الجزيرة:
2025-04-30@14:00:19 GMT

هذه هي الخطة الخفية لتمكين الدعم السريع في السودان

تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT

هذه هي الخطة الخفية لتمكين الدعم السريع في السودان

لم تعد خافية على المراقبين أيادي التدخلات الخارجية التي خططت وأدارت حرب السودان منذ اندلاعها في أبريل/ نيسان من العام الماضي، خاصة بعد أن جهرت الأيادي بوضوح بولوغها في حرب الدمار التي يحلّ شهرها التاسع عشر بعد أيام.

توسّعت الحرب من وراء تغذية الخارج لمليشيات الدعم السريع بالسلاح والعتاد والمرتزقة، لم تتأخر الإمدادات عبر كل المعابر والمداخل المتاحة خاصة من جهة الغرب، ولم تتأثر بالحجم الكبير للخسائر التي أوقعها الجيش السوداني والقوات المشتركة من حركات دارفور التي تدافع عن ولايتها في وجه القوى الخارجية المتدخلة، فالعائد من إسقاط السودان والتحكم في ثرواته أكبر من تكاليف ذلك.

الخطة الخارجية التي تستهدف السودان أرضًا وموارد تعاونت عليها دول من الإقليم، ومن خارجه تنفذ المخطط الإقليمي، همها الموقع الجيوسياسي، خاصة شريط البحر الأحمر والموارد المائية الضخمة والأراضي الزراعية الشاسعة وما يحتويه باطن الأرض من كنوز ممتدة في كل مناطقه تقريبًا. الموارد استدرجت أيضًا الصراع القائم بين الدبّ الروسي المستحوذ على عدد من دول غرب أفريقيا من النفوذ الفرنسي المنكسر المنهزم فيها.

فشلت الخطة الأساسية التي توهمت أن تستولي على السلطة في ساعات وليس في أيام، ثم فشلت الخطة البديلة في الاستيلاء على إقليم دارفور بولاياته الأربع بعد الوقفة الصلبة لأبنائه من حركات التحرير السابقة.

فشلت خطة الاستيلاء تمامًا على السلطة في السودان، رغم أنها قد نجحت جزئيًا في تهجير أهله من مدنهم وقراهم ومساكنهم، ودمرت المؤسسات والهيئات العامة والمصانع العامة والخاصة. أكثر من عشرة ملايين من سكان السودان أُخرجوا بقوة السلاح، وقُتل من رفض الخروج، أو وقف ضد محاولات الاغتصاب والسرقة والنهب من قبل المليشيات.

فشلت الخطة رغم تمدد الحرب إلى ولايات: الجزيرة، وسنار، وولاية الخرطوم، وولايات دارفور، وشيئًا ما النيل الأبيض؛ لأن المليشيات التي سيطرت على هذه المناطق لم تستطع أن تؤسس وتنفذ فكرة حليفها السياسي الذي كتب معها مانفستو الدولة الأخرى داخل السودان ومهرها بتوقيعه في يناير/ كانون الثاني 2024م في أديس أبابا. حينها نص الاتفاق بين المليشيات وداعميها على إقامة إدارة مدنية في المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع.

فشلت فكرة ومخطط إقامة الإدارة المدنية كالنموذج الليبي، رغم عون داعميها السياسيين ومتعاونيهم الداخليين؛ لأن مرتزقة المليشيات كان همهم بالأساس هو النهب والسرقة والاستيلاء على ممتلكات المواطنين، وتهجيرهم من بيوتهم وأعيانهم.

بالتوازي، تواصلت الإمدادات العسكرية الضخمة وشراء المرتزقة من مقاتلين مدعومين من جهات خارجية الذين مُنوا بنهب الأموال والممتلكات من أصحابها بالسودان والعودة بها لأهلهم وديارهم. لم تنقطع شحنات السلاح: الكمية والنوعية، بل وأصبح الإمداد عبر الطيران الذي يمكن أن يهبط في مهابط ترابية حول كردفان، ثم ينقل إلى حيث تدور المعارك.

بالتوازي، واصل المخطط حشد المجموعات السياسية الموالية للمليشيات عبر لقاءات ومؤتمرات في باريس، وأديس أبابا، ونيروبي، وكمبالا وغيرها؛ لمواصلة تعزيز ما تسميه بالقوى المدنية التي يُفترض أنها ستعود لكراسي السلطة باسم التحول المدني الديمقراطي.

فشلت كل مؤتمرات ولقاءات ما يسمى بالقوى المدنية هنا وهناك، وسط توسع سخط الشعب على ممارسات المليشيات التي استفحلت قتلًا واغتصابًا ونهبًا، فشلت رغم محاولات التجميل واستدراج منظمات (وهمية) ومنابر؛ لإعادة إنتاج المسرحية القديمة التي انطلت على المجتمع السوداني عام 2019م.

