاعل هو الأساس لإطلاق أول حاملة طائرات نووية لديها.

الطموحات الصينية في البحر لا تتوقف عند حدود الأسطول الحالي، الذي يعد بالفعل الأكبر في العالم من حيث العدد، بل تسعى الصين الآن إلى دخول دائرة القوى البحرية الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا التي تمتلك حاملة طائرات نووية. وبفضل التكنولوجيا النووية المتقدمة، ستتمكن الصين من بناء حاملة طائرات لا تحتاج إلى إعادة تزويد بالوقود بشكل متكرر، ما سيمنحها قدرة على العمل في أعالي البحار وعلى مسافات أبعد بكثير من سواحلها، وهو ما يشكل تحديا كبيرا للهيمنة الأمريكية في أعالي المحيطات.

صور أقمار صناعية تؤكد بأن الصين وصلت لمرحلة متقدمة جدا في تصنيع حاملة طائرات تعمل بـ "الطاقة النووية" .

ويعود الأمر إلى مشروع سري ضخم في منطقة ليشان في مقاطعة سيتشوان الصينية، حيث يُقال إن الصين كانت تعمل على تطوير مفاعل نووي لإنتاج الوقود النووي للأسلحة. لكن الفحوصات الأخيرة أثبتت أن هذا المشروع هو في الواقع مفاعل نووي معد خصيصا لتشغيل حاملة طائرات. وقد أطلق عليه اسم "مشروع لونغوي" أو "قوة التنين"، وهو يعد من أهم المشاريع العسكرية التي يجري تنفيذها تحت إشراف معهد الطاقة النووية التابع لمؤسسة الطاقة النووية الصينية.

حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية Pu Haiyang/Xinhua

ورغم أن الصين قد أطلقت بالفعل ثلاث حاملات طائرات، اثنتان منها تقليديتان تعملان بالوقود، بينما الثالثة هي حاملة طائرات مصممة محليًا، فإن حاملة الطائرات النووية ستكون خطوة غير مسبوقة في تاريخ البحرية الصينية. ويقول "تونغ زاو"، الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن: إن هذا التطور سيكون بمثابة "رمز للفخر الوطني"، ما سيعزز صورة الصين كقوة بحرية عالمية رائدة.

Relatedشاهد: في جولة فريد من نوعها.. فرنسا تسمح للصحافة بدخول غواصة فرنسية تعمل بالطاقة النوويةعلى خطى غوغل ومايكروسوفت.. أمازون تتحول نحو الطاقة النووية لتشغيل مراكز البياناتبيل غيتس مستعد لاستثمار مليارات الدولارات في الطاقة النووية

ورغم أن توقيت إتمام بناء حاملة الطائرات النووية لا يزال غامضًا، فإن البحث الذي أُجري على صور الأقمار الصناعية والوثائق يثبت أن الصين متجهة بشكل جاد نحو الانضمام إلى "نادي" القوى البحرية النووية. فهل سيغير هذا التقدم الكبير موازين القوى في البحار ويجعل الصين منافسًا حقيقيًا للولايات المتحدة في هذا المجال؟ وهل ستمكن الصين من مواجهة التحديات البحرية الأمريكية في المحيطات البعيدة؟

