الوجوه المتعددة في مجموعة «مذكرات رجل وحيد» لأحمد الشحي
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
لا يمكن لقارئ الشعر الشعبي العُماني ألا يقف على تجربة الشاعر أحمد الشحي الشعرية؛ فهو من الشعراء الذين لهم القدرة على تطويع الكلمة وتوظيفها التوظيف الأمثل مازجًا بين الفكرة والصورة من أجل التعبير الخلاق، فضلًا عن إمساكه بالدلالات وربطها جيدًا بلغته الشعرية الشعبية. صدر للشاعر أحمد الشحي مجموعة «مذكرات رجل وحيد» عام ٢٠١٤م عن دار المكتب للثقافة والإعلام، وهي بلا شك تجربة مهمة فـي المشهد الشعري الشعبي العُماني كونها ضمّت نصوصًا تنهل من فكر الشحي المازج بين الرؤية الفكرية للحياة وبين التعبير الشعري الجمالي.
ورغم أنّ الشحي من الشعراء المُقلّين فـي النشر فـي الصحف والمجلات وفـي وسائل الإعلام، فإنّ هذه المجموعة شكّلت تجربة فنية مهمة، ومحطات جميلة يمكن قراءتها فـي نصوص المجموعة. تشكّلت المجموعة من 38 قصيدة شعرية تمزج بين موضوعات عدة؛ إذ يمكن للقارئ أن يقرأ من خلالها القصائد الرومانسية وقصائد الغياب والفراق والوحدة، كما عبّرَ الشاعر لنا عن وجوه متعددة أبصرها فـي الحياة، وجوهٍ لأشخاص وأمكنة مختلفة واقعية ومتخيلة. إنّ المطّلع على قصائد الشحي يجد أن الشاعر قد مزج بين الصور مع إعادة تركيب بعضها تركيبًا يتلاءم والفكرة التي ينشدها، كما سيجد القارئ أنّ الشحي قادر بحكم ثقافته واطلاعه على مزج اللغة الشعرية بالفكرة والصورة مكونًا نصًّا متلاحمًا فـي أبياته، وفـي فكرته؛ فصورة الشاعر مثلًا فـي قصيدة (شاعر) لا تحمل صورةً واحدةً كونه قائلًا للشعر فقط، بل له وجوه متعددة، ولعل فـي ذلك إسقاطًا على الصورة التي يرغب الشحي فـي تكوينها الثقافـي عن الشعراء. يحاول الشاعرُ الشحي -فـي القصيدة- الانسحاب من مهنة الشعر؛ إذ يرى فـي «الأجود» موتا للشاعر، فالمكان والبقاء فـي هذه الساحة للأجود من الشعر. وعليه تتعدد الوجوه فـي القصيدة كما تتعدد الصور فـي مقابل الأخرى منها، وربما قصد الشاعر هنا مزاحمة الصور المنتقاة من الحياة للتعبير على تداخل الشخصيات فـي الأفضلية واختياره لمهمة أخرى غير الشعر، فالشاعر مرتبط بالجمال والفن والجودة. يبدأ الشحي قصيدته (شاعر) بنفـي الشعر عن شاعره قائلًا: أنا يا صاحبي شاعرْ برغم أنف الحكي والقافْ أموت بساع لا صار البقا فـي يوم للأجودْ لكن الانتقال الفجائي فـي أبيات القصيدة ليس بنفـي الشعر فقط، فقد جاء فـي اشتغال الشاعر على الدلالات المتداخلة بين عملية النفـي للشعر والإثبات لغيره، هنا يرتّب الشاعر الدلالات مقدّمًا إياها فـي مواجهة النفـي السابق، وهنا تعمل دلالات مثل: (العرّاف، الفارس المهزوم، السيف المجهد، الهامة، السياف، البشرة البيضاء، صبح يوم أسود، العاشق) على الصدام والمواجهة وخلق تعبير مفاجئ للقارئ بخلاف التعبير الأول، وعليه تسير القصيدة فـي صورة توضيحية تقدمها الأبيات اللاحقة إلى البيت الأول قائلة: خذيت السالف لاهي.. وصرت أشطر من العرّافْ وانا من سيرة الشاعر على بُعْد السما وأبْعَدْ اسولف للوَدَع أحلى سواليفـي مع الأصدافْ سوالف فارسٍ مَهْزُوم يشْحَذْ سيفه الْمُجْهدْ سوالف هامةٍ ياما بكت فـي قَبْضَة السيافْ سوالف شعرةٍ بيضا لِفَتْني صُبح يوم اسْوَدْ سوالف عاشقٍ مَلَّت طريق أسنانه الأكتافْ سوالف ليلةٍ حمرا وكيف وْكاسٍ وْمَوْقِدْ سوالِفُ زَهْرِةٍ قالت ترى كثر الكلام اسْرافْ وَانَا مِنْ يُومَها بالصمت عِشْت اياميِ الأسْعَدْ أجي والصبح يفضحني قضيت الموعد اللي طافْ وانام ولا ضواني الليل يضويني على موعدْ! ثم يعود فـي البيتين الأخيرين مؤكدًا على التعبير الأهم وهو ارتباط الشاعر بالجمال والفن والجودة فـي الكتابة الشعرية. لكن هذا التعامل الدقيق مع الدلالة اللفظية للشعر ينم عن موهبة حقيقية ليست فـي كتابة الشعر فحسب، وإنما فـي الرؤية فـي التقاط الفكرة فـي تشكلها وفـي مخالفتها وتضادها، ليستطيع من خلالها صنع نص شعري مختلف فـي فكرته وفنياته: أنا يا صاحبي شاعر.. ولكن خارج الأعرافْ على صدر الشعر مالي مع أرباب الشعر مقعدْ أعيش بعالم عاقر وأرحام السنين عجافْ وأموت بساع لا صار البقا فـي يوم للأجودْ! هذا التلاعب فـي صنع الدلالات وإتقان الصنع اللفظي لا نجده فـي قصيدة (شاعر) فحسب، نجده كذلك فـي نص (أعمى)، وهو نص يمزج بين دلالات العمى/ الظلام فـي مقابل الرومانسية والحلم بها، وبين الأعمى فـي مقابل الأنثى التي تقوده. يتشكل النص من ستة أبيات شعرية فقط، لكن عملية المزج والمقابلة ظاهرة بين الظلام والضياء، وبين العمى والنظر، وبين التعب والظمأ، فنجد الشحي معها يُحسنُ أمرين اثنين: الأول استخدامه القفلة استخدامًا بديعًا وهذا ملاحظ فـي غير نص من نصوص المجموعة، الأمر الآخر: استخدامه الدلالات اللغوية وأساليبها فـي عملية المقابلة؛ فنجد على سبيل المثال دلالات التمني: (بخت العَمَي، ليت الزمان)، والنفـي: (لا يا بعد عمر)، والنداء: (يا بدر يسني فـي دياجير ظلما)، والشرط: (لو كل أعمى مثلك اللي تقوده)، نقرأ هذه القصيدة برؤية الشحي الشاعر المتأمل فـي الحياة: بَخْتِ العَمَي لا صار مثلِكْ تقوده يا زَهْرِة تَنْبِتُ على صافـي ألما يمناك فـي يسراه وبكل بروده ويمناي انا صارت من الغيظ عَسْما ليت الزمان بيوم تصدق وعوده واتعَب على صدرِك من الشوق واظما لا يا بَعد عُمْرٍ تدانت حدوده يا بدر يسني فـي دياجير ظلما لو كل أعمى مثلِكِ اللي تقوده دعيت ربي أصبح الصبح أعْمَى! لن أطيل فـي هذه النقطة مع وجود نصوص أخرى فـي الاشتغال ذاته كـ: (الناعسة، وشمّا، وإلى صديق الصدفة). ومن الوجوه التي تتعدد فـي نصوص الشحي فـي المجموعة ذاتها، الوجه الملتبس بالفراق والموت والرحيل، وهو موضوع شائع عند أغلب الشعراء بشقيهم (الفصيح والشعبي)، ولكن الشحي قدّم لنا فـي نص (غابة الصقل) الصور المتزاحمة، والتفاصيل الدقيقة، ورحلة عذاب الضمير والألم الناتج عن الفراق نفسه. تعد قصيدة (غابة الصقل) من القصائد المهمة فـي الديوان الشعري لأحمد الشحي؛ إذ تمتاز بروعة التعبير، وجمال الأسلوب الذي يمزج بين العودة إلى الوراء وبين الرؤية المستقبلية، والألفاظ الدالة على الرحيل والفراق التي أشعل بها أبيات القصيدة حزنًا، ونفورًا عن الآخر. تميل الدلالات اللغوية فـي القصيدة إلى إشعال الذاكرة، وتثبيت فكرة الرحيل لوقت أطول وهنا تتشكل القصيدة من جماليات الفراق والحزن «أعني بالجماليات هنا الوظيفة التي يقدّمها الفراق فـي خلق الدلالات النصية، والإتيان بالجمال الفني الداخلي» يقول فـي القصيدة: ليلة الفرقا زرعت بساحة البيت شْجَرَه ثم كبر فرقاك حتى صارت الساحَه شِجَرْ غابة الصقل استحالت فـي غيابكْ مقبره صعب يوصفها الكلام وصعب يسكنها السفرْ ما بقى غير الجسد.. والذكريات الناخره والتفاصيل الصغيره.. والرسايل.. والصورْ والظلام اللي يغلف ها المدى عَنْ آخِرَه والجفون اللي ملاها عَنْ شُوَارِدْهَا السَّهَرْ من يصدق أنك انتي كنتي أكثر من مَرَهْ وانّ حسنك كان كذبه ما يصدقها النظرْ وانك انتي فـي غيابك فـي حياتي حاضره وانك انتي والخيانه بينكُم عِشْرَةً عُمرْ طال عمر الجرح دامك حية يا الذاكره لاهدا لك بال يا خنجر وفـي الدنيا ظهرْ ليلة الفرقا بقى مَحْض افتراء ومَغْفِره والتفات اعمى يحدق دون يَدْري بالقمر ! عديدة هي النصوص التي يمكن قراءتها فـي المجموعة الشعرية حاملة وجوهًا متعددة للحياة والقراءة، لكن من المهم الوقوف على قصيدة (الباطنة) كأنموذج مهم على التفاعل المكاني، وإبراز تداعياته وفق الرؤية الشخصية للشاعر. تتناول القصيدة فـي مضمونها الحديث عن الباطنة كونها تمثل مكانًا وذاكرة لدى الشاعر، لذا تأتي القصيدة طافحة بالمشاعر المختلطة بين اللوم والعتاب وبين الحب، والجمال. وعلى صعيد الصور نجد القصيدة تخلق صورها من الواقع متمددة بين الانزياح وبين الحاضر والمستقبل، وبين الجمال الطبيعي وجمال الحضارة والتمدن. يرسم الشاعر صورة للباطنة مستمدة من جميع الصور والمشاعر والعواطف المذكورة، لذا فإننا نقرأ القصيدة وفق انفعالات ملتهبة تتصاعد معها القصيدة، فنجد الشاعر مرة يقارن بين جمال الباطنة وبين دلالات التخلف الطويل مرة أخرى، فـيلجأ إلى دلالات من مثل: (كرهتك، وكثير احتقرك) للتعبير عن مشاعره تجاه المكان، هذا المكان الذي ولّد صورة السخط الظاهر فـي دلالات القصيدة والحب والإعجاب الداخلي الخفـي فـي علاقته المكان المحيط به. وبرغم أن القصيدة بدأت بداية بسيطة تتناول المحيط البدائي للحياة على المكان معبرًا عن ذلك بقوله: كسانا الليل يا امي الباطنه.. عمتي مسا عمتي عمى ألوان ما يفند سوى الأَسْوَد من الألوان مسا غليون يا أمي الباطنه.. يماه يا ستي مسا ليمون أو عاضد نغال أو سحه وفنجان فإن فـي خاتمتها اشتغالًا فنيًّا بديعًا فـي اختصار الصورة الراغب فـي تكوينها عن المكان، أو بدمج صورة الأنثى بطبيعة المكان، ليصبح الخطاب متشابكًا فـي التعبير عن ذاتين مختلفتين: كرهتك يا الشفاه الباسمة من وين ما رحتي عجزتي تقنعيني انك أصبحتي قشر رمانْ كثير أحتقرك احتقرك لأبعد ما تصورتي إذا مرَّرتي إصبع روج بين القشر بعد الآنْ شفاهك هي شفاهك.. ما تتوه.. وان تبسمتي تكوم تيتبان الحقل فـي حَلْق الزَّهَر بَرْدانْ جلنار او شفاه تختصر هالقيظ وتشتّي شفاهك يومها تضحك ويَرْقص حولها الذبان تمدن كل جهل الأرض وانتي ما تمدنتي ضواحيك ضواحيك.. وعربانك هم العربان! يُعد هذا الديوان محطة مهمة للولوج إلى عالم أحمد الشحي الشعري، وإلى تفكيره ورؤيته الشعرية لمضمون القصيدة الشعبية، ليبقى معها صوت مهم من أصوات القصيدة الشعبية العُمانية. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی القصیدة فـی نص نصوص ا
إقرأ أيضاً:
«حفظ القرآن ونجا من محاولة خطف».. محطات في مشوار الشاعر الراحل محمد إبراهيم أبو سنة
إرث كبير من الشعر والأدب وأعمال إذاعية عظيمة ستخلد اسم محمد إبراهيم أبو سنة، الذي ودَّع عالمنا بالأمس، عن عمر ناهز 87 عاما، واختتم مشواره بجائزة النيل في الآداب لعام 2024.
