تحديات صناعة المحتوى
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
علي بن سهيل المعشني
asa228222@gmail.com
شهدت صناعة المحتوى الرقمي، نموًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، مدفوعة بانتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتزايد استهلاك المحتوى الرقمي بين الشباب. ومع ذلك، تُواجه هذه الصناعة عدة تحديات تُؤثر في قدرتها على التطور والاستدامة، وتجعل من الصعب على صنّاع المحتوى الوصول إلى جمهور واسع وتقديم محتوى ذي جودة عالية.
في هذا المقال، سنستعرض أبرز التحديات التي تواجه صناعة المحتوى؛ ومن أهمها: ضعف الموارد المالية؛ حيث يُعد التمويل من أبرز التحديات التي تواجه صنّاع المحتوى العربي، حيث يصعب الحصول على مصادر تمويل كافية لتطوير محتوى عالي الجودة يُلبي احتياجات الجمهور المتنوع. حيث يعتمد الكثير من صناع المحتوى على الدعم الشخصي أو الإعلانات، وغالبًا ما تكون الإيرادات الناتجة غير كافية لتغطية تكاليف الإنتاج، مما يحد من الابتكار ويؤثر على جودة المحتوى. وهذا يعكس ضرورة وجود استثمارات من جهات حكومية أو شركات خاصة تهدف إلى دعم وتطوير المحتوى في الأسواق العربية.
حجم سوق الإعلانات وتباين العائد، ففي الولايات المتحدة وأوروبا، تبلغ قيمة سوق الإعلانات مئات المليارات من الدولارات سنويًا، وتعد من أكبر أسواق صناعة المحتوى في العالم. في مقابل ذلك وعلى الرغم من نمو سوق الإعلانات في العالم العربي بشكل ملحوظ، إلا أنه لا يزال أصغر بكثير مقارنةً بأمريكا وأوروبا؛ حيث أصبحت نسبة الإعلانات وقيمتها السوقية عالية جدًا، في منصات التواصل الاجتماعي.
التأهيل والتدريب.. تُعاني صناعة المحتوى في العالم العربي من نقص في الكفاءات والمهارات المتخصصة؛ حيث تتطلب عملية تطوير المحتوى الرقمي، مهارات متعددة تشمل التصميم الجرافيكي، التحرير، التسويق الرقمي، والتحليل. ومع أن هناك الكثير من المواهب، إلا أن نقص برامج التدريب المتخصصة في مجالات الإعلام الرقمي. ويضاف إلى ذلك وجود البرامج التعليمية التقليدية في الجامعات العربية التي لا تواكب التطورات السريعة في مجال الإعلام الرقمي، مما يتطلب تحديث المناهج وتوفير التدريب المهني المحترف لهذا السوق الكبير.
الرقابة والتحديات الثقافية.. يواجه صناع المحتوى في الوطن العربي قيودًا تتعلق بالرقابة، حيث تفرض بعض الدول قوانين صارمة على المحتوى الرقمي. هذه الرقابة، على الرغم من أهميتها في كثيرٍ من الأحيان، الا أنها قد تحد من حرية التعبير وتقلل من التنوع، مما يجعل من الصعب إنتاج محتوى يلبي احتياجات وتوقعات جميع فئات الجمهور، ويزيد من تقييد عملية الإبداع لدى صناع المحتوى.
ضعف الوصول إلى الجمهور وتحديات الترويج؛ فعلى الرغم من أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي في تزايد مستمر، إلّا أن الوصول إلى جمهور واسع يظل تحديًا بسبب التنافس الكبير، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، مما يدفع بصاحب المحتوى إلى استخدام استراتيجيات تسويقية مكلفة مثل الإعلانات المدفوعة لزيادة انتشار محتواه، وذلك يشكل عبئًا إضافيًا على الموارد المالية المحدودة لديه. كذلك، تفتقر بعض الدول إلى البنية الأساسية الرقمية اللازمة التي تسهم في انتشار المحتوى بصورة أفضل، مثل ضعف سرعات الإنترنت في بعض المناطق، مما يؤثر على تجربة المستخدم ويحد من انتشار المحتوى.
