الحروب النفسية الإسرائيلية.. استراتيجيات الإقناع في الإعلام الرقمي.. قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
الكتاب: الحروب النفسية الإسرائيلية إستراتيجيات الإقناع في الإعلام الرقمي
الكاتبة: د. رانيا فوزي المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي
الناشر: دار العربي، القاهرة، عام 2022.
عدد صفحات الكتاب: 231 صفحة.
أدركت الحركة الصهيونية منذ إقامتها عام 1897م، مدى أهمية المال والإعلام في تنفيذ مشروع الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين، ولطالما وفرت المؤسسات الصهيونية المال فكان لابد من وضع أساس للإعلام الصهيوني القادر على مخاطبة الرأي العام الغربي، ففي ضوء إدراك مؤسسي الحركة الصهيونية الأوائل لدور الصحافة، عملوا على إقناع أصحاب الصحف التي تصدرها الجاليات اليهودية سواء في فلسطين أم في أنحاء العالم بالعمل لخدمة أهداف المشروع الصهيوني، وحتى بعد إقامة الدولة، جندت الصحف نفسها في خدمة المخططات الصهيونية، واستكملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ إقامة الدولة في صياغتها وبلورتها لخطابها على تطويع الإعلام بشكل يتلاءم مع المستجدات، والمتغيرات السياسية.
تكمن أهمية الدراسة هذه الدراسة مع تزايد خطر اختراق الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه باللغة العربية للمجتمعات العربية، والمصري خاصة، في ظل التطور الحاصل بمستوى الذكاء الاصطناعي، ومواكبة الإعلام الإسرائيلي له بكل حيثياته، واستخدامه على كافة المستويات، فتقول الكاتبة: "تتعمد المواقع الاجتماعية الإسرائيلية بين الحين والآخر إلى إحداث حالة من البلبلة بين أوساط الشارع المصري من خلال اتباع استراتيجيات إقناعية تقوم على توظيف خطاب دعائي الهدف منه بث معلومات غير دقيقة بهدف التضليل، وقلب الحقائق بالتشويه حتى تصبح من المسلمات التي لا تحتمل مستقبلاً التشكيك وهو ما يشكل خطرًا على الأمن القومي المصري".
كما أرجعت فوزي أهمية دراستها بفعل تزايد ظاهرة التطبيع الإعلامي للمصريين مع الدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية، وعدم وجود مرصد إعلامي مخصص للرد على المغالطات التي تروجها المواقع الاجتماعية الإسرائيلية، والصحف الإسرائيلية بلغات أخرى، وكذلك قلة وعي الغالبية العظمى من فئة الشباب بطبيعة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وغياب الرؤية الإعلامية المصرية لمواجهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي.
تتعمد المواقع الاجتماعية الإسرائيلية بين الحين والآخر إلى إحداث حالة من البلبلة بين أوساط الشارع المصري من خلال اتباع استراتيجيات إقناعية تقوم على توظيف خطاب دعائي الهدف منه بث معلومات غير دقيقة بهدف التضليل، وقلب الحقائق بالتشويه حتى تصبح من المسلمات التي لا تحتمل مستقبلاً التشكيك وهو ما يشكل خطرًا على الأمن القومي المصريأما هدف الدراسة الرئيس فتمثل في بلورة رؤية إعلامية تعين صانع القرار المصري على وضع استراتيجية لمجابهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، والحد من اختراقه وتأثيره في الجمهور المصري المستهدف، لذلك ركزت الكاتبة على بيان مدى اهتمام الصفحات الإسرائيلية بالشأن المصري، وتحليل المحتوى الضمني المنشور عن مصر في الصفحات الإسرائيلية على شبكات التواصل الاجتماعي، وكيف استهدف الشعب المصري ومدى تأثير الخطاب الدعائي الإسرائيلي عليه.
كذلك تنبهت الكاتبة لمعرفة المصادر التي تعتمد عليها الصفحات الإسرائيلية الرسمية في خطابها الدعائي عن مصر، وبيان أوجه التشابه والاختلاف في محتوى خطاب الصفحات الرسمية الإسرائيلية نحو مصر، وهل أثر التطبيع الإعلامي للجمهور المصري مع المواقع الاجتماعية الإسرائيلية على تغيير قناعتهم تجاه إسرائيل؟.
تقول فوزي: أن دراستها بنيت على افتراضية أن الخطاب الإعلامي الإسرائيلي بالرغم من إستراتيجيته الإقناعية التي تقوم على توظيف الكلمة والصورة معًا غير مؤثر في الجمهور المصري المستهدف، وأن متابعة الجمهور المصري لتلك المواقع تأتي على سبيل الفضول والتسلية لاكتشاف الجانب الآخر، فلا تتمتع تلك الصفحات بأي مصداقية من شأنها أن تؤثر في المستقبل المنظور على الثوابت الوطنية للمصريين.
