كتاب: اعترافات قرصان اقتصادي
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
مؤلف الكتاب هو (جون بيركنز John Perkins) أمريكي من مواليد 1945، والكتاب الذي بين أيدينا هو كتابه الأشهر، ويحمل عنوان: (The new confession of a economic hit man)، ويتناول فيه الأساليب الإجرامية التي انتهجتها عصابات الشركات والبنوك وحكومة الولايات المتحدة في المقامرة بمستقبل الدول الفقيرة، فقد عمل المؤلف بوظيفة مستشار وخبير اقتصادي لمدة عشر سنوات في وكالة الاستخبارات الأمريكية، والشركات متعددة الجنسيات، وانحصرت وظيفته في إبتزاز القادة الأجانب، وتطويعهم لخدمة البيت الأبيض، وأهدافه المبنية على نهب الثروات.
الكتاب عبارة عن رواية جريئة لكنها مقنعة، تستمد أحداثها من تجارب المؤلف الشخصية كقاتل اقتصادي محترف، وتحكي عن تلاعبه بالبيانات، ودوره في الخداع وترويج الأكاذيب، والابتزاز عن طريق الجنس، والاغتيالات، وما إلى ذلك من أعمال قذرة. .
يُعد الكتاب نقطة جذب لأولئك الذين ليسوا على دراية بتدخلات الحكومة الأمريكية في شؤون البلدان الضعيفة، واغراقها بالقروض التي لا طاقة لها على سدادها، فكانت النتيجة مساومتها على مقايضة ثرواتها بديونها. .
يبدو أن المؤلف كان مشتتا بين المُثل الوهمية الأمريكية، وبين هيمنتها وأنانيتها وجشعها، فلم يكن مقتنعا بتناقضاتها. وسعيها الدؤوب لفرض هيمنتها الاقتصادية على العالم. .
يعترف المؤلف انه كان يدير المفاوضات مع الحكومات الضعيفة، وكانت الأوراق المطروحة للتفاوض أشبه بلعبة البوكر (القمار)، حيث تبقى الأوراق مخفية، ويراهن كل لاعب على يده. .
كان هذا النوع من المفاوضات أشد خطورة من لعب القمار، لأنه ترك آثاره المدمرة على حياة الشعوب ولعقود طويلة من الزمن. .
يقول المؤلف: كانت الولايات المتحدة تنظر إلى كولومبيا كمجال مفتوح لتعزيز مصالحها السياسية والتجارية. فألقت ثقلها كله في الاستثمارات الضخمة لمشاريع شبكات الطاقة الكهربائية، والطرق السريعة، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وفتح موارد الغاز والنفط. فكانت مهمة المؤلف التوجه إلى كولومبيا لتقديم القروض الضخمة مقابل تنفيذ مشاريع اقتصادية وكهربائية تحت ستار التنمية، ومقابل تبني خطة اقتصادية مزيفة تنص على أنه في غضون 25 عاماً ستشهد كولمبيا زيادة بنسبة 17-20٪ في النمو الاقتصادي المزعوم، والازدهار الكاذب. .
ويذكر أيضاً أن الحكومة الأمريكية لديها فرق مدربة لتنفيذ الاغتيالات، يعرفون باسم (ابن آوى)، لتصفية أشخاص بعينهم، والتخلص منهم إذا كانت النتائج لا تسير وفقاً للخطة المتفق عليها. .
على الرغم من أن المؤلف أمضى 10 أعوام في هذه المهنة القذرة، لكنه أدرك في نهاية المطاف انه بحاجة للتصالح مع ضميره كإنسان حتى لو تعرض للخطر، فقرر تكثيف جهوده لتوعية الشعوب، وشارك في المؤتمرات الدولية لتثقيف قادة المستقبل. محذرا الناس من خبث وسائل الإعلام التي لا تنقل الحقيقة بشكل صحيح حول المواقف الجيوسياسية والاغتيالات السرية. .
ويتساءل المؤلف في ختام كتابه: هل سنتوقف نحن الامريكان عن تدنيس الأرض وتلوث الأجواء بذريعة التنقيب عن النفط والموارد الأخرى ؟. وهل هنالك ثمة أمل ليقظة الشعوب وخروجها من غيبوبتها الطويلة ؟. .
الجواب متروك للمستقبل. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
سورية في وجه الغطرسة الصهيونية: حين تنهض الشعوب لا تُهزم
ليس غريبًا أن يمدّ الاحتلال الصهيوني أنيابه نحو الجنوب السوري، متوهمًا أن الجراح المفتوحة تعني غياب الوعي أو غفوة الروح. لكنه يجهل أن سوريا، وإن أُنهكت بالحروب، لا تنكسر. فالشعوب التي أرهقتها الدماء قد تستفيق في لحظة، وتُشعل بركان المقاومة من تحت الركام.
وما بين القنيطرة ودرعا، تتوقد شرارات الرفض الشعبي، في أرضٍ لا يمكن للاحتلال أن يستقر فيها، ولا للغزاة أن يتنفسوا بحرية على ترابها.
لكن سورية ليست وحدها في هذا الطريق، فالتاريخ زاخر بشعوب قاومت وانتفضت وأسقطت مشاريع استعمارية كانت تبدو، في لحظات كثيرة، عصيّة على الهزيمة.