قضايا الملكية الفكرية، ويواجه صناع المحتوى في الوطن العربي مشكلة كبيرة تتعلق بالملكية الفكرية، حيث يُعد نسخ المحتوى وإعادة استخدامه بدون إذن من صاحبه أمرًا شائعًا. هذا يثني الكثير من المنتجين المبدعين عن المشاركة في هذه الصناعة خشية من ضياع حقوقهم الفكرية أو سرقة أفكارهم. وغياب قوانين صارمة لحماية الملكية الفكرية أو عدم تطبيقها بفعالية يؤدي إلى خسائر مالية ويضعف الحافز للإبداع.
وأخيرًا.. تُمثِّل صناعة المحتوى الرقمي في الوطن العربي قطاعًا واعدًا، ولكن التحديات المتعددة التي تواجهها تعيق تطورها بالشكل المطلوب. لذلك من المهم أن تتعاون الحكومات والشركات والأفراد لإيجاد حلول مناسبة تتغلب على هذه العقبات، مثل توفير دعم مالي وتدريب للكوادر، وتحديث التشريعات المتعلقة بالملكية الفكرية، وتطوير البنية التحتية الرقمية؛ حيث سيساهم ذلك في تعزيز مكانة المحتوى العربي على الساحة العالمية، وتقديم محتوى إبداعي وقيّم يلبي احتياجات الجمهور ويساهم في تنمية المجتمعات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بعد حبس منى فاروق.. «الاقتصادية» للأسرة المصرية: احموا أبناءكم من المحتوى المشين
أصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية تنبيها هاما ومناشدة للأسرة المصرية في أعقاب حكمها على الفنانة منى فاروق بالحبس 3 سنوات مع الشغل بسبب مقطع فيديو مدته 16 دقيقة، تضمن محتوى خادشا للحياء بحماية أبنائها من المحتوى المشين في تطبيقات التواصل الاجتماعي.
وقالت المحكمة الاقتصادية في مناشدة للمجتمع عقب الحكم:المحكمةُ تودُّ أن تُنُوه وتُهيبَ بالمُجتمع المصري الحفاظُ عَلى القيمِ والمبادئِ الأُسريةِ التي تُعدُّ حجرَ الزاويةِ في بناءِ مُجتمعٍ مُتماسكٍ وقويًّ، إن القيمَ والمبادئَ الأُسريةَ ليستْ مُجردَ قواعدَ اجتماعيةٍ نتوارثُها جيلاً بعد جيلٍ، بل هيَ ركيزة أساسية لحفظِ تماسُك المُجتمعِ المصرِي وهُويته، كما أن الأُسرةَ هي اللبنةُ الأولى لبناءِ المُجتمعاتِ إن صحَّت صح المُجتمع كُلهُ وإن فسَدَت فسدَ المُجتمع كُلهُ، والأسرةُ المصريةُ التي كانت على مدارِ التاريخِ نموذجًا يُحتذى به في التماسكِ والعطاءِ، يجبُ أن تبقى منارة تُرشد الأجيال القادمة إلى طريق الخيرِ والصلاحِ.
لقد شهدتْ تلك الجُنحةُ وقائع تُمثل إساءةً بالغةً للقيمِ والأخلاقِ المُجتمعية من قِبَلِ المُتهمةِ، واعتداءً واضحًا على الضوابطِ التي تحكُمُ الأُسرة المصرية ،وإن استخدامَ وسائلِ التواصُلِ الاجتماعيَّ، كموقع"تيك توك"، في خدشِ حياءِ الأسرة والإضرارِ بالمبادئِ الـمُجتمعية يُعد أمرًا خطيرًا يُهدد استقرار الـمُجتمع وأخلاقه، كما أن هذه المُمارسات لا تنالُ فقط من هيبةِ الأسرةِ المصريةِ، بل تعرض الأجيال الشابةَ إلى مخاطرَ حقيقيةٍ، تـُضعفُ من وعيهم وتُبعدُهُم عن أهدافهم البناءةِ.
والمحكمةِ وإنْ كانت ترى كونَ حُريةِ الرأي مكفولة، ولكُل إنسان الحقُّ في التعبيرِ عن رأيهِ ونشرهِ بالقولِ أو بالكتابةِ أو التصويرِ أو غير ذلك مِن وسائلِ التعبيرِ في حُدُود القانون والنقدِ المُباح والنقدِ البناءُ ضمان لسلامة البناءِ الوطني، ولئن كان الدستوُرُ قد كفلَ بهذا النص حُرية التعبيرِ عن الرأيِ بمدلولهِ الذي جاء عاما مُطلقًا ليشمل الرأي في مُختلفِ المجالاتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والعلميةِ.