قسمت فوزي دراستها إلى مقدمة وأربعة فصول، تناولت في الفصل الأول: نشأة الإعلام الرقمي في إسرائيل، متتبعة فيه التطور التاريخي للصحافة العبرية في فلسطين وخارجها، وسبل تمويلها، فيما خصصت المبحث الثاني حول اتجاهات الصحف الإسرائيلية ومستقبلها، من حيث اتجاهات مؤسسيها الإيديولوجية والدينية والعرقية، وخلفياتهم السياسية والعسكرية، فنوعت بين صحف اليمين الإسرائيلي واليمين المتشدد، واليسار الإسرائيلي، وخصص جزء للصحافة العربية الناطقة باسم الداخل الفلسطيني، فلسطينيو عام 1948م.
أما الصحافة الإلكترونية في إسرائيل، فعالجت فيها الكاتبة، مدى مواكبة دولة الاحتلال للإعلام الإلكتروني، وأخذها دور السبق في ذلك على مستوى دول المنطقة بل والعالم، وذلك للترويج للسردية الإسرائيلية، واتخاذها منصة مفتوحة على العالم العربي لمهاجمة المقاومة الفلسطينية والعربية، وتزييف الحقائق، واختراق العقول العربية، بعد سنوات من العزلة.
جاء الفصل الثاني: بعنوان سمات الخطاب الإعلامي الإسرائيلي وإستراتيجياته الإقناعية، كما تطرقت فيه د. رانيا لأدوات الخطاب الإعلامي الإسرائيلي وسماته الدعائية، والاستعانة بمصطلحات منتقاة بحذر، للتسلل إلى كل بيت عربي عبر أدوات معينة، واستخدمت الصورة المجتزأة في أغلب ما يتم الترويج له، والقائم على عدة مرتكزات استند عليها الإعلام الإسرائيلي ليس من اليوم، لكن قبل إقامة دولة الاحتلال عام 1948م، وضعتها المنظومة الأمنية والعسكرية، لا يمكن للإعلام الإسرائيلي تجاوزه في حال من الأحوال.
من ثم فصلت الكاتبة استراتيجية الخطاب الدبلوماسي الرقمي الإسرائيلي نحو مصر في الفصل الثالث، متناولة فيه المحددات الشكلية لخطاب الصفحات الرسمية الإسرائيلية للحكومة الإسرائيلية، وما تريد ايصاله للعالم من بيانات رسمية تعد جزء من سياسة الحكومة، وليس كل تقوم به فعليا الحكومة الإسرائيلية، فهناك فرق شاسع بين ما يصاغ داخل الغرف الرسمية الإسرائيلية وبين ما يبث على الصفحات الإلكترونية، التي خصص لها محددات ضمنية أيضاً يمكن للقارئ فوق العادي استشرافها، خاصة وأن بعض التسريبات الإسرائيلية عبر صفحات معينة يراد بها جس نبض الشارع المصري، وكذلك الإسرائيلي، في قضايا مطروحة على العلن، تحاول المؤسسة الإعلامية العسكرية الترويج لها من وقت لآخر، مستندة لمحددات القوى الفاعلة والاستراتيجيات الإقناعية المرسومة، ليس باللغة العبرية فقط بل باللغة العربية الفصحى في كثير من الأحيان، بعد أن وضعت محددات قامت بتحليلها عن مدى تفاعل المصريين مع الصفحات الإسرائيلية واتجاهاتهم.
الخطاب الإعلامي الإسرائيلي بالرغم من إستراتيجيته الإقناعية التي تقوم على توظيف الكلمة والصورة معًا غير مؤثر في الجمهور المصري المستهدف، وأن متابعة الجمهور المصري لتلك المواقع تأتي على سبيل الفضول والتسلية لاكتشاف الجانب الآخر، فلا تتمتع تلك الصفحات بأي مصداقية من شأنها أن تؤثر في المستقبل المنظور على الثوابت الوطنية للمصريين.طرحت الكاتبة في الفصل الرابع، سبل المواجهة المقترحة للخطاب الإعلامي الإسرائيلي، فاقترحت وضع محددات إستراتيجية لمواجهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، سواء المرئي منه أو الرقمي المقروء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم صاغت سياسات مقترحة لمواجهة تأثير الخطاب الإسرائيلي على الأمن القومي المصري والعربي، موضع الاستهداف من الحكومات الإسرائيلية.
