الكتاب: الحروب النفسية الإسرائيلية إستراتيجيات الإقناع في الإعلام الرقمي
الكاتبة: د. رانيا فوزي المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي
الناشر: دار العربي، القاهرة، عام 2022.
عدد صفحات الكتاب: 231 صفحة.


أدركت الحركة الصهيونية منذ إقامتها عام 1897م، مدى أهمية المال والإعلام في تنفيذ مشروع الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين، ولطالما وفرت المؤسسات الصهيونية المال فكان لابد من وضع أساس للإعلام الصهيوني القادر على مخاطبة الرأي العام الغربي، ففي ضوء إدراك مؤسسي الحركة الصهيونية الأوائل لدور الصحافة، عملوا على إقناع أصحاب الصحف التي تصدرها الجاليات اليهودية سواء في فلسطين أم في أنحاء العالم بالعمل لخدمة أهداف المشروع الصهيوني، وحتى بعد إقامة الدولة، جندت الصحف نفسها في خدمة المخططات الصهيونية، واستكملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ إقامة الدولة في صياغتها وبلورتها لخطابها على تطويع الإعلام بشكل يتلاءم مع المستجدات، والمتغيرات السياسية.



تكمن أهمية الدراسة هذه الدراسة مع تزايد خطر اختراق الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه باللغة العربية للمجتمعات العربية، والمصري خاصة، في ظل التطور الحاصل بمستوى الذكاء الاصطناعي، ومواكبة الإعلام الإسرائيلي له بكل حيثياته، واستخدامه على كافة المستويات، فتقول الكاتبة: "تتعمد المواقع الاجتماعية الإسرائيلية بين الحين والآخر إلى إحداث حالة من البلبلة بين أوساط الشارع المصري من خلال اتباع استراتيجيات إقناعية تقوم على توظيف خطاب دعائي الهدف منه بث معلومات غير دقيقة بهدف التضليل، وقلب الحقائق بالتشويه حتى تصبح من المسلمات التي لا تحتمل مستقبلاً التشكيك وهو ما يشكل خطرًا على الأمن القومي المصري".

كما أرجعت فوزي أهمية دراستها بفعل تزايد ظاهرة التطبيع الإعلامي للمصريين مع الدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية، وعدم وجود مرصد إعلامي مخصص للرد على المغالطات التي تروجها المواقع الاجتماعية الإسرائيلية، والصحف الإسرائيلية بلغات أخرى، وكذلك قلة وعي الغالبية العظمى من فئة الشباب بطبيعة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وغياب الرؤية الإعلامية المصرية لمواجهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي.

تتعمد المواقع الاجتماعية الإسرائيلية بين الحين والآخر إلى إحداث حالة من البلبلة بين أوساط الشارع المصري من خلال اتباع استراتيجيات إقناعية تقوم على توظيف خطاب دعائي الهدف منه بث معلومات غير دقيقة بهدف التضليل، وقلب الحقائق بالتشويه حتى تصبح من المسلمات التي لا تحتمل مستقبلاً التشكيك وهو ما يشكل خطرًا على الأمن القومي المصريأما هدف الدراسة الرئيس فتمثل في بلورة رؤية إعلامية تعين صانع القرار المصري على وضع استراتيجية لمجابهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، والحد من اختراقه وتأثيره في الجمهور المصري المستهدف، لذلك ركزت الكاتبة على بيان مدى اهتمام الصفحات الإسرائيلية بالشأن المصري، وتحليل المحتوى الضمني المنشور عن مصر في الصفحات الإسرائيلية على شبكات التواصل الاجتماعي، وكيف استهدف الشعب المصري ومدى تأثير الخطاب الدعائي الإسرائيلي عليه.

كذلك تنبهت الكاتبة لمعرفة المصادر التي تعتمد عليها الصفحات الإسرائيلية الرسمية في خطابها الدعائي عن مصر، وبيان أوجه التشابه والاختلاف في محتوى خطاب الصفحات الرسمية الإسرائيلية نحو مصر، وهل أثر التطبيع الإعلامي للجمهور المصري مع المواقع الاجتماعية الإسرائيلية على تغيير قناعتهم تجاه إسرائيل؟.

تقول فوزي: أن دراستها بنيت على افتراضية أن الخطاب الإعلامي الإسرائيلي بالرغم من إستراتيجيته الإقناعية التي تقوم على توظيف الكلمة والصورة معًا غير مؤثر في الجمهور المصري المستهدف، وأن متابعة الجمهور المصري لتلك المواقع تأتي على  سبيل الفضول والتسلية لاكتشاف الجانب الآخر، فلا تتمتع تلك الصفحات بأي مصداقية من شأنها أن تؤثر في المستقبل المنظور على الثوابت الوطنية للمصريين.

قسمت فوزي دراستها إلى مقدمة وأربعة فصول، تناولت في الفصل الأول: نشأة الإعلام الرقمي في إسرائيل، متتبعة فيه التطور التاريخي للصحافة العبرية في فلسطين وخارجها، وسبل تمويلها، فيما خصصت المبحث الثاني حول اتجاهات الصحف الإسرائيلية ومستقبلها، من حيث اتجاهات مؤسسيها الإيديولوجية والدينية والعرقية، وخلفياتهم السياسية والعسكرية، فنوعت بين صحف اليمين الإسرائيلي واليمين المتشدد، واليسار الإسرائيلي، وخصص جزء للصحافة العربية الناطقة باسم الداخل الفلسطيني، فلسطينيو عام 1948م.