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بوتين يعلن دعمه لمطالب الصين بشأن تايوان ويقول إنه مستعد لمناقشة قضية أوكرانيا مع ترامب عودة المواجهة: الصين تستعد لموجة جديدة من التوترات مع ترامب حول التجارة والتكنولوجيا وتايوان هل دولتك من بينها؟.. الصين تضيف 9 دول لتسهيل العبور بدون تأشيرة الصين- حاملة طائرات اختبار نووي الحرب الباردة صناعة الأسلحة اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. اليوم الـ 402 للحرب: إسرائيل تستمر في قصف غزة ولبنان وتعلن إصابة 26 في الجبهتين.. ومقتل ضابط و5 جنود يعرض الآن Next سيناريو خارج المألوف.. إيران قد تهاجم إسرائيل برياً يعرض الآن Next ستارمر وماكرون يحتفلان بالذكرى الـ106 للهدنة في باريس يعرض الآن Next نجل ترامب يسخر من زيلينسكي بعد إعادة انتخاب والده: "أنت على بعد أيام من خسارة مصروفك" يعرض الآن Next الرياض تستضيف قمة "جدية" لبحث سبل وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.. فهل تصغي تل أبيب؟ اعلانالاكثر قراءة المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقًا ضد كريم خان بسبب "سلوك غير لائق".. ما القصة؟ مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز هو الهجوم الأكبر منذ بداية الحرب.. 34 طائرة أوكرانية مسيّرة فوق سماء موسكو اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما إسبانيا: غضب شعبي عارم في فالنسيا واحتجاجات تطالب باستقالة المسؤولين اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024إسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامبغزةإيطاليالبنانفرنساالحرب في أوكرانيا فلسطينأمستردام/سكيبولكير ستارمرالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب غزة إيطاليا الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب غزة إيطاليا الصين حاملة طائرات اختبار نووي الحرب الباردة صناعة الأسلحة الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب غزة إيطاليا لبنان فرنسا الحرب في أوكرانيا فلسطين كير ستارمر الطاقة النوویة القوى البحریة حاملة طائرات یعرض الآن Next فی العالم أن الصین

إقرأ أيضاً:

سور الصين العظيم أكبر مشروع معماري قديم في العالم

حصن عسكري شيده الصينيون القدماء منذ أزيد من ألفي عام لحماية الحدود الشمالية في العصور الإمبراطورية المبكرة. بدأ بناؤه في القرن السابع قبل الميلاد واستمر تطويره حتى القرن السابع عشر الميلادي، ليصبح أكبر مشروع معماري قديم في العالم.

امتد السور أكثر من 21 ألف كيلومتر عبر مناطق متعددة في شمال الصين، وكان مشروعا دفاعيا ضخما، لكنه فشل في صد هجمات الغزاة عدة مرات في أول مائة عام من بنائه.

ورغم التعديلات والتوسيعات المتكررة التي أجرتها السلالات الحاكمة المتعاقبة، فقد ظل السور مرتبطا بفكرة أول إمبراطور للصين الموحدة.

مع مرور الزمن فقد سور الصين أهميته العسكرية والإستراتيجية، لكنه تحول إلى رمز ثقافي ومعلم يجتذب ملايين الزوار سنويا.

في عام 1987 تم إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، ليصبح شاهدا على التاريخ الهندسي والمعماري للصين الممتد عبر القرون العشرين الماضية.

تغنى بالسور شعراء الصين مئات السنين، ووردت إشارة رمزية إليه في النشيد الوطني الصيني المعروف بـ"مسيرة المتطوعين"، والذي كُتب عام 1935. أُطلقت عليه عدة ألقاب، مثل "التنين الطائر"، فيما وصفه الرحالة الإيطالي ماركو بولو بـ "أعجوبة الشرق"، وكان يُعتقد أنه أحد عجائب الدنيا السبع القديمة.

لكن خلف هذا الإنجاز المعماري يقف تاريخ طويل من التضحيات، إذ يُقال إن "كل حجر منه كلف حياة إنسان"، ليصبح رموا يجسد قوة الصين القديمة.

وبفضل مكانته التاريخية، أصبح السور مرادفا للصين ورمزا لثقافتها، ولا يزال اليوم موضوعا للبحوث الأثرية والدراسات التاريخية.

إعلان الموقع والامتداد

سور الصين العظيم حصن حدودي ذو طابع عسكري دفاعي، يتألف في الواقع من هياكل مختلفة تم بناؤها على مدى مئات السنين، وعلى امتداد طرق متعددة، من قبل سلالات حاكمة مختلفة.

يُعرف في اللغة الصينية باسم "تشانغ تشنغ"، أي "السور الطويل"، ويُشار إليه أيضا باسم "سور وانلي العظيم"، ويمتد عبر شمال الصين من مقاطعة لياونينغ شرقا إلى قانسو غربا.

لا يُعرف الطول الإجمالي لسور الصين العظيم بدقة، لكن التقدير الرسمي الحديث الذي يشير إلى أنه 21 ألفا و196 كيلومترا (13173 ميلا) هو الأكثر شمولا حتى الآن. وقد تم تحديد هذا القياس الرسمي الأول من قبل الإدارة الوطنية للتراث الثقافي في الصين في يونيو/حزيران 2012.