أبرز سمات الخطاب الدعائي للدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية، ومنها:
إظهار الوجه المسالم لإسرائيل:
تشير د. فوزي هنا بأن الإعلامي الإسرائيلي يحاول عبر مواقع التواصل الاجتماعي إظهار الوجه المسالم لإسرائيل، حيث يعمل على خداع المتلقيين بإظهار إسرائيل في صورة الدولة المسالمة التي تتمنى الخير لجيرانها العرب باستخدام عبارات التهاني والمباركات في المناسبات، وكذلك الاستشهاد بعبارات دينية مقتبسة من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والأمثال الشعبية للتأثير في الجمهور العربي؛ بهدف تغيير صورته الذهنية المنطبعة عن إسرائيل كونها عدوة العرب الأولى.
ـ توجيه اللوم للضحية وتجاهل العنف الإسرائيلي:
تركزت هذه السمة الرئيسة في الخطاب الإعلامي الإسرائيلي على التحريض الفلسطيني على الاحتلال بدلاً من إظهار العنف الإسرائيلي المتفاقم ضد الشعوب العربية.
كما أظهرت الكاتبة مساعي الخطاب الدبلوماسي الإسرائيلي لإبراز الضحايا اليهود لكسب استعطاف العالم، توظيف اللمسات الإنسانية عليهم، خاصة من الأطفال وكبار السن جراء صواريخ المقاومة التي تطلق في بعض الأحيان على المستوطنات الإسرائيلية كرد فعل على هجمات جيش الاحتلال، وذلك في محاولة لكسب تعاطف المجتمع الدولي من ناحية، وإضفاء الطابع الوحشي على المقاومة الفلسطينية، بوصفها "إرهابًا" تواجهه إسرائيل كل يوم.
كثيراً ما لجأت الدبلوماسية الرقيمة لنسب الإنجاز والريادة الحضارية لليهود، فتقول الكاتبة: "يعد مبدأ التفوق الحضاري وتميز اليهود على غيرهم من الأغيار (غير اليهود) من أبرز سمات الخطاب الدعائي الإسرائيلي، حيث يستند في مرجعيته إلى عقدة الأفضلية لدى اليهود باعتبارهم "الشعب المختار".
روجت الحركة الصهيونية لمصطلحات بعينها كرست من خلالها الإحساس بتفوق اليهود وريادتهم على العرب عامة، والفلسطينيين خاصة، فقد كانت البداية إبان الهجرات اليهودية الأولى إلى "أرض فلسطين" قبل إقامة الدولة، وظهور مصطلح "طلائعي"، حيث تشير دلالته المعجمية إلى تمهيد الطريق لقدوم آخرين، فمصطلح "الطلائعيين" هو كناية عن المستوطنين الشبان الأوائل الذين هاجروا إلى "فلسطين" قبل عام 1948 لإنشاء وطن "قومي" لليهود بموجب ما دعت إليه الحركة الصهيونية.
يعتمد الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه إلى العالم العربي عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المجمل على عدد من المرتكزات الإستراتيجية الدعائية، حددتها فوزي في:
1 ـ قوة الردع وحق الدفاع:
يسعى الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي للعالم العربي إلى تسويق مرتكز قوة الردع ومدى جهوزية جيش الاحتلال للقتال؛ لذلك يختلق الخطاب الدعائي العديد من الحجج المضللة لتبرير القصف الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية المحتلة، أو ضرب أهداف في سوريا أو في دول عربية أخرى، معتبرًا أن ذلك بمثابة دفاع عن النفس ضد كل ما يهدد أمن إسرائيل متجاهلاً أرقام الضحايا و أسماءهم، ليبقوا مجهولي الهوية بلا أي قيمة في نظرها، معتبرين أن الأضرار التي تلحق بالجانب الآخر وبالأخص الفلسطينيين غير مهمة، مبررين الاعتداء على منازل المدنيين بأنها ثكنات للمقاومة الفلسطينية يسكنوها.
ـ مرتكز المرجعية الدينية لتبرير سياسة الاحتلال:
تستند إسرائيل في خطابها الإعلامي على مرتكز المرجعية الدينية بالاستناد على المصادر اليهودية برد كل ما يرتبط بإسرائيل من تخطيط وسياسات للتوراة والتلمود؛ حتى أنها توظف الدين في أسماء عملياتها العسكرية مثل عملية عامود السحاب عام 2012، التي تعني بالعبرية "عامود عنان" وهو رمز إلى دفاع الرب عن بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر، حيث ذهب عمود السحاب أمام بني إسرائيل في الصحراء لمدة 40 عامًا.
