الشارقة (الاتحاد)
أكد مفكرون مغاربة وأساتذة في الفلسفة، أنّ الفلسفة المغربية والعربية عموماً تشهد تحولات جوهرية، خصوصاً بعد تحررها من القيود التقليدية لتصبح أداة نقدية تُعزز الوعي والإبداع، مشيرين إلى أنه على الرغم من الإنجازات الفكرية التي حققها الفلاسفة المغاربة، فإنّ إطلاق مصطلح «مدرسة» على الفلسفة المغربية قد يكون مبالغة، حيث إن هذه الفلسفة لا تمثل تياراً موحداً أو مدرسة فلسفية تقليدية، بل هي مجموعة من الاجتهادات الفردية لمفكرين يعملون في مجالات متنوعة ويتبعون مسارات فكرية مختلفة.


جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «المدرسة الفلسفية المغربية والفكر العربي»، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024، استضافت كلّاً من المفكر والمترجم والأستاذ الجامعي عبد السلام بنعبد العالي، ومحمد نور الدين أفاية، أستاذ الفلسفة المعاصرة في جامعة محمد الخامس، والباحث في الفكر الفلسفي المعاصر عبد الصمد الكباص.
وأجمع المتحدثون على أنّه ورغم التحديات المعقدة والسياقات الصعبة التي يواجهها الفلاسفة المغاربة، فقد تمكنوا من مواصلة إنتاجهم الفكري وتسجيل حضورهم في الساحة الثقافية، كلٌ بطريقته الخاصة ومنظوره المتميز.
رؤية عابرة للحدود 
استهل محمد نور الدين أفاية حديثه بتأكيده أن الفلسفة لا يمكن أن تكون وطنية أو قومية، فهي تتطلب تجاوز الحدود الزمانية والمكانية لتصبح فلسفة عابرة للثقافات.

محمد نور الدين أفاية أخبار ذات صلة ركن الطهي يعرّف الزوار بالأكلات التراثية في «الشارقة للكتاب» وزير الثقافة والتواصل المغربي يزور «معرض الشارقة للكتاب»

وتطرق إلى أن الفلسفة المغربية لم تنعزل عن تطور الفكر العربي منذ عصر النهضة، مشيراً إلى مسارها المتأثر بالمدارس الفلسفية الفرنسية، ومن ثم انتقالها نحو مرحلة حداثة فلسفية مغربية أصيلة.
وأكد أن الفكر الفلسفي في المغرب بدأ فعلياً في منتصف القرن العشرين، معتبراً أن الفيلسوف المغربي يجب أن يعمل على عدة مستويات، منها تأكيد هويته الفكرية، وتوظيف التراثين العربي الإسلامي والثقافي المحلي، ومواكبة الأفكار الجديدة، فضلاً عن ترجمة الأعمال الأجنبية للطلاب لتعزيز معارفهم.
تأريخ المفاهيم  
بدوره، انتقد عبد السلام بنعبد العالي الطريقة التقليدية في تصنيف الفلسفة عبر المدارس والتيارات الفكرية، مشيراً إلى أن هذا التصنيف لا يحقق الأهداف المرجوة في فهم التحولات الفلسفية. وبدلاً من ذلك، يرى بنعبد العالي أن التوجه الأفضل للفكر العربي هو التأريخ للمفاهيم الأساسية مثل مفهوم الأيديولوجيا، إلى جانب استكشاف «المناخ الفلسفي» الذي يسري عبر شخصيات مختلفة وليس حصراً على فلاسفة بعينهم.

عبد السلام بنعبد العالي

وشدد على أهمية توسيع هذا المناخ ليشمل نطاقات فكرية وأدبية متعددة، مؤكداً أن الفلسفة يجب أن تتجاوز حدودها الأكاديمية وتتداخل مع الحقول الأخرى لتكتسب أبعاداً أعمق.
التجربة الفردية 
أما عبد الصمد الكباص، فقد أشار إلى أن اهتمامه بالفلسفة جاء عن حب وتطلع إلى فهم الذات، مشدداً على أن التجربة الفلسفية لا يمكن معرفتها بصورة نهائية، بل يمكن فهمها وتذوقها.

