علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في حرب يوليو عام 2006، لم يكن لحزب الله ناصرًا ولا حاضن حقيقيًا سوى محور المقاومة المُعلَن، والمتمثل في سوريا وإيران، كما كانت جميع القوى العظمى في العالم ضد الحزب؛ بما فيها الصين وروسيا، أُضيف على ذلك تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية وفق التصنيف الأمريكي، والتصفيق الرسمي العربي في إطار مسلسل مخرجات الاجتماعات العربية سيئة الذكر.

وفي عملية اجتياح لبنان من قبل الكيان الصهيوني بدعم ومباركة من ورعاته الدوليين والاقليميين عام 1982م، بقصد القضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية وإخراجها من لبنان كآخر معقل مقاوم بعد إخراجها من الأردن وإخراج مصر من معادلة القوة المضادة للعدو بفعل معاهدة "كامب ديفيد"، وبما أن هناك خللًا مزمنًا بين النتائج والأهداف عادة، فقد نتج عن حرب تموز نتائج عظيمة، أعظمها سقوط سردية الجيش الذي لا يُقهر، وتبين لشرفاء لبنان بأن لبنان قوي بقوته لا بضعفه.

ونتج عن عملية ترحيل فصائل المقاومة الفلسطينية وقادتها من لبنان الى تونس، أن تحولت منظمة التحرير من فصيل مقاوم الى فصيل سياسي منزوع السلاح.

يدور الحديث اليوم عن ضغوط أمريكية غربية تُمارس على قطر بقصد التخلي عن قادة حماس وإغلاق مكتبهم بالدوحة، ويُصوِّر البعض هذا القرار على أنه فاجعة من الفواجع على فصائل المقاومة بغزة في ذروة الحرب والمواجهة مع العدو.

الفارق الزمني ما بين بيروت بالأمس والدوحة اليوم، أن خيارات فصائل المقاومة اليوم توسعت ورحبت، وأن ثقافة المقاومة أينعت وأثمرت وأصبحت عابرة للحدود والأجيال، عربيًا وإقليميًا ودوليًا، وأن بعض الكبار اليوم رعاة وداعمين حقيقيين للمقاومة، وأن الوعي والضمير العالمي والمتغيرات على الساحة الدولية لصالحهم.

الفارق بين مواجهات الفصائل الفلسطينية للكيان الصهيوني بلبنان عام 1982م، وفصائل المقاومة بغزة اليوم، أن بالأمس كانت الفصائل تقاتل على أرض غير أرضها وهي لبنان، رغم وحدة الرسالة والمصير، بينما اليوم فصائل المقاومة بغزة تقاتل على أرضها وبأرضها ومن أجل أرضها. الأمر الثاني أن ما فقدته فصائل المقاومة الفلسطينية في لبنان بفعل الإكراه والجبر وهو عنصر السلاح والمقاومة حيث أبقي لها غصن زيتون جاف بلا سلاح، استعادته القضية اليوم في غزة حيث التحم مجددًا خيار غصن الزيتون والبندقية معًا.

"طوفان الأقصى" اليوم أفقد العدو ورعاته والمراهنين عليه- خوفًا وطمعًا- توازنهم، وأصبح العدو ولأول مرة يتحدث عن الزوال، لهذا يُعيد تجربة المُجرَّب وتوظيف خبراته التاريخية المتراكمة في الخراب والدمار الممنهج بقصد تهجير وإخلاء مدن وقرى ومناطق بداخل غزة وجنوب لبنان بقصد احتلالها لاحقًا، وهو نفس الأسلوب الذي أنتهجته عصابات "شتيرن" و"هاجاناه" الصهيونية لتهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم تمهيدًا لاحتلال فلسطين. مع الفارق الزمني في أسلوب الكيان بين الأمس واليوم؛ حيث يقوم سلاح الجو الصهيوني اليوم بدور تلك العصابات بالأمس.

وكما كان النظام الرسمي العربي عام 1948م بين مُحتل وتحت الوصاية الأجنبية، برهن طوفان الأقصى اليوم بأن النظام الرسمي ما زال قيد الاحتلال والوصاية وإلى تحرر آخر.