أما حرب طوفان الأقصى فقد أطلقت عليها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية مصطلح السيوف الحديدية، فالسيف وسيلة تعبئة عنصرية للذات الصهيونية، وابادة جماعية للفلسطينيين، فالسيوف مستوحاة من التوراة أي إنها إبادة جماعية بغطاء ديني.
3 ـ إستراتيجية الاستمالات العقلانية ومسار البرهنة:
تعد هذه الإستراتيجية التي تعتمد في الأساس على الاستمالات العقلانية من أخطر الإستراتيجيات والأساليب الإقناعية التي يعتمد عليها خطاب الدبلوماسية العامة الإسرائيلية الموجه للعرب، حيث يوظف تكتيك التحايل على المضمون بتوظيف الصدق والكذب معًا من خلال بث بعض المعلومات الصحيحة في سياقات كاذبة؛ بمعنى أن بعض هذه المعلومات المنشورة بها شيء من الصحة، ولكن توظيفها في السياق الإعلامي غير دقيق لتدعيم صدق روايتهم المغلوطة.
أهم المحددات الإستراتيجية المقترحة المتضمنة داخل دارسة الكاتبة فوزي؛ لمواجهة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي
وضعت الكاتبة تقييم لحروب النفسية الإسرائيلية الموجهة ضد مصر والعالم العربي، في أعقاب ـ "ثورات الربيع العربي"، وتمكن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في مصر في الدعوة لثورة 25 يناير 2011، إذ بلورة إسرائيل إستراتيجية إعلامية تقوم على عدة ركائز ومحددات للحرب النفسية التي صاغها مدير عام الخارجية الإسرائيلية الأسبق عوديد يانون ضد مصر والعالم العربي: تعتمد إسرائيل في إستراتيجياتها الإعلامية على توظيف الدبلوماسية الرقمية لخدمة أهدافها الرامية بتحسين صورتها وشرعنة وجودها بالمنطقة، وإحداث التوترات في البلدان العربية عامة وفي مصر على وجه الخصوص، مستغلة في ذلك تدني المستوى الثقافي لدى فئة كبيرة من الشباب، التي لم تعاصر تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، مرورًا بحرب أكتوبر 1973م، وتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين عام 1979م، وأمام ارتباط غالبية الشباب في مصر والدول العربية بمواقع التواصل الاجتماعي، بدأت إسرائيل في نصب الشباك؛ لإيقاع الشباب العربي في فخ العمالة، وغسيل الأدمغة من خلال صفحاتها الرسمية على الشبكات الاجتماعية التي تقوم عليها وحدات إلكترونية تابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" بالتعاون الوثيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية.
استعرضت للوثيقة السرية التي وضعها "عوديد يانون" مدير عام الخارجية الإسرائيلية الأسبق عام 1983، للحروب النفسية الإسرائيلية الموجهة ضد مصر والعالم العربي تحت عنوان "أكاذيب في خدمة الدولة"، ومما جاء فيها:
1 ـ الوسائل المتبعة:
ـ الضغط على رجال الإعلام في العالم.
ـ مضايقة الزعماء العرب.
ـ استخدام وسائل التخويف.
ـ نشر مواد مزيفة.
ـ تحريف تصريحات شخصيات عربية في الخارج.
ـ الابتزاز واتباع وسائل ملتوية.
أما عن الأهداف الموضوعة حسب الوثيقة الإسرائيلية:
يسعى الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي للعالم العربي إلى تسويق مرتكز قوة الردع ومدى جهوزية جيش الاحتلال للقتال؛ لذلك يختلق الخطاب الدعائي العديد من الحجج المضللة لتبرير القصف الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية المحتلة، أو ضرب أهداف في سوريا أو في دول عربية أخرى1 ـ التشهير وخداع شخصيات رئيسة في العالم العربي من أجل خلق التوترات والمخاوف.
2 ـ التأكيد على حقيقة أن إسرائيل بمقدورها الانتقام بوسائل وأساليب وحشية.
أما السبيل لتحقيق ذلك فيتمثل في العمل دون أي تراجع ودون تحفظ، مادي أو أخلاقي، باستخدام الوسائل التي يستخدمها قسم الكتابة للعالم العربي المعد للحرب النفسية الإسرائيلية، وفق ماورد نصًا في الوثيقة السرية:
ـ توظيف أدوات هيئة البث باللغة العربية (التلفزيون والإذاعة ) باعتبارهما أدوات رئيسة.
ـ نشر مواد عربية في جميع البلدان العربية من خلال مصادر في الخارج، حيث يتم تسريب خبر لوسائل إعلام عربية شهير عن مصدر إسرائيلي، لإحداث سبق صحفي ونشر الخبر على أوسع نطاق عربي، فيتم النسخ واللصق عبر محطات، وصفحات الكترونية واسعة.