أما الصحافة الإلكترونية في إسرائيل، فعالجت فيها الكاتبة، مدى مواكبة دولة الاحتلال للإعلام الإلكتروني، وأخذها دور السبق في ذلك على مستوى دول المنطقة بل والعالم، وذلك للترويج للسردية الإسرائيلية، واتخاذها منصة مفتوحة على العالم العربي لمهاجمة المقاومة الفلسطينية والعربية، وتزييف الحقائق، واختراق العقول العربية، بعد سنوات من العزلة.

جاء الفصل الثاني: بعنوان سمات الخطاب الإعلامي الإسرائيلي وإستراتيجياته الإقناعية، كما تطرقت فيه د. رانيا لأدوات الخطاب الإعلامي الإسرائيلي وسماته الدعائية، والاستعانة بمصطلحات منتقاة بحذر، للتسلل إلى كل بيت عربي عبر أدوات معينة، واستخدمت الصورة المجتزأة في أغلب ما يتم الترويج له، والقائم على عدة مرتكزات استند عليها الإعلام الإسرائيلي ليس من اليوم، لكن قبل إقامة دولة الاحتلال عام 1948م، وضعتها المنظومة الأمنية والعسكرية، لا يمكن للإعلام الإسرائيلي تجاوزه في حال من الأحوال.

من ثم فصلت الكاتبة استراتيجية الخطاب الدبلوماسي الرقمي الإسرائيلي نحو مصر في الفصل الثالث، متناولة فيه المحددات الشكلية لخطاب الصفحات الرسمية الإسرائيلية للحكومة الإسرائيلية، وما تريد ايصاله للعالم من بيانات رسمية تعد جزء من سياسة الحكومة، وليس كل تقوم به فعليا الحكومة الإسرائيلية، فهناك فرق شاسع بين ما يصاغ داخل الغرف الرسمية الإسرائيلية وبين ما يبث على الصفحات الإلكترونية، التي خصص لها محددات ضمنية أيضاً يمكن للقارئ فوق العادي استشرافها، خاصة وأن بعض التسريبات الإسرائيلية عبر صفحات معينة يراد بها جس نبض الشارع المصري، وكذلك الإسرائيلي، في قضايا مطروحة على العلن، تحاول المؤسسة الإعلامية العسكرية الترويج لها من وقت لآخر، مستندة لمحددات القوى الفاعلة والاستراتيجيات الإقناعية المرسومة، ليس باللغة العبرية فقط بل باللغة العربية الفصحى في كثير من الأحيان، بعد أن وضعت محددات قامت بتحليلها عن مدى تفاعل المصريين مع الصفحات الإسرائيلية واتجاهاتهم.

الخطاب الإعلامي الإسرائيلي بالرغم من إستراتيجيته الإقناعية التي تقوم على توظيف الكلمة والصورة معًا غير مؤثر في الجمهور المصري المستهدف، وأن متابعة الجمهور المصري لتلك المواقع تأتي على سبيل الفضول والتسلية لاكتشاف الجانب الآخر، فلا تتمتع تلك الصفحات بأي مصداقية من شأنها أن تؤثر في المستقبل المنظور على الثوابت الوطنية للمصريين.طرحت الكاتبة في الفصل الرابع، سبل المواجهة المقترحة للخطاب الإعلامي الإسرائيلي، فاقترحت وضع محددات إستراتيجية لمواجهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، سواء المرئي منه أو الرقمي المقروء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم صاغت سياسات مقترحة لمواجهة تأثير الخطاب الإسرائيلي على الأمن القومي المصري والعربي، موضع الاستهداف من الحكومات الإسرائيلية.

أبرز سمات الخطاب الدعائي للدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية، ومنها:

إظهار الوجه المسالم لإسرائيل:

تشير د. فوزي هنا بأن الإعلامي الإسرائيلي يحاول عبر مواقع التواصل الاجتماعي إظهار الوجه المسالم لإسرائيل، حيث يعمل على خداع المتلقيين بإظهار إسرائيل في صورة الدولة المسالمة التي تتمنى الخير لجيرانها العرب باستخدام عبارات التهاني والمباركات في المناسبات، وكذلك الاستشهاد بعبارات دينية مقتبسة من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والأمثال الشعبية للتأثير في الجمهور العربي؛ بهدف تغيير صورته الذهنية المنطبعة عن إسرائيل كونها عدوة العرب الأولى.

ـ توجيه اللوم للضحية وتجاهل العنف الإسرائيلي:

تركزت هذه السمة الرئيسة في الخطاب الإعلامي الإسرائيلي على التحريض الفلسطيني على الاحتلال بدلاً من إظهار العنف الإسرائيلي المتفاقم ضد الشعوب العربية.

كما أظهرت الكاتبة مساعي الخطاب الدبلوماسي الإسرائيلي لإبراز الضحايا اليهود لكسب استعطاف العالم، توظيف اللمسات الإنسانية عليهم، خاصة من الأطفال وكبار السن جراء صواريخ المقاومة التي تطلق في بعض الأحيان على المستوطنات الإسرائيلية كرد فعل على هجمات جيش الاحتلال، وذلك في محاولة لكسب تعاطف المجتمع الدولي من ناحية، وإضفاء الطابع الوحشي على المقاومة الفلسطينية، بوصفها "إرهابًا" تواجهه إسرائيل كل يوم.