أما المقاومة اليوم، فلم تعد محصورة ولا محشورة في جنوب لبنان أو طرقات وأزقة بيروت، أو غزة وجنين؛ بل أصبحت في لبنان وغزة واليمن وسوريا والعراق وإيران، ولم تعد ترتل طقوسها سرًا في مغارات وكهوف؛ بل أصبحت فخرًا وأوسمة لأحرار العالم شرقًا وغربًا، ومؤشرًا انتخابيًا وازنًا في صناديق اقتراع لعواصم لم تكن تعلم بفلسطين على الخارطة.

لهذا لا ولن يضرها أو يُضعفها إغلاق مكتب هنا أو هناك، أو ترحيل قيادي من هنا أو هناك، فقلوب المعمورة رحبة اليوم لاحتضان المقاومة ورموزها بفخر لا يوصف.

قبل اللقاء.. برهن طوفان الأقصى حجم الاحتلال الغربي للأقطار العربية بالنسبة والتناسب، وبين أهمية التقاط الظرف التاريخي اليوم لنيل السيادة والاستقلال الكاملين لمن أراد الكرامة والنجاة وولوج المستقبل.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

واشنطن تضغط على بيروت لإبرام اتفاق مع تل أبيب

الأربعاء, 26 مارس 2025 10:34 ص

بغداد/المركز الخبري الوطني

قال مصدر لبناني إن الولايات المتحدة تدفع لبنان لاتفاق مع إسرائــ.يل، يكون “أقل من التطبيع وأكبر من اتفاقية الهدنة”.

وأوضح المصدر أن المقصود به يكمن في ضبط الحدود على نحو لن يسمح لـ”حزب الله” باستخدام سلاحــ.ـه.

وأكد أن “واشنطن تدرك جيدا وجود استحالة أمام لبنان لتطبيع علاقاته بإسرائيـ.ـل، وهي تضغط عليه بعدم اعتراضه على الخروق الإسرائيلـ.ـية شرطا للتوصل إلى اتفاق”.

وتأتي هذه المعلومات قبيل زيارة مرتقبة لنائبة المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي للشرق الأوسط مورغن أورتاغوس إلى بيروت، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، في ظل رفض رسمي لبناني لتطبيع العلاقات اللبنانية – الإسرائيلـ.ـية.

وأكد المصدر أن إسرائيـ.ـل “تعطل الجهود الحكومية لسحب سلاح الحزب، بمواصلة خرقها اتفاق وقف النار، ولا يرى في المقابل جدوى للحملات السياسية التي استهدفت رئيس الحكومة نواف سلام على خلفية موقفه من سلاح الحزب”.

مقالات مشابهة

  • “حماس”: نتنياهو يتحمل مسؤولية إفشال الاتفاق ويجب إلزامه بالعودة للمفاوضات
  • بيروت.. نواف سلام: لا أحد في لبنان يريد التطبيع مع إسرائيل
  • واشنطن تضغط على بيروت لإبرام اتفاق مع تل أبيب
  • الأحزاب المناهضة للعدوان تؤكد أن اليمن سيبقى حراً مستقلاً مستمراً في دعم المقاومة الفلسطينية
  • الإعلامي اللبناني سبيتي: العدو أراد عزل المقاومة الفلسطينية فجاءه الرد من اليمن وأحرار الأمة
  • لودريان في بيروت اليوم واصرار أميركي على التمثيل السياسي في اللجان الثلاث
  • لجان المقاومة الفلسطينية تبارك عملية حيفا وتعتبره ردًا طبيعيًا على حرب الإبادة الصهيونية
  • حماس: عملية حيفا تؤكد قدرة المقاومة على كسر هيبة العدو
  • لبنان بين فكَّي كماشة.. “إسرائيل” والجماعات التكفيرية ينطلقان لنفس المشروع
  • للمرتزِقة: “لا تفرحوا” بتصعيد أسيادكم