ـ التشويش على أجهزة البث العربية والعبرية للدعاية العربية من خلال وسائل مختلفة.
ـ إنشاء محطة بث مع عدد من المذيعين يبثون إلى العالم العربي لأهداف متعددة.
ـ تمويل وبسط السيطرة على صحف عربية وفق الإمكانيات المتاحة وبشكل سري قدر الإمكان.
ـ إعداد مواد سوداء عن القادة العرب، حيث يجري الحديث عن إعداد مواد مزيفة وارتكاب أخطاء حول نوايا سياسية لزعماء عرب ضد بعضهم البعض.
ـ استخدام مصطلحات معينة يتم اختيارها بعناية فائقة، حاملة أوجه عند تفسير مضمون ما يتم عرضه.
كما خصصت الوثيقة استراتيجية محددة اتجاه مصر في حربها النفسية كما أوردت الكاتبة في دراستها:
1 ـ التشديد على التوترات الداخلية في مصر، وزيادة حدة التوترات والغليان عند اكتشافها.
2 ـ التشهير بشخصيات مصرية في عيون شعبهم بوسائل علنية أو سرية.
3 ـ كشف حقائق صعبة عن الحكومة المصرية وقادة السلطة.
4 ـ التأكيد على أن كل الإنفاق على التسلح مقابل الفقر والضغط السكاني وتقديم بديل السلام بصورة ملموسة للشعب المصري لتحسين كل حياة المصريين إذا ما توقفت مصر عن الحرب، أو دعم المقاومة في فلسطين .
ووفق ما ورد في تلك الوثيقة والهدف منها، وبعد استعراض الكاتبة لها ونقدها؛ وضعت الكاتبة عدة ركائز ومحددات لبناء إستراتيجية مواجهة للخطاب الإعلامي الإسرائيلي اقترحتها فوزي على النحو التالي فتقول:" في ظل تزايد خطر اختراق الخطاب الإعلامي الإسرائيلي للمجتمع المصري بما قدر ينذر مستقبلاً باحتمالية نجاحه في خلق توترات في الشارع المصري، ودفع فئات من الشباب لتغيير قناعاتهم تجاه صورة إسرائيل كدولة معادية لمصر نتاج لعوامل عدة من بينها العوامل السياسية والاقتصادية"، يمكن أن يتم ذلك من خلال:
1 ـ تطوير الدبلوماسية الرقمية المصرية من حيث المحتوى والتأثير لتكون أكثر تفاعلية وتأثير في الجمهور المصري وبالأخص من فئة الشباب.
2 ـ بلورة إستراتيجية إعلامية دفاعية لحماية الداخل المصري من خطر حروب الوعي الإسرائيلية.
3 ـ عمل تخطيط إعلامي منهجي وشامل لمواجهة تزايد ظاهرة التطبيع الإعلامي مع الصفحات الرسمية الإسرائيلية على شبكات التواصل الاجتماعي.
4 ـ رفض حالة التحيز الإعلامي للوصول الخطاب الإعلامي المصري الرسمي لمستويات متقدمة على قدر التحدي، ليكون باستطاعته تحقيق هدف استراتيجية المواجهة.
5 ـ إعداد خطة تعليمية شاملة؛ لمواجهة خطر الحروب النفسية الإسرائيلية على جيل الشباب.
6 ـ ضرورة وضع سياسة ثقافية للدولة المصرية قادرة على استيعاب المتغيرات المتلاحقة.
7 ـ وضع سياسات لإشكالية استمرارية الفصل بين السلام الرسمي والسلام الشعبي.
8 ـ بلورة خطة إعلامية واستخباراتية هجومية لاختراق المجتمع الإسرائيلي على الفضاء الإلكتروني.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب المصري نشر مصر كتاب نشر عر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبر مواقع التواصل الاجتماعی الرسمیة الإسرائیلیة النفسیة الإسرائیلیة فی الجمهور المصری الحرکة الصهیونیة الإسرائیلیة على الإسرائیلی على الشارع المصری العالم العربی إسرائیل فی من خلال فی مصر مصر فی
إقرأ أيضاً:
قراءة نقدية لافتتاحية «نبأ» داعش الأخيرة| التلاعب بالدين.. تمثل نموذجًا واضحًا لاستراتيجية الخطاب الدعائي للتنظيم الإرهابي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تمثل افتتاحية العدد 471 من صحيفة النبأ الصادرة عن تنظيم داعش نموذجًا واضحًا لاستراتيجية الخطاب الدعائي للتنظيم، حيث يسعى إلى الجمع بين المكوّن الديني والمشروع العسكرى في سياق يعكس رؤيته العقائدية.
