ككل عائلات السجناء في تونس، دأبت فايزة راهم، زوجة الأمين العام للحزب الجمهوري المعارض، عصام الشابي، كل يوم إثنين وخميس على إعداد الطعام بنفسها وحمله إلى زوجها الموقوف في سجن المرناقية منذ نحو 21 شهرا في قضية ما يعرف محليا بـ "التآمر على أمن الدولة".

الشابي واحد من بين عدد من المعارضين السياسيين من مختلف الأحزاب الذين تم اعتقالهم خلال الأشهر الأولى من سنة 2023 ويواجهون قضايا مختلفة أبرزها "التآمر على أمن الدولة".

تقول فايزة لـ"الحرة" محاولة إخفاء حزنها الذي سرعان ما تكشفه دموعها من حين إلى آخر "أقسى ما يمكن أن تمر به الأسرة من ألم الفقد والبعاد هو غياب الأب عن العائلة في المناسبات الدينية من أعياد وخلال شهر رمضان، حيث يظل مكانه على مائدة الطعام شاغرا، فلا أحد يجلس مكانه، ذلك ما تعيشه أسرة عصام الشابي.

السياسي التونسي المعتقل عصام الشابي

وتتابع الحديث بتأثر شديد "لم أكن يوما أتوقع أنه عقب مناخ الحريات الذي أتاحته الثورة التونسية منذ 2011، سأستفيق على واقع اعتقال عصام الشابي والزج به في السجن، وهو الذي دأب على ممارسة نشاطه السياسي في إطار ما يسمح به دستور البلاد. كان الأمر مؤلما جدا لي ولأبنائي وأحفادي الذين تغلبهم دموع الشوق إليه كلما ذكرت سيرته".

قضية التآمر

وقضية "التآمر على أمن الدولة" في تونس هي ملف قضائي شمل العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية، خاصة من المعارضة، وبدأت التحقيقات بشأنها في فبراير 2023. 

تشمل القضية تهمًا موجهة إلى عدد من الشخصيات السياسية في حركة النهضة وغيرها من الأطراف المعارضة، بزعم "التآمر على أمن الدولة الداخلي وتهديد استقرار النظام السياسي". وقد تم توقيف العديد من السياسين والنشطاء فيها، ومن بينهم شخصيات بارزة مثل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي أُلقي القبض عليه في 17 أبريل 2023، وتم سجنه بتهمة التحريض على الفوضى.

تونس "تفتح تحقيقات جديدة" ضد شخصيات بارزة بشبهة التآمر على أمن الدولة قالت محامية لرويترز، الأربعاء، إن قاضيا تونسيا فتح تحقيقات جديدة تشمل شخصيات سياسية بارزة بينها رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد والمديرة السابقة لمكتب الرئيس قيس سعيد وراشد الغنوشي زعيم حزب النهضة المعارض بشبهة التآمر على أمن الدولة.

ومنذ بداية التحقيقات، تم توجيه اتهامات لأكثر من 120 شخصًا، مع إصدار قرارات بالمنع من السفر ضد حوالي 40 آخرين من المتهمين.

ومن بين المعتقلين، عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، وهو أحد أبرز الشخصيات المعارضة في البلاد. وقد تم توقيفه في فبراير 2023.

الطعام وسيلة اتصال 

لم تكن فايزة تعرف قائمة الأكلات المسموح بإدخالها إلى السجن وتلك الممنوعة، فلا توجد قائمة معلنة بما يمكن إدخاله للسجن أو تجنبه، ولكن بتتالي الزيارات إلى زوجها باتت تحرص على إعداد الوجبات التي تتماشى ونظام السجون في تونس. وفي هذا الصدد تقول "حمل الطعام إلى السجين بات وسيلة للشعور بالتواصل معه والقرب منه".

وتضيف أنه على امتداد سنة وتسعة أشهر، وفي كل زيارة تقوم بها، لا تتمكن من لقاء زوجها عصام الشابي بشكل مباشر لأنه مصنف كـ"إرهابي خطير" والتواصل معه لا يكون إلا من خلف حاجز زجاجي وباستعمال الهاتف، إضافة إلى أن هذه الزيارة تدوم دقائق معدودات.

تنقل فايزة الطعام لزوجها بشكل دائم في فرصة تتيح لها زيارته

"أول سؤال أبادر به زوجي هو هل أعجبك الطعام؟، ذلك أن الأكلات أعدها بكل حب وودّ لشخص يتعرض للظلم والتنكيل لأنه يتم منع إدخال أكلات عديدة من بينها الفاصوليا والجلبانة والتمور بمختلف أنواعها، والعنب والحلويات والفواكه الجافة والأجبان إلى السجين، وكأنه يعاقب مرتين، مرة بسلبه الحرية، والثانية بحرمانه من بعض الأكلات دون إبراز الأسباب التي تقف وراء هذا المنع"، تردف فايزة.