كثيراً ما لجأت الدبلوماسية الرقيمة لنسب الإنجاز والريادة الحضارية لليهود، فتقول الكاتبة: "يعد مبدأ التفوق الحضاري وتميز اليهود على غيرهم من الأغيار (غير اليهود) من أبرز سمات الخطاب الدعائي الإسرائيلي، حيث يستند في مرجعيته إلى عقدة الأفضلية لدى اليهود باعتبارهم "الشعب المختار". 

روجت الحركة الصهيونية لمصطلحات بعينها كرست من خلالها الإحساس بتفوق اليهود وريادتهم على العرب عامة، والفلسطينيين خاصة، فقد كانت البداية إبان الهجرات اليهودية الأولى إلى "أرض فلسطين"  قبل إقامة الدولة، وظهور مصطلح "طلائعي"، حيث تشير دلالته المعجمية إلى تمهيد الطريق لقدوم آخرين، فمصطلح "الطلائعيين" هو كناية عن المستوطنين الشبان الأوائل الذين هاجروا إلى "فلسطين" قبل عام 1948 لإنشاء وطن "قومي"  لليهود بموجب ما دعت إليه الحركة الصهيونية.

يعتمد الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه إلى العالم العربي عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المجمل على عدد من المرتكزات الإستراتيجية الدعائية، حددتها فوزي في:

1 ـ قوة الردع وحق الدفاع:

يسعى الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي للعالم العربي إلى تسويق مرتكز قوة الردع ومدى جهوزية جيش الاحتلال للقتال؛ لذلك يختلق الخطاب الدعائي العديد من الحجج المضللة لتبرير القصف الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية المحتلة، أو ضرب أهداف في سوريا أو في دول عربية أخرى، معتبرًا أن ذلك بمثابة دفاع عن النفس ضد كل ما يهدد  أمن إسرائيل متجاهلاً أرقام الضحايا و أسماءهم، ليبقوا مجهولي الهوية بلا أي قيمة في نظرها، معتبرين أن الأضرار التي تلحق بالجانب الآخر وبالأخص الفلسطينيين غير مهمة، مبررين الاعتداء على منازل المدنيين بأنها ثكنات للمقاومة الفلسطينية يسكنوها.

ـ  مرتكز المرجعية الدينية لتبرير سياسة الاحتلال:

تستند إسرائيل في خطابها الإعلامي على مرتكز المرجعية الدينية بالاستناد على المصادر اليهودية برد كل ما يرتبط بإسرائيل من تخطيط وسياسات للتوراة والتلمود؛ حتى أنها توظف الدين في أسماء عملياتها العسكرية مثل عملية عامود السحاب عام 2012، التي تعني بالعبرية "عامود عنان" وهو رمز إلى دفاع الرب عن بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر، حيث ذهب عمود السحاب أمام بني إسرائيل في الصحراء لمدة 40 عامًا.

 أما حرب طوفان الأقصى فقد أطلقت عليها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية مصطلح السيوف الحديدية، فالسيف وسيلة تعبئة عنصرية للذات الصهيونية، وابادة جماعية للفلسطينيين، فالسيوف مستوحاة من التوراة أي إنها إبادة جماعية بغطاء ديني.

3 ـ إستراتيجية الاستمالات العقلانية ومسار البرهنة:

تعد هذه الإستراتيجية التي تعتمد في الأساس على الاستمالات العقلانية من أخطر الإستراتيجيات والأساليب الإقناعية التي يعتمد عليها خطاب الدبلوماسية العامة الإسرائيلية الموجه للعرب، حيث يوظف تكتيك التحايل على المضمون بتوظيف الصدق والكذب معًا من خلال بث بعض المعلومات الصحيحة في سياقات كاذبة؛ بمعنى أن بعض هذه المعلومات المنشورة بها شيء من الصحة، ولكن توظيفها في السياق الإعلامي غير دقيق لتدعيم صدق روايتهم المغلوطة.

أهم المحددات الإستراتيجية المقترحة المتضمنة داخل دارسة الكاتبة فوزي؛ لمواجهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي

وضعت الكاتبة تقييم لحروب النفسية الإسرائيلية الموجهة ضد مصر والعالم العربي، في أعقاب ـ "ثورات الربيع العربي"، وتمكن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في مصر في الدعوة لثورة 25 يناير 2011، إذ بلورة إسرائيل إستراتيجية إعلامية تقوم على عدة ركائز ومحددات للحرب النفسية التي صاغها مدير عام الخارجية الإسرائيلية الأسبق عوديد يانون ضد مصر والعالم العربي: تعتمد إسرائيل في إستراتيجياتها الإعلامية على توظيف الدبلوماسية الرقمية لخدمة أهدافها الرامية بتحسين صورتها وشرعنة وجودها بالمنطقة، وإحداث التوترات في البلدان العربية عامة وفي مصر على وجه الخصوص، مستغلة في ذلك تدني المستوى الثقافي لدى فئة كبيرة من الشباب، التي لم تعاصر تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، مرورًا بحرب أكتوبر 1973م، وتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين عام 1979م، وأمام ارتباط غالبية الشباب في مصر والدول العربية بمواقع التواصل الاجتماعي، بدأت إسرائيل في نصب الشباك؛ لإيقاع الشباب العربي في فخ العمالة، وغسيل الأدمغة من خلال صفحاتها الرسمية على الشبكات الاجتماعية التي تقوم عليها وحدات إلكترونية تابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" بالتعاون الوثيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية.