يصل ارتفاع بعض أجزاء السور إلى 8 أمتار، بينما يمر في بعض المناطق عبر جبال يصل ارتفاعها إلى 975 مترا فوق مستوى سطح البحر. يتراوح ارتفاعه في الأجزاء الظاهرة منه ما بين 6 و7 أمتار، وعرضه بين 4 و5 أمتار.

يجتاز السور 15 مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم وبلدية في الصين، بناء على مسح أثري شامل أجرته الدولة بالتعاون مع إدارة المسح ورسم الخرائط، بدأ منذ عام 2007.

وكان قياس سابق أُجري عام 2008، قد قدّر طول السور بـ8850 كيلومترا (5500 ميل)، لكنه اقتصر على الهياكل التي بُنيت في عهد أسرة مينغ.

وتُعد مقاطعة شانشي الأكثر احتواء على أجزاء من السور، إذ يبلغ امتداده فيها أكثر من 1800 كيلومتر، وفقا لنتائج المسح الوطني لموارده.

سور الصين العظيم يمتد عبر 15 مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم وبلدية في البلاد (غيتي)

شُيّد السور بأمر من أباطرة صينيين مختلفين. وبدأت مراحله الأولى في جنوب غرب وجنوب شرق الصين، ثم تواصل بناؤه ليصل إلى أقصى الشمال.

في الشرق يمر عبر سلسلة جبلية تُعرف بالحدود المنغولية المرتفعة، بينما يمتد في الغرب عبر هضاب وعلى طول الحدود الصحراوية.

إعلان

واكتشف الباحث البريطاني ويليام ليندسي وفريقه قسما جديدا من سور الصين العظيم شمال الحدود الصينية-المنغولية، وهو أول اكتشاف لقسم من السور يمتد خارج الحدود الصينية الحالية.

كان يُعتقد أن هذا الجزء ضائع منذ ألف عام، وتمت الإشارة إليه في الخرائط باسم "جدار جنكيز خان". لكن فريق ليندسي أعاد تصنيفه جزءا من السور بعد دراسته في صحراء جوبي. وأكد أنه امتداد للتحصينات الدفاعية الصينية القديمة.

تاريخ سور الصين العظيم

يعود بناء الأجزاء الأولى مما أصبح يُعرف بـ"سور الصين العظيم" إلى القرن السابع قبل الميلاد، وفقا لأرجح الأقوال، ومع ذلك يرجع بعض الباحثين جذوره إلى فترات أقدم.

ووفقا للسجلات التاريخية الصينية، فقد بدأ السور على شكل جدران منفصلة أقامتها دول متحاربة مختلفة لحماية ممالكها في فترة تُعرف باسم "الممالك المتحاربة" (475-221 ق.م).

وأرست هذه الجدران المبكرة الأسس التي اعتمدتها سلالة تشين لاحقا وربطتها ببعضها البعض في أول سور عظيم مستمر شكّل النواة الأولى لـ"سور الصين العظيم".

بعد أن وحّد الإمبراطور تشين شي هوانغ الصين تحت حكمه، أمر بهدم كافة الأسوار والممرات القديمة التي أنشأها الحكام السابقون، وتعويضه بسور موحّد وضخم لحماية إمبراطوريته وترسيخ سلطته.

تقول الذاكرة الجماعية الصينية إن الجزء الكبير من السور -الذي أنجزه أول أباطرة الصين- قد شُيد بسواعد آلاف وربما ملايين من الجنود والفلاحين والسجناء المحكوم عليهم بالأعمال الشاقة.

وقد توفي عدد كبير من هؤلاء العمال من شدة التعب والإجهاد ودفنوا تحت أو بين الحجارة، وتقول بعض الأساطير الشعبية إن أجزاء من السور انهارت بسبب حادثة شهيرة تتعلق بخادمة سارَت نحو 400 كيلومتر للوصول إلى جثة زوجها الذي لقي حتفه أثناء العمل في البناء.

وخلّد التاريخ ذكرى العمال الذين لقوا حتفهم أثناء بناء السور، حتى أُطلق عليه أحيانا لقب "أطول مقبرة على وجه الأرض" أو "المقبرة الطويلة"، وأصبح لقب "الطاغية الجبار ومُبَدِّد ثروات الوطن" ملازما لذكرى تشين.