عبد الصمد الكباص

وركز في حديثه على مفهوم الجسد باعتباره قضية فلسفية كبرى، حيث استخدم تكنولوجيا الرغبة كمنهج لفهم العلاقات الفكرية، مشيراً إلى أن هذا المنهج يساعد في قراءة الفلسفة كرحلة تتنقل عبر مجالات متعددة مثل السينما والأدب، ما يتيح للمفاهيم الفلسفية فرصة للتفاعل والتجديد.
واعتبر الكباص أنّ الفلسفة يجب أن تكون حيوية وأن تسهم في تقديم حياة تستحق أن تُعاش. 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الفلسفة المغرب معرض الشارقة الدولي للكتاب إلى أن

إقرأ أيضاً:

امة تكره نفسها وتبغض رموزها

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

جمعت امتنا العربية من النقائض ما لا يتصوره العقل. خذ على سبيل التوثيق: الحقد الموروث ضد قادتنا وعلمائنا وأدباءنا ورموزنا الوطنية. وربما كان الخلفاء اول ضحايا الاغتيالات السياسية داخل دور العبادة، ومنهم من كان يُلعن ويُسب على المنابر. ثم جاءت حملات تكفير العلماء والأدباء واتهامهم بالزندقة بفتاوى ابن تيمية، فلم يسلم منها: الرازي، وابن سيناء، والبيروني، والفراهيدي، والفارابي، والكندي، والخوارزمي، وابن النفيس، وابن الهيثم، وجابر بن حيان. .
وحتى لا يطول بنا المقام في السرد والتعداد نذكر ان القائد الكبير طارق بن زياد انتهى به الحال متسولا في شوارع دمشق، وان القائد العربي احمد عرابي مات معزولا في الريف المصري، ولم ينج من هجاء (احمد شوقي) وتقريعه. ولم يسلم من هذه الحملات سوى الزعيم الشهيد (عمر المختار). .
في الهند وجنوب شرق آسيا ترى تماثيل عملاقة، موزعة في الساحات والشوارع لتمجيد زعيمهم الروحي (بوذا). وفي فيتنام تتزين مؤسساتهم بتصاوبر (هوشي منه)، وظلت صور وتماثيل (ماو تسي تونغ) شاخصة حتى الآن في بوابات المدن الصينية. بينما كان مصير صور القادة العرب في مكبات النفايات وفي سلال المهملات. ومنها ما تعرض للتكسير والتحطيم والإساءة. فهل كانوا كلهم لا يستحقون التقدير والاحترام ؟، ام انها حملة مقصودة لتجريد الامة من تاريخها ورموزها الوطنية. .
لم تتخل تركيا حتى الان عن تكريم زعيمها السياسي (مصطفى كمال اتاتورك)، ولم تحطم اوروبا النصب التذكارية لكارل ماركس على الرغم من تعارضها مع فلسفته المادية، وظلت صور (جيفارا) منتشرة في كل القارات. وعندما تسنح لك فرصة زيارة ولاية (ساوث داكوتا) في الولايات المتحدة، تجد فوق قمة جبل راشمور نحتا ضخما لوجوه أربعة من أبرز الرؤساء الأمريكيين، وهم جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون، وثيودور روزفلت، وأبراهام لينكولن. .
لا شك انكم على دراية بالحملات الشعواء التي شنها رجال الدين في هذا الزمن الهجين ضد شهداء الامة الذين جادوا بارواحهم الزكية في سوح القتال. بل ان رجال الدين انفسهم رفضوا الترحم عليهم، ونعتوهم بالكفر والالحاد. وهنالك بعض التنظيمات الأرهابية تعد العدة لنسف وإزالة ما تبقى من أضرحة الصحابة والتابعين في الشام. .
تعزى هذه الظاهرة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، والتقلبات السياسية، لكن الأعم الأغلب انها تعزى الى تركيبة المؤسسات الدينية ونظرتها التكفيرية، ودورها السلبي في التشويش على عقول الناس. .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • بعيداً عن أي إملاءات خارجية..مصر تشدد على الانتقال السياسي الشامل في سوريا
  • امة تكره نفسها وتبغض رموزها
  • المشكلة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي وتساؤلات الفلسفة ومقارباتها
  • رئيس جامعة أسيوط يستعرض تقريرًا عن إنجازات الجامعة في التصنيفات الدولية لعام 2024
  • بعيداً عن الإعلام.. الموفد السعودي التقى بري
  • طلال الجنيبي لـ 24: جائزة "الشارقة للشعر العربي" تشريف ومسؤولية
  • تعرّف إلى الفارق بين الفحص التقليدي و«الجيني» لما قبل الزواج؟
  • جامعة سرت تحتفل بتصدرها التصنيفات الدولية لعام 2024
  • بمشاركة 70 مبدعاً.. الشارقة للشعر العربي ينطلق الاثنين المقبل
  • بمشاركة 70 مبدعاً "الشارقة للشعر العربي" ينطلق الإثنين القادم