استعرضت للوثيقة السرية التي وضعها "عوديد يانون" مدير عام الخارجية الإسرائيلية الأسبق عام 1983، للحروب النفسية الإسرائيلية الموجهة ضد مصر والعالم العربي تحت عنوان "أكاذيب في خدمة الدولة"، ومما جاء فيها:

1 ـ الوسائل المتبعة:

ـ الضغط على رجال الإعلام في العالم.
ـ مضايقة الزعماء العرب.
ـ  استخدام وسائل التخويف.
ـ  نشر مواد مزيفة.
ـ تحريف تصريحات شخصيات عربية في الخارج.
ـ  الابتزاز واتباع وسائل ملتوية.

أما عن الأهداف الموضوعة حسب الوثيقة الإسرائيلية:

يسعى الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي للعالم العربي إلى تسويق مرتكز قوة الردع ومدى جهوزية جيش الاحتلال للقتال؛ لذلك يختلق الخطاب الدعائي العديد من الحجج المضللة لتبرير القصف الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية المحتلة، أو ضرب أهداف في سوريا أو في دول عربية أخرى1 ـ التشهير وخداع شخصيات رئيسة في العالم العربي من أجل خلق التوترات والمخاوف.
2 ـ التأكيد على حقيقة أن إسرائيل بمقدورها الانتقام بوسائل وأساليب وحشية.

أما السبيل لتحقيق ذلك فيتمثل في العمل دون أي تراجع ودون تحفظ، مادي أو أخلاقي، باستخدام الوسائل التي يستخدمها قسم الكتابة للعالم العربي المعد للحرب النفسية الإسرائيلية، وفق ماورد نصًا في الوثيقة السرية:

ـ توظيف أدوات هيئة البث باللغة العربية (التلفزيون والإذاعة ) باعتبارهما أدوات رئيسة.

ـ نشر مواد عربية في جميع البلدان العربية من خلال مصادر في الخارج، حيث يتم تسريب خبر لوسائل إعلام عربية شهير عن مصدر إسرائيلي، لإحداث سبق صحفي ونشر الخبر على أوسع نطاق عربي، فيتم النسخ واللصق عبر محطات، وصفحات الكترونية واسعة.

ـ التشويش على أجهزة البث العربية والعبرية للدعاية العربية من خلال وسائل مختلفة.

ـ إنشاء محطة بث مع عدد من المذيعين يبثون إلى العالم العربي لأهداف متعددة.

ـ تمويل وبسط السيطرة على صحف عربية وفق الإمكانيات المتاحة وبشكل سري قدر الإمكان.

ـ إعداد مواد سوداء عن القادة العرب، حيث يجري الحديث عن إعداد مواد مزيفة وارتكاب أخطاء حول نوايا سياسية لزعماء عرب ضد بعضهم البعض.

ـ استخدام مصطلحات معينة يتم اختيارها بعناية فائقة، حاملة أوجه عند تفسير مضمون ما يتم عرضه.

كما خصصت الوثيقة استراتيجية محددة اتجاه مصر في حربها النفسية كما أوردت الكاتبة في دراستها:

1 ـ التشديد على التوترات الداخلية في مصر، وزيادة حدة التوترات والغليان عند اكتشافها.

2 ـ التشهير بشخصيات مصرية في عيون شعبهم بوسائل علنية أو سرية.

3 ـ كشف حقائق صعبة عن الحكومة المصرية وقادة السلطة.

4 ـ التأكيد على أن كل الإنفاق على التسلح مقابل الفقر والضغط السكاني وتقديم بديل السلام بصورة ملموسة للشعب المصري لتحسين كل حياة المصريين إذا ما توقفت مصر عن الحرب، أو دعم المقاومة في فلسطين .

ووفق ما ورد في تلك الوثيقة والهدف منها، وبعد استعراض الكاتبة لها ونقدها؛ وضعت الكاتبة عدة ركائز ومحددات لبناء إستراتيجية مواجهة للخطاب الإعلامي الإسرائيلي اقترحتها فوزي على النحو التالي فتقول:" في ظل تزايد خطر اختراق الخطاب الإعلامي الإسرائيلي للمجتمع المصري بما قدر ينذر مستقبلاً باحتمالية نجاحه في خلق توترات في الشارع المصري، ودفع  فئات من الشباب لتغيير قناعاتهم تجاه صورة إسرائيل كدولة معادية لمصر نتاج لعوامل عدة من بينها العوامل السياسية والاقتصادية"، يمكن أن يتم ذلك من خلال:

1 ـ تطوير الدبلوماسية الرقمية المصرية من حيث المحتوى والتأثير لتكون أكثر تفاعلية وتأثير في الجمهور المصري وبالأخص من فئة الشباب.

2 ـ بلورة إستراتيجية إعلامية دفاعية لحماية الداخل المصري من خطر حروب الوعي الإسرائيلية.

3 ـ عمل تخطيط إعلامي منهجي وشامل لمواجهة تزايد ظاهرة التطبيع الإعلامي مع الصفحات الرسمية الإسرائيلية على شبكات التواصل الاجتماعي.

4 ـ رفض حالة التحيز الإعلامي للوصول الخطاب الإعلامي المصري الرسمي لمستويات متقدمة على قدر التحدي، ليكون باستطاعته تحقيق هدف استراتيجية المواجهة.