في أسرة متدينة، ولد الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة في مركز الصف بالجيزة في 15 مارس 1937، إذ كان والده شيخا للبلد، وتوفيت والدته وهو في السابعة من العمر.
وحفظ أبو سنة جزءًا من القرآن في الكُتَّاب، وفي العاشرة من عمره أوفده والده إلى القاهرة ليحفظ القرآن الكريم كاملا بمدرسة شويكار قادن الأولية لتحفيظ القرآن الكريم بجوار مسجد الحسين، ثم التحق بمعهد القاهرة الديني الابتدائي والثانوي.
محاولة اختطافقال الشاعر الراحل، في حواره مع الإعلامية فاطمة السردي، عبر قناة النيل الثقافية، إنه تعرض عندما كان صغيرا، لمحاولة اختطاف في القاهرة، حيث كان يتفقد العاصمة عبر قراءة لافتات المحال التجارية والأطباء والمؤسسات وغيرها، إذ أمسك المختطفون يده واستسلم في البداية لكنه سحب يده بسرعة ونجا من المأزق وانطلق جريا بعيدا عن المنطقة، وتوقف عن التعرف عليها بهذه الطريقة، مفضلا طريقة معرفة البشر مثل الأساتذة والتلاميذ والأصدقاء إلى أن تخرج في كلية الدراسات العربية.
وتردد أبو سنة على دار الكتاب في باب الخلق لقراءة الكتب التي لا يستطيع شراءها، مثل بعض الدواوين التي كانت تطبع في بيروت مثل ديوان نزار قباني وكان يحمل كشكولا وقلما ويذهب لنقل هذه الدواوين بيده، فتعرف على المدينة تعارفا ثقافيا بعد الصدمة التي تعرض لها في صغره.
كيف شكَّلت ثورة 23 يوليو موهبة «أبو سنة» الشعرية؟كانت ثورة 23 يوليو عام 1952 الشرارة التي أضاءت إبداع «أبو سنة» في الشِعر، وهو ما أوضحه في لقاء مع برنامج «كنوز الوطن»، عبر التليفزيون المصري، قائلا إنّ الشعارات الوطنية التي كانت تترامى في أجواء الوطن عقب الثورة حول آلامها وآمالها وكانت تطلق من حناجر الشباب والمتظاهرين ألهمته الأنغام الأولى للشعر.
كما استطاع أبو سنة، من خلال الدراسة المنهجية في الأزهر، معرفة النصوص الأدبية والشعرية، منذ العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث، وكتب على نمط القصيدة التقليدية التي كانت تكتب منذ العصر الجاهلي، لكن هذه القصائد فُقدت بحسب ما صرح لبرنامج «كنوز الوطن».
البداية الحقيقية للشاعر الراحل مع الشعر كانت في نهاية خمسينيات القرن الماضي، من خلال رابطة الأدب الحديث، بعدما كتب قصائد بشكل تجريبي، وبدأ حياته بالقصيدة العمودية ثم اتجه إلى شعر التفعيلة (الشعر الحر) لأنه عبّر عن العصر الذي عاشه في أعقاب ثورة 23 يوليو.