الهدف غير المعلن من وراء المؤتمرات واللقاءات، هو تقديم الشخصية المدنية المدعومة من الخارج على نموذج كرزاي، لتقدم دعوتها بوقف الحرب على الوضع العسكري الحالي بسيطرة مليشيات الدعم السريع على غالب دارفور، وولايات الجزيرة، وجزء من سنار، وسنجة، والنيل الأبيض، وكردفان، ومن ثم إنقاذ السودان من الدمار والعبور إلى واحات السلام. هكذا سيكون لمليشيات الدعم السريع السيطرة على غالب السودان.

البحث عن كرزاي السودان لم ينقطع طوال هذه اللقاءات والمؤتمرات، خاصة بعد التأكد من ضعف الشخصية القيادية الحالية وتجربتها السابقة التي انتهت بالاستقالة في 2021م. علاوة على أنَّ التركيبة المتنافرة داخل مجموعات ما يسمى بالقوى المدنية حتى داخل أحزابها، فضلًا عن تململ عددٍ من دول الجوار السوداني التي اضطربت أوضاعها الداخلية خاصة كينيا، وإثيوبيا، أضعفت الخطة.

بفشل العثور على كرزاي السودان تحولت الخطة الخارجية إلى محاولة زرع الفتنة وبذر الحروب الأهلية بممارسات المليشيات التي شرعت في تقتيل المواطنين وذبحهم واغتصاب النساء.

اختاروا ولاية الجزيرة التي ظلت لمئات السنين مركزًا لانصهار قبائل السودان ومجموعاته العرقية والإثنية، اختاروها بعناية؛ لأنها تجمع أعدادًا كبيرة من أبناء قبائل الرزيقات والمسيرية وغيرها، وهي التي يشكل أبناؤها غالب قيادات وجنود المليشيات.

الخطة تقوم على استفزاز أهالي وقبائل مناطق الجزيرة بحملات التصفية والتطهير والتهجير والذي سينعكس بدوره رد فعل من أهالي الجزيرة ضد مجموعات من قبائل الدعم السريع المستوطنة بالجزيرة، وسرعان ما تعمل الآلة الإعلامية الخارجية على الترويج للحرب الأهلية والفتنة المسلحة، واستدعاء المنظمات للترويج لهذه الفرية والكذبة؛ بأن يقال إن الطرفين مشتركان في الحرب الأهلية والإبادة الجماعية، ما قد يعزز الدعوة لتدخل خارجي وبشكل جديد.

الهدف من حملات القتل والإبادة في الجزيرة هو فتح الطريق أمام تدخل أممي عسكري، يجعل السودان دولة بلا جيش، ويأتي بكرزاي ومجموعته كسلطة سياسية يدعمها الخارج المتآمر، لا شرعية فيها للجيش بل ومساواته بمليشيات الدعم السريع.

تواجه هذه الخطة عثرات أهمها أن مصر تقف بقوة ضد أي تدخل أجنبي في السودان حتى لو كانت قوات أفريقية، وذات الموقف لجنوب السودان، أما في مجلس الأمن فالغالب أن روسيا والصين ستكونان من المعترضين كذلك.

الترويج الذي تتولاه الآلات الإعلامية للتآمر الخارجي باشتراك طرفي النزاع في الاقتتال الأهلي تكذبه الوقائع على الأرض، خاصة ما يحدث في ولاية الجزيرة، فالأهالي في قرى شرق الجزيرة وغربها يستنجدون بالجيش السوداني في مواجهة مليشيات الدعم السريع التي ترتكب كل التجاوزات والانتهاكات بحق المدنيين العزل، أكثر من 400 قتيل ما بين مناطق تمبول وأزرق والسريحة.

هذا فضلًا عن أسر المليشيات أكثر من 150 مواطنًا أعزل من منطقة السريحة، تم العثور على جثث بعضهم في قنوات الري والأراضي الزراعية، بينهم طفل رضيع تم انتزاعه من أمه. وجدت أيضًا جثامين ثلاثة من الأسرى مذبوحين. أعداد كبيرة من مناطق شرق الجزيرة نزحت؛ هروبًا من القتل والدمار إلى جنوب ولايتي القضارف وكسلا.

رغم قسوة الأوضاع على أهالي الجزيرة، فإن مليشيات الدعم السريع تعاني الأمرّين، وهي تتولى كِبر الانتهاكات من قتل وذبح وتدمير، فالجزيرة لم يعد بها ما يُسرق أو يُنهب، انقطعت عنهم الإمدادات التي كانت تصلهم من عتاد وسلاح ومؤن وغذاء، كذلك فإنّ الجيش قد بدأ يطبق عليهم منافذ الخروج والدخول ما يصعب عليهم الهروب، خاصة وقد تمددت مساحة تواجد الجيش في مناطق ولاية الخرطوم المتاخمة لشرق الجزيرة.