5 ـ إعداد خطة تعليمية شاملة؛ لمواجهة خطر الحروب النفسية الإسرائيلية على جيل الشباب.

6 ـ ضرورة وضع سياسة ثقافية للدولة المصرية قادرة على استيعاب المتغيرات المتلاحقة.

7 ـ وضع سياسات لإشكالية استمرارية الفصل بين السلام الرسمي والسلام الشعبي.

8 ـ بلورة خطة إعلامية واستخباراتية هجومية لاختراق المجتمع الإسرائيلي على الفضاء الإلكتروني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب المصري نشر مصر كتاب نشر عر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبر مواقع التواصل الاجتماعی الرسمیة الإسرائیلیة النفسیة الإسرائیلیة فی الجمهور المصری الحرکة الصهیونیة الإسرائیلیة على الإسرائیلی على الشارع المصری العالم العربی إسرائیل فی من خلال فی مصر مصر فی

إقرأ أيضاً:

فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (6) وصايا الجد

نتنياهو ووالده أعلنا العداء لمناحيم بيجين بزعم أنه تخلى عن سيناء للسادات

جد نتنياهو أوصى: لا تتخلوا عن شبر واحد من القدس.. فهي لكم، ومنها سيأتي البعث!!

نتنياهو كان يرى أن الرئيس مبارك هو «عربي-مصري» أكثر من كونه «مصريًا-عربيًا»

في هذه الحلقة الجديدة من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» الصادر عن دار كنوز للنشر والتوزيع لمؤلفه الكاتب الصحفي مصطفى بكري، يستعرض الكاتب أهم وصايا عميد عائلة نتنياهو وجده «ميليكوفسكي» والتي كتبها في عام 1935، وجمع أولاده التسعة وأوصاهم بها ومنها: «لا تتركوا القدس أبدًا، استقروا فيها، تزوجوا فيها، أنجبوا فيها، موتوا فيها، القدس لكم وأنتم لها». وأوصى الجد أيضًا بدحر السكان العرب لتكون القدس خالية فقط على اليهود، وهو ما تعهد به نتنياهو لوالده منذ طفولته.

ويتطرق المؤلف في هذه الحلقة إلى الخلاف الذى جرى بين نتنياهو ووالده مع مناحيم بيجين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، بسبب ما أسموه بتنازله عن سيناء للرئيس السادات، معتبرين أن ذلك حق أصيل لإسرائيل. ويرصد المؤلف مواقف نتنياهو وعائلته من حكام مصر وتوصيفهم، حيث ظل الاعتقاد والسائد لديهم جميعًا أنهم ليسوا سوى أعداء لإسرائيل وأن إسرائيل يجب أن تتعامل معهم فى حدود مصلحتها القومية والأمنية.

يسترجع بنيامين في كثير من الأحيان وصية جده ميليكوفسكي عميد العائلة والتي كتبها في سنة 1935، حيث جمع أولاده التسعة: بن تسيون، وسعديا، واليشع، ونتنياهو، وعاموس، وميريام، وزفارياى وعزرا، وحوفيف (أي والد وأعمام بنيامين) وبعد أن جمعهم وكان قريبًا من الموت، قال لهم وصيته: “أوصيكم بألا تتركوا القدس أبدًا، استقروا في القدس، تزوجوا في القدس، أنجبوا في القدس، موتوا في القدس، القدس لكم، وأنتم لها، افعلوا ما شئتم ولكن عودوا إلى القدس، وصيتي لكم لا تدعوا يهوديًا لا يعرف قدر القدس إلا وشرحتم له ماذا تكون القدس في الميزان، من القدس سيكون لليهود شأن، وإلى القدس سيكون البعث والخلود، إن كان معكم مال فاشتروا به حفنة رمال أو تراب من القدس لا تدعوا فرصة تفوتكم في شراء المنازل والأراضي، ودحر السكان العرب من هذه الأرض المباركة، اعقدوا رباط الإيمان والمحبة فيما بينكم في القدس، ابنوا بيوتًا جميلة في القدس، شاهدوا العالم وأنتم في القدس، إذا ما حققتم ذلك فإن العالم كله سيأتي إليكم سريعًا مهرولًا، لأن القدس هي القدس، والعالم كله يعرف سر القدس، واليهود آخر من يعلمون سرها العظيم”.

كانت الوصية التى كتبها ميليكوفسكى لأولاده عن القدس تعد من أهم الوصايا التى تركها الحاخام اليهودى. هذه الوصية بالذات تجدها عند كل عم من أعمام نتنياهو ووالده، وهى محفوظة عن ظهر قلب لبنيامين نتنياهو الذى كثيرًا ما يتعهد لنفسه وأمام أهله بأنه سيحافظ على وصية جده بشأن القدس، وهذا يعنى أن بنيامين مهما خادع في قبول أي سلام مع الفلسطينيين حول القدس، فإن القدس ستظل في ذاكرة بنيامين كما رسمتها وصية جده ميليكوفسكي، ويؤمن بنيامين بهذه الوصية إيمانًا عميقًا ويدرك أن القدس يجب أن تظل للأبد في يد إسرائيل، ومجرد الحديث في عائلة نتنياهو عن القدس من حيث إمكانية التفاوض مع العرب بشأنها، يعتبر خيانة كبرى في حق دولة إسرائيل، كما أن وصية جد نتنياهو تركت فيه أثرًا عميقًا من حيث ضرورة تشبثه بالقدس، وكان دائمًا يوعظ أبناءه: إذا رأيتم غريبًا دخل القدس فاقتلوه، فالقدس لليهود وليست للأغراب، حيث يقول: يجب أن يعلم الجميع أن القدس هي أرض الميعاد، وهناك اعتقاد لدى بعض أفراد أسرة نتنياهو أن القيامة ستنبثق من القدس، وأن الذين عاشوا بالقدس سيكونون أوائل من يغفر لهم، ويدخلون الجنة، ويبتعدون عن النار، كما أنهم أول من يحاسبون وسيتجنبون زحام يوم القيامة، أو حرقة الشمس، وغير ذلك من تداعيات يوم القيامة، وأن هذه الفكرة الدينية تتناقلها أسرة نتنياهو ويحاولون غرسها في الصغار، وكان بنيامين أحد الأطفال الذين أعجبتهم هذه الفكرة، وكان من طفولته- مثل أسرته- قد بدأ يروج لهذه الفكرة وسط أصدقائه من اليهود الآخرين.

نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى.. وصايا الجد

وإذا كانت وصية الجد “ميليكوفسكى” بشأن القدس بدأت تضعف شيئًا فشيئًا لدى العديد من أعمامه بسبب تقلبات الحياة، فإن “تسيون” والد نتنياهو، وعمه اليشع هما أكثر الأخوة تمسكًا بهذه الصيغة لأن الآخرين فضلوا الانتقال والسعي وراء لقمة العيش، بل إن والده بن تسيون- وتحت ضغوط الحياة في مرحلة من مراحل حياته أيضًا- ترك القدس ورحل إلى الولايات المتحدة، بل إن بنيامين نتنياهو يعتبر في أوراقه ومذكراته أن الـ17 عامًا التي قضاها في الولايات المتحدة كانت فترة إعداد جيد له، من أجل أن يعود ليستقر في القدس نهائيًا وأن أصعب شيء على نفسه أن يُتوفى خلال الـ17 عامًا التي قضاها بأمريكا، حيث كان يخشى ألا يحصل على المغفرة الواجبة في الآخرة بالنسبة إليه إذا لم يستقر في القدس، أو أن يكون قريبًا منها.

لقد كانت هذه الأفكار الدينية سببًا في بداية الصدام بين والد نتنياهو “تسيون” ومناحم بيجين الذى كان قائدًا للمنظمة العسكرية “إتسل” الذى أصبح فيما بعد رئيسًا لوزراء إسرائيل، حيث إن بن تسيون وأخاه اليشع وغيرهما من أفراد أسرة بنيامين دخلوا في خلافات ومساجلات ضخمة مع مناحم بيجين حول سياساته وبخاصة تلك التي أدت إلى سياسة السلام مع السادات، خاصة وأن أسرة نتنياهو ونظرًا إلى ازدياد الخلافات مع بيجين كانوا يرون أن السادات استطاع أن يؤثر بشخصيته القوية في تفكير وقرار بيجين، وأن الأخير عندما تنازل عن سيناء، إنما تنازل عن حق أصيل لدولة إسرائيل، وأن أكبر خسارة في تاريخ إسرائيل منذ عام 1948، هو التنازل عن سيناء، وكان أحد أعمام بنيامين نتنياهو المستقرين في أمريكا، والذى قام بالإنفاق على الحملة الانتخابية له، سأله: إذا نجحت وكنت رئيسًا لوزراء إسرائيل هل ستعمل على إعادة سيناء إلى إسرائيل؟ هل ستستطيع تصحيح خطأ بيجين، وتعيد لنا الكرامة التي ضاعت في سيناء؟ وعلى الرغم من أن عم نتنياهو هذا لا يعرف شيئًا في السياسة إلا أنه صهيوني متعصب، كل ما يهمه هو الأرض في سيناء، وشراء أكبر عدد من المنازل العربية لليهود في القدس، ويذكر أن أعمام نتنياهو قرر كل منهم أن يخصص ربع أمواله لشراء المنازل والأراضي العربية بخاصة فى مدينة القدس، وأن هذه الفكرة أقنعهم بها بنيامين، عندما طلب منهم في زيارة إلى الولايات المتحدة بعد نجاحه في الانتخابات الإسرائيلية أن ينفذوا نصيحة الجد ميليكوفسكى ويعودوا ويستقروا في إسرائيل، إلا أنهم رفضوا دعوة ابن أخيهم وقالوا له: تستطيع أن تعتمد علينا ونحن هنا، سنمدك بالمال والقوة، سيخصص كل واحد منا ربع أمواله لشراء الأرض والمنازل في القدس، والمناطق العربية، سنفعل ما بوسعنا من أجلك ومن أجل إسرائيل، ومن المعروف أن أعمام نتنياهو مليارديرات وهم من الذين اشتهروا بالتحكم في تجارة الصلب على مستوى الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، وعنما سأل عم بنيامين هذا السؤال لابن أخيه كان رد بنيامين ولم لا، يمكن أن يحدث ذلك؟ فرد عمه: إذا استرددت سيناء من مصر سأقول إن إبن أخى نجح فى إسرائيل، لأن التخلى عن سيناء ليس أمرًا سهلًا، ولكنه أصعب من الإدراك، وكان أعمام نتنياهو جميعًا من المعمرين حيث إن أعمارهم تتراوح ما بين عقدى السبعينيات والثمانينيات وجميعهم من أهل الخبرة فى التجارة، والمال الوفير، ويعيشون حياة رغدة، وهم قيادات مؤثرة فى جماعات اللوبى الصهيونى الأمريكى، ولهم نفوذهم الواضح داخل الأوساط السياسية الأمريكية، وهم من الناحية الدينية متعصبون، للأيديولوجية الصهيونية، وهم لا ينشغلون بالأحوال السياسية فى العالم، إلا أنهم منشغلون بتحليل الشخصيات التى تقود المنطقة العربية.

