العزاء.. حلقة من حلقات البحث عن اللقطة
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تغيرت مظاهر العزاء خلال السنوات الأخيرة، حيث تحولت من مناسبة للحزن واستذكار المتوفى والترحم عليه، إلى فرصة للظهور والتباهي واصطياد «اللقطة»، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالمشاهير، ضاربين بعرض الحائط القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي تستوجب احترام هيبة الموت وحرمته.
أسباب عديدة ساهمت في هذا التحول، وجعلت الموت يبدو كأنه حدث عادي ومتكرر، أصبح أيضا «وجاهة اجتماعية»، ونرى ذلك أحياناً في إقامة سرادق ضخم أو إرسال دعوات لشخصيات معروفة أو من خلال التجهيزات المبالغ فيها إلى جانب التغطية الإعلامية التي أصبحت الركن الأساسي والأهم عند المشاهير، ليصبح الجانب الإجتماعي للعزاء يطغى على الجانب الديني.
نقف هنا عند دور الإعلام الحديث، الذي بات يلعب دوراً بارزاً في استغلال مناسبات العزاء لدعم ما يسمى بثقافة الصورة، من خلال اصطياد مشاهد مؤثرة وخاصة يتم استغلالها لتحقيق مشاهدات عالية، هذا لا ينفي أن هناك العديد من المشاهير يلجأون لهذه الطريقة للظهور بشكل متعاطف وإنساني معتقدين أن هذه المشاهد قد تخدم سمعتهم الفنية وتعزز علاقتهم بالجمهور.
ظهرت فئة ثانية، تلك التي تحول العزاء إلى ما يشبه «عرض أزياء»، حيث يصبح التركيز على الملابس الباهظة الثمن والإطلالات المثيرة و«الميك اب» المبالغ فيه، في حين أن الأصل في مثل هذه المناسبات هو التعبير عن الحزن والتراحم من خلال الاستغناء عن كل مظاهر الفرح.. كل هذه الأساليب المستحدثة تشكل انتهاكاً لحرمة الموت، مما يعكس تراجع احترام الخصوصية ويشجع على انتشار ظاهرة التباهي والاستعراض.
عوامل كثيرة حولت الموت إلى سلعة تستغل لأهداف عديدة، لذلك من المهم أن تكون هناك ضوابط وقوانين تحمي حرمة مناسبات العزاء من خلال ميثاق أخلاقي تلتزم به وسائل الإعلام، كما يجب على المشاهير أن يعبروا ويتمسكوا بموقفهم الرافض لاستغلال مثل هذه المناسبات الخاصة للتسويق والتشهير في بعض الأحيان لاسترجاع المعنى الحقيقي للعزاء وهو التراحم والتضامن الإنساني.
*كاتبة وإعلامية مغربية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العزاء الجانب الإجتماعي الجانب الديني من خلال
إقرأ أيضاً:
العراق: حلقات مفككة وروابط ممزقة، ولاعبون فقدوا أدوات التأثير
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
عندما يصاب السياسي بالغرور، ويقطع علاقاته بالجمهور، ويتعالى عليهم، فأنه يخسر نفسه، ويخسر مستقبله، ويخسر شعبيته، ويفقد أدوات التأثير في المجتمع. فما بالك إذا اشترك السياسيون (معظمهم) في هذه الخصال بدليل ان مقاعدهم الانتخابية سجلت انخفاضا منحدرا نحو الأسفل في صناديق المدن البعيدة عن بغداد، وظهرت مؤشرات الانخفاض والغياب واضحة جلية تحت سقف البرلمان. فالكيانات المعروفة بأرقامها العالية لم يعد لديها سوى نائب واحد فقط. .
وهذا يعني ان الاكتفاء بالذات، والثقة المطلقة فى القناعات. ورؤية الحزب كمركز تدور حوله المحافظات، والانطلاق من هذا المفهوم الخاطئ لتحقيق التقدم المنشود لن يصب في مصلحة الكيانات السياسية، وسوف يعود عليها بالفشل والانكماش والتقهقر. .
خذ على سبيل المثال: التحالفات الطارئة التي شهدتها المحافظات الجنوبية، ومنها: (تحالف تصميم) الذي نجح في تسجيل أعلى النقاط على الصعيدين (المحلي والوطني). .
اما اقوى العوامل التي تسببت في فقدان أدوات التأثير. فهي:-
أذكر انني كنت في حملة انتخابية محلية لزميلي المرشح، فذهبنا إلى ابعد نقطة على أطراف الحدود الادارية للمدينة، وكانت قرية بائسة، فقرر المرشح ارسال كميات من مواد البناء لتشييد مسجدهم وترميم مدرستهم. فخرج ابناء القرية يهتفون للمرشح الذي كان معنا في زيارة الموقع، لكننا فوجئنا انهم لم ينتخبوا صاحبنا، بل انتخبوا خصمه. ولما سألناهم عن الاسباب: قالوا لأن خصمكم دفع للشباب المبالغ النقدية المجزية فكان الفوز من نصيبه. لا خير في ديمقراطية تحسمها الاموال، ولا خير في كيانات تحلق عاليا في الفضاءات النرجسية. .
ختاماً: في العصور الغابرة كان جدنا الملك الاشوري اسرحدون يخاطب سكان بابل، بهذه الكلمات: (لن يبقى فقير في مملكتي، ولن يكون للعراة وجود. سأجهز كل العراة والفقراء بالثياب، وسأقضي على البؤس والعوز والحاجة، وستعود بابل مدينة المدن). .
ما الذي تغير الآن ؟؟. . . د. كمال فتاح حيدر