تأتى هذه الافتتاحية في مرحلة يعاني فيها التنظيم من تراجع جغرافي وعسكري، ما يجعله أكثر حاجة إلى تعزيز حالة الالتزام الإيديولوجى لعناصره بهدف الحفاظ على تماسكهم واستمرارية مشروعه.
تُركز الافتتاحية على مفهوم "التربية الإيمانية"، باعتبارها ضرورة دائمة للمجاهد في كل مراحل حياته، حتى فى لحظات السكون والابتعاد عن المعارك. ومن خلال هذا الطرح، يُحاول التنظيم إعادة تعريف الجهاد كمفهوم شامل يتجاوز ميدان القتال ليشمل الحياة اليومية للعناصر.
يتضح أن الخطاب موجه بالأساس نحو أفراد التنظيم لضمان تعزيز انضباطهم الداخلي، وحمايتهم من الانزلاق الفكري أو ضعف الارتباط بالتنظيم.
التنظيم يُحاول إعادة تعريف الجهاد كمفهوم شامل يتجاوز ميدان القتال
الخطاب موجه لأفراد التنظيم لتعزيز انضباطهم الداخلي وحمايتهم من الانزلاق الفكري
تأتى هذه الرسالة في سياق أوسع تحاول فيه التنظيمات المتطرفة التأكيد على مركزية العقيدة كأداة لاستمرارية مشروعها رغم الهزائم الميدانية، حيث تعكس هذه الافتتاحية محاولة لاستنهاض القاعدة المؤمنة بالفكر الداعشي وتجديد ارتباطها النفسي والروحي بمشروعه.
إنها دعوة للتعبئة من الداخل، تستغل النصوص الشرعية والتفسيرات المؤدلجة لترسيخ صورة مثالية للمجاهد، في مواجهة تحديات الواقع الذى يزداد صعوبة على التنظيم.
الأيديولوجيا الكامنة في النص
يقدّم النص الجهاد باعتباره محور الحياة، بحيث يعلو فوق العبادات الأخرى مع التأكيد على أن "أفضلية الجهاد" لا تُغنى عن التربية الإيمانية. هنا يظهر سعى التنظيم إلى تقديم الجهاد ليس كفعل عسكري فقط، بل كحالة مستدامة تلزم الفرد فى كل مراحل حياته، حتى فى فترات الراحة أو البُعد عن ساحات القتال.
كما يُلمّح النص إلى "عدو داخلي"، متمثل فى ضعف الإيمان أو النزعات الفردية التى تُضعف المجاهد. كما يشير إلى "عدو خارجي"، يتمثل فى القوى المعادية للتنظيم. هذا التقسيم يسعى إلى تعزيز حالة التأهب لدى عناصر التنظيم، مع التذكير بأهمية الانضباط الداخلي للتفوق على العدو الخارجي.
بالإضافة إلى ذلك، يوظّف النص مفهوم الجهاد كعملية تطهير ذاتي تسبق وترافق الفعل العسكري، حيث يعيد تشكيل العلاقة بين "الجهاد الظاهر" المتمثل في القتال، و"الجهاد الباطن" المرتبط بتزكية النفس وتعزيز الإيمان.
هذه الثنائية لا تُقدَّم فقط كعامل تعزيز للفرد المجاهد، بل كشرط ضروري لضمان نجاح التنظيم ككل، إذ يتم تصوير التربية الإيمانية كخط دفاع داخلي يحمى التنظيم من الانهيار أمام الأعداء الخارجيين أو الضعف الداخلي. بهذا، يسعى النص إلى إضفاء شرعية روحية على نشاطات التنظيم وربطها بمسار طويل من "الارتقاء الإيماني"، ما يجعل الالتزام العقائدى جزءًا لا يتجزأ من الفعل العسكري.
كما يُظهر النص بُعدًا آخر لتوسيع مفهوم الجهاد من خلال محاولته فصل الفرد عن بيئته الاجتماعية والثقافية المعتادة. فهو يشير ضمنيًا إلى ضرورة انفصال المجاهد عن أي نظام اجتماعي أو ثقافي يتعارض مع منهج التنظيم، ليصبح المجاهد فى حالة دائمة من "الاغتراب العقائدي" الذى يدفعه إلى البحث عن معانى الجهاد والتضحية فقط داخل إطار التنظيم.
هذه الاستراتيجية تهدف إلى ترسيخ عزلة الأفراد نفسيًا واجتماعيًا عن محيطهم، وبالتالي تعزيز تبعيتهم الكاملة للأيديولوجيا الداعشية وتحويلهم إلى أدوات طيّعة داخل مشروع التنظيم.