ووفق المعلومات فإن أكثر الزعماء العرب كرهًا لأعمام نتنياهو في الماضي هم جمال عبد الناصر والعقيد القذافي والرئيس الأسد، وعندما مات جمال عبد الناصر احتفل أعمام نتنياهو بموته على طريقتهم الخاصة، حيث أعدوا ثلاث ولائم كبرى في ثلاث ليال، ودُعي إلى هذه الولائم السياسيون الأمريكيون وشخصيات من العديد من الدول الأوروبية الأخرى، بالإضافة إلى القيادات اليهودية في جميع أنحاء العالم، كما شارك في هذه الولائم بعض الساسة الإسرائيليين الذين سافروا خصيصًا من إسرائيل إلى أمريكا للمشاركة في ولائم أولاد “ميليكوفسكي” ابتهاجًا بوفاة جمال عبد الناصر، وعلى الرغم أيضًا من أن نتنياهو اليسع- وهو أحد علماء الرياضيات- يشارك إخوته في ذلك، إلا أنه يرى أن عبد الناصر كان يتصرف بعقلية العربي وليس الإسرائيلي، وأن الإسرائيليين يفكرون مثل عبد الناصر في القضاء عليه، أما والد بنيامين نتنياهو، فكان يرى أن السادات أكثر خطورة من عبد الناصر، لأنه يستخدم سلاح المراهنة والقرارات الفجائية، وأنه إذا كان عبد الناصر عقلًا مفتوحًا للإسرائيليين فإن السادات عقل مغلق، لا أحد يستطيع أن يعرف الخطوة التالية التي يمكن أن يضع فيها قدمه، كان بنيامين يؤمن بأفكار والده في هذا الشأن، أما حسنى مبارك فقد اختلف تقويم عائلة ميليكوفسكي له، فهم وإن كانوا متفقين على أنه شخصية عسكرية إلا أنه لم يخبر السياسة طويلًا، وتوقعوا في أوائل الثمانينيات عندما جاء للحكم أنه سيعسكر المجتمع المصري، وأن الأهمية القصوى له ستكون القوات المسلحة وأنه كان في اعتقادهم أن إسرائيل ستخوض حربًا عسكرية في عهد مبارك، وكان من وجهة نظرهم ضرورة مباغتة مصر عسكريًا، واسترداد سيناء حتى يمكن الحفاظ على الأرض في ظل عسكرة المجتمع المصري والتي سيسعى إليها، إلا أن آخرين كانوا يرون أن مبارك سيحافظ على حدود دنيا للسلام تمكنه من عدم مباغتة إسرائيل، وهكذا هذا الوضع ثابتًا في تفكير عائلة ميليكوفسكي، إلا أن أكثر فترات القلق التي عايشها بنيامين مع تفكير والده وبقية أسرته كانت تلك التي أعلن فيها عن تشكيل مجلس التعاون العربي بين مصر والعراق والأردن واليمن، حيث كانوا يرون أن هذا التحالف لابد أن يفضى إلى عمل عسكري عربي ضد إسرائيل، وقد بذل أعمام بنيامين نتنياهو في الولايات المتحدة جهودًا كبيرة إبان تلك الفترة لتعبئة الرأي الأمريكي ضد مصر وسعوا إلى إقناع الساسة الأمريكيين بأن العرب يعدون لحرب شاملة ضد إسرائيل، وأن توقيت هذه الحرب مرتبط بالنجاح في إزالة الخلاف السوري والعراقي، وأن مصر هي التي تقود ذلك المحور إلا أنهم اختلفوا بعد ذلك في تقييم مبارك، هل هو شخصية تريد السلام مع إسرائيل؟ أم أن هناك تفكيرًا آخر غير السلام؟