وترتيبـًا على ذلك تستخلصُ المحكمةُ أن ما قامتْ بهِ وأدلتْ بهِ المُتهمةُ من عباراتٍ بالمقطع المرئي محل الواقعةِ كان سياقُهُ خارجًا عن النقدِ الذاتي وحُرية الرأيِ إنما يُعدُّ اعتداءً على المبادئِ والقيمِ الأسرية في المجتمعِ المصرِي، وأسفَتْ المحكمةُ على أن تصدُر تلك العباراتُ من المُتهمة لمُتابعيهَا من أفرادِ الأسرةِ المصريةِ، وتدعُو المحكمةُ كُل أُسرةٍ مصريةٍ إلى أن تضطلع بدورها المحوري في حمايةِ أطفالهَا من الإفراطِ في استخدامِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعِي، لا سيما التطبيقاتُ التي قد تحملُ مـُحتوًى يتنافَى مع القيمِ والمبادئِ الأخلاقيةِ، وعلى الآباءِ والأمهاتِ مُراقبةُ استخدام أبنائهمْ لتلك الوسائلِ، مع توجيههمْ نحوَ المحتوى الهادفِ والبنّاءِ الذي يُثري عقولهم ويُعزز قيمهم والحدَّ من مُشاهدتهمْ للبثِ المباشرِ والمقاطع المرئيةُ التي تحوي على هدمِ القيَم والمبادئِ الأسريةِ والتي تقُومُ في أساسهَا على عددِ المُشاهداتِ، والتي تزدادُ كُلما زاد الإقبالُ عليها.
وأشارت المحكمة إلى أن قِلة مُشاهدتها ستُسهمُ بشكلٍ كبيـرٍ في تلاشي هذهِ الظواهرِ التي لا تهدفُ إلا إلى تحقيقِ مكاسبَ شخصيةٍ على حسابِ الأخلاقِ واستقرارِ المجتمعِ.
وأكدت المحكمةُ أن رسالتهَا تتَجاوز حُدود العقوبة إلى دعوةٍ لكُل فردٍ في هذا الـمُجتمع لأن يتحملَ مسئوليتهُ تجاهَ الأُسرة والـمُجتمع، وأن احترامَ القيم والمبادئ ليسَ خيارًا، بل واجبًا، وإن إرساء هذه القيم في النفُوس هو الحصنُ المنيعُ الذي يحمِي الأُسرةَ والمجتمعَ من كل مُحاولات الهدْم أو التشويهِ.
لذلكَ، فإنَّ القضاءَ حينَ يتدخلُ في مثلِ هذه القضايا، لا يسعَى فقط لتطبيقِ القانُون، بل لتنبيهِ الجميعِ منْ خُطورة المساس بالأُسُس التي بُني عليها هذا الـمُجتمعُ العظيمُ، وعدَم الانسياقِ وراء الـمُغرياتِ الإلكترونيةِ التي تهدفُ إلى زعزعةِ استقرارِ الأًسرة ونشْر محُتوياتٍ تُسيءُ للأخلاقِ، وأخِيرًا تُهيبُ المحكمة بكل أفرادِ المُجتمع، شبابًا وكبارًا، بمُواجهةِ هذهِ الظاهرة التي تبدأ بتكاتـُفِ الجميع، وأن يجعلُوا منْ استخدام وسائلِ التواصلِ الاجتماعي وسيلةً للبناءِ لا للهدمِ، وأداةً لنشرِ الخيرِ والمعرفةِ، لا للإساءةِ والتخريبِ، ومن جماع ما سلف سردُهُ فالمحكمةُ تأخذ المُتهمةُ بقسطًا من الشدة جراء ما اقترفته من جُرمٍ.
وأصدرت أمس الدائرة الثانية محكمة جنح القاهرة الاقتصادية حكمها بحبس الفنانة منى فاروق 3 سنوات مع الشغل وكفالة قدرها 10 آلاف جنيه لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس مؤقتُا وتغريمها مبلغًا وقدره 100 ألف جنيه وألزمتها المصاريف الجنائية، وذلك في اتهامها ببث مقطع مرئي بث مباشر عبر موقع التواصل الاجتماعي تيك توك مثل اعتداءً على القيم والمبادئ الأسرية في المجتمع المصري، والتهمة مؤثمة بمواد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.