وأشارت إلى أن "أكثر الأشياء إيلاما لها" هو محاولة إدخال حذاء وأدوية وكتب لزوجها، إذ  تقول إن ذلك "يستغرق أشهرا لتصله"

معنويات وضعف 

وفي أبريل الماضي، أعلن الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام داخل سجن المرناقية بتونس، احتجاجا على استمرار سجنه بعد نهاية فترة الإيقاف التحفظي.

وفي هذا الصدد، تؤكد زوجته فايزة راهم أن وضعيته الصحية تدهورت بسبب الإضراب، إذ نحف جسمه وفقد ما يقارب 30 كيلوغراما من وزنه. "خشينا أن يفقد حياته بسبب هذه الإضرابات"، تستطرد قائلة.

من السجن.. الوزير السابق الشواشي يعلن ترشحه لرئاسة تونس أعلن الناشط السياسي والوزير التونسي السابق، غازي الشواشي، عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في السادس من أكتوبر المقبل، من داخل السجن.

وتتابع بالقول إن "وضعيته الصحية اليوم جيدة ومعنوياته مرتفعة عكس بعض رفاقه الذين يعانون وضعا صحيا صعبا"، من بينهم الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي المعارض غازي الشواشي، والناشط السياسي خيام التركي، والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي.

تضامن حقوقي 

وفي ما يتعلق بتضامن المنظمات والهيئات الحقوقية مع المعتقلين السياسيين، تقول زوجة عصام الشابي إنها تواصلت مع عدد من المنظمات الحقوقية، من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واللتان أعربتا عن مساندتهما للمعتقلين من خلال إصدار بيانات تضامن.

وسبق لرابطة عائلات المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في تونس أن أطلقت مطلع سبتمبر الماضي حملة وطنية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وللتعبير عن رفضهم لما يعتبرونه "احتجازهم تعسفيا".

كما نظمت هذه العائلات في مناسبات عدة وقفات احتجاجية تضامنية لتسليط الضوء على المعتقلين في السجون التونسية. وفي هذا الخصوص تؤكد فايزة راهم أنها وجهت عديد الرسائل إلى الرئيس التونسي قيس سعيد وذلك عبر وسائل الإعلام تدعوه فيها إلى الاطلاع على ملف "التآمر على أمن الدولة" باعتباره رجل قانون وانصاف "المظلومين".

وتختم المتحدثة ذاتها بالقول "ما يحدث للمعتقلين السياسيين هو عبث ورسالتي إلى السلطات التونسية هي مطالبتهم بإعادة فتح هذا الملف لأنه خاو وفارغ".

موقف الرئيس

وفي المقابل، يتشبث الرئيس التونسي قيس سعيد بمحاكمة وإدانة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة"، منتقدا ما اعتبرها "إطالة أمد الإجراءات القضائية" في بلاده، كما طالب بسرعة محاكمة المتهمين في الملف.

منذ حل البرلمان.. اعتقالات قيس سعيد للمعارضين تتزايد تعيش تونس على وقع أزمة سياسية منذ أن قرر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، احتكار السلطات، في عام 2021، وشملت قراراته حل البرلمان وشن حملة اعتقالات، وصفتها منظمات حقوق الإنسان الدولية بـ "العنيفة"، آخرها طالت المعارضة التونسية البارزة، عبير موسي.

وقال، في أبريل الماضي، خلال إشرافه على اجتماع لمجلس الأمن القومي "بالنسبة لمَن تآمروا على أمن الدولة، وما زال عدد منهم يتآمرون على أمن الدولة، آن الأوان لتتم محاكمتهم محاكة عادلة".

ويؤكد الرئيس سعيد أن "منظومة القضاء مستقلة ولا يتدخل في عملها"، بينما تتهمه المعارضة بـ"استخدام القضاء" لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو 2021، من بينها حل مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: التآمر على أمن الدولة الأمین العام عصام الشابی قیس سعید فی تونس عدد من

إقرأ أيضاً:

القضاء التونسي يوجه 20 تهمة جديدة متعلقة بالإرهاب ضد المنصف المرزوفي

أعلن الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إحالة ملفه إلى القضاء المكلف بالإرهاب وفيه 20 تهمة جديدة.