بنيامين نتنياهو كان يرى أن مبارك هو عربي مصري أكثر من كونه مصريًا عربيًا، وأن التعامل مع مبارك يجب أن يكون في إطار قلب المعادلة وإقناعه بأنه مصري قبل أن يكون عربيًا، وبن تسيون يرى أن هناك دورة للحكم في مصر، حيث إن عبد الناصر كان عربيًا مصريًا، والسادات كان مصريًا عربيًا، ومبارك عربيًا مصريًا، ومعنى هذه المعادلة باختصار أن العربي- المصري يولى أهمية أكثر للمصالح العربية عن المصالح المصرية، والعكس صحيح، وبنيامين نتنياهو وجميع الإسرائيليين يفضلون التعامل مع نموذج المصري العربي، ولكن هناك اتفاقًا بين عائلة ميليكوفسكي على أنه أيًا كان النموذج الذى يحكم مصر، فإنهم جميعًا أعداء لإسرائيل، وأن إسرائيل يجب أن تتعامل معهم في حدود مصلحتها القومية والأمنية، وبنيامين يعد من أكثر شخصيات عائلة ميليكوفسكي مرونة وتطورًا في تفكيره، إلا أن تفكيره لا يخل بالمفاهيم الأساسية لعائلة ميليكوفسكي، أما بالنسبة إلى إليشع عم نتنياهو الذى يقدره بنيامين كثيرًا فيرى أن قوة إسرائيل في قوتها العلمية والتكنولوجية، وأنه إذا كان هناك استعداد للحرب فإن هذا الاستعداد يجب أن ينبع من القوة العلمية والتكنولوجية، ومن المعروف عن إليشع أنه عالم في الرياضيات ويعتز بتعليمه في القدس، وفى التخنيون وهو أرقى معهد علمي في إسرائيل، وإليشع أيضًا متعصب للصهيونية بقدر تحمسه لقوة واستمرار دولة إسرائيل، وكانت له أفكاره التي غرسها بنيامين قبل إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948، أهمها ضرورة أن تعتمد إسرائيل على قوة دولية كبرى تكون دائمًا عونًا لها، وأن التحالف الإستراتيجى مع القوى الكبرى هو الذى سيمكن إسرائيل من الانتصار على العرب كلما قويت شوكتهم، وبن تسيون يعتقد أيضًا بأفكار أخيه بالإضافة إلى بقية عائلة ميليكوفسكى، ولذلك لم يتورع إليشع عن أن يحارب في صفوف البريطانيين في الحرب العالمية الثانية، وكان ذلك بهدف إقناع البريطانيين بعد ذلك بأن اليهود الذين حاربوا في صفوفها يستحقون أن تكون لهم دولتهم، وأن يكون البريطانيون على وعى بأهمية تنفيذ وعد بلفور في عام 1917، واستطاع اليشع أن يثبت جدارته في هذه الحرب، حيث إنه وضع عدة خطط للقصف الجوي البريطاني، كان محل تقدير من القادة العسكريين البريطانيين حتى أنهم عرضوا على اليشع- الذى يتميز بذكائه الحاد- أن يحصل على الجنسية البريطانية وأن يستمر في تقلد المناصب العسكرية البريطانية، إلا أن إليشع رفض هذا العرض البريطاني وألح في أن تجند بريطانيا كل قوتها من أجل تمكين إسرائيل من إنشاء دولتها.

وبالتأكد فإن مجهود اليشع أو مجهود عائلة ميليكوفسكي لم يكن مجهودًا فاصلًا، حيث إن هناك العديد من آباء الصهيونية ومؤسسي دولة إسرائيل كانت لهم مجهوداتهم البارزة في هذا الشأن، إلا أن هذا لا يمنع من القول بأن عائلة ميليكوفسكي كان لها دور كبير، ومن المعروف أنه عندما دارت رحى حرب عام 1948، أسهمت إسهامًا كبيرًا، حيث إنهم اشتركوا في هذه الحرب اشتراكًا مباشرًا، كما أن القيادة العسكرية الإسرائيلية قررت الاستفادة من اليشع نتنياهو عالم الرياضيات والاستفادة من خبراته مع الجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية، فأسندوا له إعداد الخطط العسكرية ذات الأهمية الخاصة، وهذه الخطط كانت بحاجة إلى تفصيلها على خرائط عسكرية حتى تكون جاهزة للتنفيذ.

ويفتخر بنيامين نتنياهو دومًا بأن عمه هو الذى وضع الخرائط العسكرية لحرب عام 1948، وأنه لولا هذه الخرائط ما تمكنت القوات الإسرائيلية من السيطرة على جنوب فلسطين، وضرب القوى العسكرية العربية في منطقة النقب، وبنيامين نتنياهو مما لا يعرفه الكثير عنه، أنه يلجأ في أوقات الفراغ إلى رسم الخطط العسكرية بخرائطها مسترشدًا في ذلك بخطط عمه اليشع نتنياهو، وبالتأكيد فإن هذه الخطط والخرائط تكون موجهة لكل دولة عربية على حدة، لذلك فإن البعض من الخبراء الإسرائيليين ووثيقي الصلة ببنيامين نتنياهو يقولون إنه لا توجد دولة عربية، إلا وكانت لها خطة عسكرية جاهزة في تفكير بنيامين.

اقرأ أيضاًشهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري: قبل الانفجار الشعبي بقليل

«مصطفى بكري»: الانتصار والتنمية على أرض سيناء إهداء لأرواح الشهداء

3 مليارات جنيه.. مصطفى بكري يكشف دور وزير التعليم لمواجهة مافيا الكتب الخارجية

مقالات مشابهة

  • «الإخوان.. إعلام ما بعد السقوط».. كتاب جديد لـ ضياء رشوان يفضح الخطاب التحريضي للجماعة عقب 30 يونيو
  • من مفهوم التجديد الإسلامي إلى نقد تجاربه ومؤسساته.. قراءة في كتاب
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تحت أرض الخرطوم..) 3
  • «ع الكنبة».. مشروع تخرج بإعلام القاهرة يناقش قضايا الصحة النفسية والعاطفية
  • الإبادة العرقية.. وجه الغرب الخفي في تدمير الحضارات.. قراءة في كتاب
  • وزير الأوقاف لـ صدى البلد: بناء الإنسان المصري جوهر مشروع تجديد الخطاب الديني
  • سلطنة عُمان وبروناي دار السلام توقعان على مذكرة تفاهم في المجال الإعلامي
  • إطلاق كتاب «الأَلَقُ الشّعريّ - قراءة نقديّة في شعر سلطان بن علي العويس»
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (6) وصايا الجد
  • تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !