أصداء الحروب وانسحاب أمريكي محتمل من اتفاق باريس تخيم على أجواء مؤتمر المناخ
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
من باكو
انطلقت أعمال مؤتمر المناخ للأمم المتحدة (كوب 29) في باكو عاصمة أذربيجان أمس الإثنين ويستمر حتى 22 نوفمبر الجاري، بحضور نحو 100 رئيس دولة وحكومة وأكثر من 50 ألف مشارك وصلوا حتى الآن إلى هذا البلد الصغير الواقع على شواطئ بحر قزوين والغني بالنفط والغاز والمعادن الثمينة.
وقد أطلق على مؤتمر هذا العام اسم "كوب المالي" لأن هدفه الرئيسي الاتفاق على التمويلات التي يجب توجيهها سنوياً لمساعدة البلدان النامية على التكيف المناخي، وفي مقدمتها تمويل صندوق الاستجابة للخسائر والأضرار المناخية. وقد وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي في يونيو الماضي على استضافة البنك للأمانة العامة المؤقتة للصندوق لفترة تمتد 4 سنوات مع احتفاظه بكيانه وهيكله الإداري المستقل عن البنك الدولي، وكذلك تحديد أولوياته ونوعية المشروعات وكيفية تمويلها ومراقبة تنفيذها، وفقاً لبيان البنك الدولي. ولا يخفي مناصرو قضايا البيئة مخاوفهم تجاه سير المفاوضات خلال كوب 29 حول قضايا التمويل والاستثمار في مجال المناخ، ويرجحون أن تكون المناقشات هذا العام صعبة بشكل مضاعف بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، في ضوء ما أظهره خلال ولايته الأولى من عدم اكتراث بقضايا المناخ وتمسكه بإصدار رخص جديدة للتنقيب عن النفط إضافة لتعهده خلال حملته الانتخابية بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس لعام 2015 الخاص بتغير المناخ. وعلقت على ذلك كريستيانا فيجيريس، مسئولة المناخ السابقة في الأمم المتحدة، قائلة: "سيُنظر إلى نتيجة هذه الانتخابات على أنها ضربة كبيرة للعمل المناخي العالمي، لكنها لا تستطيع ولن توقف التغييرات الجارية لإزالة الكربون من الاقتصاد وتحقيق أهداف اتفاق باريس".
وكان صندوق الاستجابة للخسائر والأضرار قد رأى النور في مؤتمر المناخ (كوب 27) بشرم الشيخ وكان قرار إنشائه خطوة تاريخية استمر الكفاح من أجلها ثلاثين عاما حتى تم وضع حجر أساسه خلال النسخة المصرية السابعة والعشرين للمؤتمر. وقد نجحت الدبلوماسية المصرية بالتعاون مع عدد من الدول الأفريقية والجزرية وناشطين في مجال العدالة المناخية في الدفاع عن هذا الهدف وتحويله إلى حقيقة بعد طول انتظار، ومن شأنه التعويض عن الأضرار المناخية للبلدان النامية التي تعاني أحداثاً مناخية كارثية، ومساعدتها في تخفيف الآثار السلبية لتغير المناخ. وتم البناء على هذه الخطوة أيضاً خلال كوب 28 في دبي الذي تصدى لتوفير التمويلات اللازمة للصندوق واستطاع جمع نحو مليار دولار. وهي تمويلات يراها خبراء اقتصاديات البيئة ما زالت ضعيفة، خاصة عند مقارنته بمبلغ الـ7 تريليونات دولار التي يتلقاها قطاع الوقود الأحفوري سنوياً من دول صناعية ونفطية.
ويطالب العديد من الخبراء والناشطين في مجال البيئة أن تكون مضاعفة حجم تمويلات الصندوق بحلول 2030 كافية لإبقاء ظاهرة الاحتباس الحراري أقل من 1.5 درجة مئوية، خاصةً في ضوء الأرباح الهائلة التي راكمتها سنوياً شركات الوقود الأحفوري على حساب الضرر الفادح بالمناخ. كما يطلبون بضرورة زيادة مساهمة الدول الصناعية في تمويلات الصندوق نظرا لكونها مسئولة تاريخيا عن نسبة كبيرة من الانبعاثات الملوثة. لكن الأخيرة تعاني من التضخم ونزيف الموازنة من تبعات دعم أوكرانيا بالمال والسلاح في حربها مع روسيا.
ويسعى مؤتمر باكو للبناء على ما تم إنجازه في شرم الشيخ ودبي، بالتركيز على قضية زيادة التمويلات لصندوق الخسائر والأضرار المتصدرة لجدول أعماله، مع سعي أذربيجان مع الرئاسة السابقة "الإمارات" والمقبلة "البرازيل" لتحقيق أحد أهم أهداف المؤتمر المتمثل في وفاء الدول الغنية بالالتزامات التمويلية التي تعهدت بتقديمها للصندوق في وقت مبكر من العام المقبل 2025. وتشير تقارير بعض الهيئات الاقتصادية الدولية المشاركة في المؤتمر إلى أن المبلغ الذي سيتم التركيز عليه كهدف (كوب 29 و30) يتراوح ما بين 400 مليار وتريليون دولار لدعم الدول في خط المواجهة مع أثار تغير المناخ. وعلق على هذا الهدف الطموح سيمون ستيل، مسؤول المناخ في الأمم المتحدة، قائلاً: "جبل شاهق وشديد الانحدار يجب تسلقه لتحقيق نتائج طموحة" في باكو، مطالباً بعدم تأجيل ذلك كما حدث سابقاً لتلافي تداعيات اقتصادية كارثية.
ويواصل مؤتمر المناخ في باكو خلال مفاوضات الأيام المقبلة دفع عمليات الاستثمار في الطاقة المتجددة من طرف القطاعات الحكومية والخاصة، بعد التزام 130 دولة بمضاعفة كفاءة الطاقة خلال المؤتمر السابق والتعهد بتمويل نحو 2.5 مليار دولار لمصادر الطاقة المتجددة، فضلاً عن تقديم عدد كبير من شركات النفط والغاز للمرة الأولى التزاما بمعالجة انبعاثات غاز الميثان؛ وتخصيص تمويل بنحو 1.2 مليار دولار لخفض انبعاثات غاز الميثان. كما تبنت خطة الانتقال الصناعي مع الحد من الانبعاثات 35 شركة و6 اتحادات صناعية، و52 شركة في قطاع النفط والغاز تمثل حوالي 40% من إنتاج النفط العالمي.
ومن المتوقع أن ينضم المزيد من هذه الشركات لـ"ميثاق كوب 29" الذي أعدته أذربيجان لخفض انبعاثات قطاع النفط والغاز. ويعول المشاركون في المؤتمر على أن تحقق هذه الدورة أهدافها في الجانب التمويلي والاستثماري حتى تنتقل الدورة المقبلة في البرازيل إلى التوسع في الاقتصاد الأخضر وتمويل وتنفيذ المشروعات الطموحة الكفيلة بالمحافظة على المناخ.
*كاتبة صحفية تونسية متخصصة فى الشأن الدولى
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مؤتمر المناخ باكو عاصمة أذربيجان مؤتمر المناخ النفط والغاز
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي أمريكي سابق يُحلل ملابسات أزمة الثقة بين روسيا وأوكرانيا وتدخل ترامب واحتمالات الهدنة
تحدث السفير باتريك ثيروس دبلوماسي أمريكي سابق، عن مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، وناقش أهمية بناء الثقة بين الأطراف المعنية في سبيل إنهاء الحرب الدائرة، مشيرًا، إلى أن الثقة لا تُبنى بين ليلة وضحاها، بل يجب أن تكون مدعومة بضمانات قوية من الجهات الراعية لهذه المفاوضات.
وأضاف ثيروس، في تصريحات مع الإعلامية هاجر جلال، مقدمة برنامج "منتصف النهار"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية": "في هذه الحالة، تعد الولايات المتحدة الأمريكية هي الراعي الرئيسي للمفاوضات، وهي تسعى جاهدة لتوفير بيئة مؤاتية للطرفين، روسيا وأوكرانيا، للتوصل إلى اتفاق".
وأكد، عدم إمكانية التوصل إلى اتفاق دون ضمانات حقيقية، مشيرًا إلى أنه رغم الجهود الأمريكية في التفاوض نيابة عن أوكرانيا، إلا أن هناك غيابًا تامًا للثقة بين الطرفين المتحاربين.
وأوضح: "وكان هذا واضحًا من تصريحات الرئيس الأوكراني في الأيام الأخيرة، حيث أعرب عن عدم رغبة حكومته في الاستمرار في مفاوضات كانت قد بدأت بوساطة أمريكية"، لافتًا، إلى أنّ هذه المفاوضات لا تشبه تلك التي تمت في الماضي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في قطر.
وواصل، أنه رغم وجود محاولات للوصول إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، إلا أن الثقة بين روسيا وأوكرانيا لا تزال غائبة، ولكن، قد يستغرق التوصل إلى اتفاق طويل الأمد وقتًا، يتطلب مراقبة مستمرة لضمان عدم انتهاك أي من الطرفين للاتفاقات المبدئية.