إعلان

تعرض تشين لانتقادات دائمة بسبب قسوة حكمه، على الرغم من أن سور الصين العظيم لم يُنقذ إمبراطوريته من الانهيار، فبعد عام واحد من وفاته، اندلعت أول انتفاضة في تاريخ الصين، ولم يدم حكم سلالة تشين سوى 15 عاما.

كان السور الأولي الذي بنته أسرة تشين يمتد من لينتاو إلى لياودونغ بطول يزيد عن 10 آلاف لي (وحدة قياس صينية قديمة)، كما أنشئت 12 ولاية على طوله.

لهذا السبب ارتبط السور دائما بحكم تشين باعتباره هو من بدأ المشروع الضخم، الذي أسهم في الشكل النهائي للسور كما يعرف اليوم. ويُقال إن ضريحه يقع تحت أحد أجزاء السور.

كان السور الذي بُني في عهد تشين عبارة عن تحصينات دفاعية محدودة تقع شمالا أبعد من السور الحالي. ولم يتبقَ منه اليوم سوى القليل، لكنه لا يُعتبر موقعا سياحيا شهيرا.

ومنذ عهد أسرة تشين، شهد السور تعديلات وتوسعات بمقاييس مختلفة على يد أكثر من 20 سلالة حاكمة، وفقا للسجلات التاريخية.

سور الصين العظيم شهد وفاة عدد كبير من العمال من شدة التعب والإجهاد أثناء بنائه (شترستوك)

وكانت أسرة هان، ثاني إمبراطورية في الصين القديمة، من أبرز من أسهم في توسيع وتحسين السور الذي بُني في عهد تشين، وأقاموا أبراج إنذار تمتد من العاصمة تشانغان (التي تعرف حاليًا باسم شيان).

إضافة إلى ذلك، بدأت الأسرة الحاكمة في بناء سور جديد ربطته بسور تشين، وأقامت على طوله قلاعا صغيرة تُعرف باسم "تشانغ"، ومواقع دفاعية عُرفت باسم "ليه تشنغ" (صفوف من الحصون).

وفي عهد أسرة هان، كان للسور أيضا دور بارز في فتح طرق المواصلات وتعزيز التبادلات الاقتصادية والثقافية بين الصين وبلدان آسيا وأوروبا.

فقد تم افتتاح طريق الحرير الشهير، إذ بُني القسم الغربي من السور على امتداده، مما جعله خطا إستراتيجيا يربط بين الشرق والغرب.

انضمت سلالة مينغ (1368م–1644م) في سعيها لإنشاء إمبراطورية قوية إلى جهود بناء وتوطيد سور الصين العظيم.

إعلان

وكان نطاق مشروع مينغ واسعا، تجاوز كل ما أنجزته السلالات الملكية السابقة، فأنشأت ما يُسميه الصينيون الآن "سور 10 آلاف لي" أو "الجدار الطويل".

وفي ذروة عهد أسرة مينغ ( القرن 14 إلى القرن الـ17 ميلادي)، تم بناء أرقى امتداد للسور بطول 8851  كيلومترا على مدار نحو 200 عام من حكمها.

يبدأ هذا السور من نهر يالو في الشرق، وينتهي عند جيايويقوان في الغرب. وقد شهد تحسينات على الممرات وقُسّم إلى 9 حاميات، كذا استُخدم لحماية التجارة شمالًا على طول ما أصبح يُعرف لاحقًا باسم "طريق الحرير".

وكانت سلالة مينغ آخر من عمل على تشييد معظم أجزاء سور الصين المتبقية، مما أعطاه الشكل الذي يعرف الآن. ولذلك يُطلق عليه أحيانا اسم "سور مينغ العظيم".

تراجع وترميم

في القرن الـ17، وسعت أسرة تشينغ (المانشو) حكمها إلى منغوليا الداخلية، دون أن تواجه تهديدات كبيرة من الشمال، مما قلل من الأهمية الدفاعية للسور.

وعندما استولت أسرة تشينغ (1644-1912م) على السلطة ووسعت حدود الصين شمالا، فقد السور وظيفته الأصلية حاجزا دفاعيا.

مع تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، ناهض الرئيس ماو تسي تونغ سور الصين العظيم باعتباره من الرموز الثقافية والتاريخية لفترة ما قبل الثورة.

ويُقال إن ماو اعتبر السور رمزا للأنظمة الإقطاعية القديمة، ووفقا لبعض المصادر التاريخية فقد دعا من المزارعين أخذ أجزاء من السور لاستخدامها في بناء منازلهم.

ورغم مواقفه الرافضة لسور الصين من الناحية الرمزية، فإنه اشتهر عنه قوله "إذا لم تتسلق سور الصين العظيم، فأنت لست رجلا حقيقيا".

أما فترة الثورة الثقافية (1966–1976) فقد شهدت هجوما واسعا على التقاليد الثقافية الصينية القديمة، بما في ذلك التدمير الجزئي للآثار التاريخية، وتعرض السور للإهمال ولحقته بعض الأضرار.

عندما وصل دنغ شياو بينغ إلى السلطة في أواخر السبعينيات من القرن العشرين، بدأ إصلاح السور في إطار رؤية أوسع للحفاظ على التراث والترويج للسياحة في الصين الحديثة.

إعلان

وعملت الحكومة الصينية على بناء 3 أجزاء من السور خاصة في المناطق القريبة من بكين وفي مقاطعة كانسو شمال وسط الصين.

ومنذ عام 2009، أعلنت الحكومة الصينية اكتشاف أجزاء جديدة من سور الصين العظيم بالقرب من الحدود مع كوريا الشمالية، بجوار جبال هوشان.

كان الجزء المتنازع عليه يُعرف باسم "جدار لياونينغ"، وهو حاجز دفاعي بسيط بُني في عهد أسرة مينغ لصد الغزوات القادمة من الشمال باتجاه مقاطعة لياونينغ.

وتعرّض سور الصين العظيم للعديد من الانهياراتٍ الجزئية، ثم أعيد بناؤه. ولا يزال يخضع لعمليات ترميمٍ قصد المحافظة عليه معلَما سياحيا.

سور الصين العظيم تعرض للعديد من الانهيارات الجزئية وأعيد بناؤه لاحقا (الأوروبية) هندسته المعمارية

شهد سور الصين العظيم تطورات هندسية كبيرة عبر القرون، إذ تبنت كل سلالة حاكمة أساليبها الخاصة لتحسينه وتطويره، وجعله تحت السيطرة المباشرة لكبار حكامها.

بُني السور بشكل منفصل لتعزيز تحصيناته، إذ امتد في اتجاهين، أحدهما نحو الجنوب الشرقي والآخر نحو الجنوب الغربي، وتوحدا في أقصى نقطة شمال الصين.

في الجزء الشرقي، شُيدت الأساسات من الغرانيت، وبُنيت الجوانب من الحجر أو الآجر، بينما تم ملء الداخل بالطمي، أما القمة فقد رُصفت بالطوب المثبَّت بالإسمنت الجيري، وفي المقابل كانت الأحجار والآجر نادرة في الجزء الغربي.

في العصور المبكرة، استُخدم الطين المدكوك والخشب في البناء، وفي عهد مينغ تم استخدام الطوب والحجر، كما جرى توظيف الحجر الجيري والغرانيت في المناطق الجبلية الوعرة، واستُخدم ملاط الأرز اللزج مع الجير المطحون لربط الطوب ومواد البناء الأخرى.

نُقلت كتل الحجارة الضخمة وكميات الجير الكبيرة يدويا أو عبر السلال التي كانت تُحمل على الأكتاف. بينما استُخدمت الحمير لحمل السلال الثقيلة، وربطت كتل الطوب إلى قرون الماعز لنقلها إلى المناطق الجبلية المرتفعة.

إعلان

نظرا للتضاريس الجبلية، اعتمد البناؤون تقنية الجدران المتدرجة، كما طُورت بوابات السور باستخدام تقنية الأقواس الحجرية، وبُنيت بعض الأقسام بزوايا منحنية لمنع الأعداء من تسلقها بسهولة.

وفي المناطق التي يتقاطع فيها السور مع الأنهار والبحيرات، أُنشئت جسور حجرية وأرصفة خشبية. وأقيمت حصون عسكرية في مناطق أخرى من أجل تخزين الأسلحة، إلى جانب أنفاق وممرات مائية سرية لنقل الإمدادات والجنود.