تمدد الجيش العسكري ومؤازرة عموم المواطنين له يستدعيان الحريصين من السياسيين ورموز البلد وقيادة الجيش أن يلتفتوا إلى ضرورة تنسيق وتجميع القوى المدنية الصادقة وتقديم أطروحات كلية للحاضر والمستقبل، بعيدًا عن انتهازية المجموعات السابقة أو ذات الأغراض؛ لتسقط ورقة توت القوى المدنية المدعومة من جهات خارجية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم

أكدت وزارة الخارجية السودانية أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" نفذت مجـزرة أدت إلى مقتل 31 مدنيا جنوب أم درمان واصفة الفعل الجرمية الإرهابية، بينما جرى تدمير العديد من الطائرات في مطار الخرطوم بعد قصف من الجماعة ذاتها.

وطالبت الخرطوم المجتمع الدولي بتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية، واتهام الدول الداعمة لها برعاية الإرهاب، محذرة من استمرار تغذية الصراعات في المنطقة.

قالت شبكة أطباء السودان، إن قوات الدعم السريع قتلت 31 شخصا بينهم أطفال، في حي صالحة جنوبي مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، موضحة أن ذلك أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها منطقة صالحة بتهمة الانتماء للجيش.

???? الخارجية السودانية تتهم في بيان لها قوات الدعم السريع بتنفيذ مجـزرة أدت إلى مقتــل 31 مدنيا جنوب أم درمان الأحد، واصفة الفعل بالجــريمة الإرهــابية.

▪ وطالبت الخرطوم المجتمع الدولي بتصنيفها جماعة إرهــابية واتهام الدول الداعمة لها برعاية الإرهـ ـاب محذرة من استمرار تغذية… pic.twitter.com/PCIW9eBMRm — عربي21 (@Arabi21News) April 29, 2025
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لعناصر يرتدون زي "الدعم السريع" وهم يطلقون الرصاص على مجموعة من الأشخاص في الشارع العام بحي صالحة جنوبي أم درمان.


وأعربت الشبكة عن أسفها لعمليات القتل الجماعي ضد المدنيين العزل بمناطق سيطرة "الدعم السريع"، الأمر الذي قالت إنه "يهدد آلاف المدنيين العزل بحي صالحة".

وجاء في البيان: "تعتبر الشبكة ما تم تنفيذه من تصفية جماعية جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية".

وطالبت الشبكة المجتمع الدولي "بالتحرك العاجل لإنقاذ من تبقى من المدنيين وفتح مسارات آمنة تضمن خروجهم من حي صالحة الذي يضم آلاف المدنيين العزل، والضغط على قادة الدعم السريع لوقف الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين (الواقعين) تحت سيطرتها وحفظ أرواحهم".

وغرب السودان، قُتل أكثر من 20 مدنيا وجُرح 40 آخرون في الأيام الثلاثة الأخيرة في قصف للدعم السريع أيضا على مخيم للنازحين تضربه المجاعة في غرب السودان، وفق ما أعلن مسعفون الاثنين.


وفق بيان لغرفة طوارئ معسكر أبوشوك، قصفت قوات الدعم السريع مخيم أبوشوك للنازحين قرب الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بالمدفعية والرصاص الطائش، وهو الذي يأوي عشرات آلاف الفارين والنازحين.

ومن ناحية أخرى، أظهرت مقاطع مصورة تحطم طائرات مدنية سودانية واحتراقها في مطار الخرطوم بعد قصف لقوات الدعم السريع للمطار.

تحطم طائرات مدنية سودانية واحتراقها في مطار الخرطوم بعد قصــف ميـليشيا الدعم السريع للمطار pic.twitter.com/FyKMO2oST7 — عربي21 (@Arabi21News) April 29, 2025
ومنذ أسابيع تشهد مناطق متفرقة في أم درمان اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تدافع الأخيرة عن آخر مناطق سيطرتها في ولاية الخرطوم.

وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مؤخرا مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش، وتسارعت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.


وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).

ويخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • السودان يطالب الصين بتوضيح حول كيفية حصول قوات الدعم السريع على مسيرات صينية
  • الفاشر أكبر شرك دخل فيه الدعم السريع ولو ما لحقوا أنفسهم سيفنوا على أسوارها!
  • تحقيق أممي في وصول صواريخ تملكها الإمارات إلى الدعم السريع
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد"
  • الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم
  • السودان.. 20 قتيلًا في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم "أبو شوك"
  • السودان.. الدعم السريع يشن قصفا عنيفا على الفاشر
  • مصادر طبية: قوات الدعم السريع نفذت مجزرة في أم درمان
  • التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” يدين الجريمة التي ارتكبها الدعم السريع بامدرمان وأدت لمقتل 31 مواطنا