الحجاج والدعاية
يعتمد النص بشكل كبير على الآيات القرآنية والتفاسير لتعزيز حججه. فعلى سبيل المثال، استشهاده بالآية: {وَتزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْر الزَّادِ التقَّوَىٰ} يعكس محاولة للتأكيد على أهمية الإعداد الروحي، مما يُعطى خطاب التنظيم شرعية دينية واضحة.
كما يقارن النص بين منهجين متناقضين: فريق يبالغ فى أهمية التزكية الإيمانية حتى يجعلها شرطًا يعطّل الجهاد، وفريق يُهملها تمامًا لصالح القتال فقط. ثم يطرح التنظيم نفسه كممثل للوسطية بين المنهجين، ليُظهر خطابه كالأكثر اتزانًا، وهو أسلوب حجاجى يحاول كسب ثقة المتلقي.
يتم تفعيل الخوف من "ضعف الإيمان" باعتباره أحد أهم أسباب الهزيمة، وفى المقابل يُقدَّم الأمل فى "المجاهد المثالي" الذى يستطيع التفوق من خلال التربية الإيمانية. هذا التوازن بين الترهيب والترغيب يُبقى الأفراد تحت تأثير الحاجة إلى الالتزام بتعاليم التنظيم.
علاوة على ذلك، يستخدم النص آلية "الاحتكار التأويلي" للنصوص الشرعية، حيث يُقدّم تفسيراته للآيات القرآنية والأحاديث النبوية باعتبارها الفهم الصحيح والحصري للدين. هذا الأسلوب يعزز سلطة التنظيم على أتباعه، ويمنع أي محاولات للتأويل المختلف أو النقد، إذ يتم تصوير الالتزام بتفسيرات التنظيم كجزء من الطاعة الإيمانية التي لا تقبل النقاش.
وبهذا، يتحول النص إلى أداة لإغلاق دائرة التفكير لدى الأفراد وربط فهم الدين كليًا بمنهج التنظيم، مما يضمن بقاءهم في إطار الولاء الفكري والعقائدي.
الأهداف الدعائية للخطاب
يسعى التنظيم من خلال هذه الافتتاحية إلى تعزيز حالة الانضباط الداخلي لعناصره، عبر الدعوة إلى المراجعة المستمرة للنفس وإعادة شحن الإيمان.
وعبر تقديم التربية الإيمانية كأداة ضرورية للجهاد، يحاول التنظيم إضفاء شرعية دينية على فكره، مع عزل عناصره نفسيًا عن العالم الخارجي الذى يوصف بـ"الجاهلية".
كما أن النص يوجه رسالة غير مباشرة بأن الابتعاد عن التربية الإيمانية يعنى ضعف الإيمان وبالتالي الانحراف أو الهزيمة. هذه الرسالة تضمن أن يبقى الفرد ضمن دائرة الالتزام بتنظيم داعش.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف الافتتاحية إلى ترسيخ مفهوم الاستمرارية فى الالتزام بالتنظيم، حتى فى الفترات التى قد يغيب فيها النشاط العسكرى المباشر. من خلال تصوير التربية الإيمانية كعملية دائمة لا تتأثر بالظروف الميدانية، يسعى التنظيم إلى ملء الفراغ الزمنى والنفسي لعناصره، مما يضمن إبقاء ولائهم وتحفيزهم بشكل مستمر.
هذا يعكس استراتيجية طويلة الأمد للتنظيم، تهدف إلى بناء أتباع غير قابلين للانفصال عنه، سواء فى أوقات الهدوء أو أثناء فترات الاشتباك.
كما يُلاحظ أن النص يُحاول بناء صورة بطولية للمجاهد المثالى الذى يجمع بين الإيمان العميق والكفاءة القتالية، مع تصويره كقدوة يُفترض على الأفراد الاقتداء بها. هذه الصورة تُستخدم كأداة دعائية لتشجيع أفراد التنظيم على بذل المزيد من الجهد والسعى لتحقيق هذه المثالية، مع خلق تنافس داخلى يؤدى إلى تعزيز ارتباط الأفراد بفكر التنظيم وسلوكياته.
وبذلك، تصبح هذه الصورة البطولية وسيلة ضغط نفسى تُحفّز المجاهدين على الاستمرار فى أداء أدوارهم داخل التنظيم، مهما كانت الظروف المحيطة.
نقد خطاب داعش
يُظهر الخطاب انتقائية واضحة فى تفسير النصوص الدينية، حيث يتم توظيفها فقط لتأييد رؤى التنظيم، دون اعتبار للسياقات الشاملة للآيات أو التفسيرات الأخرى التى قد تُظهر تفسيرات مغايرة.
كما يرسم النص صورة مثالية لـ"المجاهد"، تجمع بين الكمال الإيمانى والبراعة القتالية. هذه الصورة ليست فقط غير واقعية، بل تضغط على الأفراد وتُسهم فى خلق شعور مستمر بالذنب أو التقصير، مما يُعزز التبعية للتنظيم.
والخطاب يُغفل الجوانب الإنسانية والنفسية للفرد، ويُركّز فقط على تعزيز ارتباطه العقائدى بالتنظيم. هذا يُحوّل المجاهد إلى أداة فاقدة للقدرة على التفكير النقدى أو التفاعل الإنسانى الطبيعي.
علاوة على ذلك، يُظهر الخطاب تجاهلًا للواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المحيط، إذ يقدم تصورًا معزولًا للجهاد والتربية الإيمانية دون الإشارة إلى الظروف الملموسة التي يعيشها الأفراد.
هذا التجاهل يعكس استراتيجية التنظيم في تهميش القضايا الواقعية التي قد تؤدى إلى تشكيك الأفراد فى جدوى التضحيات الكبيرة المطلوبة منهم. بدلًا من ذلك، يُحاول التنظيم ترسيخ خطاب عقائدى مغلق يعزل الأفراد عن التفكير فى الأسباب الحقيقية التى دفعتهم للانضمام إليه أو فى البدائل المتاحة.
كما يتجاهل الخطاب تنوّع الخلفيات الفكرية والثقافية للأفراد داخل التنظيم، إذ يُفترض وجود قاعدة موحدة من الفهم والالتزام، مما يُلغى أى مساحة للحوار أو التفاعل الداخلي.
هذا النهج يعزز من طابع التنظيم السلطوي، حيث تُفرض الأيديولوجيا بشكل قسرى دون مراعاة لحاجات الأفراد المختلفة أو اختلاف مستوياتهم الفكرية والدينية.
هذا الإقصاء لأى تنوع فكرى يُضعف مرونة التنظيم على المدى الطويل، ويجعل خطابه أقل قابلية للاستيعاب من قبل أفراد جدد قد يبحثون عن إجابات تتجاوز إطار الرؤية الضيقة التى يفرضها.
خاتمة
افتتاحية العدد ٤٧١ من صحيفة "النبأ" تُظهر كيف يستخدم تنظيم داعش التربية الإيمانية كأداة دعائية لتعزيز الانضباط الداخلى وإبقاء أفراده ضمن منظومة فكرية مغلقة.
إن هذا الخطاب الدعائى يُظهر بوضوح كيفية استغلال تنظيم داعش للمفاهيم الدينية كأداة لفرض سيطرته على أتباعه، ليس فقط من خلال تقديم رؤية مشوهة للتعاليم الإسلامية، ولكن أيضًا عبر خلق شعور دائم بالذنب والتقصير لدى عناصره.
هذا النهج لا يهدف إلى تعزيز الإيمان بقدر ما يهدف إلى تكريس حالة من التبعية المطلقة للتنظيم، مما يُفقد الأفراد القدرة على التفكير المستقل أو إعادة النظر في خياراتهم.
علاوة على ذلك، فإن التركيز على التربية الإيمانية كشرط للاستمرارية في "الجهاد" يكشف عن استراتيجية التنظيم فى سد الثغرات النفسية والعقائدية التي قد تنشأ لدى أفراده.
بدلًا من معالجة هذه الثغرات بطرق واقعية وإنسانية، يلجأ التنظيم إلى استغلالها كفرصة لإعادة إنتاج الولاء وتعزيز ثقافة التماسك الداخلي، حتى لو كان ذلك على حساب الأفراد أنفسهم.
هذا الأسلوب الدعائى يتجاهل الطبيعة البشرية ويحوّل أتباع التنظيم إلى أدوات تخدم غاياته بعيدًا عن أى مراعاة لحاجاتهم أو طموحاتهم الفردية.
وأخيرًا، فإن افتقار الخطاب إلى الواقعية وعدم قدرته على التكيف مع المتغيرات الميدانية والاجتماعية يكشف عن ضعف التنظيم فى مواجهة التحديات الحقيقية.
إن التركيز المفرط على الجوانب الإيمانية كوسيلة للبقاء يعكس تراجع التنظيم عن تقديم رؤية متماسكة وشاملة للتعامل مع أزماته.
هذا النهج قد يضمن ولاء الأفراد لفترة قصيرة، لكنه في المدى الطويل يؤدى إلى انشقاقات داخلية وفقدان الحماسة لدى العناصر التي تبحث عن واقع أكثر ارتباطًا بالقيم الإنسانية والدينية الحقيقية، بعيدًا عن التفسيرات المؤدلجة التي يفرضها التنظيم.