وعلى طول السور، بُنيت آلاف الأبراج على مسافات تتراوح من 500 إلى 1000 متر، وكانت تُستخدم للتواصل العسكري عبر إشارات الدخان نهارا وإشارات النار ليلا.

معلم تاريخي وسياحي

يُعد سور الصين العظيم أحد أعظم المعالم التاريخية في العالم، إذ يمتد تاريخه لأكثر من 2500 عام. وبعد افتتاحه أمام الزوار في عام 1958، أعلنت الحكومة الصينية رسميا في 4 مارس/آذار 1961، إدراج أجزاء منه تحت حماية الدولة باعتبارها "آثارا تاريخية مهمة".

وقد مهد هذا القرار الطريق لإدراج السور ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو في ديسمبر/كانون الأول 1987.

كما تم اختياره في 7 يوليو/تموز2007، ضمن عجائب الدنيا السبع الحديثة، التي أعدت قائمتها مؤسسة "عجائب الدنيا السبع الجديدة"، وهو ما عزز مكانته وجعله وجهة سياحية بارزة.

ولتأكيد هذه المكانة أصدرت إدارة التراث الثقافي الصينية في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، القائمة الأولى للأقسام المهمة من السور.

وبينما كان يعتقد في السابق أن السور مرئي من الفضاء، فقد أفاد رواد الفضاء منذ ذلك الحين أنهم غير قادرين على رؤيته من المدار المنخفض.

وقد أطلقت الحكومة الصينية مشاريع ترميم باستخدام مواد حديثة لدعم الأجزاء المتضررة من السور، ومع ذلك لا تزال بعض الأجزاء مهجورة أو في حالة خراب، خاصة في المناطق الصحراوية.

وبحسب المؤرخين ودعاة الحفاظ على التراث، لم يتبقَ سوى نحو 372 كيلومترا من السور في حالة جيدة. وتُعد الجهة الشرقية التي تمتد على بضع كيلومترات، من أفضل الأجزاء المحفوظة حتى اليوم.

سور الصين العظيم المصنف ضمن عجائب الدنيا السبع يجذب ملايين الزوار سنويا (غيتي)

وفي دراسة حديثة نُشرت في مجلة "ساينس أدفانس"، توصّل فريق من العلماء إلى أنّ الطبيعة تسهم في حماية سور الصين العظيم.

إعلان

ووجدت الدراسة أن طبقات "القشور الحيوية" التي تتكون من الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا والطحالب، تؤدّي دورا مهما في الحفاظ على استقراره وصموده أمام العوامل البيئية المختلفة.

وعلى الرغم من اختفاء ثلث الهيكل الأصلي من سور الصين العظيم التاريخي وفقا لبعض التقارير، فإنه لا يزال أحد أكثر المواقع زيارة في الصين، إذ يجذب ملايين الزوار سنويا.

وتحتوي منطقة بكين على معظم أجزاء سور الصين الشهيرة، بينما في منغوليا الداخلية أطول ومعظم المواقع.

ويعتبر قطاع بادالينغ -الواقع على مسافة 37 ميلا إلى شمال غرب العاصمة بكين– أفضل المواقع زيارة من حيث القيمة الأثرية والشعبية.

مقالات مشابهة

  • ثورة في عالم الطاقة.. تطوير «بطارية» تدوم مدى الحياة دون «شحن»!
  • الطاقة النووية تدخل عصراً جديداً ببطارية تدوم مدى الحياة
  • وداعاً لإعادة الشحن.. بطارية نووية تعمل مدى الحياة
  • سور الصين العظيم أكبر مشروع معماري قديم في العالم
  • ثورة في عالم الطاقة.. تطوير بطارية نووية قد تدوم مدى الحياة
  • الصين وجمهورية الكونغو تتعهدان بتعزيز تطوير التعاون الصيني-الإفريقي
  • توليد الكهرباء من قصب السكر.. البرازيل تطلق أول محطة كهرباء تعمل بالإيثانول
  • الصين في "العصر الترامبي" 
  • مراسل سانا باللاذقية: طائرات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت بعدة غارات جوية محيط الميناء الأبيض ومدينة اللاذقية قبل قليل، فيما تعمل الجهات المختصة على التأكد من عدم وجود إصابات في أماكن الاستهدافات
  • الطاقة المتجددة.. نمو دولي قياسي والحصة الأكبر في الصين