أول قصيدةأول قصيدة نشرها كانت في نهاية الخمسينيات بالملحق الثقافي الأدبي لجريدة المساء، وعندما تجمعت لديه مجموعة من القصائد التي تتناول تجاربه الشعرية والإنسانية والفنية والعاطفية أصدر ديوانه الأول في عام 1965 في بيروت بعنوان «قلبي وغازلة الثوب الأزرق»، متضمِّنا 48 قصيدة.
نشر أبو سنة قصائده في جريدة الأهرام تحت إشراف لويس عوض، بعد فترة من نشر أعماله الشعرية في مجلتي الشعر والمجلة، ونشر بعض القصائد في مجلة الآداب البيروتية ومنها قصيدة مرثية شهداء الجزائر عام 1962 بعد استقلال الجزائر.
وقال الشاعر الراحل إنّ الخمسينيات والستينيات أهم مرحلة في حياته، وأصدر عبر مشواره الأدبي المديد 14 ديوانا ومسرحيتين شعريتين وصياغة فنية لـ100 قصيدة من الشعر الأرمني.
سافر إلى بلدان كثيرة حول العالمسافر أبو سنة إلى عدد كبير من بلدان العالم شمالا وشرقا وغربا مثل ماليزيا وكولومبيا وشارك في عدد كبير من المهرجانات والملتقيات، والتحق بكلية الدراسات العربية والإسلامية في جامعة الأزهر وحصل على شهادة الليسانس في عام 1964.
أبرز التكريمات كانت حصوله على جائزة الدولة التشجيعية 1984، وجائزة الدولة للتفوق عام 2001، وجائزة الدولة التقديرية 2011، وجائزة العويس في الإمارات، وجائزة محمد حسن فقي، وجائزة أندلسية، وجائزة كفافيس بالمناصفة مع أحمد عبد المعطي حجازي في دورتها الأولى.
تمنى أن يصبح سكرتير عام الأمم المتحدةتمنى أبو سنة في حداثة سنه أن يكون سكرتيرا عاما للأمم المتحدة بسبب إعجابه الشديد بـ«داج همرشولد» أمين عام الأمم المتحدة الذي تولى المسؤولية في خمسينيات القرن الماضي.
عمل الشاعر الراحل في الهيئة العامة للاستعلامات في بداية تخرجه، وكان محررا سياسيا، لكن الشعر كان هدفه ومركز وجوده في هذا العالم، ومارس موهبته كشاعر في أثناء فترة عمله، حسبما صرح في حواره مع الإعلامي هاني توفيق على القناة الثانية.
قدم أبو سنة عددا من البرامج الإذاعية مثل ألوان من الشعر وبرنامج مع النقاد وبرنامج قصيدة وشاعر وبرنامج حدائق الأوراق وبقي في إذاعة البرنامج الثاني، لفترة طويلة وأصبح مديرا لها ثم نائبا لرئيس الشبكة الثقافية ثم نائبا رئيس الإذاعة.
وفي هذه الفترة حصل الشاعر الراحل على منحتين للتفرغ الأدبي عامي 1968م و1967 وكتب مسرحيتين شعريتين هما حمزة العرب وحصار القلعة، اللتين جرى تقديمهما إذاعيا وهما مسجلتان في إذاعة البرنامج الثاني.
ماذا قال عن لويس عوض؟وقال أبو سنة إنّ المفكر الراحل لويس عوض كان قاسيا قسوة الأب الذي يريد أن يعلم ابنه ويدفعه للطريق الصحيح، موضحا أن «عوض» كان أستاذا له وقال إنه مريض بالرومانسية في لقائه الأول معه، عندما ذهب إلى مكتبه في جريدة الأهرام ليطلب منه نشر إحدى قصائده، فقال له عوض إنها صالحة للنشر لكنها لن تنشر في الجريدة، ويفضل نشرها في الملحق الثقافي مع كبار رموز الثقافة والفكر آنذاك مثل صلاح عبدالصبور ونجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوي وعبدالوهاب البياتي، وعندما دُهش واكفهر وجهه، قال له لويس عوض «أنت مريض بالمرض الرومانسي»، ثم طمأنه قائلا «لا تقلق أنا أيضا مريض بالمرض الرومانسي».