هذه النماذج تلهمنا وتُذكّر العدو أن الغطرسة لم تكن يومًا ضمانة بقاء، وما صمود غزة المحاصرة منذ ثمانية عشر عامًا عنا ببعيد.
فيتنام… الأرض التي كسرت جبروت أمريكا
حين اجتاحت جيوش الولايات المتحدة أرض فيتنام، كانت واثقة أن النصر مسألة وقت. لكن "الڤييت كونغ" كان له رأي آخر.
حفروا الأنفاق، زرعوا الفخاخ، وصمدوا تحت أعتى قصف جوي في التاريخ.
وعلى مدى عشرين عامًا، قاوم الفيتناميون بأسنانهم، حتى خرجت أمريكا تجرّ أذيال الهزيمة عام 1975، بعد أن خسرت أكثر من 58 ألف جندي، وتركت وراءها هيبة محطّمة.
جنوب إفريقيا… مقاومة تحطّم العنصرية والصهيونية
لم يكن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ليصمد لولا الدعم الصهيوني اللامحدود.
سورية اليوم ليست سورية الضعف، بل سورية الوعي. وحين يستيقظ الوعي الشعبي، تتحطم آمال الغزاة. وإن كانت درعا والقنيطرة أولى الجبهات، فإن قلب سورية كله جبهة. وما دامت الشعوب تنهض، فالصهاينة إلى زوال… مهما طال الليل.لكن مقاومة شعبية قادها نيلسون مانديلا ورفاقه، أسقطت ذلك النظام القذر. سُجن القادة، وقُتل الأبرياء، لكنهم انتصروا في النهاية. وسقط وهم التفوّق العنصري تحت أقدام شعب أبيّ، رفض الاستسلام.
كوبا… جزيرة التحدي في وجه الحصار الأطول
منذ أكثر من ستين عامًا، تواجه كوبا حصارًا أمريكيًا خانقًا. بلد صغير، محدود الموارد، لكنه رفض أن يخضع. صمدت كوبا رغم العزلة، وعلّمت العالم أن الكرامة أغلى من الرغيف، وأن الحرية لا تُشترى.
إلى دعاة "النأي بالنفس": ماذا تنتظرون؟ الشعوب الحرة لا تستكين لظالم، ولا ترضخ لمستعمر.
أما "العقلانيون" جدًّا، و"الواقعيون" حدّ التخلي، فأسألهم بكل ود: ماذا تنتظرون أكثر؟ هل تنتظرون إعلان نتنياهو رسميًا احتلال محافظة درعا؟ أم تترقبون اعترافًا صريحًا بأن الجنوب السوري بات “منطقة نفوذ” صهيوني؟
هل استباحة الأجواء السورية ليلًا ونهارًا لا تكفيكم؟ هل اختطاف سوريين من داخل أراضيهم ـ كما جرى في القنيطرة وريف دمشق ـ لا يحرّك فيكم شيئًا؟ ماذا بقي من السيادة لتنتظروا المسّ بها؟ أيّ منطق يرى في الصمت سياسة، وفي اللاموقف وطنيّة؟ وأنا أتحدث هنا عن نشطاء ومؤثرين وقادة رأي مجتمعي، لا عن الدولة التي لها حساباتها.
المقاومة الشعبية.. الصوت الذي لا يُقهر
الدعوة إلى مقاومة شعبية لا تعني دفع الجيش النظامي إلى مواجهة شاملة، بل تعني إرسال رسالة واضحة: هذه الأرض ليست خالية. هذا الشعب حيّ. يرفض الاحتلال، ويقاومه بكل الوسائل الممكنة. فالمحتل لا يرهب الجيوش وحدها، بل يرهب الرفض الشعبي، والشعور الجمعي بأن كل بيت في سوريا يرفضه.
أيها الصهاينة… سورية ليست هشّة كما تظنون
ربما تظنون أن الجراح أضعفتها، وأن غبار الحرب أنسى أبناءها الأرض. لكن من يجهل التاريخ، يعيد أخطاءه. من فيتنام إلى جنوب إفريقيا، ومن كوبا إلى كل أرض قاومت، تعلّموا: الشعوب حين تثور، تطيح بالإمبراطوريات، وتكسر الاحتلالات، وتكتب نهايات لم تكن على بال. المشروع الصهيوني ليس مجرد عدوان على الأرض، بل هو اعتداء على الذاكرة، على التاريخ، على الكرامة.
ومن هنا، فإن المقاومة الشعبية في سوريا اليوم ليست مجرد رد فعل على توغّل عسكري، بل هي انتفاضة على مشروع صهيوني يحاول أن يرسم خريطة من النيل إلى الفرات، في غفلةٍ من الزمن.
لا أمان لكم على أرض تعرف معنى التضحية
سورية اليوم ليست سورية الضعف، بل سورية الوعي. وحين يستيقظ الوعي الشعبي، تتحطم آمال الغزاة. وإن كانت درعا والقنيطرة أولى الجبهات، فإن قلب سورية كله جبهة. وما دامت الشعوب تنهض، فالصهاينة إلى زوال… مهما طال الليل.