وقال المرزوقي في منشور على منصة إكس، إن السلطات التونسية استدعت شقيقه مخلص المرزوقي إلى مركز شرطة القنطاوي للتوقيع ورقة تعلمني بأنه تمت إحالة ملفي إلى القضاء المكلف بالإرهاب بـ20 تهمة جديدة، منها إثارة القلاقل داخليا والتحريض ونشر الإشاعات.

وأوضح المرزوقي، أنه حُكم عليه سابقا في قضيتين منفصلتين بالسجن 4 و8 سنوات، وختم بعبارة "ولا بد لليل أن ينجلي".

تم استدعاء هذا اليوم شقيقي الدكتور مخلص المرزوقي إلى مركز شرطة القنطاوي لإمضاء ورقة تعلمني بأنه تم إحالة ملفي إلى القضاء المكلف بالإرهاب بعشرين تهمة جديدة؛ منها اثارة القلاقل داخليا والتحريض ونشر الاشاعات الخ ، الخ

علما وأنه حكم عليّ في السابق في قضيتين منفصلتين بأربع وثماني… pic.twitter.com/2MUSOojobw — منصف المرزوقي - Moncef Marzouki (@MMarzouki01) November 11, 2024



وكانت محكمة تونس الابتدائية قد قضت، في فبراير/شباط الماضي، بالسجن غيابيا على المرزوقي ثمانية سنوات، بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة وتحريض التونسيين ضد بعضهم البعض".

كما أصدرت المحكمة ذاتها ضده، في كانون الأول/ ديسمبر 2021، حكما بالسجن 4 سنوات بتهمة الاعتداء على أمن الدولة بالخارج وإلحاق ضرر دبلوماسي بالبلاد

والمرزوقي، الذي تولى رئاسة تونس منذ 2011 إلى 2014، هو من أشد المنتقدين للرئيس الحالي قيس سعيد.

ودعا المرزوقي، مواطني بلاده إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي جرت مطلع الشهر الماضي.

واعتبر المرزوقي أن “الدولة العميقة تفكر بالتخلي عن سعيد، لأنه عمل كل ما هو مطلوب منه، حيث قام بانقلاب على الديمقراطية، ووضع الإسلاميين في السجون، وحان وقت التخلص منه. والخيار الثاني (البديل) قد يكون أسوأ، وأنتم (الناخبون) مجرد كومبارس في مسرحية، وهم (الدولة العميقة) يخشون من نسبة المشاركة الضعيفة”، مشيرا إلى أن المقاطعة هي الخيار الأفضل في هذه المرحلة.

ويشهد وضع حقوق الإنسان في تونس انتقادات واسعة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية خصوصا بعد اعتقال المرشحين للانتخابات الرئاسية.



ومنتصف الشهر الماضي، قضت محكمة تونسية بأحكام قضائية جديدة ضد المرشح السابق للانتخابات الرئاسية العياشي زمال المسجون منذ مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، لترفع بذلك مدة عقوبة السجن إلى أكثر من 20 عاما بتهم تتعلق كلها "بتزوير" تواقيع تزكيات.

وضمت الأحكام القضائية الجديدة التي صدرت عن المحكمة الابتدائية في سليانة، بسجن زمال لمدة 6 سنوات و8 أشهر بعدد من القضايا الأخرى، بحسب وكالة فرانس برس.

ونقلت الوكالة عن محاميه عبد الستار المسعودي، قوله إن المحكمة المشار إليها "قضت بسجن العياشي زمال سنة وثمانية أشهر في كل من أربع قضايا منفصلة مرتبطة بالتزكيات".

مقالات مشابهة

  • الحكم بالسجن على وسام بن يدر في قضية الاعتداء الجنسي
  • حتى لا ننسى.. سجل جنائى حافل لمحمد البلتاجى ما بين إعدام ومؤبد فى 20 قضية
  • القضاء التونسي يوجه 20 تهمة جديدة متعلقة بالإرهاب ضد المنصف المرزوقي
  • القضاء التونسي يوجه 20 تهمة جديدة متعلقة بالإرهاب ضد المنصف المرزوفي
  • 5 ملايين جنيه.. جنايات سوهاج تسدل الستار على قضية اختلاس سكرتير المحكمة
  • حكم بسجن صحفي مغربي عاما ونصف في قضية سيارة وزير العدل
  • حكم بسجن صحافي مغربي عاما ونصف في قضية سيارة وزير العدل
  • السنوسي: مجلس الدولة يتعرض لضغوط من حكومة الدبيبة نتيجة حالة الانقسام
  • موعد محاكمة المتهمين فى قضية "تنظيم الجبهة"